انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


أرشيف قسم التفريغ يُنقل في هذا القسم ما تم الإنتهاء من تفريغه من دروس ومحاضرات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-28-2009, 08:22 PM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي تفريغ العقيدة 9 للفرقة 3 و4

 



بسم الله الرحمن الرحيم ،



تفريغ العقيدة 9 للفرقة 3 و4 بفضل الله تعالى


من أول المحاضرة إلى الدقيقة


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

أما بعد ،

فبحمد الله تبارك وتعالى قد انتهينا من الكلام على باب القضاء والقدر ، وختمناه بمبحث أقوال المخالفين في القضاء والقدر . وذكرنا أدلة كل فريق . وناقشنا أدلتهم منافشة إجمالية . وهذه المناقشة الإجمالية نعود إليها . ثم بعد ذلك نتكلم عن المناقشة التفصيلية . وبهذا يكون نهاية هذا الباب .

فنقول بالنسبة للمناقشة الإجمالية في نقاط :

النقطة الأولى وهي أن الجبرية أدلتهم لتثبت أن الله تبارك وتعالى خالق لأفعال العباد . هم أرادوا أن يقولوا أن الله تعالى خالق لأفعال العباد .( طبعا نحن نتفق معهم في الأولى أن الله خلق أفعال العباد ) .
ومع ذلك لا قدرة للعبد . فالعبد مجبور على عمله . فهذه مجمل أدلتهم تسعى لإثبات هاتين النقطتين : الله خالق أفعال العباد ولا قدرة للعبد . فنقول هذا فيه جانب حق وجانب باطل .
جانب الحق وهو أن الله تعالى خالق لأفعال العباد . أما جانب الباطل فهو أن ننفي القدرة عن العبد .
فنقول أن هذه الدعوى مردودة . فإثبات أن الله خلق أفعال العباد هذا ثابت في كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أما اللاقدرة للعبد ، فهذا يخالف ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فقال الله تعالى :
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان3

النقطة الثانية وهي أن المعتزلة في مقابل الجبرية أرادوا أن يثبتوا أن العباد هم الذين يخلقون
أفعالهم . فلذلك مثلا لو رجل قتل آخر ، وعمره عشرين سنة ، يقولون بأن الرجل الذي قتَل خالف
قدر الله وأمره . لأن هذا المفترض أن يموت في الثمانين أو في التسعين فلما جاء هذا الرجل وقتله ، قطع عنه عمره المكتوب . ( نعوذ بالله من ذلك ) .
فهم أرادوا أن يقولوا أن العبد هو الذي خلق فعله وأن الله تبارك وتعالى لم يخلق فعل العباد.
فهم أثبتوا للعبد مشيئة ونفوا عن الله تبارك وتعالى أنه يخلق فعل العبد .
فنقول : هذا أيضا فيه حق وفيه باطل : فيه حق وهو أن نثبت للعبد مشيئة . وفيه باطل وهو أن الله تبارك وتعالى لم يخلق أفعال العباد .

ثم قلنا في المناقشة الإجمالية أن الجبرية ردوا ما استدل به المعتزلة . والمعتزلة ردوا ما استدل به الجبرية . فكلاهما نقض دليل الآخر .
فلذلك خرجت فئة أرادت أن تتوسط بين الفريقين ، وهي فرقة الأشاعرة . فجاؤوا بلفظ جديد وهو لفظ الكسب . وهم بهذا حاولوا أن يقتربوا من أهل السنة والجماعة . لكنهم في الحقيقة جبرية .
وسبق بيان ذلك .

الأمر الرابع ، وهو أن المذهب الحق الذي تؤيده الأدلة ويؤيده العقل وهو مذهب أهل السنة والجماعة ، وهو أن الله تبارك وتعالى خالق أفعال العباد ونثبت للعبد قدرة ومشيئة .

ثم بعد ذلك تأتي مناقشة كل فريق . ذكرنا أولا أن القدرية المعتزلة استدلوا بالأدلة التي تثبت المشيئة للعباد .
فنقول بأن هذه الأدلة في النقاط الإجمالية التي ذكرناها ، نقول : ردها عليهم الجبرية بأدلة أخرى معارضة . فقال الله تعالى :
{لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ }التكوير28
فهذا دليل يرد دليل القدرية . وسبق في المحاضرة السابقة أن قلنا أنهم سُموا قدرية ، لماذا ؟
.... ونسبوا التحكم في القدر إلى أنفسهم .
المعتزلة قدرية .

إذن النقطة الأولى نرد بها على القدرية . ولنرد عليهم لابد أن نعرف ما الإشكال عندهم .. الإشكال عندهم هو أنهم يريدون أن يثبتوا مشيئة للعبد وأنه هو الذي خلق فعله . والجبرية يقولون بأنهم هم الذين جبرهم الله تبارك وتعالى على أفعالهم .

فقلنا أول شيء أن هذه الفرقة ردت أدلة الفرقة الأخرى . الجبرية يقولون بأننا مجبورون . وهؤلاء يقولون بأن لنا مشيئة ولنا إرادة ونحن نخلق أفعالنا . فبماذا نرد عليهم ؟
نرد عليهم بقول الله تعالى :
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96
ونرد على الآخرين بقول الله تعالى :
{لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ }التكوير28
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }الإنسان30
وهذه الآية جمعت بين الأمرين . وقلنا أن المشيئة في كتاب الله تعني المشيئة الكونية .

