انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-27-2015, 06:22 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي نعمة التوحيد ومحاولات إحياء الوثنية

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله
أما بعد:
فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله.

أيها المسلمون:
وإذا ذُكِرت نِعَم الله وعُدَّت، فإن أجلَّها وأفضلها: توحيد الله وإفراده بالعبادة؛ إذ هي النعمة التي لا أعظم منها ولا أتمّ، إنها النعمة التي تتصاغَر أمامها كلُّ النعم، والمنة التي من فقدها حلت به النِّقَم، إنه الغاية من خلق الجن والإنس، به أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولأجله نصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار، وانقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكفار، وعليه يقع الثواب والعقاب، وعليه نصبت القِبلة وأسِّست الملة، ولأجله جرِّدت سيوف الجهاد.

وهو حق الله على جميع العباد؛ قال - تعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقال - سبحانه -: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [هود: 1، 2].

بالتوحيد تفرج الكُرُبات، وتدفع العُقُوبات، وبتحقيقه يحصل الهدى والأمن في الدنيا والآخرة، ويسلم العبد من الخلود في النار، وينال شفاعة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - قال - سبحانه -: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه)).

ما من فضيلة إلا وأساسها التوحيد، به يسهل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات، وهو سلوة المؤمن عند الأحزان والمُصيبات، وبه يصير قليل العمل عند الله كثيرًا، ويغدو صغيره في الميزان كبيرًا، وبه يَتَحَرَّر المسلم من رقِّ المخلوقين، والتعلق بهم، والعمل لأجلهم، فيكون كل ذلك منه لله، فلا يرجو سواه، ولا يخشى غيره، ولا ينيب إلا إليه، ولا يتوكل إلا عليه، وبذلك يتم فلاحه، ويتحقق نجاحه، ويحصل له العزُّ والتأييد والشَّرَف، وينال القوة والرفعة والمنعة.

أيها المسلمون:
إن ما تنعم به هذه البلاد من صفاء التوحيد، ونقاء المعتقد في كثير من جهاتها - قد أقضَّ مضاجع المشركين والمنافقين، وكدر الصفو على المبتدعة والمخرفين، فبرزت منهم في السنوات الأخيرة أصوات وكتابات ومحاولات، أصوات ضالة، وكتابات مضلة، تنوح على ما وفق الله أهل هذه البلاد إلى هدمه والقضاء عليه من أنصاب الشرك ومشاهده، ومحاولات للعودة بالأمة إلى الشرك بعد إذ أنقذها الله منه، وذلك بإحياء أعمال شركية، وبعث بدع كفرية، والمناداة بالبناء على القبور وإبراز الآثار القديمة، وجعلها مزاراتٍ معظمةً، وأماكن مبجلةً، حتى وصل الأمر إلى إعلان الشرك وإظهار الكفر في مدينة رسول الله، وبجوار قبره.

ولقد اتفقت كلمة الأمة على التحذير من تعظيم القبور من لدن نبيِّها وصحابته الكرام والتابعين، مرورًا بالعلماء الأثبات، والأئمة الثقات، الذين منعوا من إسراج القبور وإضاءتها، واتخاذ المساجد عندها.

قال - صلى الله عليه وسلم -: ((قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).

وعنها - رضي الله عنها - قالت: لما كان مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - تذاكر بعض نسائه كنيسةً بأرض الحبشة، يقال لها: مارية، وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة، فذكرْنَ من حسنها وتصاويرها، قالت: فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه، فقال: ((أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح، بَنَوا على قبره مسجدًا، ثم صوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد)).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "يحرم الإسراج على القبور، واتخاذ المساجد عليها وبينها، ويتعين إزالتها، ولا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين"، وقال - رحمه الله -: "والشرك في بني آدم أكثره عن أصلين: أولهما: تعظيم قبور الصالحين، وتصوير تماثيلهم؛ للتبرُّك بها، وهذا أول الأسباب التي بها ابتدع الآدميون، وهو شرك قوم نوح".

