انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الآلة > علوم الحديث والمصطلح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-02-2009, 12:09 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي قول القائل‏:‏‏( أسألك بكذا‏ ) نوعــــــــــــان ..

 

قول القائل‏:‏‏( أسألك بكذا‏ ) نوعان‏


فقد تبين أن قول القائل‏:‏ ‏[‏أسألك بكذا‏]‏ نوعان‏:‏ فإن الباء قد تكون للقسم، وقد تكون للسبب، فقد تكون قسما به على الله، وقد تكون سؤالاً بسببه ‏.‏

فأما الأول‏:‏ فالقسم بالمخلوقات لا يجوز على المخلوق فكيف على الخالق ‏؟‏

وأما الثانى وهو السؤال بالمعظم ‏:‏

كالسؤال بحق الأنبياء فهذا فيه نزاع، وقد تقدم عن أبى حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز ذلك‏.‏ومن الناس من يجوز ذلك، فنقول‏:‏ قول السائل لله تعالى‏:‏ ‏

[‏أسألك بحق فلان وفلان من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم، أو بجاه فلان أو بحرمة فلان‏]‏

يقتضى أن هؤلاء لهم عند الله جاه، وهذا صحيح ‏.‏
فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة يقتضى أن يرفع الله درجاتهم ويعظم أقدارهم ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا، مع أنه سبحانه قال‏:‏
‏{‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}
‏‏[‏ البقرة‏:‏ 255 ‏]‏ ‏.‏
ويقتضى أيضاً أن من اتبعهم واقتدى بهم فيما سن له الاقتداء بهم فيه، كان سعيداً، ومن أطاع أمرهم الذى بلغوه عن الله كان سعيداً، ولكن ليس نفس مجرد قدرهم وجاههم مما يقتضى إجابة دعائه إذا سأل الله بهم حتى يسأل الله بذلك، بل جاههم ينفعه أيضاً إذا اتبعهم وأطاعهم فيما أمروا به عن الله، أو تأسى بهم فيما سنوه للمؤمنين، وينفعه أيضاً إذا دعوا له وشفعوا فيه ‏.‏
فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة، ولا منه سبب يقتضى الإجابة، لم يكن متشفعاً بجاههم، ولم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له عند الله، بل يكون قد سأل بأمر أجنبى عنه ليس سبباً لنفعه، ولو قال الرجل لمطاع كبير‏:‏ أسألك بطاعة فلان لك، وبحبك له على طاعتك، وبجاهه عندك الذى أوجبته طاعته لك، لكان قد سأله بأمر أجنبى لا تعلق له به، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ومحبته لهم وتعظيمه لأقدارهم مع عبادتهم له وطاعتهم إياه ليس فى ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم، وإنما يوجب إجابة دعائه بسبب منه لطاعته لهم، أو سبب منهم لشفاعتهم له، فإذا انتفى هذا وهذا فلا سبب‏.‏
نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحبته له وطاعته له واتباعه، لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضى إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل، والنبى صلى الله عليه وسلم بين أن شفاعته فى الآخرة تنفع أهل التوحيد لا أهل الشرك، وهى مستحقة لمن دعا له بالوسيلة كما فى الصحيح أنه قال‏:‏ ‏
(‏إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا على، فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لى الوسيلة فإنها درجة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو ذلك العبد، فمن سأل الله لى الوسيلة حلت عليه شفاعتى يوم القيامة‏)‏
وفى الصحيح أن أبا هريرة قال له‏:‏ أى الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة ‏؟‏ قال‏:‏
‏(‏من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه‏)‏‏.‏
فبين صلى الله عليه وسلم أن أحق الناس بشفاعته يوم القيامة من كان أعظم توحيداً وإخلاصاً؛ لأن التوحيد جماع الدين، والله لا يغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فهو سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فإذا شفع محمدا صلى الله عليه وسلم حدَّ له ربه حدا فيدخلهم الجنة، وذلك بحسب ما يقوم بقلوبهم من التوحيد والإيمان‏.‏ وذكر صلى الله عليه وسلم أنه من سأل الله له الوسيلة حلت عليه شفاعته يوم القيامة، فبين أن شفاعته تنال باتباعه بما جاء به من التوحيد والإيمان‏.‏ وبالدعاء الذى سن لنا أن ندعو له به ‏.‏
وأما السؤال بحق فلان فهو مبنى على أصلين‏:‏
أحدهما‏:‏ ما له من الحق عند الله‏.
‏والثانى‏:‏ هل نسأل الله بذلك كما نسأل بالجاه والحرمة‏؟‏