الآيات التي ذكروها في بيان أن العباد هم الذين يؤمنون . والعباد هم الذين يكفرون . وهم الذين يطيعون وهم الذين يعصون . إذن العبد هو الذي قام بفعله وخلق فعله ، سواء كان إيمان او كفرا أو معصية أو طاعة .
فنقول : إذن يترتب على ذلك أن الله تبارك وتعالى لما يدخل العاصي والكافر الناس أنه ظالم له بمقتضى هذا الأمر . فالله تبارك وتعالى جعل الجنة للمتقين المؤمنين وجعل النار للعاصين . إذن من يعصي الله تبارك وتعالى فيدخله النار إذن يُعدُّ على مذهبهم أنه ظلم . وتعالى الله عما يقول هؤلاء علوا كبيرا . {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46

إذن ، كذلك النقطة التي تليها وهي أنهم لماذا يُحمدون على طاعتهم ؟ ولماذا يُعاقبون على معصيتهم ؟ . هم الذين يقومون بفعلهم إذن لا بأس . يُثابون ويؤجرون . لكن الله عز وجل جبرهم على ذلك ، إذن ، لا فائدة من الثواب . ولا فائدة من العقاب . المسألة على قولهم كأنها تمثيل.

ج/ نحن نتكلم الآن في الجمع بين الاثنين . فنذكر أولا الذي يقول بأنه مجبور . فالله تبارك وتعالى فرض عليه الطاعة وفرض عليه المعصية . فنقول : الآن لا فائدة من الثواب ولا فائدة من العقاب .

النقطة التي تليها : الاستدلال بالآيات التي تدل على ترتيب الجزاء على الأعمال .
لما يقول الله تبارك وتعالى :
{جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ... قد يفهم البعض من هذه الآية أي : هم الذين عملوا فيثابون على فعلهم ولا تدخُّل لله تبارك وتعالى في ذلك . نعوذ بالله من الخذلان .
{ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } إذن هم يُثابون على فعلهم إذا كان طاعة ويعاقبون على فعلهم إذا كان معصية . إذن هم الذين يقومون بأفعالهم . إذن هم الخالقون لأفعالهم .

وأيضا مثله حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " واعلموا أن لن ينجو أحد منكم بعمله "
هنا باء وهنا في باء . وهذا الحديث الظاهر للإذهان أنه مخالف للآية .
فهنا هذا الحديث "واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله " . وقال الله تعالى {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . فهنا الباء إما أن تكون باء عِوض وتسمى عند بعض أهل العلم بالثمانية .( من الثمن )
وهذا الذي قالته المعتزلة . فقالوا : سميت بالثمانية لأنه أخذ الثمن على فعله الذي خلقه بيده .
فقالوا :{جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي ثمنا لأفعالهم التي قاموا بها .
( وهذا الكلام باطل وغير صحيح ) .
فنقول : {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } برحمة الله وفضله . وهذا فيه جمع بين الحديث والآية .
فباعتمادك على عملك المحض ، دون توفيق الله تبارك وتعالى ودون رحمته وفضله ، فستهلك .
وحاول أن تتدبر هذه العبارة جيدا . الله تبارك وتعالى ، وهذا له ارتباط بالمحاضرة السابقة ، في المحاضرة السابقة قلنا : لو أن الله تبارك وتعالى عامل الناس بالعدل لهلكوا . لماذا ؟ .. لأن كثيرا من الناس ، إلا من رحم الله تبارك وتعالى ، لا يبلغ عملهم مبلغا عظيما . وأعمالهم وطاعاتهم لا تبلغهم المنازل العالية . ولكن الله تعالى يتفضل على من يشاء من عباده فيرفعهم في الدرجات.

وقلنا بان رفعة الله عز وجل لبعض الناس ، ومعاملة الآخرين بالعدل ليس فيه ظلم للعباد أبدا .
فلذلك ، نقول في قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ " واعلموا أن لن ينجو أحد منكم بعمله "
هذه تسمى الباء المنفية . والثانية : {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } هذه تسمى المثبتة أو السببية .
المقصد : لن يكون العمل وحده هو السبب في النجاة . هذا هو المعنى . ليس معناه : أترك العمل
وسِرْ إلى فضل الله ورحمته وهو الذي سينجيك ، لكن لا تجعل العمل وحده . والثانية وهي :{جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي بسبب أعمالهم . بسبب أنهم كانوا يقومون بأعمال صالحة فهم من أهل الجنة .
أضف إليه ما فهمته من الحديث أنه لابد من فضل الله ورحمته .

كان من استدلالات القدرية أيضا :
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } قالوا أن الله تبارك وتعالى خلق كل شيء . إذن فأفعال العباد ليست مخلوقة لله تعالى لأنها من الأشياء . ( إذا فعل الإنسان معصية ، نقول أن الله تعالى لم يخلق هذه المعصية )
فهنا الآية تعني : خلق الله تبارك وتعالى الذي أتقن كل شيء . فهو صنع متقن .

قالوا إذن كل شيء هو الذي خلق الله عز وجل وأتقنه . إذن المعاصي ليست من خلق الله .
هذا على فهمهم . فلذلك أفعال العباد التي تتضمن الشر ليست مخلوقة لله . هذا استدلالهم هم .
واضح ؟ .