وقال ابن القيم في "زاد المعاد" بعد أن ذكر قصة مسجد الضرار وهدمه - صلى الله عليه وسلم - له وحرقه، قال - رحمه الله -: "وكل مكان هذا شأنه فواجب على الإمام تعطيله، إما بهدم أو تحريق، وإما بتغيير صورته وإخراجه عما وضع له، وإذا كان هذا شأن مسجد الضرار، فمشاهد الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ من فيها أندادًا من دون الله أحق بذلك وأوجب، وكذلك محال المعاصي والفسوق؛ كالحانات، وبيوت الخمارين، وأرباب المنكرات...".

إلى أن قال: "ومنها: أن الوقف لا يصح على غير برٍّ ولا قربة، كما لم يصحَّ وقف هذا المسجد، وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر؛ بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معًا لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصحُّ الصلاة في هذا المسجد؛ لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجدًا أو أوقد عليه سراجًا، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه". انتهى كلامه.

أيها المسلمون:
وقد يظن بعضُ الجَهَلة أنَّ الشِّرك قد زال من الأمة وانقطع، وأنه لا رجعة له بعد انتشار العلوم، واستنارة العقول بها، فيرون أنه لا بأس بالبناء على المشاهد والآثار والقبور، بل ويدعون إلى إبرازها، وجعلها أماكن وطنية، ومزارات سياحية.

وهذا ظنٌّ فاسِدٌ، ووهْم باردٌ، لا مستند له، ولا مؤيد له في الواقع؛ إذ ما زال الشِّرك ضاربًا أطنابه حتى في بعض البلاد الإسلامية؛ فثمةَ السجودُ للقبور، والطواف حولها، وتقديم النذور لها، واستقبالها بالصلاة، والسجود عندها، ودعاء أصحابها من دون الله، والتوسُّل بهم، على أنه لو فرض أن الأرض قد طهرت من الشرك والوثنية على اختلاف أنواعها، فإنه لا يجوز اتِّخاذ الوسائل التي يخشى أن تؤدي إلى الشرك، خاصةً بناءَ المساجد على القبور، أو التبرك بها، أو التوسل بها، أو الأخْذ من ترابها، أو الزيارات البدعية لها، أو الإنشاد عندها، أو نحو ذلك مما حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحذَّر أمته منه.

كيف إذا ضُمَّ إلى ذلك: ما أخبر به - عليه الصلاة والسلام - من أنَّ الشِّرك سيقع في هذه الأمة في آخر الزمان؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان)).

وإن ما يدعو إليه بعض الصوفية والمُنخَدعين بهم في هذا الزمان من إحياء آثار النبي المكانية، أو آثار الصحابة، أو غير ذلك مما يسمى بالآثار الإسلامية، إنها لفتنةٌ يجبُ التنبُّه لها، والحذر من الانسياق وراء أهلها والداعين إليها؛ إذ ما هي في الحقيقة إلا طريق للشرك، ووسيلة للكفر، وسبب للعودة إلى الخرافات والوثنية.

وقد لحظ السلف هذا الأمر، فحذروا منه، وقطعوا كل سبيل إليه.

فعن المعرور بن سويد الأسدي، قال: وافيت الموسم مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فلمَّا انصرف إلى المدينة، وانصرفت معه، صلى لنا صلاة الغداة، فقرأ فيها: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1]، و{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1]، ثم رأى أناسًا يذهبون مذهبًا، فقال: (أين يذهب هؤلاء؟)، قالوا: يأتون مسجدًا ها هنا صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فقال: (إنما هلك من كان قبلكم بأشباه هذه، يتبعون آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبيعًا، ومن أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله، فليصل فيها، ولا يتعمدنها).

وعن نافع قال: بلغ عمر بن الخطاب أن ناسًا يأتون الشجرة التي بويع تحتها، فأمر بها فقطعت.

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر السابقين الأولين منَ المهاجرين والأنصار، يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجًا وعمارًا ومسافرين، ولم ينقلْ عنْ أحدٍ منهم أنه تحرَّى الصلاة في مصليات النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعلومٌ أنَّ هذا لو كان عندهم مستحبًّا لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسنته، وأتبع لها من غيرهم".

