انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-26-2014, 12:14 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




New "قصة مكة " دروس من السيرة النبوية ،د/راغب السرجاني متجدد إن شاء الله...

 






كيف نبني الأمة؟

هناك أمل كبير في إعادة البناء، بل إن هناك يقينًا في إعادة البناء، وستقوم الأمة من جديد، فهذا ما وعد الله به، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد، يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51].



ولم يقتصر النصر على يوم القيامة فقط، بل في الحياة الدنيا أيضًا. يقول في الحديث الشريف: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا".




فسيبلغ ملك أمة المسلمين حتمًا مشارق الأرض ومغاربه، وهذا وعد الصادق المصدوق ، ولكن لا بُدَّ من أمرين في بناء الأمة:

الأمر الأول: يقين بتمكين الأمة

فلا بد من يقين كيقين الصحابة في غزوة الأحزاب، لقد تحزبت الأحزاب حول المدينة ما يقرب من عشرة آلاف، وهذا الرقم ضخم جدًّا في زمان الجزيرة العربية، وكان يريدون أن يطفئوا نور الله، يريدون إبادة المسلمين.

كان الرجل من بني شيبان عند فخره يقول إننا نزيد على الألف، فهذا الرقم كان رقمًا ضخمًا بالنسبة للعرب، ولن يغلب ألف من قلة.




تخيَّل عشرة آلاف يحيطون بالمدينة المنورة إنها ضائقة شديدة جدًّا، والرسول في وسط هذه الضائقة يضرب بيده الحجر الذي استعصى على المسلمين، تناول المعول بيده فَقَالَ: "بِاسْمِ اللَّهِ. فَضَرَبَ ضَرْبَةً، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ. وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ. وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا".


كيف يكون رد المسلمين وهم يسمعون بشريات النبي وهم في هذه الضائقة؟ قال المؤمنون كما وصفهم الحق تبارك وتعالى: {وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
المسلمون في هذه الضائقة علموا أن نصر الله قريب؛ لأن نصر الله يأتي بعد اشتداد الأزمات.


أما المنافقون فلما رأوا الفجوة الواسعة بين إمكانيات المسلمين وإمكانيات الأحزاب، قالوا كما أخبر الحق تبارك وتعالى عنهم: {وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} [الأحزاب: 12].


هكذا كان حال المنافقين في غزوة الأحزاب لما اعتمدوا في تقييمهم على حسابات ماديّة بحتة، ولم يقدروا لله قدره، لم يقدروا قوة الله ، ولم يقدروا عظمة الله ، فالمنافقون لا يؤمنون، أما المؤمنون الصادقون الذين يعلمون قدر الله فأيقنوا أن نصر الله قريب جدًّا؛ لأن الأزمة اشتدت.
وفي زماننا هذا اشتدت الأزمة، واستحكمت حلقاتها، والنصر آتٍ لا محالة ولا شك في ذلك إن شاء الله.



الأمر الثاني: أين دورك في بناء الأمة الإسلامية؟
كثيرًا ما ينتظر المسلمون مَنْ يأتي إليهم ليعيد لهم بناء الأمة الإسلامية من جديد، لكن أين دورك أنت الذي كلفك الله به لإعادة إعمار الأمة الإسلامية، أو لإعادة بنائه لترجع كما كانت في الصدارة وكما أراد الله لها {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. يقول الحق تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدَّثر: 38]، {أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النَّجم: 38].



فإن قصر الناس في أعمالهم، فلن يحاسبك الله إلا على تقصيرك أنت. هكذا وعد الله ، وهذا من عدله I.




منهجنا في بناء الأمة







كل إنسان اليوم يريد بناء الأمة على طريقته وعلى منهجه، لذلك نجد من ينادي ببناء الأمة الإسلامية على أن تقوم على النظام الاشتراكي، ونظل في
قيد الاشتراكية سنوات طويلة، وبعد مرور أعوام كثيرة نتبين أن هذا المنهج له أخطاء حتى إن بعض الدول كانت تطبق هذا النظام بعد فشله في الدول
التي أحدثته!!





والبعض يقترح النظام الرأسمالي وحاله من حال الاشتراكية يطبق لسنوات طويلة وفي النهاية يتبين خطأ هذا النظام.
ونجد من ينادي بتطبيق القانون الفرنسي أو الإنجليزي أو غيره، ونظل نبحث عن مناهج لنرتقي بأمتنا في الشرق والغرب ونختلف ونتصارع. بالرغم من أن الرسول أرشدنا في مثل هذه الأمور وفي ظل الاختلاف والتصارع أن يكون لنا من نحكّمه عند اختلافنا،



ففي الحديث الذي يرويه العرباض بن سارية يقول: "وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ".


ومن هنا كانت دراسة حياة النبي ودراسة حياة الخلفاء الراشدين المهديِّين أمرًا حتميًّا لمن أراد أن يهتدي إلى الطريق الصحيح لبناء الأمة الإسلامية.


ولن نستطيع أن نبني هذه الأمة على غير منهج الرسول .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-31-2014, 02:59 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي


أهمية دراسة السيرة النبوية


تمثّل السيرة النبوية العطرة أحد الكنوز العظيمة التي يجب الاستفادة منها، وتزداد أهمية دراسة السيرة إذا كان في حساباتنا أنها لا تتناول رجلاً عاديًّا، بل إنها دراسة لتاريخ أعظم مخلوق وُجد على ظهر هذه الأرض منذ آدم وإلى يوم القيامة.

إن السيرة النبوية تعتبر من أجلِّ العلوم وأفضلها بالنسبة للمسلم؛ فهي تدرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله ، فقد وصفه رب العزة بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. فإذا كانت دراسة السيرة مهمة في زمن من الأزمان فهي في زماننا أهم؛ لأن واقع الأمة الآن متأخر في كل المجالات؛ تأخر عسكري واقتصادي واجتماعي وأخلاقي.


ولا ريب أن الأمل معقود في الله لإعادة البناء، بَيْدَ أن النهوض يحتاج إلى أمرين مهمين: يقين بضرورة بناء الأمة من جديد، ودور عملي لكل منا؛ فاليقين أن نوقن في كلام رسول الله ، فقد بشَّر الصحابة في غزوة الخندق بفتوح الشام وفارس واليمن وغيرها، وألاَّ نعتمد اعتمادًا كُليًّا على الحسابات المادية، رغم أهميتها، فالأحزاب قد اعتمدوا على الجانب المادي لكنهم لم ينجحوا، وأن يكون لنا دور لإعادة إعمار الكون، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110].

