انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-13-2010, 11:29 AM
أم العلاء السلفية أم العلاء السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




I15 طهارة الظاهر والخواطر

 



السلام عليكم ولرحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

الحبيب علي الجفري
يكتب: طهارة الظاهر والخواطر

كان الحديث في المقال السابق عن حفظ القلوب لأنها محل نظر الرب وهي الأساس في السير إلي الله تعالي، وأن بداية حفظ القلب هو حفظ المنافذ الحسية والمعنوية التي تنطبع صورتها في القلب، وأن أهم المنافذ الحسية الواجب حفظها هي العين، وبقيت لنا من تلك المنافذ الحسية ما اتصل بالأذن والسمع

قائمة المحتويات

حفظ الأذن والفم
استفت قلبك وإن أفتوك
المنافذ المعنوية: الخواطر
مصادر الخواطر
ما هو الموقف من الخواطر
لكن كيف نضبط خواطر قلوبنا؟

حفظ الأذن والفم

يشترك المنفذان فيما يتعلق بما تسمع وبما تقول، فالكذب والغيبة والنميمة تدنس القلب وتدخل الظلمة فيه وتورث الحقد والكراهية، والقلب أعز وأعظم عند الله من أن تجعله موضعاً لنفايات الناس من فحش القول والكلام.
لا ترضي لنفسك بأكل لقمة من حرام لأن لها تأثيراً مباشراً علي أحوال قلبك، فمن أكل الحلال أطاعت جوارحه وإن أبي، ومن أكل الحرام عصت جوارحه وإن أبي. فلا تأكل من مال مأخوذ برشوة أو باختلاس أو بظلم، وإن أفتوك وأفتوك.

استفت قلبك وإن أفتوك

وهي مسألة يأخذها الناس علي عكس المقصود منها، إذ يهرع الناس إلي التساهل في الفتوي، فإذا أفتوه بأن هذا حرام بما لا يوافق هوي النفس يقول أنا قلبي مطمئن واستفت قلبك وإن أفتوك. لكن ليس هذا محله، فالمقصود بالمسألة هنا هو الورع أي حتي لو وجدت من يفتيك، فانظر إلي قلبك بعدها هل تجد فيه خوفاً واستثقالاً من أن يكون الأمر مشوباً بالحرام أم لا، هنا تأتي متابعة القلب في الإحجام وليس في الإقدام علي مطامع النفس وما تريد.
فإذا أردت معرفة أثر هذا المنفذ علي قلبك راجع الأحاديث والآثار التي تحث علي طلب الحلال وأن من أمسي كالاً من عمل يديه أمسي مغفوراً له، وأن خروج العبد في طلب الحلال يرفعه إلي مراتب المجاهدين في سبيل الله، بل تأمل ما جاء في الأثر من أن ترك درهم من شبهة أحب إلي الله من إنفاق مائة ألف درهم في سبيل الله.
ذلك لأن القضية ليست قضية الإنجاز المادي المحسوس، بأن تسعي لاكتساب مائة ألف درهم ثم تنفقها علي الفقراء والمساكين وتقول إنها خرجت في سبيل الله، فالسالك إلي الله يسأل نفسه أولاً هل اكتسبتها بطريقة ترضي الله أم لا ترضيه؟ فإن كان المال من طريقة لا ترضي الله، فالأولي ألا تأخذها ابتداء فضلاً عن إطعام الفقراء والمساكين من حرام، فلهم رب يرزقهم. إن دعوة الله لك للإنفاق علي الفقراء والمساكين في جوهرها دعوة لك أنت لترتقي، ولا يتأتي أن ترتقي بشيء حرمه الله تعالي.
فإذا سدت المنافذ الحسية التي يمكن أن تشوش علي القلب، بقي نوع آخر من المنافذ وهو الذي يحتاج إلي نوع عناية منا، لأنه هو الذي يؤثر علي العين في نظرها والأذن في سمعها وعلي اللسان فيما يقول ويتحدث، وهي المنافذ المعنوية.

