انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-22-2015, 11:29 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي في نصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبر للمؤمنين

 



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد..

فيقول المولى تبارك وتعالى:

{
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } النور: 55

هذا وعدٌ من الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض
أى: أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك..
فإنه لم يمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى فتح عليه مكة وخيبر والبحرين، وسائر جزيرة العرب،

ولهذا ثبت في الصحيح عن رسوله الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

«
إنَّ اللَّهَ زوى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها وإنَّ أمَّتي سيبلغُ ملْكُها ما زُوِيَ لي منْها » (1)

فوَعْدُ الله أول الآية.. بشارة عظيمة للمؤمنين، بتحقيق وعده تعالى، كما قال:
{
وَعْدَ اللَّـهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّـهُ وَعْدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } الروم: 6

هذا الوعد من الله تعالى للذين صدقوا في إيمانهم من عباده،
والذين جمعوا مع الإيمان الصادق، العمل الصالح،
وعدهم ليستخلفهم في الأرض، فيجعلهم فيها خلفاء
يتصرفون فيها تصرف أصحاب العزة والسلطان والغلبة، بدلا من أعدائهم الكفار.

هذا الوعد من الله لمن قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة،
وعدٌ
بالاستخلاف في الأرض، والتمكين..
التمكين
بإقامة دين الإسلام، بشرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، من أهل الأديان وسائر الكفار
فالاستخلاف والتمكين مشروط بالإيمان والعمل الصالح،
وهذا وعد الله لمن حقق هذا الشرط، كما أخبر سبحانه:
(
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)
من الأمم المؤمنة، الذين أسكنهم الله تعالى في الأرض بعد إهلاك أعدائهم من الكفرة الظالمين.

تـأمـَّــــلــــــــــوا مـعــــي عـبـــــــاد الله!!

...استـخـــــــلافٌ وتـَمْـــكِـيـــــن، مِــنْ رَّبِّ الْـعـَــالَـمِـيـِــــن...

-
كما استخلف داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام،

-
وكما مكَّنَ ليوسف عليه السلام:
{
وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} يوسف: 56

إستخلاف وتمكين؛ فقط لعباد الله المؤمنين الصالحين


عباد لم يحيدوا عن الإستقامة بفضله، فدأبو على العمل الصالح بتوفيق منه سبحانه، يرجون رحمتة ويخافون عقابه.



وتعالوا معًا نأخذ من قصة نبي الله يوسف عليه السلام العبرة والعظة،

فالحديث عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام يطول ويطول ولا ينتهي؛

لكن دعونا ننظر إلى جوانب هامة تُظهِر نعمة الله على عباده المتقين الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

هيا معًا.. نضع أيدينا على معانٍ هامة جدًا يحتاج لمعرفتها المسلمون في كل أنحاء العالم...

هيا معًا نُعيد قراءةً للآيات بتدبُّر وتفكُّر وتعلُّم
،
آيات في كتاب الله؛ تُظهِر مِنّة الله على نبيه يوسف عليه السلام بعد رحلة ذاق فيها ظلمًا كثيرًا،
رحلة الصبر على الظلم مع الثبات على الإيمان، ثم الجزاء الأوفى من الله العزيز الرحمن؛

الجــزاء وحسن الثواب..
* بالتمكين في الدنيا؛ بفضل الله الرزاق ربُّ الأرباب:

...
{
وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ... }

*
والفوز العظيم في الآخرة؛ بإذن الله العزيز الوهَّاب:.
..

{
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
الحديد: 12





تابعونا بأمر الله...



.
____________________________
(1) صححه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية-الصفحة أو الرقم: 4/104
مراجع التفسير:
---------------
تفسير ابن كثير
تفسير الوسيط
تفسير السعدي
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-22-2015, 11:37 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي



الحمد لله حمدًا يُوافِي نِعمَهُ ويُكافِيءُ مَزِيدَهُ، سُبحَانَهُ لا نُحْصِي ثناءً عليه كما أثنَى على نفسه..
الحمد لله القائل:
{
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } يوسف: 3

والقائل:
{
وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ.... } يوسف: 56

والصلاة والسلام على رسول الله القائل:
(الكريمُ ، ابنُ الكريمِ ، ابنِ الكريمِ ، ابنِ الكريمِ ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ) [1]

هذا نبي الله يوسف عليه السلام، وهذه قصته ونعمة التمكين.. التي وعد الله بها عباده المؤمنين المتقين، الدائبين على العمل الصالح ومداومين