عشنا طويلاً في ظل مجموعة من الأيديولوجيات والأفكار المختلفة التي تحكم المجتمع والدولة، وكلها باءت بالفشل مثل الاشتراكية والرأسمالية وغيرها، ندور حول هذه الأفكار متناسين سيرة نبينا وأصوليتنا الدينية التي أدارت المجتمعات الإسلامية القديمة بخلافاتها ودولها، ومع هذا فإننا لا ننادي باستقصاء كل وقعة وفعلة وحدث في السيرة؛ فهذا ضرب من المستحيل لكننا ننادي بدراسة الأحداث العظيمة والجليلة في هذه السيرة؛ فهي مما يتكرر يومًا بعد يوم، ندرس غزوة أُحد وبدر والخندق؛ لأن واقعنا قد وجد حدثًا مشابهًا وهو حرب أكتوبر 1973م، وهو -لا شك- من الأحداث التي يتم تحليلها منذ وقعت وحتى وقتنا الراهن.

مقدار السيرة في حياة المسلمين

نحن هنا لا ندرس سيرة رجل عادي يمشي على الأرض، أو عظيم من عظماء التاريخ وما أكثرهم، ولكننا ندرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله منذ خلق آدم إلى يوم القيامة، أعظم رجل على الإطلاق.

فعادةً ما يتفوق الناس في مجال ويتأخرون في مجال آخر، لكن هذا الرجل تفوق في كل المجالات مطلقًا؛ تفوق في عبادته، في معاملاته، في شجاعته، في كرمه، في حلمه، في زهده، في تواضعه، في حكمته، في ذكائه، في كل شيء. فنحن ندرس سيرة الإنسان الذي خاطبه الله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

فأي خُلُقٍ هذا الذي وصفه الله العظيم العليم I بأنه خلق عظيم!

هذا الرجل أقسم الله به فقال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]. فهو رجل أقسم الله بحياته.

ندرس سيرة الرجل الذي لن يحاسب الله الخلائق يوم القيامة إلا عندما يشفع هذا الرجل للحساب، كل نبي لن يشفع حتى لأتباعه إلا بعد أن يشفع هذا الرجل.

ندرس سيرة الرجل الذي لن ندخل الجنة إلا خلفه، لن نُرْوى يوم القيامة إلا من يده ومن حوضه ومن نهره.

إن عرفنا سيرته ونهجه واتبعناه كانت النجاة في الدنيا والآخرة، وإن جهلنا طريقته أو خالفناه قيل لنا: سحقًا سحقًا.

نحن ندرس سيرة رسول الله الماحي الذي محا الله به الكفر، أول من يُبعث من الخلائق يوم القيامة، حامل لواء الحمد يوم القيامة صاحب المقام المحمود والحوض المورود يوم القيامة.

ندرس سيرة الرجل الذي فُتحت له أبواب السماء ليخترقها بجسده إلى ما بعدها، لما صعد مع جبريل في رحلة المعراج إلى السماء وطرق الباب، أجاب الملك: مَنْ؟ قال: جبريل. قال: فمن معك؟ قال: محمد. قال: أوَأُذِن له؟ قال: نعم. ففتح باب السماء ليدخل النبي إلى مكان لم يدخله بشر من قبل ذلك وهو حي.

الرجل الذي وصل إلى مكان لم يصل إليه بشر ولا ملك، حتى الملائكة لم تصل إلى المكان الذي وصل إليه محمد .

الرجل الذي شاهد الجنة والنار بعينه لا بعقله فقط.

نحن لا نقارن عظمة رسول الله بعظمة بوذا وكونفشيوس وهتلر ولينين وستالين كما فعل -مثلاً- صاحب كتاب "الخالدون مائة وأعظمهم محمد "، ويفرح الكثيرون بهذ الكتاب ظنًّا منهم أنهم أنصفوه، لكنهم ما أنصفوه إذ قارنوه بهؤلاء، نحن نقارن رسول الله بنوح وبإبراهيم وبموسى وعيسى عليهما السلام، وبكل أنبياء الله عليهم أجمعين الصلاة والتسليم.

نقارنه أيضًا بالملائكة أجمعين؛ بملك الأرزاق، بملك الجبال، بملك البحار، بحملة العرش، بل بجبريل ، بل هو أفضلهم جميعًا .

لما وصل الرسول إلى سدرة المنتهى ومعه جبريل لم يستطع روحُ القدسِ التقدم خطوة واحدة، وقال له: لو تقدمت خطوة واحدة لاحترقت. أما محمد فقد مكنّه الله من ذلك وتقدم ليقف عند سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى للقاء الله وكلمه بدون حجاب.

هذا الرجل له مقام عظيم خالد، وعلى قدر هذه العظمة يجب أن يكون اهتمامنا بسيرته، بل وبكل دقيقة مرت في حياته الشريفة .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-31-2014, 03:07 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي



السيرة النبوية .. منهج ودراسة

حول دراسة سيرة النبي

في هذه السطور ندرس جانبًا من حياة رسول الله الذي عاش فيه في مكة، وليس غرض ذلك أن نستقصي كل حدث أو واقعة وقعت في حياة النبي في مكة، فهذا أمر يطول شرحه ويعجز البيان عن وصفه.

فلماذا لا نستطيع أن نحصي كل ما حدث في فترة مكة؟

أولاً: لأنها سجلت بدقة بالغة وخاصة منذ بعثة رسول الله إلى أن مات، فكل لحظة في حياته سجلت منذ البعثة وحتى الوفاة، حتى أدق التفاصيل في حياته وبعناية فائقة. وكل نقطة لا يتخيل أنها تُسَجل عن حياة إنسان سجلت للنبي .

ولعل الحكمة من تعدد زواج النبي من نساء كثيرة أن ينقلن الحكمة عن الرسول ، وعن حياته الشخصية الداخلية التي لا يراها غيرهن.

ولماذا هذا التسجيل الضخم الدقيق الكبير؟!

ذلك لأن النبي قدوة كاملة وليس بعده نبي إلى يوم القيامة.. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

نحن مطالبون بأن نقتدي بالنبي في كل حياته في كل خطوة من خطوات حياته، مطالبون باتباعه في رضاه وفي غضبه ، مطالبون باتباعه في حزنه وفي سروره ، في حلِّه وفي ترحاله، في كل لحظة من حياته ، فإذا رضي فهذا هو الموضع الذي يجب أن نرضى فيه، وإذا غضب فهذا هو الموضع الذي يجب أن نغضب فيه.

ثانيًا: مما يجعل إحصاء كل أمر في حياة النبي أمرًا صعبًا، ذلك التنوع العجيب في حياة رسول الله ، فتارة يكون مُطاردًا مُعرّضًا للأذى والاضطهاد، كما في حادث الهجرة لما خرج النبي من مكة مطاردًا هو وصديقه أبو بكر ، وظلاَّ مطارديْن حتى وصلا إلى المدينة والمشركون لا يدخرون وسعًا في البحث عنهما لقتلهما، وفي نفس سيرة هذا الرجل تجد أنه مُكّن في الأرض، يرسل الرسائل إلى كل عظماء الأرض من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، ورسالة إلى هرقل عظيم الروم، وإلى المقوقس عظيم القبط، ويرسل إلى كل ملوك الأرض في زمانه.