المنافذ المعنوية: الخواطر

بداية كل طاعة يحبها الله تعالي خاطر في قلبك، وكل معصية تغضب الله تبتدئ بخاطر، فالكبائر من الكفر والفسوق والعصيان والفساد في الأرض كانت بدايتها خواطر في القلوب استجابت لها النفوس، وهذه الخواطر هي منافذ من الباطن ترد علي قلبك من أربعة مصادر.

مصادر الخواطر

المصدر الأول من النفس وخاطر النفس يسمي الهوي، والمصدر الثاني من الشيطان، ففي الحديث: الشيطان يلتقم قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس عنده، وإذا نسي الله التقم قلبه، والوسواس اسم خاطر الشيطان، والمصدر الثالث من الملَك، جاء في الحديث: «إنَّ للشَّيطانِ لَمَّة بابْنِ آدَمَ، ولِلْمَلَكِ لَمَّة، فأَمَّا لَمَّةُ الشيطانِ، فإيعادٌ بالشَّرِّ وتكذيبٌ بالحق، وأمَّا لَمَّةُ الملَكِ، فإيعادٌ بالخَير، وتصديقٌ بالحق، فمن وجد ذلك، فلْيعْلَم أنَّه من الله، فيحْمَدُ الله، ومَن وجد الأخري، فَلْيتَعَوَّذْ بالله من الشيطان الرجيم» (سنن الترمذي ٥/٢١٩ برقم ٢٩٨٨ والنسائي في الكبري ٦/٣٠٥ برقم ١١٠٥١ والبيهقي في شعب الإيمان ٤/١٢٠ برقم٤٥٠٦).
فلمة الملَك مثل الرجل والصديق الناصح، والمصدر الأخير هو الخاطر الذي يقذفه الله في قلبك، وهي كلها من الله في منتهي الأمر ابتلاء أو عطاء، امتحاناً أو تفضلاً، لكن هناك خواطر يقذفها الله تعالي عز وجل في قلب المؤمن دون وساطة وهي تسمي الإلهام، «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ü فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا».
فالخواطر التي تخطر علي قلب ابن آدم من الهوي والوسواس والإلهام أكثر من أن تضبط وتحصي، إذ تتوارد زرافات علي قلب الإنسان في لحظة، بل قالوا: إن الإنسان ليرد علي قلبه في اليوم والليلة أكثر من سبعين ألف خاطر، ومن ثم فإن مهمتك أنت في السير إلي الله أن تقبل علي خواطر الخير وتعرض عن خواطر الشر، فخواطر الخير توسع مدارك القلب علي حين تحرك خواطر الشر في القلب إرادة الشر.

ما هو الموقف من الخواطر

عندما أنظر إلي بعض شبابنا اليوم في ركضهم السريع من مكان لآخر ومن انشغال إلي غيره ومن تعدد الأمور التي قد ينشغل بها في آن واحد، أتساءل: متي يفكر هؤلاء ومتي يتأملون فيما يرد علي قلوبهم من خواطر، فليس الكلام هنا عن مبدأ الانشغال وإنما كيف تحول الإنسان إلي طاحونة بهذه الطريقة من ترتيب إلي ترتيب ومن شغل إلي آخر بحيث لا يجد وقتاً يتفكر فيما يرد علي قلبه من الخواطر وأن يضبطها بميزان الخير والشر.
المسألة أنك ما دمت سائراً إلي الله فلا ترضي لنفسك أن تحيا في طاحونة، قم بواجبك علي أحسن ما يكون، فإن كنت طالباً يجب أن تكون متفوقاً، لا للتفوق في ذاته وإنما لأن تتقرب به إلي الله تعالي، وإن كنت تاجراً فكن من أفضلهم وأربحهم بهدف التقرب إلي الله، وكذلك الموظف والعامل فالمهم أن تحيا حياتك ولكن بقلب مع الله.
ومعني الحياة بقلب مع الله أن أتخذ موقفاً من كل خاطر يرد علي القلب، فلا يمر خاطر في اليوم والليلة دون هدف، ألا أرضي لقلبي أن يصبح ساحة ومعتركاً لجميع أشكال وألوان الخواطر خيراً أو شراً دون ضابط.