وقصة نبي الله يوسف عليه السلام فيها آيات وعبر منوعة لكل من يسأل ويريد الهدى والرشاد؛
فيها العبر للمعتبرين والزواجر للمتقين (2)
وفيها عاقبة الإخلاص والصدق، والفرج بعد شدة الإياس (3)
وفيها القدوة للمؤمنين المخلصين
وفيها القدوة للصابرين المبتلين
وفيها القدوة للدعاة الناصحين المصلحين
وفيها القدوة للحكام العادلين
وفيها القدوة للشباب الطائع العفيف





بكل هذه العبر من القصة، والأسباب والمقدمات المذكورة،
{ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ }
في عيش رغد، ونعمة واسعة، وجاه عريض،
{ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ }
أي: هذا من رحمة الله بيوسف التي أصابه بها وقدرها له، وليست مقصورة على نعمة الدنيا.
{ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }
ويوسف عليه السلام من سادات المحسنين، فله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة [4]

وقصة يوسف عليه السلام فيها من التنقلات من حال إلى حال، ومن مِحنَة إلى مِحنة،
ومن مِحنة إلى مِنْحَة ومِنَّه، ومن ذِلَّة ورِق إلى عزٍّ ومُلك، ومن فُرقة وشتات إلى اجتماع وإدراك غايات،
ومن حزن وترح إلى سرور وفرح، ومن رخاء إلى جدب، ومن جدب إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة.


والقصة بإيجاز شديد:
كان لـ يوسف عليه السلام أحد عشر أخاً، وكان أبوه يحبه كثيراً.
وذات ليلة رأى يوسف في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين.
فقص على والده رؤياه، فنصحه بألا يقص الرؤيا على إخوته؛ مخافة أن يحسدوه.
وسوس الشيطان لإخوته، فاتفقوا على أن يلقوه في بئر عميق. وادَّعوا أن الذئب أكله.
وجده ناس من التجار، فأخذوه وباعوه بثمن بخس، واشتراه ملك مصر، وطلب من زوجته أن ترعاه.
و
كـبـــــر يــوســــــف.
أخذت امرأة العزيز تراوده عن نفسه، فأبى فكادت له، ودخل السجن.
ثم أظهر الله براءته، وخرج من السجن بعد ذلك، واستعمله الملك على اقتصاد مصر، حيث أحسن إدارته في سنوات القحط.
ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وتحققت رؤياه.


في هذه القصة يوضح المولى تبارك وتعالى فضل الإيمان الكامل واليقين والطمأنينة بالله وبذكره
حيث اتصف بها يوسف صلى الله عليه وسلم؛ فأوجبت له الثبات في أموره كلها والاشتغال فيما هو يصدره من وظائفه الحاضرة،
وهو في أحواله وتنقلاته مطمئن القلب ثابت النفس ليس عنده قلق لبعده عن أبيه وأحبابه،
مع ما يعلمه من شدة الشوق والحب المفرط بينه وبين والديه خصوصا أبوه يعقوب، وهو يعلم المكان الذي هو فيه ويتمكن من مراسلته،
ولكن اقتضت حكمة الله أن لا يحصل اللقاء إلا في تلك الحال التي اشتدت مشقتها وعظمت شدتها؛
فأعانه الله وأيده بروح منه؛ وهذا من أجل ثمرات الإيمان .

ويبين الله لنا رحلة الصعاب والمشاق التي مر بها يوسف عليه السلام، ثم التمكين في أربعة مشاهد:


المشهد الأول: مشهد الفراق من أبيه...
المشهــد الثاني: مشهـــــــد الفتـنــــــــــة...
.......
المشهد الثالث: مشهــــد السجــــــــن...
.......
المشهد الرابــع: مشهـــد مُلْكِ مصر..........

وقبل أن نستعرض معًا هذه المشاهد، نضع أمام أعيننا ثمرةٍ من ثمرات الإيمان والعمل الصالح، وهي وعد الله بالتمكين في الأرض، ولنتدبر قوله تعالى:

وَعَــدَ اللهُ
:
.. الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ، وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ: ..لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ......،.. وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ...

فأمر التمكين هو جواب شرط الإيمان والعمل الصالح،

وإسقاطًا لهذا الأمر على واقعنا المُرّ!
...
على واقع أمتنا التي تاهت منذ عقود طويلة وما عادت بعد؛ نتعلم من قصة نبي الله يوسف عليه السلام
ما يُسقَطُ على الواقع لتعالج آفات الأمة الإسلامية
فلا شك أنَّ قدوتنا هم رسل الله الذين يمثلهم خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
وقد
يقول البعض -كما هو سائد- أنَّ يوسف عليه السلام نبي عصمه الله، وفعل مالم يقدر عليه عامة المسلمين المؤمنين!!
و
الجــــــــــــــواب..