تغييرات وتطورات كثيرة جدًّا في حياة الرسول ، فتارة تجده يعاهد قومًا ثم تتغير الظروف وينقضوا عهدهم فيحاربهم، وتارة يكون فقيرًا معدمًا يربط على بطنه حجرين من الجوع لا يوقد في بيته نار ثلاثة أهِلَّة في شهرين، وتارة يكون غنيًّا تأتيه الأموال من كل بقاع الجزيرة العربية، ينفق في سبيل الله إنفاقًا غير مسبوق، يعطي لهذا مائة من الإبل وهذا مائة من الإبل، وهذا أكثر وهذا أقل، ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، كما قال الأعرابي لَمّا أعطاه النبي غنمًا بين جبلين، فذهب لقومه يقول لهم: أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. هو هو الذي كان فقيرًا مُعدِمًا.

يتعامل مع المشركين، ويتعامل مع اليهود، ويتعامل مع النصارى، ويتعامل مع المنافقين، ويتعامل مع المؤمنين.

فكل تنوع من الممكن أن يحدث في حياة رجل أو في حياة أمة حدث في حياة النبي ؛ ومن ثَمَّ كان استقصاء كل مواقف سيرته أمرًا صعبًا للغاية.

ثالثًا: هناك جيل عظيم عاش مع النبي ، هذا الجيل العظيم صنع أحداثًا عظيمة تعجز عشرات المجلدات على حملها.

الإنسان العظيم الذي يعيش مع ناس هَمَل ليست لهم قيمة لن تكون له أحداث، إنما الرجل العظيم الذي يعيش مع عظماء يتفاعلون معه بصورة إيجابية تامة في كل لحظة من لحظات الحياة، يتحركون بحمية، يفكرون بجدية، يتناقشون بفهم ووعي وإدراك، فكل صحابي قصة ضخمة في حد ذاته، فأبو بكر - على سبيل المثال - يحتاج إلى عشرات المجلدات لوصف مواقفه مع النبي ، كذلك عمر وعثمان وعليّ y وكذلك السيدة عائشة والسيدة حفصة وباقي المهاجرين والأنصار y.

آلاف من الكتب والمراجع كتبت عن هؤلاء الصحابة وكل هذا في النهاية هو جزء في سيرة النبي .

رابعًا: الأحداث العظيمة التي تحدث في حياة الناس هي التي ينبغي أن نقف عندها، فكلما كان الحدث عظيمًا كلما احتاج إلى دراسة وتحليل ووصف وشرح، تمر على حياة الناس عشرات السنين دون أن يكون هناك حدث عظيم يؤثر في مجموع البشر، فالأحداث المؤثرة فقط تحتاج إلى تحليل ووصف، ومن الممكن أن تعيش دولة من الدول عشرات السنين دون أن تجد حدثًا ضخمًا مؤثرًا.

حادث حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م نسأل الله أن يعيد أمثالها، كم من أبحاث وتحاليل ودراسات ووصف لهذه الحرب وهي منذ ثلاثين عامًا، ولا زلنا نكتب عنها وسيكتب عنها المحللون والمؤرخون؛ لأنه حدث كبير.

وقائع في حياة النبي

تخيل هذا الحدث وتخيل حياة النبي وفي كل عام من هجرته موقعة عسكرية ضخمة:


- 2هـ موقعة بدر.

- 3هـ موقعة أُحد وبني قينقاع.

- 4هـ بني النضير.

- 5هـ موقعة الخندق وبني قريظة وبني المصطلق.

إذا أحصينا في حياة النبي كل هذا الكم الهائل من الوقائع والأحداث، فكم سنحتاج من دراسة وتحاليل لهذه الوقائع.

السيرة النبوية معين لا ينضب، وفي كل زمن ينظر المفكرون إلى هذه السيرة فيستخرجون منها الكثير مع أنه قد فكر في هذا الحدث آلاف المحللين والمفكرين قبل ذلك، لكن هذا ثراء ملحوظ في السيرة النبوية.

فما نفكر فيه هو هدف كبير، وهو إعادة بناء الأمة الإسلامية بدراسة السيرة النبوية، وأي دراسة للسيرة ستخرج منه -بلا شك- بفوائد عظيمة.

مراجع في دراسة السيرة النبوية

هناك الآلاف من الكتب التي كتبت عن سيرة الرسول وعن صحابته وعن حياته بصفة عامة. وهذه بعض ما اعتمدت عليه في دراسة سيرة النبي :

أولاً: كتب التفاسير، ومنها:

تفسير ابن كثير - تفسير القرطبي - في ظلال القرآن لسيد قطب.

ثانيًا: كتب الأحاديث وشروحها:

وكثيرًا ما يغفل عنها بعض دارسي السيرة النبوية. ومن كتب الحديث التي يمكن الاستفادة منها كثيرًا في دراسة سيرة النبي :

1- صحيح البخاري.

2- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر.

3- صحيح مسلم.

4- شرح صحيح مسلم للنووي.

وكذلك سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، ومسند الإمام أحمد بن حنبل.

ثالثًا: كتب السيرة، ومنها:

1- سيرة ابن هشام، وهناك بعض المواقف غير موثقة في سيرة ابن هشام؛ لذلك لا بد من دراسة بعض الكتب المحققة، ككتاب صحيح سيرة ابن هشام للأستاذ فتحي مجدي السيد.

2- كتاب صحيح السيرة النبوية لإبراهيم العلي.

3- كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم.

4- كتاب السيرة النبوية لابن كثير.

5- كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري.

6- كتاب السيرة النبوية للصلابي.

7- الأساس في السنة لسعيد حوّى.

8- فقه السيرة للبوطي.

9- فقه السيرة للغزالي.

10- المنهج الحركي للسيرة النبوية لمنير الغضبان.

11- السيرة النبوية دروس وعبر لمصطفى السباعي.

12- موسوعة سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي.

13- موسوعة السيرة النبوية للأستاذ حمزة النشرتي وآخرين.

14- كتاب دراسة في السيرة للدكتور عماد الدين خليل.

15- كتاب شعاع من السيرة النبوية للدكتور راجح عبد الحميد.

هذه بعض الكتب التي رجعت إليها في دراسة السيرة النبوية، وهناك كتب أخرى في التاريخ وكتب عن الصحابة.

وهناك بعض الأحداث رجعت فيها إلى كتب الفقه وكتب العقيدة وكتب التزكية والأخلاق، إلى غير ذلك من الكتب.