س/ .... ؟
ج/ يدخل في هذا أيضا أفعال العباد . فهو يقول لك : ألست تقول أن أفعال العباد مخلوقة ؟
فربنا يقول : {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } .
إذن الله عز وجل يخلق شيئا من الشر . أقول لك مثلا . شخص نجار . قال لك سأصنع لك مائدة متقنة جدا جدا . ليس فيها غلطة . فأنت طبعا عندما تجد غلط ما ذا تفعل ؟ . ستبدأ بالاستهزاء منه.
تقول له :أنت عملت كذا وكذا ... يقول لك : لا . لست أنا ! .. لقد عملها فلان . فهم بعقلهم القاصر قالوا : كيف الله تبارك وتعالى خلق كل شيء وأتقنه ومن ضمن هذه المخلوقات المعاصي التي يقوم بها العباد .
إذن الله عز وجل لم يخلق هذه المعاصي . إذن الله عز وجل لم يخلق أفعال العباد . وضحت ؟.

طيب ، لا نستعجل . لكن أهم شيء فهمنا ماذا يقولون ؟ .. طيب ، فبماذا ترد عليهم ؟ .
فنقول بداية ، نحن ذكرنا أشياء منها قلنا أن الله تبارك وتعالى خلق كل شيء وخلق أفعال العباد كلها . وإن كان في ظاهرها الشر ، فمآلها إلى خير . ولذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : والشر ليس إليك .
وضربنا مثلا يُكرر كثيرا وهو الوالد يعطي إبنه حقنة . لماذا ؟ .. لأنه يريد له الشفاء . لكن الحقنة مؤلمة . والولد هذا لو كان ينطق لسب أباه : أنت تؤذيني ! .. لكن الولد لا يعلم مآل هذه الحقنة أنه يشفى بإذن الله تعالى .
إذن أراد الأب لهذا الإبن الخير . لكن استعمل، حتى يصل إلى هذا الخير ، ما ظاهره الشر .

س/ ..... ؟
ج / يكون هذا الشر الذي حصل عقاب له بفعله . وخير فيه موعظة للآخرين .
فالذي يدخل النار هذا بعدل الله عز وجل . وهو لم يظلمه . فعله أودى به إلى ذلك .

الله عز وجل ما يفعل فعلا إلا وله حكمة خفيت أو علمناها ، لكن لله تبارك وتعالى في أفعاله
حكم . إنه خبير بما تفعلون . وهنا هذه الخاتمة كانت مع قول الله تعالى :
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }النمل88

فهنا هذه الخاتمة تعليل لما سبق . فهنا الله تبارك وتعالى أتقن كل شيء وهو يخبُر ما أنت فاعله وعليم به . محيط بكل ذلك سبحانه وتعالى .
فالله تبارك وتعالى عليم بما يفعله العبد من الخير . وعليم بما يفعله العبد من الشر . وهو خالق
لفعله الذي هو مآله إلى الخير .

يقول ابن حزم ـ رحمه الله ـ : ومن زعم أن الله تبارك وتعالى لم يخلق أعمالنا فقد ألحد .
إذ قد رد قول الله عز وجل :{خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} فزعم أن أشياء كثيرة لم يخلقها الله عز وجل . وهذا تكذيب للقرآن .

طبعا نقول من ضمن هذه الأشياء ، الكافر الذي كفر ، هذا كفره وفعله لم يخلقه الله ، على قولهم ، إذن صار شيء في كون الله لم يخلقه الله عز وجل ، وهذا محال . لكن الله تبارك وتعالى
خالق كل شيء . وله في ذلك حكم سبحانه وتعالى .
التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته

  #2  
قديم 09-05-2009, 05:50 PM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


تفريغ الجزء الثالث من العقيدة 9 للفرقة 3 و4 (حصة الأخت الراجية رحمة الله)

من الدقيقة 55:00 إلى 01:20


كيف قابلت هؤلاء المذكورين بهذا الغضب البيلغ ، ولم تعذرهم حين اعتذروا بالقدر ؟ بل زاد هذا الاعتذار في جرمهم عندك وأنت مع ربك في أحوالك المخجلة قد سلكت مسلكهم وحذوت حذوهم.
فإن كان لك عذر ، فهم من باب أولى أعْذر وأعْذر . وإن كانت أعذارهم تشبه التهكم والاستهزاء فكيف ترضى أن تكون مع ربك هكذا ؟ .

فانتبه الجبري حينئذ وصحى بعدما كان غارقا في غلوه وقال : الحمد لله الذي أنقدني مما كنت فيه وجعل لي موعظة وتذكرة من هذه الوقائع التي وقعت لي ولمست فيها غِلَظي الفاحش . والآن أعتقد ما حصل لي من نعمة الهداية إلى الحق أعظم عندي من هذه المصائب الكبيرة كما تحققت في قوله تعالى :
{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة216

هذا هو مجمل الكلام . وفي الباقي إن شاء الله بعد الصلاة . الآن انتهينا .


إن شاء عرض سريع للباب . باب إن شاء الله يسير وسهل .
أول شيء في القضاء والقدر ، تكلمنا أولا في تعريفه . في كلام أهل العلم عن القضاء وفي كلام أهل العلم عن القدر . وقلنا أن الصواب ، كما ذكرنا في مسألة الإسلام والإيمان ، أنهما إذا اجتمعا افرقا وإذا افترقا اجتمعا . هذه في الخلاصة السريعة . هذا بالنسبة للتعريف . وبعد ذلك الإيمان به . أدلته :
ـ الكتاب . قال الله تعالى :
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }القمر49

ـ السنة . فجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وفي صحيح مسلم من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وأن تؤمن بالقدر خيره وشره .

