انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-04-2015, 03:51 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي ما يحبه الله تعالى ويكرهه

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله
إن الله تعالى يحب أهل الإيمان ؛ ولذلك حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم ، ويبغض أهل الكفر والعصيان ، إلا أن يتوبوا ، فمن وفقه الله للإيمان وحببه إلى قلبه وحبب إليه أهله وحببه إليهم ، فعاش ومات على ذلك ، فذاك ممن يحبه الله .
ومن بغّض الله إليه الإيمان والطاعة وحبب إلى قلبه العصيان وحبب إليه أهله وحببه إليهم ، فعاش ومات على ذلك ، فذاك ممن يبغضه الله .
ولكن لا نقطع لأحد بعينه أنه ممن يحبه الله ، كما لا نقطع لأحد بعينه أنه ممن يبغضه الله .
ولا بد أن نعرف أن الله عز وجل ، قد يبغض إنسانا في وقت ، ويحبه في وقت ، بحسب عمله ؛
فمن تلبس ببعض ما يشينه ويبغضه إلى ربه فلا يحكم عليه أنه ممن يبغضه الله ؛ لأنه قد يتداركه الله برحمته فيتوب قبل موته ويحسن من عمله ، وقد يتجاوز الله عنه ، وقد يكون له خبيئة عمل صالح لا تبدو للناس فيعامله الله بلطفه .
لكن الذي نجزم به أن الله يبغض منه عمل المعصية ، وحال المخالفة التي تلبس بها .

ونحن نشير إلى بعض الأمارات والدلائل التي قد تؤدي إلى حصول بغض الله لعبده ، دون أن نقطع لكل من اتصف ببعض ذلك أنه ممن يبغضه الله ، فمن ذلك :
- أن يجعل الله له البغضاء ، وسوء الذكر والأحدوثة في الدنيا ؛ إذ لا يكون ذلك عادة إلا لسوء عمله وفساده .
فروى البخاري (3209) ومسلم (2637) – واللفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ ، قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ .
قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ : إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ ، قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ ، قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ ) .
وروى البخاري (1367) ومسلم (949) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : " مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَجَبَتْ ، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ : وَجَبَتْ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا وَجَبَتْ ؟ قَالَ ( هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ) .
- أن يحب ما يبغض الله تعالى ، ويبغض ما يحبه الله ؛ فإن الله تعالى قال عن أهل الإيمان الذين يحبهم : ( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ) الحجرات/ 7 .
- أن يتمادى في عصيانه وغيه وضلاله ، فلا ينتقل من معصية إلا إلى أختها ، ولا يوفق إلى التوبة ، ويموت على ذلك .
- أن لا يزال مصاحبا لأهل العصيان مجانبا لأهل الإيمان ؛ وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه أبو داود (4833) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .
- أن لا يحافظ على فرائض الله وأركان الدين ، فلا تراه إلا متهاونا بالصلاة ، متكاسلا عنها ، مضيعا لحقوق الله وحقوق عباده ، غير مبال بعواقب ذلك في الدنيا والآخرة .
- أن يبغض النصيحة ، ويكره الناصح ، وتأخذه العزة بالإثم إذا أُمر بمعروف أو نُهي عن منكر ، قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) البقرة/ 206 .
- أن يعادي أهل الإيمان ، ويوالي أهل العصيان ، ويكون حبه وبغضه لغير الله ، في ما لا يرضي الله ، إذا أحب أحب لغير الله ، وإذا أبغض أبغض لغير الله .
- أن يكره ما يحبه الله ويحب ما يكرهه الله .
- أن يتصف بما يكرهه الله من الصفات كالكذب والغش والخيانة والغيبة والنميمة ونحو ذلك من الصفات التي يبغضها الله ويبغض أصحابها ، فكل صفة يبغضها الله إذا اتصف بها العبد حتى صارت علامة عليه ، فهو لا يزال متصفا بها ، كان ذلك مما يعرضه لبغض الله ، وغضبه عليه ؛ فإن الله إذا أبغض صفة وكرهها أبغض الاتصاف بها .
- أن يكون من أهل المراءاة والتسميع ، ومن أهل الفخر والخيلاء ، والأشر والبطر ، ويترفع عن منزلة العبودية .