منهجنا في دراسة سيرة النبي

وفي دراستنا للسيرة النبوية نعتمد ونتحرى الصحيح قدر المستطاع في الأحداث، ولا نعتمد على بعض الأحداث التي قد تكون شيقة، ولكنها ليست صحيحة لأننا نهدف من وراء دراسة السيرة النبوية أن نخرج بقواعد عامة لبناء الأمة الإسلامية فلا بد أن نعتمد على الصحيح.

وكثير من العلماء تناول سيرة النبي من جانب معين، كأن يتناول الجانب الخُلقي للنبي ، أو الجانب الفقهي، أو يدرس جوانب الإعجاز في حياة النبي .

لكننا هنا سيكون كل اهتمامنا أن نستنبط القواعد المهمة في بناء الأمة الإسلامية.

ونهتم بالأحداث التي تشبه واقعنا المعاصر، وقد نسهب في تحليل حدث ما يظنه البعض صغيرًا، وقد لا نقف مع حدث آخر يظنه البعض أنه حدث كبير. ولا نغفل هذه الأحداث تقليلاً لأهميتها، ولكن هناك منظور نسير به.

وسيكون كلامنا من بداية البعثة لا من مولده ؛ لأننا كما ذكرنا نهتم بالأشياء المهمة في التشريع الإسلامي، والتشريع لم يبدأ إلا ببعثة النبي .

د. راغب السرجاني
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-03-2014, 04:05 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي



قواعد دراسة السيرة النبوية


لكي نستفيد من دراسة السيرة النبوية لا بد من وضع قواعد لدراسة الأحداث لكي تتم الاستفادة الكاملة من السيرة النبوية، وهناك أربع قواعد، فحاول أن تطبق هذه القواعد الأربع على أحداث السيرة النبوية؛ لتتبيّن حجم الاستفادة من هذه الأحداث.

القاعدة الأولى: السيرة النبوية المصدر الثاني في التشريع الإسلامي

لا بد أن نفقه المصدر الثاني للتشريع للدين الإسلامي من خلال دراستنا للسيرة النبوية، فإن مصادر التشريع في الإسلام كثيرة وأول هذه المصادر بلا جدال هو القرآن، والمصدر الثاني بلا جدال أيضًا هو السنة المطهرة. والسُّنَّة هي كل قول أو فعل أو تقرير صدر عن رسول .

والتقرير هو فعل الصحابي لأمر وافقه عليه النبي بأن استحسنه أو سكت عنه. ولن تستطيع فهم المصدر الثاني من التشريع إلا بعد دراسة مستفيضة للسيرة النبوية.

والقرآن والسنة هما مصدرا التشريع الرئيسية، وهناك مصادر تشريع أخرى منها الإجماع والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة والاستصحاب والعرف، اختلف الفقهاء في ترتيب هذه المصادر لكنهم لم يختلفوا في أن القرآن هو أول هذه المصادر، والسنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع وليس لهما بديل.


والسنة في غاية الأهمية في التشريع الإسلامي، وكذلك السيرة في غاية الأهمية لفهم السنة. فالله يقول في كتابه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].

فبدون السيرة وبدون السنة لن تسطيع أن تفهم القرآن الكريم نفسه، فدراستنا لموقف من مواقفه إنما هي دراسة للمصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.

فالسيرة ليست مجرد شيء نقرؤه أو نتسلى بقراءته، بل هذا هو الدين، وهذا مصدر من المصادر التشريع الإسلامي. وهذا ما سنقابل الله به، وهو ما سيسألنا عنه يوم القيامة، فبفهمك للسيرة النبوية وتطبيقها على الوجه الأمثل تستطيع أن تقابل الله بوجه حسن وبعمل صالح.

لكن هناك طائفة -وللأسف البعض منهم مسلمون- يشككون في أمر السنة ويشككون في السيرة النبوية، وتزعم أنها تكتفي بالقرآن الكريم، والرسول -عليه الصلاة والسلام- تنبأ بهذه الطائفة في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه: عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ. أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ".



ويرد كتاب الله على هؤلاء الذين يزعمون أنهم يؤمنون بالقرآن فقط، فيقول تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80]، {فَلاَ وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

الصحابة ما كانوا يفرقون أبدًا بين قرآن وسنة. قد يكون الحدث الذي تدرسه أو تقرؤه عن النبي أمرًا تشريعيًّا يجب عليك الأخذ به، وقد يكون ترك هذا الأمر يعرضك لأن يُقال لك: سحقًا سحقًا.

القاعدة الثانية: أن نتعرف على شخصية النبي، ومن هو النبي؟


رسول الله هو خير البشر أجمعين وخاتم المرسلين وسيد الأولين والآخِرين. هذه الشخصية هي شخصية عظيمة، بل هي أعظم شخصية وطأت قدمُها على وجه الأرض منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة.

هذه الشخصية جديرة بالدراسة، وهناك أشياء عن النبي سوف نعرفها، والتي تتحدث عن جوانب متعددة ومتنوعة في حياته ، لكن هناك شيء مهم لا بد أن نعرفه عن النبي ونضعه في أذهاننا بوضوح عند كل موقف من مواقفه ، وهذا الأمر هو أن النبي رسول من عند رب العالمين.

شاء الله ألا يكلم عباده كِفاحًا (مواجهة) في الدنيا ليكون ذلك فضلاً منه ونعيمًا لأهل الجنة في الآخرة، وشاء كذلك أن يخاطب عباده عن طريق رسول من البشر، ومن كل الخلق اختار الله I محمدًا ليبلغ الناس عنه I، إذن الرسول في الحقيقة ما هو إلا ناقل عن رب العزة I {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النَّجم: 3، 4].

وعلى هذا القدر من الأهمية يجب أن يؤخذ حديث النبي ، وعلى هذا القدر من العظمة يجب أن تؤخذ سيرة النبي . فالسيرة هي النموذج العملي التطبيقي الذي رسمه الله لخلقه كي يقتدوا برسوله ويقلدوه.

السيرة هي الدليل في الصحراء والبوصلة في البحر، فمن أراد الوصول إلى شاطئ النجاة فلتكن السيرة هي دليله.

ومن دون السيرة سوف نفقد الوجهة الصحيحة بل نضل، ونظل نتخبط في دياجير الظلمات كحال الكثير من الناس.

لو ثبت أن هناك شيئًا فعله النبي فهو ما أراده الله منا، حتى النوافل، فقد يظن البعض أن النوافل من اختراع الرسول ، وأن ما فرضه الله هو ما أوحى الله به إلى النبي من فرائض كصلاة الصبح والظهر، وأن النوافل التي تسبق هذه الفرائض أو تتأخر عنها هي اجتهاد من النبي ، فالله شرع الفريضة كصلاة الظهر فهي أربع ركعات، وكذلك شرع النافلة التي تسبقه أو تتأخر عنه لكن جعل هذا فرضًا وهذه نافلة، وفي النهاية كل شيء مرده إلى الله، وهناك بعض المواقف التي يختار فيها النبي شيئًا وكان من الأولى أن يختار شيئًا آخر، فينزل الوحي ليغيّر المسار ويختار للرسول الاختيار الأولى والأكمل الذي يصلح لهذه الأمة في زمانه وإلى يوم القيامة.