وقال - رحمه الله -: "فإن النبي بعد أن أكرمه الله بالنبوة لم يكن يفعل ما فعله قبل ذلك، من التحنُّث في غار حراء، أو نحو ذلك، وقد أقام بمكة بعد النبوة بضع عشرة سنةً، وأتاها بعد الهجرة في عمرة القضية، وفي غزوة الفتح، وفي عمرة الجعرانة، ولم يقصد غار حراء، وكذلك أصحابه من بعده، لم يكنْ أحدٌ منهم يأتي غار حراء".

وقال - رحمه الله - أيضًا: "وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر: عرفة ومزدلفة ومِنى، مثل: جبل حراء، والجبل الذي عند منى، الذي يقال: إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك، فإنه ليس من سنة رسول الله زيارة شيء من ذلك، بل بدعة".

أيها المسلمون:
لا يخفى ما كان عليه صحابة رسول الله، ومن بعدهم من التابعين والعلماء، من اهتمام بالآثار الفعلية، والقولية للمصطفى - عليه الصلاة والسلام - حيث أفنوا أعمارهم من أجل المحافَظة عليها، وقطعوا القفار، وكابَدوا مشقَّة الأسفار، وواصَلوا سهر الليل بتعب النهار.

وبلغ من حرصهم على تتبع آثاره - صلى الله عليه وسلم - القولية والفعلية، أن نقلوا شؤونه الزوجية وأسرار بيته، في غسله ووضوئه، وفي أكله وشربه، وفي نومه واستيقاظه، ومع كل هذا فلم يعرف عنهم تتبُّع آثاره المكانية والعينية والاهتمام بها، أو تشييدها أو جعلها مزارات تؤتى، أو تشد الرحال إليها.

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: "ومعلوم أنَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم - أعلم الناس بدين الله، وأحب الناس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكملهم نُصحًا لله ولعباده ولم يحيوا هذه الآثار، ولم يعظموها، ولم يدعوا إلى إحيائها، ولو كان إحياؤها أو زيارتها أمرًا مشروعًا، لفَعَلَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة وبعد الهجرة أو أمر بذلك، أو فعله أصحابه، أو أرشدوا إليه".

ألا فاتقوا الله - أيها المسلمون - واحذروا دعاة الضلالة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].



الخطبة الثانية
أما بعدُ:
فاتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه ولا تعصوه.

وعضُّوا على التوحيد بالنواجذ؛ حتى تلقوا ربكم عليه، واحذروا مما يروج له أعداء الله من الرافضة المخذولين، أو الصوفية المخرفين.

ولا تغترُّوا بزعمهم محبةَ رسول الله، أو تعظيم آل بيته، حيث يقيمون الموالد، ويحيون المشاهد، ويعظمون القبور، ويُقَدِّمون لها النذور، وكل ذلك بدع ومحدثات، لم يأذن بها الله ولا رسوله، ولم يفعلْها الخلفاءُ الراشدون ولا الصحابة المرضيون، ولم يصنعْها أهل القرون المفضلة، ومن فعلها فإنما هو تابع للمغضوب عليهم والضالين، الذين أمرنا الله أن ندعوه في كل ركعة من صلاتنا أن يجنبنا طريقهم، وحذرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - من اتِّباع سننهم، فأبى الرافضة والصوفية إلا أن يتبعوهم ويقلدوهم، فيقيموا الموالد، ويتعلقوا بالمشاهد، فيبوءوا بإثمهم، وإثم من تبعهم في ذلك؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا)).


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/5231/#ixzz3jHhEqzxm
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-27-2015, 06:25 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

العلاقة بين أقسام التوحيد



هذه الأقسام - التي رأيناها في مقال "أقسام التوحيد وتعريفاتها" - تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله الذي نسميه التوحيد فلا يكمل لأحد توحيده إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة، فهي متكافلة متلازمة يكمل بعضها بعضًا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر، فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، وكذلك لا يصح ولا يقوم توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، وكذلك توحيد الله في ربوبيته وألوهيته لا يستقيم بدون توحيد الله في أسمائه وصفاته، فالخلل والانحراف في أي نوع منها هو خلل في التوحيد كله.