- أن يضعف ولاؤه لدينه ، ويكون ولاؤه في هواه ، فلا يسعى إلا في طلب شهواته وإرضاء نزواته ؛ حتى يصير كمن اتخذ إلهه هواه .
- أن يكون سعيه للدنيا حثيثا ، وهو غافل عن أمر الآخرة ، قال تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ) الإسراء/ 18.
وروى البخاري (6435) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ ) .
- أن يقارف الكبائر الموبقات التي تجلب عليه سخط الله وغضبه ، كالزنا وأكل الربا وقذف المحصنات ونحو ذلك ثم لا يوفق إلى التوبة .
- أن يكون بذيء اللسان ، خبيثا ، قذافا ، ظالما ، يتقيه الناس لفحشه وسوء عشرته وكثرة ظلمه وتعديه حدود الله .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ ) رواه البخاري (6032) ومسلم (2591) .
- أن يتشبه بالكافرين والفاسقين ، ويكره التشبه بأهل الإيمان .
- أن يتلبس بالشرك ويقع فيه ، ثم لا يوفق إلى التوبة منه ، والشرك أسوأ ما يتصف به العبد ، وهو يعرض صاحبه لبغض الله ومقته .

وبالجملة : فمن كان دأبه طاعة الله وطاعة رسوله ، فهذا عسى أن يكون ممن يحبه الله .
ومن كان دأبه معصية الله ومعصية الرسول ، فهذا حقيق ببغض الله وغضبه .
ولكن لا يقال لفلان بعينه من الناس: هذا يحبه الله ، كما لا يقال لفلان بعينه : هذا يبغضه الله .
وقد روى البخاري (3332) ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ ) .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (23425) .
والله تعالى أعلم .

الإسلام سؤال وجواب

ماذا يحب الله
الشيخ محمد صالح المنجد

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أما بعد ..
فإن حب الله لب الإيمان، ومحبة الله تعالى أساس العلاقة بين المؤمن وربه، فهو يحب ربه أعظم من حب كل شيء، فهو يحبه لذاته وأسمائه وصفاته، يحبه لنعمه وآلائه، يحبه سبحانه وتعالى لأنه هو الذي خلقه، وأوجده، وأكرمه وأعطاه الحواس وأنعم عليه وأنزل الكتاب وبين طريق العبادة. يحبه لأنه أرسل له رسولاً، وعلمه شرعه، يحبه لأنه مجيب، قدوس، سلام، يحبه لهذه الصفات العظيمة التي اتصف بها سبحانه وتعالى، فهو الله لا إله إلا هو لا شريك له، وإذا كانت محبة العبد لربه صادقة، فإن العبد سيحب ما يحبه الله، ويلتمس العبد مرضاة ربه ومحابه، والله يحب أشخاصاً وأعمالاً، فينظر ماذا يحب الرب فيعمل به، ماذا يبغض الرب فيتركه، وأحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة،القائمة على اليسر الذي جاءت به الشريعة، وليس اليسر الذي تشي به أهواء الناس ويقولون به من عندهم، والله عز وجل يحب أن تؤتى الفرائض أولاً، ثم يحب الزيادة من النوافل، فالعبد يسلك هذا الطريق، كما جاء في الحديث القدسي أن الله قال: (( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ))، (( ولا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولإن استعاذني لأعيذنه )) رواه البخاري.
فالفرائض مقدمة على النوافل، والإكثار من التطوع بعد ذلك مجلبة لمحبة الله، والله تعالى يحب الصلاة ويحب أن تكون على وقتها، كما سئُل عليه الصلاة والسلام : أي العمل أحب إلى الله قال : (( الصلاة على وقتها ))، الاهتمام بأمر الصلاة والمبادرة إلى الصلاة، هذه يحبها الله، الصلاة في أول الوقت إلا ما جاءت السنة بتأخيره، كالإبراد في الظهر، وتأخير العشاء بما لا يكون فيه مشقة على المأمومين، ثم ماذا بعد الصلاة على وقتها؟(( بر الوالدين))، رعياك صغيرا، آثراك على أنفسهما، سهرا ليلهما وأناماك، وجاعا وأطعماك، فلهما الشكر ولهما البر والدعاء، {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (24) سورة الإسراء.