فدراسة السيرة من هذا المنظور تعطي للسيرة أهمية كبيرة، فهي ليست دراسة لشخص عظيم أو مصلح كبير فحسب، بل هي دراسة لسيرة رسول رب العالمين، بل خير الرسل وخاتم النبيين .

القاعدة الثالثة: أن نحب النبي

ينبغي أن نتعلم كيف نحب الرسول ، فحب رسول الله يجب أن يفوق كل حب، وإن لم يحدث هذا الحب فهناك خلل في الإيمان، يقول في حديثه الشريف: "[COLOR="rgb(139, 0, 0)"]لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا[/COLOR]".

ويقول في حديث آخر: "لاَ يُؤْمِنُ الْعَبْدُ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".


ونعرف كلنا ما دار من حوار بين النبي وبين سيدنا عمر بن الخطاب ، قال عمر بن الخطاب: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِلاَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : "لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ". فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ : "الآنَ يَا عُمَرُ".

أي الآن اكتمل الإيمان، الآن اكتمل الصدق مع الله ، لن تكون صادقًا مع الله في اتباعه وفي محبته إلا باتباع النبي {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].


فلا بد من وقفة مع النفس لتعرف هل تحب رسول الله حبًّا حقيقيًّا أم أنك تقدم شيئًا على أوامره؟ هل لك إلى أن تقف وقفة صادقة مع نفسك لتعرف إن كنت تحب الله أم أنك مدَّعٍ لهذا الحب؟

دراسة السيرة النبوية تعين على حب النبي

إن حب النبي قضية محورية في إيمان العبد، والتعرف السطحي على شخصية ما لا يتولد عنه عميق حب، إنما التعرف على دقائق الحياة، واكتشاف جوانب العظمة المختلفة في الشخصية التي ندرسها هي التي تولد الحب في قلب الإنسان.

ولا أحسب أن إنسانًا يمتلك فطرة سليمة يسمع أو يقرأ عن النبي ولا يحبه، وكلما عرفته أكثر كلما أحببته أكثر، وكلما أحببته أكثر كلما زاد إيمانك، فهي علاقة تفاعلية في غاية الأهمية في حياة المؤمنين.

اقرأ عن مواقف النبي ، وعن معاملاته خاصة مع أهله ونسائه وبناته، كيف كان يتعامل مع أصحابه؟ وكيف كانت معاملاته مع أعدائه؟ اقرأ عن جهاده، والغزوات التي قادها ، واقرأ عن صدقه، وعن أمانته، وعن شجاعته، وعن تقواه، وعن عبادته، وعن قضائه، وعن سياسته، اقرأ عن المعاهدات التي عقدها النبي ، اقرأ عن الطائف، أو عن الهجرة، أو عن بدر، أو عن أحد، أو عن فتح مكة، أو عن أي موقعة أو موقف من حياة النبي .

وحتمًا ستحب النبي ، بل سيتعمق هذا الحب في قلبك. لقد عدَّ الله محمدًا نعمة ومنَّة منه I على عباده، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164].

قاعدة من القواعد المهمة التي تضعها نصب عينيك وأنت تدرس السيرة النبوية، وهي أن تعمق حب النبي في نفسك، وتزرعه في قلبك، فبدون هذا الحب لن تستطيع النجاة يوم القيامة، يقول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].

فالمسألة ليست في ارتفاع الإيمان بحبه ، إنما المسألة هي تهديد من الله لمن عظم في قلبه حب المال والبنين وزينة الحياة الدنيا، ونسي حب الله أن يكون من الفاسقين.

القاعدة الرابعة: نتعلم الحكمة من دراسة السيرة النبوية

دراسة السيرة النبوية تعلم الحكمة في أرقى صورها، فبدراستك للسيرة النبوية تستطيع أن تتعلم الحكمة من مواقفه ، والحكمة هي أن تضع الشيء في نصابه، وكيف تفضل رأيًا على رأي آخر، وحياة النبي هي الحكمة بعينها، فإذا اختار أمرًا فهذا اختيار حكيم، وإذا فعل فعلاً ما فهذا الفعل هو الحكيم.

وللنبي مواقف عديدة تدل على حكمته ، منها:

حكمة الرسول في امتلاك القلوب:

لم يكن يمتلك قلوب أصحابه فقط، بل كان يمتلك قلوب أعدائه أيضًا، وهذا من أرقى صور الحكمة، فالقائد ينجح إذا امتلك قلوب أكثر أصدقائه، فما بالك بمن يمتلك قلوب أعدائه؟!

حكمة الرسول في الاعتراف بفقه الواقع:

هذه الحكمة في منتهى الأهمية وتسمى هذه الحكمة بالمرحلية، فقد طاف حول الكعبة وبها ثلاثمائة وستون صنمًا وما رفع معولاً ليكسر صنمًا، ثم يأتي وقت لا يقبل فيه النبي أن يوجد صنم واحد بجزيرة العرب، وفي فتح مكة يرسل النبي سيدنا خالد ليهدم أصنام الطائف.

فبدراسة السيرة تستطيع أن تفرق بين الموقفين لتتعرف على حكمته من ذلك، وهذا لن يتأتى إلا بعد دراسة السيرة النبوية بعمق وفهم وتحليل لهذه الأحداث.

وعاش النبي في مكة ثلاث عشرة سنة وبها الرايات الحُمر المعلقة على خيام الزانيات، ولم يحطم خيمة واحدة من هذه الخيام. ويأتي زمان آخر لم يتوانَ النبي عن إقامة الحد على الغامديّة.

وكان في وقتٍ يعاهد اليهود، وفي وقت آخر وعندما يغدرون يحاربهم. فَلِمَ يعاهد النبي في وقت الحرب؟! ولِمَ يحارب في وقت المعاهدة؟!

وقد يتخذها البعض ذريعة لمعاهدة اليهود دون دراسة أو تحليل لمواقف النبي ، فقد يعاهد ويصالح في وقت الحرب.

ولن نعرف كل هذه الأشياء إلا بدراسة سيرته جيدًا لنعرف كيف نتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

كان النبي يكف يده يومًا عن القتال، ثم يأتي يوم يقاتل من قاتله، ويوم يقاتل كل الكفار.