اقرأوا جيدًا بفهم وتدبر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(سبعةٌ يظلُّهم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه:
1- إمـــامٌ عـــــادلٌ ،
.
2- وشابٌ نشأَ في عبادةِ اللهِ ،
.
3-
ورجلٌ ذكر اللهَ في خلاءٍ ففاضت عيناه ،
.
4- ورجلٌ قلبُه معلقٌ في المسجدِ ،
.
5- ورجلان تحابا في اللهِ ،
.
6-
ورجلٌ دعته امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ إلى نفسِها فقال: إني أخافُ اللهَ ،
.
7-
ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُه ما صنعتْ يمينُه)
[5]

وبداية؛ فــ الجواب نخرج به من هذا الحديث بوضوح تام في موقف الرجل السادس -من حيث ترتيب لفظ الحديث-،
في قوله صلى الله عليه وسلم: (
ورجلٌ دعته امرأةٌ...) ، وهذا حال الرجل الذي يراقب ربه ويخشاه ويتقيه، وكل الرجال يجب أن يكونوا هذا الرجل.

فمن فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل بعض الأعمال ينال صاحبها جزاءً خاصًا، لتَمَيُّزِه بهذا العمل،
وهذا فيه حثٌّ على العمل الصالح، وترغيب في أمور كثيرة من الخير.

وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم جزاء هؤلاء السبعة الذين تميَّز كل منهم بميزة خاصة
يُمكِن لأي رجل -بتوفيق الله له- أن يتمتع بميزة أو أكثر، وقد تجتمع كل المزايا أو أكثر منها في رجل واحد،
كما اجتمعت في نبي الله يوسف وسائر الأنبياء والمرسلين عليهم السلام أجمعين، بل وزادت.

نحن لنا القدوة الحسنة في
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء والرسل، وخيرة الأمة من الرجال؛
ألا وهم الصحابة والرعيل الأول من القرون الأولى
ولا شك أن هناك معاصرين بيننا هداهم الله ووفقهم للعمل الصالح والجمع بين هذه المزايا وأكثر.
ذلك الفضل من الله، سبحانه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

جعلني الله وإياكم منهم، وممن قال فيهم:

{
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } الزمر: 18





تابعونا بأمر الله...




_____________________________
[1] ، [5] رواه الإمام البخاري
(2) زاجِر: ( اسم ) ، الجمع : زاجِرون و زَجَرة ، المؤنث : زاجرة ، و الجمع للمؤنث : زاجرات و زواجرُ
فاعل مِنْ زَجَرَ : زاجِرُ : مانِع ، مُعاقِب ، رادع
زاجر الإنسان : ضميره
(3) إياس: مصدر أيِسَ من، أي: قنط ، يئس ، انقطع رجاؤه
[4] تفسير الإمام السعدي

المراجع:
--------
1- من محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان: ( يوسف عليه السلام في الجب).
2- من موقع المقالات (إسلام ويب).
3- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله.
.
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-22-2015, 11:39 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي


المشهد الأول:
مشهد الفراق من أبيه، سنوات طوال لا يرى أباه وأهله
_________________________________________________

إنها محنة عظيمة امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام حيث قضى بالفراق بينه وبين يوسف عليه السلام،
هذه المدة الطويلة التي يغلب على الظن أنها تبلغ ثلاثين سنة فأكثر.

في هذه المدة لم يفارق الحزن قلبه وهو دائم البكاء حتى ابيضت عيناه من الحزن وفقد بصره وهو صابر لأمر الله، محتسب الثواب عند الله..

بــدأ مشهد الفراق منذ اللحظة التي ألقى فيها الإخوة بأخيهم يوسف عليه السلام في الجب،
وقد ورد في روايات مختلفة أنه عليه السلام كان يبلغ العاشرة من عمره، وقيل الثانية عشر، وقيل السابعة عشر؛
وهذه الأخبار لم يرد فيها حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

لكن ما يجب الوقوف عنده بتأمُّل؛ هو كيف تحمَّل يوسف عليه السلام هذه المحنة وهو في مقتبل عمره؟!

كانت محنة عظيمة، حيث إجتمع عليه إخوته بكيدهم، فأنزلوه وهو يتشبث بالحبل ويبكي.

ذكر ابن رجب في جامع العلوم والحكم أنه لما نزل أخذ يقول:
"حسبي الله ونعم الوكيل"

ويقول:
{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يس:83

هذا قول لأحد العلماء، والأقوال قد اختلفت؛
لكن ليس فيها ما له سند يُعوَّلُ عليه.