من برّ والـده وأمَّـهْ فاقصده مختاراً وأُمَّـهْ
واغتنم فضائـله فـذ لك وحده في الدهر أُمَّهْ
كم جرّ بـرّ الوالـدي ن فوائداً للمرء جمــّه
منها رضـا الله الّذي يكفي الفتى ما قد أهمّـه
ثم ماذا ؟ قال ((الجهاد في سبيل الله))، محاربة أعداء الله، إعلاء كلمة الله، وكسر شوكة الكفر الذي يبغضه الله.
مما يحبه الله عز وجل من الصلاة صلاة داود، (( أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام ( في قيام الليل )، وأحب الصيام إلى الله صيام داود )) فسّر ذلك فقال في الحديث الذي رواه البخاري (( وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوما )) .
مما يحبه الله كثرة الجماعة في الصلاة، (( وصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع رجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل )) حديث حسن رواه أبو داود رحمه الله.
وبما أن الله يحب صلاة الوتر، فالذي يحب الله يحرص عليها، قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن ))، قال ابن القيم رحمه الله : وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته، فهو عليم يحب كل عليم، جواد يحب كل جواد، وتر يحب الوتر، جميل يحب الجمال، عفو يحب العفو وأهله، حيي يحب الحياء وأهله، بر يحب الأبرار، شكور يحب الشاكرين، صبور يحب الصابرين، حليم يحب أهل الحلم.
من الناس الذين يحبهم الله الذين يتصفون بثلاث صفات : التقوى والخفاء والنقاء كما جاء في الحديث الصحيح ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ: التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ)) رواه مسلم رحمه الله .
المتقون يجتنبون أسباب سخطه لفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن هو الغني صاحب كثرة المال ؟ كلا والله، أنه الذي هو غني بقلبه، ((لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ متاع الدني، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)) رواه البخاري ومسلم.
أما الخفي، الذي يحبه الله، خامل الذكر، غير المشتهر بين الناس، الذي لا يحرص على حب الظهور، لأن حب الظهور يقصم الظهور، البعيد عن الأضواء...
احرصْ على إخمالِ ذكرِكَ في غنى وتملَّ بالأورادِ والأذكـــارِ
ما العيشُ إلا في الخمول مع الغـنى وفي الاشتهار نهاية الأخـطار
واقنعْ فما كنزُ القـــناعةِ نافداً وكفـــى بها عزّاً لغير مُمارِ
وقد يشهر الله سيرة أهل الفضل دون قصدهم، فهذا محمود، فأما من سعى إليها فهو المذموم، وأما النقي نقي القلب لا بغض ولا حسد، فيحبه الله عز وجل.
يحب الله الوفاء بالعهد،{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (76) سورة آل عمران. الذين يوفون بالعقود، الذين يوفون بالعهود، الذين لا ينكثون بالمواثيق ولا يغدرون.
يحب الله ذكره والذي يكثر من ذكره. يقول معاذ رضي الله عنه سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى قال : (( أن تموت ولسانك ربطاً من ذكر الله )) .
تلازم الذكر حتى يحضرك الموت وأنت لا تدري متى يحضرك الموت فكن ملازماً للذكر دائماً، ومن الذكر الذي يحبه الله التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير كما جاء في قول المصطفى عليه الصلاة والسلام : ((أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ)).
وإنما كانت هذه الكلمات هي الأحب إلى الله عز وجل لاشتمالها على تنزيهه وحمده وإثبات الوحدانية والأكبرية له، ((لا يضرك بأيهن بدأت))، فإنك تثبت الحمد له على صفاته الجميلة بعدما نزهته عن القبائح، و تثبت الوحدانية والأكبرية تحلية وبياناً لصفات الكمال التي اتصف به سبحانه وتعالى.
يحب الله من الكلام، سبحان الله العظيم، وسبحان الله وبحمده، كما دل عليه حديث
((كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ)). يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: ((أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ))، قُلْتُ ( أبو ذر يتحدث) : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: ((إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ)) رواه مسلم.
يحب الله كتابه، وهو عز وجل يفضّل من شاء من السور على بعضها، فضل بعض الأنبياء على بعض، فضل بعض الكلام على بعض، فضل بعض السور على بعض، بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ ( قطعة من الجيش ) وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ((سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ )) فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ )). رواه البخاري ومسلم.