ـ الإجماع . ونقصد به إجماع أهل السنة والجماعة . هم أجمعوا على الإيمان بالقضاء والقدر .
لكن نقول أن الفِرَق ، كل الفِرَق ، آمنت أو قالت أنها تؤمن بالقضاء والقدر . لكن إيمانها يختلف.

ـ أركان الإيمان بالقضاء والقدر وهي علم كتابة مولانا مشيئته وخلقه وهو إيجاد وتكوين .
وهي العلم . والكتابة . والمشيئة . والخلق .
هذه هي الأركان . فالله عز وجل يعلم كل شيء وعلمه أزلي لا أول له . وما علمه الله تبارك وتعالى كتبه سبحانه . وخلق للعبد مشيئة . ولله عز وجل المشيئة . ومشيئة العبد لا تكون إلا إن شاء الله رب العالمين {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } .
وخلقه ، أي هو الذي سبحانه وتعالى الذي خلق كل شيء . ومن هذه الأشياء أفعال العباد . قال الله تعالى :
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96

إذن الإيمان بهذه المراتب يعلمنا كيفية الإيمان بالقضاء والقدر . فكلهم يقولون بأن الله تبارك وتعالى يعلم كل شيء . لكن على تفصيل عندهم . فهم بعضهم يقولون أن الله عز وجل لا يعلم بالفعل إلا بعد حدوثه . هؤلاء من ؟ ... القدرية . إذن ، ونحن نكرر، القدرية أي نسبوا إلى أنفسهم التحكم في أفعالهم وفي القدر . إذن الله تعالى لا يعلم بفعلهم إلا بعد ما يحصل هذا الفعل . والله تبارك وتعالى يقول :{ ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }العنكبوت2 {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }العنكبوت3
فليعلمنَّ . هنا هذه يستدلون بها أيضا : فليعلمن الله ... إذن ، الله عز وجل ، وطبعا هذا كلها تكلمنا عنه قبل ذلك ، ما علم إلا بعد ما حصل منهم . فهو الله تبارك وتعالى يختبرهم هل كذا أو كذا.. إذن ، لا يعلم إلا بعد حصول هذا الفعل . وهذا باطل . وقلنا أن هذا العلم سميناه بعلم الظهور. فمعناه أي يعلم أنه سيكون موجودا . لكنه يعلم أنه سيحدث . فوقتما يحصل عُلِم أنه موجود . فالله تبارك وتعالى يعلم من سيكون صادقا ومن سيكون كاذبا . لكن حين يظهر صدقه فعُلم هذا الصدق موجودا . لذلك سمي بعلم الوجود أو علم الظهور .
(... ج/ على مداخلة من أحد الطلبة .. تمام ، لكن قد لا يعلمه الآخرون . وقد يكون هذا الصادق لا يعرف . لكن هنا الشاهد والمعنى أن هذا علم ظهور وعلم وجود . لكن الله تبارك وتعالى يعلم هل سيكون صادقا أم سيكون كاذبا ).

والذي عُلم هذا كتبه الله تبارك وتعالى . العلم أزلي . وأما الكتابة فوقتها . وذُكرت في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . قال له : اكتب . إذن معلوم وقت الكتابة . أما العلم فأزلي لا أول له . والمشيئة ، الله تبارك وتعالى له المشيئة .
قلنا أن المشيئة ترد في كتاب الله عز وجل بمعنى المشيئة الكونية . وقلنا بأن المشيئة أو الإرادة تنقسم إلى شرعية وكونية . طيب ، الله تبارك وتعالى يقول : {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ....} هذه شرعية . {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } هذه كونية . لذلك هم خلطوا بين الشرعية والكونية فحصل عندهم اضطراب . قالوا : والله يريد أن يتوب عليكم . فكيف يوقعك في المعصية ؟ .. لأنه خلط الآن بين الشرعية والكونية .
فنقول :{وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ....} هذه إرادة كونية . ولا يرضى لعباده الكفر . { وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } .
ثم بعد ذلك قلنا الخلق . ما معنى ذلك ؟ .. نقول أن الله تبارك وتعالى خلق فعلك الذي أنت أردته.
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان3
إذن العبد في دنياه ، المفترض أنه سيقوم بأفعال . الله عز وجل علم هذه الأفعال . وكتبها . وقلنا الكتابة إما في اللوح المحفوظ (" إما" ليست على التخيير . تعني في الإثنين ) . و صحف الملائكة .
في اللوح المحفوظ ، هذه لا تُمحى . وفي صحف الملائكة يحصل فيها التغيير والتبديل . وهذا الوارد في كتاب الله تعالى : {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39 ... هي اللوح المحفوظ .
يمحو الله ما يشاء في صحف الملائكة ويثبت ما يشاء . وعنده أم الكتاب التي لا يتغير فيها شيء ولا يتبدل .
ففي صحف الملائكة مثلا ، يُكتب أن هذا ، مثلا ، سيكون عمره 40 عاما . ثم بعد ذلك يأتي هذا الرجل ويصل رحمه فيزيد الله في عمره فيصير مثلا 60 . وهو في اللوح المحفوظ مكتوب أن عمره 40 . فوصل رحمه فأصبح 60 . كل هذا مكتوب مسَطَّر .
أما هذا الذي يحصل فيه التتابع ، لأنه أول ما يكون في المائة وعشرين يوم الملائكة تقول : شقي أم سعيد . وتسأل عن رزقه وأجله وعمله . فمن رزقه ، يكون رزقه كذا . وعمره يكون كذا.
وشقي أو سعيد . فهذا في المجمل . طبعا كل هذا مر معنا . وكنا نتكلم بذكر الأدلة وكنا نمشي عليها سريعا .