أما الأول فمن الناس من يقول‏:‏ للمخلوق على الخالق حق يعلم بالعقل، وقاس المخلوق على الخالق، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة وغيرهم‏.‏ومن الناس من يقول‏:‏ لا حق للمخلوق على الخالق بحال، لكن يعلم ما يفعله بحكم وعده وخبره، كما يقول ذلك من يقوله من أتباع جهم والأشعرى وغيرهما، ممن ينتسب إلى السنة ‏.‏
ومنهم من يقول‏:‏ بل كتب الله على نفسه الرحمة، وأوجب على نفسه حقاً لعباده المؤمنين كما حرم الظلم على نفسه، لم يوجب ذلك مخلوق عليه ولا يقاس بمخلوقاته، بل هو بحكم رحمته وحكمته وعدله كتب على نفسه الرحمة وحرم على نفسه الظلم، كما قال فى الحديث الصحيح الإلهى‏:‏
‏(‏يا عبادى، إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا‏)‏‏.
‏وقال تعالى‏:‏ ‏{‏كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ‏}
‏‏[‏ الأنعام‏:‏ 54 ‏]‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏[‏الروم‏:‏ 47 ‏]‏
وفى الصحيحين عن معاذ، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يا معاذ، أتدرى ما حق الله على عباده ‏؟‏‏)‏ قلت‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏قال‏:‏ ‏(‏حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً‏.‏يا معاذ، أتدرى ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ‏؟‏‏)‏ قلت الله ورسوله أعلم، قال‏:‏ ‏(‏حقهم عليه ألا يعذبهم‏)‏‏.‏ فعلى هذا القول لأنبيائه وعباده الصالحين عليه سبحانه حق أوجبه على نفسه مع إخباره، وعلى الثانى يستحقون ما أخبر بوقوعه، وإن لم يكن ثَمَّ سبب يقتضيه‏.‏
فمن قال‏:‏ ليس للمخلوق على الخالق حق يسأل به كما روى أن الله تعالى قال لداود‏:‏
‏(‏وأى حق لآبائك علىّ ‏؟‏‏)‏ فهو صحيح إذا أريد بذلك أنه ليس للمخلوق عليه حق بالقياس والاعتبار على خلقه كما يجب للمخلوق على المخلوق، وهذا كما يظنه جهال العباد من أن لهم على الله سبحانه حقاً بعبادتهم ‏.‏
وذلك أن النفوس الجاهلية تتخيل أن الإنسان بعبادته وعلمه يصير له على الله حق من جنس ما يصير للمخلوق على المخلوق، كالذين يخدمون ملوكهم وملاكهم، فيجلبون لهم منفعة، ويدفعون عنهم مضرة ويبقى أحدهم يتقاضى العوض والمجازاة على ذلك، ويقول له عند جفاء أو إعراض يراه منه‏:‏ ألم يفعل كذا ‏؟‏ يمن عليه بما يفعله معه، وإن لم يقله بلسانه كان ذلك فى نفسه ‏.‏
وتخيل مثل هذا فى حق الله تعالى من جهل الإنسان وظلمه، ولهذا بيّن سبحانه أن عمل الإنسان يعود نفعه عليه، وأن الله غنى عن الخلق، كما فى قوله تعالى‏:‏
‏{‏إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا‏}
‏‏[‏ الإسراء‏:‏ 7 ‏]‏، وقوله تعالى‏:‏
‏{‏مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ‏}‏‏
[‏ فصلت‏:‏ 46 ‏]
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ‏}‏‏[‏الزمر‏:‏ 7‏]‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ‏}‏‏[‏ النمل‏:‏ 40 ‏]‏
وقال تعالى فى قصة موسى عليه السلام ‏:‏ ‏{‏وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ‏}‏‏
[‏ إبراهيم‏:‏ 7، 8 ‏]‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً‏}
‏‏[‏ آل عمران‏:‏ 176 ‏]
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏‏
[‏ آل عمران‏:‏ 97 ‏]‏ ‏.‏
وقد بين سبحانه أنه المانُّ بالعمل فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ‏}
‏‏[‏ الحجرات‏:‏ 17 ‏]‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}
‏‏[‏ الحجرات‏:‏ 7، 8 ‏]‏ ‏.‏
وفى الحديث الصحيح الإلهى‏:‏ ‏(‏يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني‏.‏ يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً ولا أبالي، فاستغفرونى أغفر لكم‏.‏يا عبادى، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئا‏.‏يا عبادى، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيئاً‏.‏يا عبادى، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلكم مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر‏)‏‏.‏
وبين الخالق تعالى والمخلوق من الفروق ما لا يخفى على من له أدنى بصيرة ‏.‏


فتاوي الشيخ ابن تيمية رحمة الله
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks


التعديل الأخير تم بواسطة أم كريم ; 07-02-2009 الساعة 12:20 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:36 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.