{قل هو الله أحد}، تقرأ بها يا عبد الله عشر مرات يبني لك بيتُ في الجنة وأي بيت .
يحب الله الصدقات، الإيثار بالمحبوبات من أجله، وما أحب المال إلى النفس ولذلك بدأ به قبل النفس في بعض المواضع من كتابه، إنفاق الأموال العزيزة المحبوبة، إنفاق الأموال والجود بها له عز وجل، والتنازل عنها لمصلحته ووضعها فيما يحبه سبحانه وتعالى من إغاثة الملهوفين من عباده، وهذه الصدقات منها ما هو مالي ومنها ما هو أعمال أخرى؛ كما جاء في حديث أبي أيوب رضى الله عنه من قول النبي عليه الصلاة والسلام له : ((ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله، تصلح بين أناس إذا تفاسدوا، وتقرب بينهم إذا تباعدوا)) حسنه الألباني.
ويروى عن الأوزاعي رحمه الله تعالى أنه قال: ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين..
إن الفضائل كلها لو جُمِعَت رجعت بجملتها إلى شيئــينِ
تعظيمُ ذات الله جـل جلاله والسعيُ في إصلاح ذات البينِ
أحب الأعمال إلى الله ما كان ديمةً، ((أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل))، كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها، فالله لا يحب الانقطاع من العمل الصالح، يحب المداومة عليه ولو قليلاً، يحب أن يكون العمل له مستمراً، وهذا الدين الذي يداوم عليه صاحبه؛ كما جاء هذا في الحديث الصحيح (( أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه))، وكان عليه الصلاة والسلام إذا صلى صلاة أثبتها.
هناك أشخاص يحبهم الله وأعمال يحبه الله عز وجل وأماكن يحبها الله عز وجل، فما هي أفضل بقاع عنده ؟ قال عليه الصلاة والسلام : (أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا)، يصفقون اليوم في الأسواق بالساعات، ويجلسون في المقاهي، لكن قلما يغشون بيوته، وإذا دخلوا منها خرجوا مسرعين .
والله يحب التوابين ويحب المتطهرين كما جاء في كتابه، { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222) سورة البقرة ، فمن هم التوابون ؟ التوابون من ذنوبهم على الدوام، ومن هم المتطهرون ؟ المتطهرون عن الحرام والآثام، والمتطهرون من الأحداث والأخباث، ومن سائر أنواع النجاسات الحسية والمعنوية .
يحب الله أهل الصبر،والله يحب الصابرين، يحب الله المؤمن القوي وهو أحب عنده من المؤمن الضعيف، القوي في علمه، القوي في بدنه، القوي في جهاده، القوي في أمره بالمعروف وفي نهيه عن المنكر، وفيه دعوته إلى سبيل ربه، هذا المؤمن القوي العزيز بدين الله تعالى، فهو صاحب عزيمة وصاحب قوة في الأعمال الصالحة، ويتحمل المشاق، وهو وراغب في العبادات ونشيط فيها.
يحب الله الرفق، دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ ( يعني الموت)، -كان لليهود والمنافقين حيل-، السِلام عليكم (يعني الحجارة)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ)....
وقَالَ لها: (وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) صحيح مسلم.
يتأتى مع الرفق من النتائج ما لا يتأتى مع غيره، فهو سبب كل خير، فمن يحرمه يحرم الخير كله، هذا الرفق موصل للجنة، هذا الرفق يوصل إلى محبة الله تعالى، وهو الرفيق يحب أهل الرفق .
ويحب الله من الصفات والأخلاق الحلم والأناة، كما قَالَ عليه الصلاة والسلام لأشج عَبْدِ الْقَيْسِ: ((إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ)). الحلم : العقل، الأناة : التثبت، والروية وترك العجلة، قال رجلٌ للأحنف وكان متصفاً بالحلم : لإن قلت واحدة لتسمعن عشرة، قال: إن قلت عشرة لن تسمع واحدة.