(فمعرفة الله لا تكون بدون عبادته، والعبادة لا تكون بدون معرفة الله، فهما متلازمان) [1].



وقد أوضح بعض أهل العلم هذه العلاقة بقوله: (هي علاقة تلازم وتضمن وشمول).

• فتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.

• وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية.

• وتوحيد الأسماء والصفات شامل للنوعين معًا.



بيان ذلك: أن من أقر بتوحيد الربوبية وعلم أن الله سبحانه هو الرب وحده لا شريك له في ربوبيته لزمه [2] من ذلك الإقرار أن يفرد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى، لأنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان ربا خالقًا مالكًا مدبرًا، وما دام كله لله وحده وجب أن يكون هو المعبود وحده.



ولهذا جرت سنة القرآن الكريم على سوق آيات الربوبية مقرونة بآيات الدعوة إلى توحيد الألوهية، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ [سورة البقرة: 21 ،22].



وأما توحيد الألوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية، لأن من عبد الله ولم يشرك به شيئًا فهذا يدل ضمنًا على أنه قد اعتقد بأن الله هو ربه ومالكه الذي لا رب غيره.



وهذا أمر يشاهده الموحد من نفسه، فكونه قد أفرد الله بالعبادة ولم يصرف شيئًا منها لغير الله، ما هو إلا لإقراره بتوحيد الربوبية وأنه لا رب ولا مالك ولا متصرف إلا الله وحده.



وأما توحيد الأسماء والصفات فهو شامل للنوعين معًا، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكل ما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لا تنبغي إلا له سبحانه وتعالى، والتي من جملتها:

الرب - الخالق - الرازق - الملك، وهذا هو توحيد الربوبية.



ومن جملتها:

الله - الغفور- الرحيم - التواب، وهذا هو توحيد الألوهية [3]. [4].



وقد سئل فضيلة الشيخ أبو عبدالمعزِّ محمَّد علي بن بوزيد بن علي فركوس القُبِّي، عن العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد [5]:

فأجاب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعلم أنَّه لا يكمل لأحد توحيدُه إلاَّ باجتماعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي: توحيدُ الربوبيةِ، والأسماءِ والصفاتِ، والألوهيةِ، فلا ينفعُ توحيدُ الربوبيةِ بدونِ توحيدِ الألوهيةِ، ولا يقومُ توحيدُ الألوهيةِ بدونِ توحيدِ الربوبيةِ، ولاَ يَسْتَقيمُ تَوحيدُ الله في رُبُوبيتِهِ وأُلُوهِيَتِهِ بِدُونِ توحيدِه في أسمائِه وصفاتِه [6]، فهذِه الثلاثةُ متلازِمَةٌ يُكَمِّلُ بعضُهَا بعضًا، ولا يَسَعُ الاستِغْناءُ بِبعضِها عن البعْضِ الآخرِ، فالعلاقَةُ الرابطةُ بينَ هذِه الأقسامِ هي علاقةُ تلازُمٍ وتضمُّنٍ وشُمُولٍ.



وتوحيدُ الربوبيةِ يستلْزِمُ توحيدَ الألوهيةِ، ومَعْنى ذلكَ أنَّ تَوحيدَ الألوهيةِ خَارجٌ عَن مَدلُولِ توحيدِ الربوبيةِ، فلا يتحَقَّقُ توحيدُ الربوبيةِ إلاَّ بتوحيدِ الألوهيةِ، أي: أنَّ تَوحيدَ الربُوبيةِ لا يُدْخِل مَنْ آمن بِه في الإسْلاَمِ، بِخلافِ تَوْحِيدِ الألُوهِيةِ فَإنَّه يَتَضمَّنُ تَوْحيدَ الربوبيةِ [7]، أي: أنَّ توحيدَ الربوبيةِ جزْءٌ مِن معنى توحيدِ الألُوهيةِ فالإيمانُ بتوحيدِ الألُوهيةِ يُدْخِلُ في الإسلامِ.