وخلاصة القول أنه عليه السلام ظل بالجبِّ ذاكرًا لربه مؤتنسًا بقربه سبحانه،
فصار في حفظ الله ورعايته، وقد أوحى الله له:
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يوسف: 15

أى: وأوحينا إليه عند إلقائه في الجب عن طريق الإلهام القلبي، أو عن طريق جبريل -عليه السلام- أو عن طريق الرؤيا الصالحة.

لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ
هَذَا

أى: لتخبرنهم في الوقت الذي يشاؤه الله تعالى في مستقبل الأيام، بما فعلوه معك في صغرك من إلقائك في الجب، ومن إنجاء الله تعالى لك،
فالمراد بأمرهم هذا: إيذاؤهم له وإلقاؤهم إياه في قعر الجب، ولم يصرح سبحانه به، لشدة شناعته. [1]

ظلّ يوسف عليه السلام يلهج بذكر الله في صحراء ليس معه فيها إلا الله،
لا خبز ولا ماء ولا طعام ولا أهل ولا جيران ولا أحبة، لكنه في معية الله سبحانه، القائل في كتابه:
{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } البقرة: 153

فما أعظمها معية وما أكرمها معية؛ لا ينالها إلا من داوم على العمل الصالح،
كما صبر يوسف عليه السلام وهو في الجب ذاكرًا شاكرًا لله.




تابعونا بأمر الله...


.

.

___________________
[1] تفسير الوسيط
المراجع:
--------
1- من محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان: ( يوسف عليه السلام في الجب)
2- من موقع المقالات (إسلام ويب)
3- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله
..
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-24-2015, 10:48 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي


المشهد الثــــــاني:

مشهد الفتنة، امرأة العزيز تتعرض له وهي من أجمل خلق الله!!
__________________________________________________ ______

ومع بداية المشهد الأول، كانت رحلة
الصبر الجميل؛ للأب والإبن، فصبر نبي الله يعقوب صبرًا جميلًا،
وصبر نبي الله يوسف صبرًا جميلًا، صلوات الله عليهما.

الصــبر الجمــيل

إنه صبر الأنبياء؛ أعلى مراتب الصبر، من أربعةٍ ذكرها ابن القيم قائلا:
..
[
إحداها: مرتبة الكمال، وهي مرتبة أولي العزائم، وهي الصبر لله وبالله.
فيكون في صبره مبتغيًا وجه الله صابرًا به، متبرئًا من حوله وقوته، فهذا أقوى المراتب وأرفعها وأفضلها.
]


ويستكمل نبي الله يوسف عليه السلام لمراتب الصبر،
ففي المشهد الأول:

.. كـــــــان

..صَبْرُهُ صَـبْـــرًا اضِطِـــرَارِيّــــًا

..وهو صبره على أذية إخوته وما ترتب عليها من بُعده عن أبويه، ثم صبره في السجن بضع سنين، بعدما تعرض للفتنة.

وفي المشهد الثاني، الذي نحن بصدده الآن:

..كـــــــان

صَبْرُهُ صَـبْـــرًا اخْتيَارِيـّــــًا
..
وهو صبره على مراودة سيدته امرأة العزيز. صبر بعون الله له على مراودتها وهو شابًا فتيّــًا شــديدًا قــويـًا،
كما بين ربنا تبارك وتعالى:

{
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} آية: 22

لَمَّا بَلَغَ يوسف عليه السلام كمال قوته المعنوية والحسية، وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة، من النبوة والرسالة.
{
آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}
أي: جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا،
{
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}
في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها، وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم، نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا (1)

لــــــذا كان صبره
صبــرًا اختيــاريـــًا..

..
لقد صَبَرَ يوسف عليه السلام على مراودة سيدته امرأة العزيز
مع وجود الدواعي القوية من جمالها وعلو منصبها وكونها هي التي راودته عن نفسه وغلقت الأبواب وهو في غاية ريعان الشباب،
وليس عنده من قرابته ومعارفه الأصليين أحد.

.. {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَى
بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}

ومع هذه الأمور , ومع قوة الشهوة , منعه الإيمان الصادق والإخلاص الكامل من مواقعة المحذور.
وهذا هو المراد بقوله : {
لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}

فهو برهان الإيمان الذي يغلب جميع القوى النفسية؛ فكان هو مقدم السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله،

وهو رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله.

ثم بعد ذلك راودته المرأة وراودته، واستعانت عليه بالنسوة اللاتي قطعن أيديهن فلم تحدثه نفسه
ولم يزل الإيمان ملازما له في أحواله حتى قال بعدما توعدته بقولها:
..

{
وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [ الآيتان 32 , 33 ]

..فاختار السجن على مواقعة المحظور؛ ومع ذلك فلم يتّكِل على نفسه، بل استغاث بربه أن يصرف عنه شرهن،
فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن , إنه هو السميع العليم.
..