لا يَبْلُغُ الَمَجْدَ أقوامٌ وإن كَرُمُوا حــتى يَذِلُّوا وإن عَزُّوا لأقوَامِ
وَيُشْتَمُوا فترى الألوانَ مُسْفِرَةً لا صفحَ ذُلٍّ ولكن صفحَ أحلامِ
وهكذا يتنازل الإنسان لأخيه المسلم ويلين بيده ويتواضع له ويذل لإخوانه، وليس لأعداء الله. الله يحب السمح في البيع، السمح في الشراء، السمح في تحصيل الحقوق والاقتضاء، قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ سَمْحَ الْبَيْعِ سَمْحَ الشِّرَاءِ سَمْحَ الْقَضَاءِ))، ولذلك كانوا يتعافون فيما بينهم، يأخذ ما تيسر ويترك ما عسر، جاء رجل إلى أبي سعيد رحمه الله، يشتري منه بغلة، فقال المشتري أما تحط لي شيئا يا أبا سعيد؟
قال : لك خمسون درهما..
قال : أزيدك؟
قال المشتري: لا، رضيت.
قال أبو سعيد: بارك الله لك.
وقال عبد الأعلى السمسار قال الحسن : يا عبد الأعلى أما يبيع أحدكم الثوب لأخيه فينقص درهمين أو ثلاثة ؟ قالوا : لا والله ولا دانق واحد، فقال الحسن: فما بقي من المروءة؟
الله عز وجل يحب الكرم، يحب معاني الأخلاق، ولذلك جاء في الحديث الصحيح ((إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، وَمَعَالِيَ الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا)) . يكره الأشياء الدنيئة، يكره الأشياء الرذيلة، يكره الأشياء المنحطة، والنفوس منها ما هو علوّي ومنها ما هو أرضي ترابي .
الله عز وجل يحب إدخال السرور على الناس وعلى المسلمين، طرد جوع عن جائع، رفع ثقل الدين عن كاهل المسلم، قضاء حاجة له، كشف كربة، ((أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس))، يقضي حوائج المسلمين، يستعمل جاهه في الشفاعة الحسنة، يتوسط بالخير، هذا الذي تقضي على يده للناس حاجات من أحب الناس إلى الله .
الله عز وجل يحب الغيرة، لكن أين ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ )) إذا وجدت قرائن، أسباب للشك، بوادر شر، علامات سوء، لا بد أن يكون لك موقف يا رب الأسرة، يا ولي المرأة، يا أب البنت، يا أخ الأخت، يا زوج الزوجة ،(( وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ (الوسواس) )) .
هناك يا عباد الله أُمور لما فقدها المسلمون تراجعوا حتى في الدنيا منها الإتقان في العمل، يحب الله الإتقان، الإحكام، إنهاء هذه الأشياء والقضايا والمعاملات والمسائل بطريقة متقنة، ((إنّ اللَّه يُحِبُّ إذَا عَمِل أَحَدُكُم عملاً أن يُتْقِنَه))، أن يحكمه، أن يحسنه، لقصد نفع الخلق، فيكون هذا المنتج جيداً يعيش طويلاً، وينفع من اشتراه، بخلاف المغشوش والمستعجل فيه...
إذا ما الجرح رمّ على فساد تبين فيه تفريط الطبيب
بخلاف تنظيفه، وتعقيمه، وتضميده، عمليات جراحية، إتقان في كل شيء، بالإضافة إلى إتقان الصلاة وإتقان الصيام وإتقان العبادات وإتقان القراءة ومخارج الحروف، ومعرفة الوقوف، هذا اسمه التجويد، هذا ترتيل كتاب الله كما أنزله .
يحب الله عز وجل من زار أخاً له في قرية وعلى مسافة وقطع هذه المسافة لا لأجل مصلحة دنيوية، ولا لأجل تحصيل منفعة، وإنما لله وفي الله، أحببناك لله وزرناك في الله وجالسناك في الله.
والله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، لا يحب البخيل، ولا يحب الذي ينفق،ولا يحب الذي يتظاهر بالفقر لئلا يُسأل، ولكن يحب أن يرى أثر نعمته على الغني حتى يقصده الناس في المساعدات، وليس هذا اختيالا ولا تفاخراً وهذا ليس إسرافاً، لأن الإسراف مجاوزة الحد، وليس معنى أنه يحب أن يرى أثر نعمة على العبد أن العبد يسرف، ولا أنه يبذر ولا يجاوز الحد، يضع الأشياء في موضعها .