لكن كيف نضبط خواطر قلوبنا؟

بالاستجابة لخاطر الخير والإعراض عن خاطر الشر.
كيف نميز خاطر الخير عن خاطر الشر؟
هناك موازين أربعة أحدثكم عنها في المقال القادم بإذن الله تعالي رزقنا الله وإياكم حسن الأخذ بالخواطر

يتبع ان شاء الله.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-13-2010, 11:37 AM
أم العلاء السلفية أم العلاء السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




I15 تمييز خواطر الخير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

الحبيب علي الجفري
يكتب: تمييز خواطر الخير

سبق القول إن مصدر خواطر الخير إما أن يكون من الله تعالي إلهاماً، أو من الملَك كما قرأتم في الحديث عن «لمة الملَك»، «إنَّ للشَّيطانِ لَمَّة بابْنِ آدَمَ، ولِلْمَلَكِ لَمَّة، فأَمَّا لَمَّةُ الشيطانِ، فإيعادٌ بالشَّرِّ وتكذيبٌ بالحق، وأمَّا لَمَّةُ الملَكِ، فإيعادٌ بالخَير، وتصديقٌ بالحق، فمن وجد ذلك، فلْيعْلَم أنَّه من الله، فيحْمَدُ الله، ومَن وجد الأخري، فَلْيتَعَوَّذْ بالله من الشيطان الرجيم» (سنن الترمذي ٥/٢١٩ برقم ٢٩٨٨) فكيف نميز خاطر الخير أهو من الله أم من الملَك؟

قائمة المحتويات

أولاً: انظر هل هذا الخاطر من أعمال القلوب أم من أعمال الجوارح؟
ثانياً: انظر هل هذا الخاطر يأتيك ناصحاً ثم ينصرف، أم أنه يصر ويلح عليك في العمل؟
ثالثاً: هل جاء هذا الخاطر ابتداء، أم جاء بعد فعل الخير؟
لماذا نميز بين مصادر خواطر الخير؟
شهود المنة في خواطر الخير تدفع العجب
خاطر خير في باطنه شر

أولاً: انظر هل هذا الخاطر من أعمال القلوب أم من أعمال الجوارح؟

إذ إن الأعمال المقربة إلي الله إما أن تكون أعمالاً ظاهرة تقوم بها الأعضاء كالصلاة والصدقة وصلة الرحم، وإما أن تكون من أعمال القلوب الباطنة كحضور القلب في الصلاة أو الإخلاص في الصدقة وعدم الرياء والمنة، فإن كان الخاطر من أعمال القلوب فهو من الله عز وجل، لأن الأمور الباطنة تلك لا تطلع عليها الملائكة ابتداء في نفس الإنسان.

ثانياً: انظر هل هذا الخاطر يأتيك ناصحاً ثم ينصرف، أم أنه يصر ويلح عليك في العمل؟

قالوا: إن كان يأتيك ناصحاً فإن قبلته فبها وإلا انصرف فهو من الملائكة، لأن وصف خاطر الخير من الملك أنها «لمة»، فهو ينصحك فإذا ما قبلت نصحه انصرف عنك، أما استيقظت مرة في ساعة من الليل وخطر في قلبك أن تتوضأ وتصلي ركعتين تهجدا، ثم جاءك خاطر آخر أن تغفو قليلاً فلم تستيقظ إلا مع أذان الفجر؟ إن الذي جاءك هذا ناصح لم تلتفت إليه أنت فانصرف، فلمة الملَك تأتي ناصحة علي سبيل التعريض وتنصرف ولا تستقر في نفس الإنسان، لكن الذي يأتيك من الله يأتيك بقوة تشعر معها كأن الخاطر يحملك علي أن تقوم وتفعل.

ثالثاً: هل جاء هذا الخاطر ابتداء، أم جاء بعد فعل الخير؟

قالوا: إن من علامات قبول أعمال الخير أن يقذف الله في قلبك عمل خير آخر، فكل عمل مقبول من علامة قبوله أن يهيئ الله تعالي وييسر نفس الإنسان لعمل خير آخر، بعبارة أخري: إن جاءك هذا الخاطر من الخير بعد عمل صالح فهو من الله مثوبة.