فيتقَرَّرُ عِنْدئذٍ أنَّ توْحيدَ الربُوبيةِ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ، وتَوحِيدُ الألُوهيةِ عَمَلِيٌّ طَلَبِيٌّ، والعمليُّ متضَمِّنٌ للعِلْمِيِّ؛ ذلك لأنَّ متعلّقاتِ الربوبيةِ الأمورُ الكونيةُ، كالخلقِ والرِّزقِ، والتدبيرِ والإحياءِ، والإمَاتَةِ وغيرِ ذلكِ، بينَمَا مُتعلّقَاتُ تَوحِيدِ الألُوهِيةِ الأوامِرُ والنواهِي، فإذَا عَلِم العَبْدُ أنَّ الله ربُّهُ لا شَرِيكَ لَه في خَلْقِه وأسمائِه وصفاتِه ترتَّبَ عنه أن يعمَلَ عَلى طاعتِه وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهِيهِ، أي: يعْمَلُ عَلَى عبادتِه [8]، ومنهُ يُفْهَم أنَّ عبادَةَ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ هِي نتيجةٌ لاعترافٍ أَوَّليٍّ بأنَّه لا ربَّ غيرُ الله يُشْرِكهُ في خلْقِهِ وأَمْرِه، أي: تَعلّقُ القَلْبِ ابتداءً بتوحيدِ الربوبيةِ ثمَّ يَرتَقِي بعدهَا إلى توحيدِ الألوهيةِ، ولهذا قال ابنُ القيِّم: (والإلهية التي دعت الرسل أُممَهم إلى توحيد الربِّ بها هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أقرّ به المشركون فاحتجَّ الله عليهم به، فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية) [9]، ومعنى كلامِ ابن القيِّمِ أنَّ الله تعالى احتَجَّ على المشْرِكينَ بتوحِيدِ الربوبيةِ عَلى توحيدِ الألوهيةِ والعبادةِ ولا العكسُ، ومنْهُ يُفْهمُ - أيضًا - أنَّ توحيدَ الربوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ وحدهُ لا يكفِي لإدْخَالِ صاحبِه في الإسلامِ ولا يُنْقِذُه من النَّارِ، ولا يَعْصِمُ مالَه ودَمَهُ إلاَّ بتوحِيدِ الألوهيةِ والعبادةِ.



أمَّا توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ فهو شَاملٌ للنوعينِ معًا (توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية)؛ وذلك لأنَّه يقومُ على إفرادِ الله تعالى بكلِّ مَا لَهُ منَ الأسماءِ الحسْنَى والصِّفاتِ العُلَى التي لاتُبْتَغَى إلاَّ لهُ سبحانَه، والتي من جُمْلتِها: الربُّ، الخالقُ، الرَّازِقُ، الملِكُ وهذا هو توحيدُ الربوبيةِ، وكذلِك من جُمْلتِها: الله، الغفُورُ، الرَّحيمُ، التوَّابُ، وهذا توحيد الألوهيةِ [10].



والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا) ا.هـ. [11]



--------------------------------------------------------------------------------

[1] تحذير أهل الإيمان 1/140 (ضمن مجموعة الرسائل المنيرية).

[2] اللازم هنا قد يتخلف كما هو الحال في كفار قريش، فهم يقرون بتوحيد الربوبية كما دلت على ذلك النصوص، ولكنهم لم يحققوا اللازم من إقرارهم بتوحيد الربوبية

[3] انظر: الكواشف الجلية عن معاني الواسطية للشيخ عبد العزيز السلمان ص 421-422.

[4] معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات / الشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي - الناشر أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 1419هـ/1999م. ص 40-42.

[5] الفتوى رقم: 906/ الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد / في العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد.

السؤال: هل من تفصيلٍ في العلاقة بين توحيدِ الربوبية وتوحيدِ الألوهية وكذا توحيد الأسماء والصفات؟

[6] "الكواشف الجلية" للسلمان: (422).