هناك أسماء يحبها الله، عبد لله وعبد الرحمن .
يحب الله صفة على الطعام، أن تكثر عليه الأيدي، وليس كل واحد بوجبة وحده، مع أن هذا جائز، لكن الاجتماع عليه أحسن.
إن الله عز وجل يحب العطاس، الذي يدل على نشاط وخفة البدن، بخلاف التثاؤب الذي يدل ثقل البدن والاسترخاء والكسل، ولذلك فإن العبد إذا عطس يحمد الله عز وجل .
اللهم ارزقنا حبك، وحب من تحب، يا أرحم الراحمين، اللهم أحبنا يا أكرم الأكرمين، اللهم اجعلنا ممن أحبوا كتابك فعملوا به، وأحبوا نبيك عليه الصلاة والسلام فقاموا بسنته، وأحبوا ما تحب من الأعمال فعملوا بها، ارزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله والله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله رحمة للمؤمنين، وإماماً للمتقين، وخاتم للنبيين والمرسلين، فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين، اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، ما طلع الليل والنهار، وارض عن أصحابه الأبرار، وعن أهله الأطهار، وعمن سار على نهجهم، واتبع طريقهم إلى يوم الدين،
عباد الله لقد كان في معركة غزة عبر {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ} (44) سورة النــور، وكان عليه الصلاة والسلام له من المواقف مع اليهود التي كان فيها عبر، ولما أجلى بن نضير نزلت آيات، ختمها الله بأخذ العبرة {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} (2) سورة الحشر، هذه العظة بالمسموع وعظة بالمشهود قد اجتمعا في أحداث غزة، انتفاع بما يُسمع، وانتفاع بما يُرى، وقد كانت المناظر والمواقف والمشاهد تُنقل للعالم، صورةً وصوتاً. هذا الدين منصور، والذي يتمسك به منصور، كان المسلمون يتفاءلون في المعارك ويقولون : يا منصور أمت أمت؛ يتفاءلون بالنصر، (( الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين )) . هناك آيات لله، وإن من أعظم هذه الآيات، أن هؤلاء القوم في غزة من المسلمين على قلة ما في أيديهم والحصار والجوع والبرد والقصف، وكل هذه الشدائد التي حولهم لم يستسلموا، ولم يستطع اليهود مع عددهم وعتادهم أن يجوسوا خلال ديارهم ولا أن يحتلوها. هذا الصمود وحده آية بلا شك ولا ريب، وهذا الانسحاب اليهودي أيضاً فيه آية، رأينا مصداق ما أخبر الله عن اليهود {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} (64) سورة المائدة، رأينا ذلك في تقتيلهم وتخريبهم، فكيف يمكن التعايش معهم تعايش سلمياً، وأي عهد يمكن أن يفوا به والله يقول {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} (10) سورة التوبة، لا عهد لهم ولا ميثاق، هذه المقابر الجماعية وهذه اللعنة التي دخلوا فيها، وغضب الله عز وجل الذي حلّ بهم.
وتجلى في هذه المعركة من صفات المنافقين، ورأينا آيات تنطبق { لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ} (156) سورة آل عمران ،{ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} (13) سورة الأحزاب، هؤلاء الذين خذّلوا وأرجفوا، هؤلاء الذين قال الله فيهم {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} (19) سورة الأحزاب ، رأينا من آيات الله عز وجل أن المقاييس المادية ليست كل شيء، ورأينا من آيات الله أن اليهود تألموا أيضاً {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ} (104) سورة النساء، رأينا أن الفئة القليلة يمكن أن تصمد أمام الفئة الكثيرة، وأن الإيمان هو المحرك الحقيقي، وأن هؤلاء الناس من المصابين كان من أكثر الكلمات التي علّقوا بها : حسبنا الله ونعم الوكيل، وأن الله معهم وليس أحد آخر، لأن الأسباب قد قطّعت من القريب والبعيد، وأن التثبيت من الله، و أن لله ملائكة تثبّت، وأن عند المؤمنين من أهل الدين والإسلام من العقول و الابتكارات في مسائل الأنفاق والمعارك واستدراج جنود العدو، ونصب الفخاخ والكمائن لهم، ومن حرب العصابات والأزقة والشوارع ما جعل هؤلاء ينسحبون، وإذا نقموا صبوا جام غضبهم على المستضعفين، المدنين العُزّل، يجمعونهم فيقصفون البيوت فوقهم، والقذائف تلو القذائف وبرك الدماء داخل البيوت والناس تضمد بعضها لبعض من بقية الذي فيه رمق، وأطفال غزة في كلامهم عزة، وهذا نتيجة تربية بلا شك، والذي يتربى تحت القصف والحصار ليس كمن يتربى في الدلع والميوعة والنعومة والترف وأنواع الأطعمة والملاهي والألعاب والملذات.