لماذا نميز بين مصادر خواطر الخير؟

قالوا: إن معرفتك لمصدر خاطر الخير يعظم شهود المنة في قلبك لله، فعندما تعلم أن الله قد ساق إليك ملكاً محبوباً خصيصاً لينصحك بخاطر خير، تستشعر عظمة هذه المعاملة الراقية . قد يقول لك البعض: وهل الملائكة تكلمنا؟ إن الملائكة لا تكلم إلا الأنبياء، وهذا غير صحيح، لأن الوحي الذي لا ينزل إلا علي الأنبياء هو الوحي بالتشريع، لكنا نتكلم عن «لمة الملَك» أي مخاطبة الملائكة للمؤمن الصالح بالنصح وليس بالتشريع.
بل أزيدك حديثاً بأن المؤمن إذا صفا قلبه أكثر فأكثر يمكنه أن يسمع خطاب الملائكة، ففي الحديث الصحيح أن عمران بن الحصين تسلم عليه الملائكة (مسلم ٤/٤٧ برقم ٣٠٣٣)، وقد كان قد ابتلي ببلاء فكانت ثمرة صبره ورضاه وحسن معاملته لربه فيما ابتلاه فيه أن الملائكة كانت تلقي عليه السلام وكان يسمع تسليم الملائكة.
هل يزيدك تسليم الملائكة أو ينقص من قربك إلي الله؟ الحقيقة أن الضار والنافع هو الله لا ملائكة ولا إنس ولا جن، لكن المعني هنا هو ملاطفة الله لك وإكرامه للصادقين في إقبالهم عليه فيزيد القلوب استشعاراً لفضل الله.
وأما الذي تشعر أن الله قذفه في قلبك مباشرة بالإلهام فهو علامة اعتناء من الله تعالي بك، يأتي سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه وأرضاه - فيلهمه الله ويقول: «وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّي، فَنَزَلَتْ" وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّي»، وَآيةُ الْحِجَابِ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يحْتَجِبْنَ فَإِنَّهُ يكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَنَزَلَتْ آيةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِي - صَلَّي اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِي الْغَيرَةِ عَلَيهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ: عَسَي رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيرًا مِنْكُنَّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيةُ" (البخاري ١/١٥٧ برقم ٣٩٣).
ويقف سيدنا عمر بن الخطاب علي المنبر في خلافته الراشدة، ليخرج عن سياق الخطبة ويقول: يا سارية الجبل الجبل، «فالتفت الناس بعضهم إلي بعض، وفهم الإمام علي بن أبي طالب المسألة فقال ليخرجن مما قال فلما فرغ سألوه، فقال: وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، وأنهم يمرون بجبل فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه واحد، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه.
فجاء البشير بعد شهر فذكر أنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم «فعدلنا إلي الجبل ففتح الله علينا»، وقد كان جيش سارية علي بعد آلاف الأميال من المدينة المنورة. (الإصابة في تمييز الصحابة ج٣/٦)
هذا إكرام من الله ساقه إلي قلب سيدنا عمر، فما الذي أشعر عمر في تلك اللحظة أن سارية يحتاج إلي هذا التنبيه؟ فإذا استشعرت في قلبك من يقول لك قم فصل ركعتين أو قم فتصدق، فإن الله يلهمك أن تتحرك نحو الخير، فبادر وسارع واستجب مستشعراً فضل الله عليك بالتنبيه والإلهام.