( الشيخ يكلم أحد الطلبة : الأصل أنه في أم الكتاب . هذا لا يتغير ولا يتبدل . أما في صحف الملائكة فهذا جائز . ولو كان الله عز وجل أراد أن يجعل إنسانا من المهتدين كان كتب في اللوح المحفوظ أنه سيكون في النهاية مؤمنا صادقا ) .

هذا بالنسبة للعلم والكتابة والمشيئة . ولابد أن نفرق بين الشرعية والكونية حتى لا يحصل عندنا اضطراب مثل ما حصل مع هؤلاء .

والخلق . فنقول : الله خالق كل شيء . من يتفق معنا في هذا من الفِرق الأخرى ؟ .. الجبرية .
على خلاف مع القدرية . فنقول نحن : الله خالق كل شيء .
طيب ، نحن مع هذا نثبت أن الفاعل للفعل حقيقة هو العبد . لكن الخالق للفعل هو الله . ومثلنا بمثال النار . قلنا أن النار من صفاتها الإحراق . فإذا قلنا من الذي أحرق ؟.. نقول النار . من الذي خلق الإحراق ؟ .. الله تبارك وتعالى . فنحن نقول : الله خالق كل شيء . كل شيء لا يخرج عن خلق الله عز وجل .
قال : وهو إيجاد وتكوين . فما يفعله البعض ، ممن يدَّعون مثلا في مسألة الاستنساخ وغيرهم أن هذا يسمى خلق . هذا لا يُعتبَر خلْقا . لأن الخلق يكون خلقا من عدم لذلك قال " إيجاد " ويتبعه التكوين .

هذه كانت بالنسبة للأركان . وبالنسبة للفِرَق التي تكلمت في القضاء والقدر ، الأصل أننا سنسمي فرقتين : قدرية و جبرية .
ـ قدرية ، الذين هم المعتزلة . وهنا القدرية ، أي نسبوا القدر إلى أنفسهم . وتكلمنا عن نشأة القول بهذا . وقلنا أول ما ظهر القدر على يد سوسن النصراني .
الذي قيل في حديث عبد الله ابن عمر من قول يحيى ابن يعمر أن أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجُهني .
( أحد الطلبة يستفسر . ويجيبه الشيخ : فهو قال لا قدر وأن الأمر أنُف . الجمع بين الأقوال ، لأن القول هذا من سبيل الأوزاعي كما ذكرنا أن أول من قال هو سوسن . الجمع بين الأقوال أن سوسن هذا هو الذي قال هذه المقالة . لكنها لم تشتهر على لسانه . وتلقفها منه معبد الجهني . وهو أول من ظهر بهذه العبارة ).

وكذلك الجبرية فهم الذين قالوا بأن نسبوا الجبر إليهم . فهم مجبورون . فؤلاء المجبورون يقولون الله خلق أفعالنا . هذه النقطة الأولى عندهم .
الثانية ، لا قدرة للعبد .

المعتزلة القدرية يقولون ، لم يخلق الله أفعالنا بل نحن خلقناها . لا يفرقون بين الفعل والخلق .
الثانية إثبات القدرة للعبد .
فجاءت فرَق . وتفرعت منها الأشاعرة . وأرادوا أن يتوسطوا في هذه المسألة . فماذا فعلوا ؟ .
قالوا : لا نقول أن الله لم يخلق أفعالنا . لا نقول هذا . ولا نقول أنه لا قدرة للعبد .
فالخطأ عند هؤلاء هنا . وهذه نوافق عليها وهذه نوافق عليها .
نريد أن نجمع بين الأمرين . فنقول : خلق أفعالنا . هذه النقطة الأولى .
ونثبت للعبد قدرة . لكنها " إسمية " .
( نحن نقلنا النصوص عنهم في كلامهم أنها إسمية ) .

يجيب الشيخ على تدخل أحد الطلبة :
نحن حينما تكلمنا قلنا بأن مذهب المعتزلة أسلم . لأن مذهب الجبرية أصلا باطل . لكن مذهب هؤلاء ، طبعا مش حنقول يمشي ، نقول أن فيه بعض المحاولة للفهم . لكن هؤلاء ماذا فعلوا ؟ .
قالوا :نأخذ أن الله خلق أفعالنا . ونزيد أن للعبد قدرة . هم يقولون لكن إحنا مبنقدرش . نقول إن كده يبقى فيه مخالفة . نحن نجمع بين الاثنين دول . إن العبد يكون له قدرة والله يكون خالقا لأفعالنا . حيبقه فيه تعارض) .

.. فتكون القدرة هذه صورية أو اسمية شكلية . مثل ما فعلوا في الأسماء والصفات ومر معنا .
في مسألة التفويض . فهؤلاء يقولون مثلا يد ، فيُجَسِّموا المُجسِّمة ، المُشبِّهة . والآخرون ، الجهمية المعطلة يقولون : قدرة مثلا . أو ينفونها أصلا .
فأرادوا أن يتوسطوا . فماذا يفعلون في التفويض ؟ . ـ وشيخ الإسلام ابن تيمية يتكلم عن التفويض فيقول الذي يقول بهم أهل التجهيل . هذا يدل على جهلهم ـ فماذا يقولون ؟ .
نحن لا كهؤلاء ولا كهؤلاء . نحن نثبت لله يد .( يقول لك الله أكبر مذهب السنة والجماعة!! ) .
لكن يثبت لليد ياء ودال ... فقط . ليس لها معنى .... هذا الذي تثبته لله عز وجل .