يومًا يمر النبي على آل ياسر وهم يعذبون في الله، وهذا التعذيب قد أفضى بحياة ياسر وسمية فيقول لهم النبي : "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ الْجَنَّةُ". لم يرفع النبي سيفًا ليقاتل أبا جهل الذي كان يعذبهم، ولم يأمر النبي أحدًا من أصحابه الأشداء الفرسان المعروفين لم يأمرهم بقتل أبي جهل وأبي سفيان وأبي لهب، وعندهم ما يبرر ذلك.

لكن في يوم آخر يجهّز النبي جيشًا ويحاصر بني قينقاع؛ لأنهم قتلوا رجلاً مسلمًا بعد أن كشفوا عورة امرأة مسلمة.

ولقد سيَّرَ النبي جيشًا لقتال الروم، هذه الدولة العظمى لقتلهم رجلين من المسلمين، لكن هذا زمن وزمن مكة شيء آخر.

وأول العهد في المدينة غير آخر العهد فيها، وغزوة بدر تختلف اختلافًا تامًّا عن غزوة أحد.

لا بد -إذن- من دراسة الظروف والملابسات الخاصة بكل موقف وأنت تدرس مواقف السيرة النبوية، وبذلك تستطيع أن تفهم حكمته في فقه الواقع.

التدرج:

ومن حكمة رسول الله اتباع سياسة التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي التربية. كانت الخمر من القضايا الشائكة عند المسلمين، ولم يُحمل الناس على تركها مرة واحدة بل كان التدرج هو السمة الأساسية في تحريمها.

وكذلك حرم الربا، وكذلك كان أمر الناس بالجهاد، فكان التدرج هو العامل الرئيسي في كل هذا الشيء.

الوسطية:

من نعم الله على هذه الأمة أن جعلها أمة وسطًا، كما أخبر في كتابه فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].

فلا إفراط ولا تفريط في أي أمرٍ من أمور الدين، وكذلك كان منهج النبي .

وتعددت التعريفات للإفراط والتفريط وكل له تعريف، والمقياس في كل هذا هو سيرة النبي .

ومن ذلك مثلاً أمر الزواج، فالنبي أمر بالزواج وحض عليه وتزوج، ولكن الزواج لا يلهي عن الدعوة، أو عن الجهاد في سبيل الله، أو عن النفقة في سبيل الله، فهذا التوازن نتعلمه من سيرة النبي .

والتوازن في العمل نتعلمه من سيرة النبي ، فأي عمل مشروع من أعمال الدنيا يأمر به النبي ، ويبارك اليد الخشنة، ولكن بدون إفراط أو تفريط حتى لا يضيع حق الله تعالى وحق العباد وحق الأهل وحق الأمة.

ونتعلم من سيرته التوازن في الطعام، فقد ذكرنا آنفًا أنه يمر الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيت النبي نار. ولكن إذا حضر الطعام أكل من أطيبه.

وكان يصلي وينام ويصوم ويفطر.



وما حديث الثلاثة نفر ببعيد، فيقول أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ، فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي".


فالوسطية كمنهج عملي في حياة الأمة تراها واضحة تمامًا في سيرة النبي .

القواعد الأربع


وفي كل موقف من مواقف سيرة النبي علينا أن نضع نُصب أعيننا هذه القواعد الأربع التي فصلناها سابقًا. وهي:

1- أن نفهم أن هذا الموقف قد يكون من المواقف التشريعية، والعلماء لهم دور كبير في استنباط الأحكام من السيرة النبوية.

2- ندرك أنه رسول ولا يخطو خطوة إلا بوحي من الله أو تعديل من الوحي.

3- أن نتعلم كيف نحب النبي من كل موقف من مواقف حياته .

4- أن نتعلم الحكمة في اختياره للآراء، وفي اختياره للأفعال في أثناء السيرة النبوية من أوَّلها إلى آخرها.

د. راغب السرجاني
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-03-2014 الساعة 04:07 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-03-2014, 04:19 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي



الحضارة الرومانية قبل الإسلام


بداية قد نتساءل: لماذا الحديث عن الفترة السابقة للإسلام؟


والإجابة: لأنك لن تدرك قيمة النور إلا إذا عرفت الظلام، وفي هذا المجال تكفينا الإشارة إلى حديث رسول الله الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي ، والذي يوضح حال الأرض قبل بعثته "إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ"1. فقد وصل حال الناس إلى درجة من الانحطاط جلبت عليهم مقت الله I، والمقت هو شدة الكراهية.

واستخدام الرسول للتعبير بكلمة (بقايا) يوحي بالأثرية، أي كأنهم آثار من عهود سحيقة لا قيمة لها في واقع الناس، ومن جانب آخر فإنّ هذه البقايا لم تشكل مجتمعات كاملة، بل كانت أفرادًا معدودين: رجلاً في مدينة ما، وآخر في مدينة ثانية تبعد عن الأولى مئات الأميال، وهكذا.

إذن، تعالَوْا نخترق حدود الزمان والمكان:

- نخترق حدود الزمان لنصل إلى ما قبل بعثة رسول الله .

- ونخترق حدود المكان لنصل إلى كل بقعة على الأرض كانت تعاصر رسول الله ، ونتجول بين الشرق والغرب لنطالع أحوال الناس والملوك، والأخلاق والطباع، ونكتشف حقيقة ما سمِّي بالحضارات في ذلك الزمن.

الحضارة الرومانية قبل الإسلام


الدولة الرومية دولة مترامية الأطراف، كانت تشغل ثلاثة أرباع قارة أوربا تقريبًا، وقد أنزل الله سورة في القرآن تبدأ بذكر هزيمة الروم من الفرس ثم انتصارهم عليهم، وسماها سورة الروم،
هذه الإمبراطورية الضخمة كانت منقسمة إلى قسميْن رئيسيين:



- الدولة الروميّة الغربيّة وعاصمتها (روما) وكانت قد سقطت.

- الدولة الرومانيّة الشرقيّة وعاصمتها (القسطنطينيّة)، وهي التي حملت لواء النصرانية في العالم وقتها، وكان ملكها هو القيصر هرقل (والقيصر لقب لإمبراطور القسطنطينية).

أ- الحالة الدينية



- مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة، فقد كانت خلافاتهم بشعة، فالخلاف بين المذهب الأرثوذكسي والكنيسة الشرقية من ناحية، والمذهب الكاثوليكي والكنيسة الغربية من ناحية أخرى كان خلافًا حادًّا أسفر عن حروب مدمرة قتل فيها عشرات الآلاف.

بل في داخل الدولة الرومانية الأرثوذكسية الشرقية ذاتها اشتعلت الخلافات العقيمة بين طائفة الملكانية - وهم على مذهب الملك - التي تعتقد بازدواجية طبيعة المسيح، أي أنّ له طبيعتين: بشرية وإلهية. وطائفة المنوفيسية -وهم أهل مصر والحبشة- التي تعتقد بطبيعة إلهية واحدة للمسيح، وكانت طائفة الملكانية تقوم بتعذيب للطائفة الأخرى تعذيبًا بشعًا، فيحرقونهم أحيانًا، ويغرقونهم أحيانًا أخرى، مع أنهم جميعًا أبناء مذهب واحد هو الأرثوذكسية.