شهود المنة في خواطر الخير تدفع العجب

هناك فائدة أخري لهذه المسألة، فعندما تستشعر وتحس بأن هذا الخاطر جاءك إلهاماً من الله، تخلصت من مرض العجب، وهو من أخطر أمراض القلوب وآفاتها - كما نعلم في مقالات قادمة إن شاء الله - فكلما استشعرت بأن كل عمل من الأعمال الصالحة التي أديتها كانت بدايته خاطرا من الله عز وجل أو من ملَك قد ساقه إليك ؛ فهل يمكن أن تعجب من نفسك؟
يقال إن إبراهيم بن أدهم زار أحد معارفه وأراد الصلاة، فقال صاحب الدار: انتظر حتي آتيك بسجادة، ثم نادي علي زوجته يا فلانة هاتي السجادة التي جئنا بها من الحج ليس لهذا العام ولا الذي قبله، فقال إبراهيم: إنا لله وإنا إليه راجعون... أبطلت ثواب ثلاث حجج في ساعة ؟
لا بأس أن تفرح بالطاعة وأن تحدث بنعمة الله عليك بها، بل ينبغي ذلك، لكن لا تدخل ظلمة المنة علي الله تعالي، ومعيار المنة تلحظه أكثر في حالة المصيبة، فإن غلبت علي قلبك الغفلة عن استشعار أن أعمالك الصالحة كانت بخاطر من الله، تبدأ آثار الانهيار فتقول: رب ماذا فعلت؟ لماذا حدثت المصيبة؟ إن الذين عصوك يفعلون كذا وكذا وأنا الطائع المستقيم. من أين دخل الشيطان عليك هنا بهذا العجب؟ كان البداية عندما فعلت الخير غفلت عن أن هذا الخير كانت بخاطر من الله ساقه إليك.
ولهذا كان السلف الصالح إذا عمل أحدهم عملاً صالحاً شكر الله تعالي أن وفقه إليه، ثم احتاج إلي أن يشكر الله الذي وفقه إلي شكر العمل الصالح وهكذا، فهذه المعاني كلها قوام سيرك إلي الله تعالي، وقد سمعت الشيخ محمد الشقير يقول: (كل الأعمال الصالحة أصفار ورقمها الإخلاص لله عز وجل)، فالإخلاص معني تعيشه في سيرك، والمعاني هي التي تجعل للأفعال والأعمال ثمراتها عند الله سبحانه وتعالي.

خاطر خير في باطنه شر

قد تكون البداية خاطر خير، إلا أنه يفضي إلي شر أو يفوت خيراً أولي منه، وتجد أن المبادرة إليه اتخذت شكل العجلة دون تأنٍ، فقد أمرنا بالمسارعة في الخير، لكن هناك فرقا بين المسارعة والعجلة، فالمسارعة أن تخرج من نفسك قرار العمل وتبدي لله همة الأداء، لكن العجلة فيها عدم النظر في كيفية أداء العمل علي طريقة يحبها الله، فيغلب علي العمل - الذي كانت بدايته خاطر خير- عجلة دون تأن، وأمن دون خوف ونشاط في غير خشية وعمي عن العاقبة

يتبع ان شاء الله


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-13-2010, 12:19 PM
أم العلاء السلفية أم العلاء السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




I15 تمييز خواطر الشر

السلام عليكم ورخمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

الحبيب علي الجفري

يكتب: تمييز خواطر الشر

كان الحديث في المقال السابق عن الخواطر المعنوية التي تفد علي القلب فيرتقي القلب بسبب منها أو يتأخر، وأن هناك ثمة حاجة إلي ميزان ضابط نميز به بين الخير والشر، ثم نفرق به بين مصادر الخير ومصادر الشر.

قائمة المحتويات

أولاً: الخير والشر يميز بالشريعة
اعرضه علي ما تحفظ من سير السلف الصالح
اعرضه علي نفسك
كيف نميز خاطر الشر: ميزان الذكر
نوع المعصية
ثم ماذا بعد؟
العلاج: نظرة متوسعة حول الموازين الثلاثة.
خواطر النفس
الاستدراج
والشروع في الحديث عن ميدان خواطر الخير والشر إنما يعني أن تنتقل من حالة ضعف لا تليق بالسالك إلي الله، يكون فيها القلب تابعاً للخواطر التي تتوارد وتتلاعب، به إلي حالة يقود فيها الخواطر تلك ويضبطها، فهل قررت أن تكون سائقاً لخواطرك أم مُساقاً بها؟ إذا قررت أن تكون ذا منزلة عند الله تعالي تدبر بقلبك فيما ستقرأه الآن.
قلنا إن الإنسان قد يرد علي قلبه أكثر من سبعين ألف خاطر في اليوم والليلة، ومن ثم هناك حاجة إلي إقامة ميزان نعرف به الخاطر الوارد أهو وارد خير، فيكون محل ترحيب ليتحول إلي إقرار وإرادة، أم أنه وارد شر ينبغي التخلص منه ودفعه؟ هناك عدد من الموازين.