وهنــا نتعـلـــم جيــــدًا


أنَّه ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله عند خوف الوقوع في فتن المعاصي والذنوب، مع الصبر والاجتهاد في البعد عنها؛ كما فعل يوسف ودعا ربه قال:

..{ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ } الآية: 33

وإن العبد لا حول له ولا قوة ولا عصمة إلا بالله؛ فالعبد مأمور بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور مع الاستعانة بالملك الشكور.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
[فإن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب.فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره، قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:
{
كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
فامرأة العزيز لما كانت مشركة وقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج،
ويوسف عليه السلام لما كان مخلصا لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزَبا غريبا مملوكا.
] (2)





رزقنا الله وإياكم الإخلاص في القول وفي العمل، وقلوبًا محبة ومتعلقةً بالله العزيز الرحمن.



تابعونا بأمر الله...

_____________________
(1) تفسير الإمام السعدي
(2) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان - الباب الثامن: فى زكاة القلب

المراجع:
--------
1- من محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان: ( يوسف عليه السلام في الجب)
2- من موقع المقالات (إسلام ويب)
3- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-24-2015, 10:54 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

المشهد الثالث:
..
مشهد السجن؛ يُسجن في ذاتِ الله، ويُمَحَّصُ ليخرج برضوان الله



مـَـنْ مِنّـا يُحِــبُّ السِّــجْـــن؟!
قَطْعــاً لا أحــد..

لكنَّ نبي الله يوسف عليه السلام أحبَّ ذلك
!!


برغم أنَّ حياة السجون عالم عجيب وأهله في نهاية العجب -في لغتهم وأقوالهم وتصرفاتهم وتعاملهم-، ورغم قسوة هذه الحياة وشدَّة آلامها مع أمثال هؤلاء؛
إلا أن نفس يوسف الأبِيَّة الكريمة قد اختارتها على حياة القصور والترف والنعيم والعبث والمجون.

فهي على ما فيها أحبُّ إليه من حياة يُستخَّفُ فيها بالقيم والأخلاق ولو كانت في قصور!!

يُبيِّن ذلك ربنا تبارك وتعالى في قوله:
{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} يوسف: 33
..
وهذا يدل على أن النسوة، جعلن يُشِرْنَ على يوسف في مطاوعة سيدته، وجعلن يكدنه في ذلك.
فاستحبَّ السجن والعذاب الدنيوي على لذة حاضرة تُوجِب العذاب الشديد،

{ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ }
أي: أَمِلْ إليهن،
وأطاوعهن على ما يردنه منى؛ فإني ضعيف عاجز، إن لم تدفع عني السوء،
{ وَأَكُنْ } إن صبوتُ إليهن { مِنَ الْجَاهِلِينَ } فإنَّ هذا جهل..
جَهْــلٌ؛ لأنه آثر لذة قليلة مُنَغِّصة، على لذاتٍ متتابعاتٍ وشهواتٍ متنوعاتٍ في جنَّات النعيم،
ومَنْ آثر هذا على هذا، فمن أجهل منه؟!
فإن العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين وأعظم
اللَّذَّتين، ويؤْثِرُ ما كان محمود العاقبة.


وهنا نقف معًا ونُدقِّق في معنى الآيات بتدبر وفهم، ولنقرأ مرة أخرى قوله تعالى:

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا...}
يوسف: 22
وقوله تعالى:
{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}
يوسف: 33
إختار يوسف عليه السلام السجن -الذي رآه أحبّ إليه- لينأي ويبتعد تماما عن ضغوط امرأة العزيز والنسوة عليه؛
ليس لأنه ضعيف، بل لأنه أُوتيَ حُكْمًا وَعِلْمًا

حُكْماً أى: حكمة، وهي الإصابة في القول والعمل، أو هي النبوة.
وعِلْماً أى: فقهًا في الدين، وفهما سليما لتفسير الرؤى، وإدراكًا واسعًا لشئون الدِّين والدنيا.

لذا قال الإمام السعدي رحمه الله:
فإنَّ العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين وأعظم اللَّذَّتين، ويؤْثِرُ ما كان محمود العاقبة.




وهكذا يهب الله تعالى ليوسف عليه السلام منحة التمكين في الأرض على مرحلتين؛

.....الأولى: بالتمكــين الصغــير.....

في قوله تعالى:
{
وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ
وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
} يوسف: 21،
حيث أخرجه الله تعالى من مِحنة غَيابَةِ الجُبِّ سالماً، يُباع عبداً في مصر، فيشتريه عزيز مصر -الرجل الثاني فيها بعد الملك-،
وهيأ له الإقامة في بيت العزيز الذي أوصى به امرأته خيراً.