وهذه الخلافات العقائدية ما زالت مستعرةً حتى الآن،
فكل طائفة قد يختلف كتابها المقدس عن الأخرى في أجزاء، كما أن لكل طائفة كنائسها التي لا تسمح لأبناء الطائفة الأخرى بالصلاة فيها، ولهذا كله كان الفتح الإسلامي لمصر يشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم، فقد رحمهم المسلمون من هذا الاضطهاد وتركوا من شاء منهم على دينه.

- البابا في إيطاليا كان الناس يسجدون له، ويقبلون قدمه حتى يأذن لهم بالقيام، كما في المسالك والممالك "للبكري -رحمه الله-".

ب- الحالة الأخلاقية

- أصيبت الدولة الرومانية بانحلال خلقي عظيم، نتج عن تأخر سن الزواج بسبب تركز الثروات الضخمة في أيدي قلّة قليلة من أولي النفوذ، بينما يعيش الشعب في فقر شديد، فلم يعد الشباب يملك ما يتزوج به، فانصرف إلى الزنا، والعلاقات المشبوهة، وفضل العزوبة على الزواج.

- أصبحت الرشوة أصلاً في التعامل مع موظفي الدولة، لإنجاز أي عمل أو الحصول على أي حق.

الوحشية في الطباع: وقد تمثل ذلك في لهوهم، وفي حروبهم على السواء:


ففي اللهو كان من وسائل التسلية لديهم: صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترس العبيد.



وفي حروبهم: كانوا يتعاملون مع عدوهم بهمجية ووحشية
، فعلى سبيل المثال: في عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حاصر الرومان اليهود في القدس -وكان اليهود يسمونها أورشليم- لمدة خمسة أشهر، انتهت في سبتمبر سنة (70) ميلادية، ثم سقطت المدينة في أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ. لماذا نسميها مهينة؟


"لأن الرومان أمروا اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم، وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعًا في النجاة فهم أحرص الناس على حياة ولو كانت حياة ذليلة مهينة، ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينجُ منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون في أماكن بعيدة.

ج- الحالة الاجتماعية


- فرضت الدولة الضرائب الباهظة على كل السكان البلاد، وكان أكثرها وأثقلها على الفقراء دون الأغنياء.

[- كان المجتمع الروماني ينقسم إلى أحرار وهم السادة، وعبيد وهم ثلاثة أضعاف الأحرار من حيث العدد، ولا يتمتعون بأية حقوق بل مصيرهم في أيدي سادتهم، كما أنهم ليس لهم أي احترام وسط المجتمع، لدرجة أن الفيلسوف (أفلاطون) صاحب فكرة المدينة الفاضلة (يوتوبيا) كان يرى أنه يجب ألا يعطى العبيد حق المواطنة.

ـــــــــــــــــ

1 صحيح مسلم - كِتَاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-03-2014 الساعة 04:28 PM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-03-2014, 04:48 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي



الحضارة الفارسية قبل الإسلام


كان الوضع في تلك الدولة يمثل مأساة حضارية بكل المقاييس في كل الجوانب الأخلاقيّة، والاجتماعيّة، والدينيّة على السواء:

أ- الحالة الأخلاقيّة


- انتشر الانحلال الأخلاقي، حتى سقط الفرس في مستنقع زواج المحارم فـ (كسرى يزدجرد الثاني) كان متزوجًا من ابنته ثمّ قتلها، وتزوج (بهرام جوبين) بأخته، ومنهم من تزوج أمه، ولم يكن هذا الداء منتشرًا في الأمم في ذلك العصر، بل كان مستقبحًا، وكانت كل المجتمعات تستنكر على الفرس نكاحهم المحارم.

في عهد (قباذ) ظهر رجل يذكر في الفلاسفة، بينما هو في الواقع مصيبة وكارثة ضربت الفرس في مقتل، فقد قال: إنّ الناس سواسية في كل شيء. وهذه الكلمة ظاهرها طيب، ولكنّ باطنها خبيث، فهو لم يدعُ إلى المساواة في الحقوق والواجبات، والمعاملات والاحترام، بل دعا إلى اشتراك الناس في المال والنساء، أي هم متساوون في ملكية هذين الشيئين، فهي في حقيقتها دعوة شيوعية خبيثة.

فأصبح الرجل القويُّ يدخل على الرجل الضعيف بيته، فيغلبه على ماله وزوجته، والضعيف لا يستطيع أن يعترض، فقد صارت الشيوعية دينًا لهم، وليس هناك احترام للملكية الخاصة، فامتنع الناس عن العمل، لعدم استفادتهم بما يكسبونه من أجر، وعمّت السرقات التي صارت الطريق الأسهل للحصول على المال، وباركها (كسرى قباذ) الذي كان يرى ذلك دينًا، وفسد الناس كلهم أجمعون.

قارن هذا الموقف بموقف رسول الله الذي يقول: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا".



ب- الحالة الاجتماعية


- تقديس الأكاسرة: فقد كانوا يعتقدون أن الأكاسرة تجري بعروقهم دماء إلهية، وأنهم فوق البشر، وفوق القانون، فكانوا يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له.

- كانوا يقفون أمام كسرى حسب طبقاتهم، فأقرب الناس إليه هم طبقة الكهَّان، والأمراء والوزراء، وهؤلاء يقفون على مسافة خمسة أمتارٍ منه، ومن هم أقل منهم فكانوا يقفون على مسافة عشرة أمتار من كسرى.

كانوا يضعون على أفواههم غلالة من القماش الأبيض الرقيق إذا دخلوا على كسرى حتى لا يلوثوا الحضرة الملكية بأنفاسهم.

يفعلون ذلك بينما كان رسول الله إذا استقبله رجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم يُرَ مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له (أي يتواضع لجليسه فلا يمد رجله أمامه). روى ذلك الترمذي وابن ماجه عن أنس .


- كانت مكانة الإنسان في المجتمع الفارسي تخضع لنظام شديد الطبقية، وفيه مهانة كبيرة للإنسانية فكان المجتمع مقسمًا إلى سبع طبقات:

* طبقة الأكاسرة: وهي أعلى الطبقات وأرقاها.

* طبقة الأشراف: وهي سبع عائلات لا يتخطاها الشرف إلى غيرها.

* طبقة رجال الدين.

* طبقة قوّاد الجيش ورجال الحرب.

* طبقة المثقفين: من الكُتّاب والأطباء والشعراء (لذا ليس مستغربًا أن يعمَّ الجهل، وتنتشر الخرافات في المجتمع، طالما أن أهل العلم في المؤخرة).