أولاً: الخير والشر يميز بالشريعة

أيما خاطر يخطر علي قلبك اعرضه علي ميزان الشريعة بأحكامها الخمسة من الواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحرم، مع التنبيه إلي مسألة خطيرة، مسألة استهانة البعض بأداء السنن بزعم أنها سنة وليست فريضة، فالحق عز وجل جعل لك واجباً وسنة ليعينك علي الترقي، ومكانة السنة عند مريد الآخرة تكاد تنزل عنده منزلة الواجب، فلا يتنازل عن أدب من آداب النبوة، فضلاً عن سنة وردت عن الحبيب عليه وعلي آله الصلاة والسلام.
كذلك فيما يتعلق بترك المكروه، نعم فعل المكروه لا يوجب الإثم، لكن هل حالك مع الله منحصر في أن تأثم أو لا تأثم؟ أم أن لك تشوقاً إلي أن تكون قريباً من الله؟ فالمريد يأنف من المكروه وينفر منه بدرجة تقرب مما يأنف وينفر به من المحرم.
وقد جرت سنة الله تعالي أن من يحوم حول الحمي يوشك أن يقع فيه، والقاعدة الراسخة أن الإنسان لا يكاد يقع في محرم إلا بعد أن يقع في مكروه، وكل صادق لا يرضي لنفسه أن يستدرجه الشيطان أو النفس بذريعة الاستخفاف بالمكروه.
فهذا هو الميزان الأول، أي ميزان الشريعة، لكننا نحتاج إلي موازين أخري إذا أُشكل علينا فهم ميزان الشريعة أو لم نجد من العلماء من نسأل في ذلك الحال، لأنه خاطر يخطر في أي لحظة فيتطلب جواباً عاجلاً.

اعرضه علي ما تحفظ من سير السلف الصالح

بمعني هل كان هذا الأمر مستحسناً عند السلف الصالح أم لا؟ وهذا يعني أنه سيكون لك -أيها المريد- ثمة اهتمام كبير بقراءة سير الصالحين، فيتشكل عندك مع دوام القراءة نوع من المكنة والقدرة علي الربط بين الخواطر التي ترد علي قلبك، وما يستحسنه السلف وما يستقبحونه، فهذا هو الميزان الثاني فإن لم يستبن لك فاعرضه علي الميزان الثالث.

اعرضه علي نفسك

إذا وجدت في نفسك خفة ونشاطاً وإقبالاً علي هذا الخاطر، دون أن يكون ذلك النشاط والإقبال نتيجة تأثر بموعظة وإرشاد، فهو في الغالب من خواطر الشر الذي تميل إليه النفس بالهوي، وإذا استثقلت النفس هذا الخاطر وتأخرت عنه -ليس بنصح ناصح وإنما من داخلها ابتداء- فيكون في أغلب الأمر من خواطر الخير.
ذلك لأن الأصل في النفس التي لم ترتق في تزكيتها إلي مرتبة «النفس المطمئنة»، أنها تأمر وتنتهض بالسوء «وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء...» «يوسف - ٥٣»، فإذا حدثتك نفسك بأمر لم يتضح لك في الشرع، ولا وجدته فيما تعلم من مسلك السلف الصالح، اعرضه علي نفسك، فإن وجدت منها خفة ومسارعة إليه فاحذر وتجنب، وإلا فإنه خاطر خير بادر نحوه واطلبه.
فهذه موازين ودرجات ثلاث للتمييز بين خاطر الخير وخاطر الشر الذي يقذف في قلب الإنسان، فإذا تبين لك أنه من خواطر الشر، كيف يمكننا التعامل مع هذا الخاطر؟ وقد سبق أن عرفنا أن خاطر الشر هذا إما وسوسة من الشيطان أو من هوي النفس أو استدراج وعقوبة من الله تعالي.
ثم تظل لدينا إشكالية أخري وهي ما فائدة أن نعرف من أين أتي لنا خاطر الشر هذا؟ ألا يكفي أن أعرف أنه شر فأتجنبه؟
لو كانت المسألة بهذه البساطة لانتهي الإشكال، إلا أن السير إلي الله عظيم القدر يشق علي أعدائك - النفس والشيطان- أن يروك سائراً فيه، كما أن كل نوع من أنواع الخواطر له علاج يتناسب معه بحسب مصدره، فالخاطر الذي يأتي من الشيطان له علاج، والذي يأتي من النفس له علاج، وخاطر العقوبة والاستدراج له علاج.