فعل الله ذلك بيوسف عليه السلام ليُعلّمه من تأويل الأحاديث، وتعبير الرؤى، وهذا كله تهيئة للأحداث الأخيرة في حياته، التي يتحقق فيها وعد الله له.


إذن فالعلم سبب الرفعة في الدنيا والآخرة، وسبب صلاح الدِّين والدُّنيا.

وبالعلم تأتي الحكمة للعبد بتوفيق الله له؛
فيوسف صلى الله عليه وسلم لم ينل ما نال إلا بالعلم.. ولهذا قال له أبوه:
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}
يوسف: 6
إمتنَّ الله على يوسف عليه السلام وقت مُكثِه عند عزيز مصر بالتجرد للعلــم،
وحاز مقام الإحسان بالعلم، وخرج من السجن في حال العزّ والكرامة بالعلــم،
وتمكَّن عند ملك مصر واستخلصه لنفسه حين كلَّمه وعرف ما عنده من العلــم،
ودبَّر أحوال الخلق في الممالك المصرية بإصلاح دنياهم وحسن تدبيره في حفظ خزائن الأرض وتصريفها وتوزيعها بالعلــم،
وعند نهاية أمره توسل إلى ربه أن يتولاه في الدنيا بالعلــم:
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}
يوسف: 101

ففضائل العلم وثمراته الجليلة العاجلة والآجلة لا تُعد ولا تُحصى.


وفضائل العلم وردت في أحاديث عديدة، منها مارواه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ "
صححه الإمام الألباني في: صحيح الترغيب.

ومنها
ما أخبر به صلى الله عليه وسلم:

"
وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ علَى سائرِ الكواكِبِ،...
" (1)


.....المرحلة الثانية: بالتمكــين الكبــير.....

في قوله تعالى:

{
وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} يوسف: 56

لما تعرّض يوسف في بيت العزيز لفتنة امرأته الطاغية، التي طمعت فيه واشتهته، وراودته عن نفسه، ولكنه استعصم بالله، واستعلى على فتنتها،
فأُدخل السجن ظلماً، ولبث فيه بضع سنين، وأوّل لصاحبيه السجينين رؤيا كل منهما، ثم أوّل الرؤيا المثيرة للملك، الذي أُعجب به،
وأمر بإخراجه من السجن، والإتيان به إليه، وعندما اطمأن إليه الملك، جعله (
عــزيــزاً ) لمصر، وسلّمه خزائن الأرض.
وبذلك صار يوسف الرجل الثاني بعد الملك..





وبداية مشهد السجن؛ تأتـــــــي:

1- بعـدمــا تَحقَّـق للعزيز
صدق يوسف عليه السلام وبــراءته، وأنَّ امـرأتـه هي الكاذبة:
{فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} يوسف: 28

2-
ثم ظهر للعزيز وحاشيته -من بعد ما رأوا صِدق يوسف عليه السلام وطهارة عرضه
أن يغيروا رأيهم في شأنه، وأن يسجنوه ظُلمًا إلى مدة غير معلومة من الزمان:

{ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} يوسف: 35

فكيف كان يوسف عليه السلام في السجن؟

يقول ابن كثير رحمه الله:

لقد اشتهر بالجود والأمانة، وصِدق الحديث وكثرة العبادة. حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما، كما ذكر القرطبي، قال:
كان يوسف يعزي الحزين في السجن، ويعود المريض ويداوي الجريح، ويصلي الليل كله ويبكي عليه السلام.
حتى استأنس به أهل السجن وأحبوه حباً عظيماً.
أ.هـ





والمشهد الآن في السجن، كما قال تعالى:

{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ
نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
}
يوسف: 36
دخل يوسف السجن، ودَخل معه شابان، فرأى كل واحد منهما رؤيا، فقصَّها على يوسف ليفسرها؛
فماذا فعل وماذا قال لهما؟!

من كمال يوسف عليه السلام ونصحه وفطنته العجيبة أنهما لما قصَّا عليه رؤياهما تأنَّى في تفسيرها ووعدهما بتفسيرها بأسرع وقت،
كما بيَّن ربنا تبارك وتعالى:
{لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا}
يوسف: 37
فوعدهما بتفسيرها قبل أول طعام يأتيهما من خارج السجن ليطمئنا ويشتاقا إلى تفسيرها،
وليتمكن من دعوتهما قبل التفسير ليكون أدعى لقبول الدعوة إلى الله؛ لأن الدعوة لهما إلى الله أهم من تفسير رؤياهما.