إن العزاء بما عند الله عزاء عظيم، تخفيف المصاب بالكلام الطيب الشرعي له أثر كبير، وحُق لنا أن نتفاخر بما حصل لهؤلاء من المواقف، من هلع اليهود وجبنهم، لا يقاتلون رجالا ًوجهاً لوجه أبداً، بل يولون الأدبار، وحفائظ نجاساتهم تركت في الميدان، لأنهم لا يستطيعون الخروج من هذه الدبابات المحصنة ولا لقضاء الحاجة،{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ} (151) سورة آل عمران، وإلا فما هو السبب في نقلهم للمستشفيات يرتجفون ؟ هذا هو الرعب، النصر عزة، النصر صمود، النصر بإحياء ما مات من الدين في نفوس الناس، النصر بما حصل من استرجاع مفهومات كثيرة غابت عن النفوس، كالتضحية في سبيل الله والتقديم والبذل لهذا الدين، ثم مهما أنفقوا {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} (36) سورة الأنفال ، كم خسائرهم ؟ 9 مليار دولار، عجزٌ في ميزانياتهم، كل يوم كان يكلف 28 مليون دولار، ثم مع ذلك {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} (25) سورة الأحزاب فعلوا شراً نعم، لكن هل نالوا خيراً ؟ لا، هل تحققت الأهداف التي يرونها ؟ التي أعلنوا عنها في البداية ؟ لا، لم ينالوا خيرا، لكن فعلوا شرا من هذا القصف والتدمير وهذه المذابح، ومن سنن الله أنه يداول الأيام بين الناس، وإذا استطاع المسلمون أن يقفوا على أرجلهم الآن فسوف يعدون عدوا تجاههم غدا، والدنيا مراحل {وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ } (4) سورة محمد، والعاقبة في النهاية للمتقين، والله ينصر من ينصره، وهذا يبيّن أهمية إعداد العدة لملاقاة اليهود، والعزة والرفعة لن تنال إلا بالتمسك بالدين، وكان من تلاحم أهل الإسلام على شبكة الإنترنت وغيرها من المواقع في أنحاء العالم دور كبير في نصرة المسلمين، وتخذيل هؤلاء اليهود، وأدرك الناس أهمية الجهاد باللسان، والجهاد بالإعلام، ولماذا قال عليه الصلاة والسلام : (( جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم )) رواه أبو داود، ظهرت حقيقة المعركة وأن المعركة إسلامية لا قومية ولا وطنية، والذين كانوا يقولون : ستبقى القدس عربية!! القدس إسلامية، والذي حرك المسلمين في العالم قضية فلسطين لأنها قضية إسلامية، وظهر من عقيدة الولاء لأهل الإسلام والبراءة من أهل الشرك، وأن الفقه مهم في كل الأحوال، والأحكام في الصلاة والعدة والهدنة وغير ذلك، تعلم أحكام الدين نافع وضروري في الحرب وفي السلم .
اللهم إنا نسألك أن تنصر إخواننا في غزة وفي أنحاء العالم يا رب العالمين، اللهم انصر المجاهدين، واحمي حوزة الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم إنا لنا إخواناً في العالم جياع فأطعمهم ، وحفاة فاحملهم ، ومقهورون فانصرهم، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، اللهم اخذل اليهود، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم زلزلهم وأعوانهم من الصليبين والمنافقين، اللهم اجعل بينهم سوق العداوة والبغضاء قائمة، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم أقر أعيننا بنصر دينك، وتعجيل فرجك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تبارك لنا فيما آتيتنا، وأن تجعل ذلك عوناً على طاعتك، اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، سبحان ربك ربك العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
المنبر
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:50 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.