س/ ........ ؟
ج/ أنت تتكلم عن مذهب السنة والجماعة ؟ .. خلينا مع الأشاعرة دلوقت . لكن نحن قلنا بأن مذهب أهل السنة والجماعة أن ما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نثبته كما هو وكما جاء وأنه له حقيقة وله كيفيه . لكن لا نعلم هذه الكيفية . {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103
فهنا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

إذن هؤلاء أرادوا أن يخرجوا ، فخرجوا بنظرية تسمى نظرية الكسب . النظرية المعقدة .
مما يُقال ولا حقيقة تحته .. معلومة تدنو من الأفهام ، الكسب عند الأشعري . يعني لا حقيقة تحت هذا الكلام الذي ذكروه ، لا حقيقة تُعلَم . هم في أنفسهم اضطربوا في تفسير الكسب . وقد ذكرنا ذلك وتعريفاتهم . إذن لا حقيقة تحت هذا الكلام. فلما يُذكر الكسب ، يقولون إذن العبد لما يكون له طاعة نقول أنه إكتسبها . لقول الله تعالى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .
فقالوا الطاعة هذه الله عز وجل خلق له هذه الطاعة . والعبد له قدرة .لكن قدرته ليست هي التي فعلت . وإنما الفاعل حقيقة هو الله تبارك وتعالى . ومثلنا بمثال . وهو الحجر . فعندنا مثلا رجل قوي . ورجل ضعيف . وعندنا حجر كبير . هذا القوي يستطيع أن يقوم بحمل هذا الحجر . والضعيف بمفرده لا يستطيع أن يحمله . فيأتي هذا القوي ويحمل هذا الحجر . ويكون معه الضعيف كصورة فقط أنه يحمل معه لكن الحامل في الحقيقة هو القوي . هو يستطيع بكل سهولة أن يحمل هذا الحجر . والضعيف لا يستطيع أصلا . فنقول هنا مثلنا بالحجر الذي هو الطاعة مثلا.
طبعا لله المثل الأعلى . والله عز وجل نقول أنه خلق الطاعة . ويوجد معاون لا يفعل شيئا . لكن وجوده وجود صوري وهو الضعيف الذي هو قدرة العبد لتقوم بالمساعدة ورفع الحجر ( أو العمل الصالح ) .
التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته

  #3  
قديم 10-07-2009, 02:30 PM
راجية عفو العفو راجية عفو العفو غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

المحاضرة 9 عقيدة للفرقة 3 ، 4
10/2/2009
من الدقيقة 30 حتى الدقيقة 56

تذكر في كتب العقيدة قصص ومحاورات مع القدرية ، من هذه القصص ما قاله الطوفي رحمه الله ، قال : قال عيسى بن يونس حدثني جار لي يقال له واصل قال اختصم قدري وحروري ( خارجي ) ومرجئ فقال كل منهم ديني أصوب من دينكما ( ديني أى ما أدين الله عز وجل به ) فتراضوا أن يحكم بينهم أول من يستقبلهم فاستقبلهم أعرابي على قعود له كان جالسا ( القعود صغير الجمل ) فذكروا له اختلافهم في أديانهم وقالوا له قد تراضينا بأول من نلقاه ليحكم بيننا فكنت أنت فأناخ الأعرابي بعيره (هذا يدل ان هى قعود ) فأخذ كساء كانت تحته فطواه ثم جلس عليه وقال لهم اجلسوا بين يدى ثم قال للحروري : ما تقول أنت ؟ قال أزعم أن كل من عصى الله عز وجل فقد كفر واستحل دمه فقال له : أنت رجل سوء تحظر على العباد ما وسع الله لهم من التوبة ؟ تنحى ، ثم قال للقدري : ما تقول أنت ؟ قال أزعم أن ما عمل العباد من خير فمن الله وما عملوا من شر فليس لله تعالى فيه قضية ولا مشيئة ( يعني الله لا قضى ولا شاء ) فقال : أنت أكفر من هذا تزعم أن الله تعالى يريد شيئا من العباد فلا يعملونه و يعمل العباد شيئا لا يريده ( لأنه قال الخير من الله يعني العباد لم يعملوا الخير الذي أراده الله ومع ذلك سيدخلون الجنة ويعملون الشر الذي لا يريده الله والمفترض أن الله تعالى يريد شيئا فيكون ) فقال تنحى ، ثم قال للمرجئ : ما تقول أنت ؟ قال أزعم أن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن ولا يضره عمل أو لم يعمل فقال الأعرابي ما في الثلاثة أكفر منك حيث تشهد لهذين أنهما مؤمنين .

هذه تعتبر قصص وحوارات يذكرها بعض من يكتبون في العقيدة ، وتجدها في شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ، هذه القصة هى أصلا من كلام الطوفي كان يشرح من جواب شيخ الاسلام بن تيمية في القصيدة التائية ( التي كان يرد فيها على نصراني ) .