فدعاهما إلى الله بأمرين:

أحدهما: بحاله وما هو عليه من الوصف الجميل الذي أوصله إلى هذه الحال الرفيعة، بقوله:
{ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
}
يوسف: [37 , 38]

الأمر الثاني: دعاهما بالبرهان الحقيقي الفطري، فقال:
{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ
إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
}
يوسف: [39 , 40]

فإنَّ من تـَــوَحَّدَ بالكمال من كل وجه, وبالقهر للعالم العلوي والسفلي, المُستَحِقُّ للألوهية الكاملة,
الذي خلق الخلق لعبادته وأمرهم بها وله الحكم على عباده في الدنيا والآخرة هـُــوَ الذي لا ينبغي العبادة إلا له وحده دون المعبودات الناقصة المتفرقة,
التي كل قوم يدعون إِلَهِيَّتها, وليس فيها من معاني الإلَهِيَّة شيء ولا استحقاق, وإنما هي أسماء اصطلحوا على تسميتها؛
أسماء بلا معانٍ، فرأى صلى الله عليه وسلم دعوتهما إلى الله أولى بالتقديم على تفسير رؤياهما وأنفع لهما ولغيرهما.




وأما رؤيا الفتيين في قوله تعالى:

{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ}
يوسف: 36
فقد تلطَّفوا ليوسف أن يبلغهما بتأويل رؤياهما لما شاهدوا من إحسانه للأشياء وإحسانه إلى الخلق.
ففَسَّر رؤيا من رأى أنه يعصر خمرًا أنه ينجو من سجنه ويعود إلى مرتبته وخدمته لسيده؛ فيعصر له العنب الذي يؤول إلى الخمر،
وفسَّر رؤيا الآخر؛ فيُقتَل ثم يُصْلَب فتأكل الطير من رأسه.

هذا ما وهبه الله ليوسف عليه السلام من الفهم العجيب والغوص على المعاني الدقيقة
بما جعله يفهم أن الآخر سيُقتَل ولا يُدفن سريعا حتى يصل إلى هذه الحال، ثم قال لهما:
{قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}
يوسف: 41
وهذا من كمال علمه للتعبير الذي لا يُعبِّر عن ظنّ وتوهُّم وإنما يُعبِّر عن علم ويقين.

وتستمر التهيئة للتمكين، وتتوالى الأحداث بمشيئة الله رب العالمين، ومازال يوسف عليه السلام يقضي في السجن بضع سنين
..
{
وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}
يوسف: 42
وقال يوسف للذي علم أنه ناجٍ من صاحبيه: اذكرني عند سيِّدك الملك وأخبره بأني مظلوم محبوس بلا ذنب،
فأنسى الشيطان ذلك الرجل أن يذكر للملك حال يوسف، فمكث يوسف بعد ذلك في السجن عدة سنوات.
(2)





بعد سنوات طوال تكتمل بفضل الله مِنحة التمكين لنبيه يوسف عليه السلام،
فلما أراد الله أن يتم أمره، ويأذن بإخراج يوسف من السجن، قدَّر بمشيئته سبحانه لذلك سببـًا لإخراجه وارتفاع شأنه وإعلاء قدره،
وهــــو رؤيــــا المــــلك
{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ
يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ
}
يوسف: 43

وقال الملك لعلماء قومه وذوي الرأي منهم:
إني رأيت في منامي سبع بقرات سمان، يأكلهن سبع بقرات نحيلات من الهُزال، ورأيت سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات،
فتحيَّروا، ولم يعرفوا لهذه الرؤيا تأويل قائلين:
رؤياك هذه أخلاط أحلام لا تأويل لها، وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين.


حِينَـئِــذٍ، يُقــدِّرُ الله لنبيه يوسف عليه السلام الخروج من السجن

ف
بعد هذه السنين؛ يتذكَّر الفتى
الذي نجا قُدرة من كان معه في السجن على تفسير هذه الرؤيا، إنه يوسف عليه السلام:

{وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} يوسف: 45

بعد سنوات طوال؛ يتذكر ساقي الملك -الفتى الذي نجا- كيف فسَّر له يوسف رؤياه تفسيرًا صادقًا أيام أن كان معه في السجن،
فيطلب من الملك ومن معه قائلا: أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا، فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها،
ويلتقي الساقي بيوسف عليه السلام داخل السجن طالبا منه تفسير رؤيا الملك..
{يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} يوسف: 46

ومن كمال إخلاص يوسف وكمال خُلقه أنه لم يعاتب هذا الذي وصَّاه أن يذكره عند ربه فنسي , وجاءه يسأله عن رؤيا الملك؛
فأجابه، ولم يعاتبه أو يعنِّفَهُ أو يعامله بسوء خلق.
هذه هي الأخلاق التي يجب أن نقتدي بها.
فبحسن الخلق تحصل للعبد الحياة الطيبة العاجلة والآجلة.