كيف نميز خاطر الشر: ميزان الذكر

قال العلماء: عندما تعلم أنه خاطر شر تأمل في هذا الخاطر، هل يصرفه ذكر الله تعالي؟ إن قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له وصليت علي المصطفي صلوات ربي وسلامه عليه، إن اشتغلت بشيء من ذكر الله هل ينصرف عنك هذا الخاطر أم لا؟
قالوا: إذا انصرف هذا الخاطر عنك فهو من الشيطان يقيناً، فيهرب وينفر عند ذكر الله ولا يستطيع أن يباشر وساوسه لقلب ذَكَرَ الله عز وجل.

نوع المعصية

هل خاطر الشر هذا يصر علي معصية بعينها أم كلما انصرفت عن واحدة أغراك بأخري؟
إن الشيطان لكم عدو لا يبالي بأي وادي وبأي نوع معصية هلكت، سواء بقطيعة رحم أو بفاحشة أو بشرب خمر، فالنتيجة واحدة والمحصلة النهائية من الوسوسة تحققت بأي نوع منها، إلا أن النفس تأمر بسوء محدد وتصر عليه بذاته ولا تنصرف عنه ولا تحيد، فإذا وجدت عندك خاطر شر لا ينصرف ولا يتبدل فاعلم أنه من النفس.

ثم ماذا بعد؟

إذا جاءك خاطر عرفت أنه من الشر، فهل جاءك هذا الخاطر فجأة أم بعد معصية لم تصدق في التوبة عنها؟
كلنا نقع في المعاصي - أجارنا الله وإياكم منها - لكن المصيبة الكبري ألا يتدارك الإنسان ولا يتوب ولا يستغفر، فالعبد قد يستهين بأمر معصية وقع فيها، بل قد يتفاخر بها ويهتك ستر الله عليه، فيعاقب بأن يقذف في قلبه دوام المعصية أو الرغبة في معصية ثانية وهكذا.
لكن انتبه إذا وجدت خاطر الشر بعد معصية لم تتب إلي الله منها، فاعلم أنه نوع استدراج وعقوبة من الله، وهو من أخطر أنواع تلك الخواطر.

العلاج: نظرة متوسعة حول الموازين الثلاثة.

إن أضعف أنواع خواطر الشر تلك ما يأتي إلينا من الشيطان «... إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفاً» «النساء - ٧٦»، والعجب العجاب أننا نعلق كل معاصينا عليه، رغم أن مجرد ذكر الله تعالي يصرفه، علي حين أن أصعب خواطر الشر خواطر النفس، وأخطرها الاستدراج الذي يأتي من الله، والتمييز بين الأصعب والأخطر هنا له دلالته في كيفية المعالجة.

خواطر النفس

تعامل مع خواطر النفس بالترويض، لأنها صعبة المراس تحتاج إلي نوع من التذليل، وأولها: قم عن الطعام ونفسك لاتزال تشتهي لقمة، فنحن قوم لا نأكل حتي نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع أكثر من الصيام، وثانيها: أكثر من الجهد والعمل بقيام الليل وقراءة القرآن، ثم انظر بعدها كيف ستخضع النفس لك أم لا.

الاستدراج

علاجه التوبة والرجوع في الحال، لو أنك خالفت إشارة المرور ولاحظت أن هناك من سجل عليك تلك المخالفة ألا يحدث لك بعض القلق داخل نفسك؟ وعندما تخالف جبار السموات والأرض أما تشعر في داخلك بالحاجة إلي المراجعة؟
لقد كان بعض الصالحين يخشي - إذا حصلت منه هفوة - أن يخسف الله به الأرض أو ينزل عليه كسفاً من السماء، لعظمة الخالق في قلبه، فالذي يعصي الله - مع الاستهانة - يقذف في قلبه خاطر معصية ثانية وثالثة، فلا يبالي الله بأي واد هلك

تم بحمد الله ومنه
اللهم اصلاح قلوب وفك اسرنا من النار
وتب علينا ياارحم الراحمين
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الظاهر, والخواطر, طهارة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:32 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.