قصة أخرى تذكر أيضا في كتب العقائد وهى أيضا في العقيدة الطحاوية ، يقول يروى أن أعرابيا ضلت ناقته فجاء إلى عمرو بن عبيد ( معتزل قدري ) فقال : أيها الشيخ إن ناقتي قد سرقت فادعو الله أن يردها على، فرفع عمرو بن عبيد يديه وقال : اللهم إن ناقة هذا سرقت ولم ترد أن تسرق فأمسك العرابي يديه وقال : الآن ضاعت ناقتي يا شيخ ، قال له ولما ؟ قال : لأنه إذا أراد ألا تسرق فسرقت فلا آمن أن يريد ردها فلا ترد ، فوجم عمرو بن عبيد ولم يجد جوابا .

وقال بن قتيبة في تأويل مختلف للحديث : بلغني أن رجلا من أصحاب الكلام قال لرجل من أهل الذمة : ألا تسلم يا فلان ؟ قال حتى يريد الله عز وجل فقال قد أراد الله ولكن إبليس لا يدعك ، فقال الذمي : فأنا مع أقواهما ( يريد إبليس ) .

ودخل القاضي عبد الجبار الهمزاني وهو من كبار شيوخ المعتزلة ، دخل على الصاحب بن عباس وعنده أبو اسحاق الاسفراييني ( من علماء الحديث وينسب إلى أهل السنة والجماعة ) فلما رأى الأستاذ (يعني الاسفراييني ) قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء فقال الأستاذ : سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء فقال القاضي : أيشاء ربنا أن يعصى ؟ ، فقال الأستاذ : أيعصى ربنا قهرا ؟ قال القاضي : أرأيت إن منعني الهدى ؟ وقضى على بالردى ،أحسن إلى أم أساء ؟ قال الأستاذ : إن منعك ما هو لك فقد أساء ، و إن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء ، فبهت القاضي عبد الجبار .
هنا يقول : إن منعك ما هو لك (على قوله ، الذي هو له ما هو ؟ أن يعصي ، يعني تريد تعصي مثلا ومنعك من ذلك فعلى قوله هذه إساءة ) ، قال : وإن منعك ما هو له من الخير ، لكن على الاعتقاد الصحيح أنه منعك ما هو لك من حقك فقد أساء إذن ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) لكن إن أعطاك أو منعك ما هو له يعني أنه يعذبك على معصيتك فهذا من رحمة الله عز وجل يختص به من يشاء لأنه يقول : أرأيت إن منعي الهدى فالهدى هذا لله تبارك وتعالى وقضى على بالردى ، والله عز وجل لا يظلم أحد فإن أعطاك الهدى ومنعك من الردى فهذا يختص الله برحمته من يشاء .

وتجدكثير من هذه القصص والمحاورات في كتاب القدر للفريابي ( كتيب صغير ) ، هو كتاب للمتقدمين وطبع قريبا ، وهو كمخطوطة كان أربع أو خمس ورقات .

بالنسبة للجبرية الذين قالوا إن الله تبارك وتعالى خالق كل شئ ، واستدلوا بالآيات التي تحمل هذا المعنى مثل " الله خالق كل شئ" ، ونقول نحن نوافق أن الله تبارك وتعالى خلق كل شئ ، ولكننا نثبت أن للعبد قدرة ومشيئة .
وهل هذه القدرة التي نثبتها للعبد اسمية ( اسم فقط ) ؟ لا ، حقيقية ، وهذا الذي يبين كلام الأشاعرة فهم أثبتوها اسما .
استدلوا أصلا بآيات المشيئة والتي تثبت أن المشيئة لله وحده " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " ، لكن نقول أن في نفس هذه الآيات ما يرد به عليهم " لمن شاء منكم أن يستقيم " ، " إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا "
فقط هديناه السبيل وهو الذي يكون شاكرا أو يكون كفورا فهو الفاعل و أما الخالق الله تبارك وتعالى .
واستدلوا بقوله تعالى : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " ، وهنا أراد الله تبارك وتعالى أن يبين أن المؤمنين لم ينفردوا وحدهم بقتل الكفار ، وإنما الله تبارك وتعالى كان لهم معينا ونصيرا ، لكن ليس معناها أن المؤمنين لم يقاتلوا ولم يفعلوا شيئا وأن الله تبارك وتعالى هو الذي فعل كل شئ وقتل الكفار .
س :........
ج : فرق بين الفاعل والخالق وقربنا هذا بمثال النار ، من الذي يحرق ؟ النار ، ومن الذي خلق الإحراق ؟ الله تبارك وتعالى .

س : ..............
ج :كيف يكون قبله ؟ إذن مجبور العبد ، لكن الله سبحانه وتعالى علم ما سيفعله العبد -علم فقط- فكتب ما علمه سبحانه وتعالى وعلمه أزلي لا ابتداء له ، أما الكتابة فابتدأت قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
ما يرد به في الآية " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " أن الله سبحانه وتعالى اثبت أن النبي رمى حيث أخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من التراب ورماها فهنا أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى إذن حصل فعل من العبد " إذ رميت " فحصل منك رمى حقيقة " ، "ولكن الله رمى " أى يعينك ويناصرك .
أيضا استدلوا بأدلة عقلية والأدلة العقلية مدارها أن تعلق علم الله وإرادته بأفعال العباد بمجرد أن الله علم إذن جبرهم على ذلك ، فالجبرية يقولون أن الله علم أن هذا سيكون من أهل النار إذن جبره على ذلك .