فسَّر يوسف عليه السلام الرؤيا للساقي بصدق وتحليل لما سيحدث وما يجب الاستعداد له:
{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47)
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ
(48)
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)} يوسف

قال يوسف عليه السلام مُفسرًا لرؤيا الملك:
تزرعون سبع سنين متتابعة جادِّين ليَكْثُر العطاء، فما حصدتم منه في كل مرة فادَّخِروه، واتركوه في سنبله؛ ليتمَّ حفظه من التسوُّس، وليكون أبقى، إلا قليلا مما تأكلونه من الحبوب، ثم يأتي بعد هذه السنين الخِصْبة سبع سنين شديدة الجَدْب، يأكل أهلها كل ما ادَّخرتم لهن من قبل، إلا قليلا مما تحفظونه وتدَّخرونه ليكون بذورًا للزراعة، ثم يأتي من بعد هذه السنين عام يغاث فيه الناس بالمطر، فيرفع الله تعالى عنهم الشدّة، ويعصرون فيه الثمار من كثرة الخِصْب والنماء.






وهكذا فسَّر يوسف عليه السلام الرؤيا المثيرة للملك، الذي أُعجِب به، وأمر بإخراجه من السجن، والإتيان به إليه:

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} يوسف:50.

ولنتأمل معًا حكمة سيدنا يوسف عليه السلام!! إنها حكمة بالغة:
يقول تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ} لمن عنده {ائْتُونِي بِهِ} أي: بيوسف عليه السلام، بأن يخرجوه من السجن ويحضروه إليه،
فلما جاء يوسف الرسول وأمره بالحضور عند الملك، امتنع عن المبادرة إلى الخروج، حتى تتبين براءته التامة، وهذا من صبره وعقله ورأيه التام.


رفَضَ يوسف عليه السلام أمر الملك بالحضور إليه والخروج من السجن بعد كل هذه السنين إلا بعد ظهور براءته..
أبَىَ نبيّ الله يوسف عليه السلام إلا أن تظهر براءته التامة التي لا شبهة فيها؛ فلم يخرج من السجن لمواجهة الملك إلا في حالة براءته وهيبته ورفعته،
وتعظيمٍ منهم لعِلمِه وفضله ونزاهته عليه الصلاة والسلام.

تظهر براءة يوسف عليه السلام كما شاء الله وقدَّر له، فتشهد له امرأة العزيز بصدقه، وتعترف اعترافا تامَّــًا ببراءته:

{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} يوسف:51


عندئذٍ؛ اطمأن الملك ليوسف عليه السلام، وعرف قدره جيدًا -عِلمــًا وخُلقــًا وأمَانــًة-، فجعله (عــزيــزاً) لمصر، وسلّمه خزائن الأرض.
وبذلك صار يوسف الرجل الثاني بعد الملك
..
وقد علَّقت الآيات على ترتيب الأحداث بتقدير الله، لتوصل يوسف عليه السلام إلى ما وصل إليه بتقدير الحكيم الخبير.

هذا هو التمكين الثاني الكبير، الذي مكَّنه الله ليوسف،
وهذا التمكين تحقيقٌ لما استشرفه له أبوه من مستقبل واعدٍ مشرق.



وللحديث بقية بأمر الله رب البرية، ليتبقى المشهد الرابع وملك مصر...
فتابعونا بإذن الله تعالى

.

.

.


_________________________
(1) متن الحديث:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ عِلمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحَتَها رضًا لطالبِ العلمِ،
وإنَّ طالِبَ العِلمِ يستَغفرُ لَهُ مَن في السَّماءِ والأرضِ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ، وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ علَى سائرِ الكواكِبِ،
إنَّ العُلَماءَ هُمْ ورَثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا، إنَّما ورَّثوا العِلمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بِحَظٍّ وافرٍ
"

المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 183 - خلاصة حكم المحدث: صحيح

(2) للفـائـدة.. يرجى قراءة هذا الموضوع: إشكال حول قول يوسف عليه السلام: اذكرني عند ربك

المراجع:
1- التفسير الميسر
2- تفسير الإمام السعدي رحمه الله
3- تفسير الإمام القرطبي رحمه الله

4- تفسير الوسيط للشيخ سيد طنطاوي رحمه الله
5- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله
6- من خطبة يوسف في السجن، للشيخ فواز الثبيتي
7- من كتاب: وعود القرآن بالتمكين للإسلام،
للكاتب:
د صلاح الخالدي-الفصل الخامس، للتعرف على سيرته الذاتية أدخل على هذا الرابط: هنـــــــا

.
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:35 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.