[7] "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العزّ: (1/41).

[8] انظر المصدر السابق: (1/42)، "دعوة التوحيد" لهراس: (83، 84).

[9] "إغاثة اللهفان": (2/135).

[10] "الكواشف الجلية" للسلمان: (442)، "دعوة التوحيد" لهراس: (84).

[11] تاريخ الفتوى: الجزائر في: 14 جمادى الأولى 1429ﻫ / الموافق ï»ں: 19 مـاي 2008م. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي بن بوزيد بن علي فركوس القُبِّي، نسبةً إلى القُبَّة القديمة بالجزائر (العاصمة) التي وُلد فيها بتاريخ: 29 ربيع الأوَّل 1374ﻫ الموافق ï»ں: 25 نوفمبر 1954م في شهر وسنة اندلاع الثورة التحريرية في الجزائر ضدَّ الاستعمار الفرنسي الغاشم

العلاقة بين هذه الأقسام للتوحيد

هذه الأقسام تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله الذي نسميه التوحيد, فلا يكمل لأحد توحيده إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة, فهي متكافلة متلازمة, يكمل بعضها بعضاً، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر، فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، وكذلك لا يصح ولا يقوم توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، وكذلك توحيد الله في ربوبيته وألوهيته لا يستقيم بدون توحيد الله في أسمائه وصفاته، فالخلل والانحراف في أي نوع منها هو خلل في التوحيد كله. (فمعرفة الله لا تكون بدون عبادته، والعبادة لا تكون بدون معرفة الله، فهما متلازمان) ((تحذير أهل الإيمان)) (1/140) (ضمن مجموعة الرسائل المنيرية). .
وقد أوضح بعض أهل العلم هذه العلاقة بقوله: (هي علاقة تلازم وتضمن وشمول).
فتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.
وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية.
وتوحيد الأسماء والصفات شامل للنوعين معاً.
بيان ذلك: أن من أقر بتوحيد الربوبية وعلم أن الله سبحانه هو الرب وحده لا شريك له في ربوبيته لزمه من ذلك الإقرار أن يفرد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان رباً خالقاً مالكاً مدبراً، وما دام كله لله وحده وجب أن يكون هو المعبود وحده.
ولهذا جرت سنة القرآن الكريم على سوق آيات الربوبية مقرونة بآيات الدعوة إلى توحيد الألوهية، ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 21].
وأما توحيد الألوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية؛ لأن من عبد الله ولم يشرك به شيئاً فهذا يدل ضمناً على أنه قد اعتقد بأن الله هو ربه ومالكه الذي لا رب غيره.
وهذا أمر يشاهده الموحد من نفسه، فكونه قد أفرد الله بالعبادة ولم يصرف شيئاً منها لغير الله، ما هو إلا لإقراره بتوحيد الربوبية, وأنه لا رب, ولا مالك, ولا متصرف إلا الله وحده.
وأما توحيد الأسماء والصفات فهو شامل للنوعين معاً، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكل ما له من الأسماء الحسنى, والصفات العلى التي لا تنبغي إلا له سبحانه وتعالى، والتي من جملتها: الرب – الخالق – الرازق – الملك، وهذا هو توحيد الربوبية.
ومن جملتها: الله – الغفور – الرحيم – التواب، وهذا هو توحيد الألوهية انظر: ((الكواشف الجلية عن معاني الواسطية)) للشيخ عبد العزيز السلمان (ص: 421-422). .
فائدة: القرآن كله دعوة للتوحيد.
قال ابن القيم رحمه الله: (كل سورة في القرآن هي متضمنة للتوحيد، بل نقول قولاً كلياً: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه.
فإن القرآن:
1- إما خبر عن الله وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري.
2- وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي.
3- وإما أمر ونهي، وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته.
4- وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده.
5- وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عمن خرج عن حكم توحيده.
فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم) ((مدارج السالكين)) (3/449-450). .معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات لمحمد بن خليفة التميمي– ص: 40
منقول موقع الالوكة ودرر
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 04:37 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.