ومثلنا بمثال : النبي صلى الله عليه وسلم لما مشى قبل الغزوة وقال هنا مصرع فلان وهنا مصرع فلان ، هل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جبرهم أن يقتلوا في هذا المكان ؟ فقط علم من علم الله عز وجل لكن لم يجبرهم على أن يقتلوا في هذا المكان ، ولا نقول أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي قتلهم وجعلهم يقتلوا في هذا المكان .
وكذلك في علم الله تبارك وتعالى فالله عز وجل علم ان فلان سيفعل كذا ، فإذا قدر لك أنك علمت أن فلان سينجح ، هل أنت جبرته على النجاح ؟ وإذا علمت ان فلان سيرسب ، هل أنت جبرته ؟

ومن الحكايات التي وردت عن الجبرية حتى ما يحزن علينا القدرية ، قال بن القيم رحمه الله في كتاب " طريق الهجرتين " متحدثا عن بعض أحوال ما يقولون بالجبر : صعد رجل على سطح دار له فأشرف على غلام يفجر بجارية فنزل وأخذهما ليعاقبهما فقال الغلام : إن القضاء والقدر لم يدعانا حتى فعلنا ذلك ، فقال لعلمك بالقضاء والقدر أحب إلى من كل شئ ، أنت حر لوجه الله تعالى لأنه قدري .
قال ورأى آخر يفجر بامرأة (نعوذ بالله من ذلك ) فبادر ليأخذه فهرب فأقبل يضرب المرأة وهى تقول : القضاء والقدر فقال : يا عدوة الله أتتزينين وتعتذرين بمثل هذا فقالت : أوتركت السنة وأخذت بمذهب ابن عباس؟ فتنبه ورمى السوط من يده واعتذر وقال : لولاك لضللت .

وذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه " الدرة البهية " عددا من الأمثلة التي تتكلم عن القضاء والقدر ومن هذه الأمثلة ، قصة الرجل الجبري حيث قال فيها : كان رجل قد غالى في الجبر والقدر غلوا عظيما ، فكان يعتذر بالقدر عن كل جميل وقبيح حتى آلت به الحال إلى الاستهتار وانتهاك أصناف المعاصي وكلما نصح وليم على أفعاله جعل القدر حجة له في كل أحواله ، وكان له صاحب يعزله دائما ينصحه عن هذه المقالة التي تخالف العقل والنقل والحس ولا يزيده إلا إغراء ، وكان صاحبه ينتظر وينتهز الفرصة في إلزامه بأمور تختص به وتتعلق ، وكان هذا الجبري صاحب ثروة له أموال منوعة وقد وكل عليها الوكلاء والعملة ، فصادف في وقت متقارب أن جاءه صاحب ماشيته فقال إن الماشية قد هلكت وتلفت جميعها لأني رعيتها بأرض مجدبة ليس فيها عود أخضر فقال له وعملت ذلك وأنت تعلم أن الأرض الفلانية مخصبة فما عذرك في ذلك ؟ فقال قضاء الله وقدره ، وكان ممتلئا غضبا قبل ذلك فزاد غضبه من هذا الكلام واستشاط غضبه وكاد يتقطع من هذا الاعتذار ، وجاءه صاحب البضائع وقال : إني سلكت هذا الطريق المخوف فاقتطع مني المال قطاع الطريق فقال له : كيف تسلك هذا الطريق مع علمك أنه طريق مخوف وتترك الطريق الآمن الذي لا تشك في أمنه فأجابه مثل جواب الراعي وعمل معه الجبري ما عمله مع صاحبه.
وجاءه وكيله في تربية أولاده وحفظهم فقال : إني أمرتهم أن ينزلوا في البئر الفلانية ليتعلموا السباحة فغرقوا ، فقال لم فعلت ذلك و أنت تعلم أنهم لا يحسنون السباحة ؟ والبئر المذكورة تعلم أن ماءها غزير فكيف تتركهم ينزلون وحدهم وأنت لست معهم فقال هكذا قضاء الله وقدره فغضب عليه غضبا لا يشبه الغضب على الأوليين ( لأن أولاده ) وكاد الغضب أن يقتله وكل واحد من هؤلاء الذين وكلهم على ما ذكرنا يزداد غضبه عليه إذا قال هذا قضاء الله وقدره .
فحينئذ قال له صاحبه : يا عجبا لك يا فلان كيف قابلت هؤلاء المذكورين بهذا الغضب البليغ ولم تعذرهم حين اعتذروا بالقدر بل زاد هذا الاعتذار في جرمهم عندك وأنت في أحوالك المخجلة مع ربك قد سلكت مسلكهم وحذوت حذوهم ؟ فإن كان لك عذر فهم من باب أولى أعذر و أعذر ، وإن كانت أعذارهم تشبه التهكم والاستهزاء فكيف ترضى أن تكون مع ربك هكذا ؟ فانتبه الجبري حينئذ وصحى بعد أن كان غارقا في غلوه وقال : الحمد لله الذي أنقذني مما كنت فيه وجعل لي موعظة وتذكيرا من هذه الوقائع التي وقعت لي ولمست فيها غلظي الفاحش والآن أعتقد ما حصل لي من نعمة الهداية إلى الحق أعظم عندي من هذه المصائب الكبيرة كما تحققت في قوله تعالى " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " .









 

الكلمات الدلالية (Tags)
3, 9, للفرقة, العقيدة, تفريغ, و4


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 02:49 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.