* طبقة الدهاقين: وهم رؤساء القرى، وجامعو الضرائب.

* عامة الشعب: وهم أكثر من 90% من مجموع سكان فارس من العمال والفلاحين، والتجار والجنود والعبيد، وهؤلاء ليس لهم حقوق بالمرة، لدرجة أنهم كانوا يربطون في المعارك بالسلاسل؛ ففي موقعة (الأُبلَّة) أولى المواقع الإسلامية في فارس بقيادة خالد بن الوليد ، كان الفُرس يربطون ستين ألفًا من الجنود بالسلاسل كي لا يهربوا: كل سلسلة تضم عشرة جنود،

كيف يستطيع هؤلاء في سلاسلهم أن يحاربوا قومًا وصفهم خالد بن الوليد في رسالته إلى زعيم الأبلة بقوله:
"جئتكم برجال يحبون الموت، كما تحبون أنتم الحياة".

ج- الحالة السياسية

كان الملك في فارس مقتصرًا على بيت واحد فقط هو البيت الساساني، فإذا لم يجدوا رجلاً يولونه عليهم من آل ساسان، ولوا أمرهم طفلاً صغيرًا كما فعلوا مع (أزدشير بن شيرويه) سبع سنوات، وإن لم يجدوا طفلاً ولّوا أمرهم امرأة كما حدث مع (بوران بنت كسرى).


د- الحالة الدينية

- كانت الديانة السائدة في فارس هي عبادة النار، وهي ديانة (زرادشت)، وهو الذي دعا إلى تقديس النار، وقال: إنّ نور الإله يسطع في كل ما هو مشرق ملتهب، وحرّم الأعمال التي تتطلب نارًا، فاكتفى بالزراعة والتجارة فقط (وقد عدّه صاحب كتاب "الخالدون مائة وأعظمهم محمد " من الخالدين، فجعله في المرتبة التاسعة والثمانين)؛ لأن ديانته محلية بينما ديانة رسول الله ، وديانة المسيح عالمية، وفي الحقيقة هذا ميزان قبيح؛ لأنه يجمع الأنبياء العظام الموحى إليهم مع كذَّاب وضّاع، ألّف دينًا، وخرج به على الناس.

ولمّا كانت النار لا توحي إلى عبادها بشريعة، ولا تضع لهم منهاجًا، فقد شرع الناس لأنفسهم حسبما تريد أهواؤهم، وعمَّ الفساد كل شيء في فارس.

يذكر المؤرخ الفرنسي (رينو) حال أوربا قبل الإسلام، فيقول: طفحت أوربا في ذلك الزمان بالعيوب والآثام، وهربت من النظافة والعناية بالإنسان والمكان، وزخرت بالجهل والفوضى والتأخر، وشيوع الظلم والاضطهاد، وفشت فيها الأمية.


فقد عَمَّ الجهل حتى صار مَدعاةً للفخار فكان الأمراء يفتخرون بأنهم لا يستطيعون القراءة (قارن هذا بدين كانت أولى كلماته: اقرأ)، ويكمل (رينو) عن أوربا أنها كانت مسرحًا للحروب والأعمال الوحشية.


ويقول (جوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب):

لم يبد في أوربا بعض الميل إلى العلم إلا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر من الميلاد (يعني القرنين الرابع والخامس الهجريين)، وذلك حين ظهر فيهم أناس أرادوا أن يرفعوا أكفان الجهل، فولوا وجوههم شطر المسلمين الذين كانوا أئمة وحدهم.


ويصف مؤرخ أندلسي اسمه (صاعد) (توفي في القرن الخامس الهجري عام 462هـ في طليطلة) ألف كتاب (طبقات الأمم) يذكر فيه أحوال البلاد في زمانه، فيصف فيه حال البلاد الشمالية في أوربا (أي إسكندنافيا): الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا، قال: هم أشبه بالبهائم منهم بالناس، وقد يكون ذلك من إفراط بُعد الشمس عن رءوسهم، فصارت لذلك أمزجتهم باردة، وأخلاقهم فجة رديئة، وقد انسدلت شعورهم على وجوههم، وعدموا دقة الأفهام، وغلب عليهم الجهل والبلادة وفشت فيهم الغباوة.


وهذا هو الرَّحَّالةُّ الأندلسي (إبراهيم الطرطوشي) يصف أهل (جليقية) في شمال إسبانيا بأنهم أهل غدر ودناءة أخلاق، لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرةً أو مرتين بالماء البارد، ولا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تنقطع عليهم، ويزعمون أن الوسخ الذي يعلوهم من عرقهم تصحُّ به أبدانهم (ولست أدري كيف كانوا يتحملون رائحة أنفسهم ومن حولهم) وثيابهم أضيق الثياب، هي فرجة مُفَتَّحةُ، يبدو منها أكثر أبدانهم.


قارن بين هذا وبين دين يأمر بالوضوء خمس مرات في اليوم، وبالاغتسال من الجِنَابة، ويوم الجمعة، وفي الأعياد، ويأمر باجتناب صلاة الجماعة، وهي من أشرف العبادات إذا كنت آكلاً لبصلٍ أو ثومٍ.



ويصف البكري صاحب المسالك والممالك (توفي عام 487هـ) حال الروس، فيقول: "فيها منطقة تسمى أوثان لهم ملك (منطقة كبيرة) لا أحد يعلم عن حالها من الداخل شيئًا؛ لأن كل من وطئ أرضهم من الغرباء قتل".



قارن هذا مع دين الإسلام الذي جاء في هذه الفترة يقول للمؤمنين: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6].

ويخبرنا أيضًا عن بعض أصناف الصقالبة سكان المناطق الشمالية في أوربا، فيقول: لهم أفعال مثل أفعال الهند، فيحرقون الميت عند موته، وتأتي نساء الميت يقطعن أيديهن ووجوههن بالسكاكين، وبعض النساء المحبات لأزواجهن يشنقن أنفسهن على الملأ، ثم تُحرق الجثة بعد الموت، وتوضع مع الميت.

ويروي ابن فضلان الرَّحَّالة المسلم في القرن الرابع الهجري ما شاهده بنفسه من موت أحد السادة في أوربا، فجاءوا بجاريته لتموت معه، فشربت الخمر ورقصت، وقامت بطقوس معينة، ثم قيدوها بالحبال من رقبتها، ثم أقبلت امرأة عجوز يسمونها: ملك الموت، وبيدها خنجر كبير، ثم أخذت تطعنها في صدرها بين الضلوع في أكثر من موضع، والرجال يخنقونها بالحبل حتى ماتت، ثم أحرقوها، ووضعوها مع سيدها الميت، وهم بهذا يظنون أنهم يوفون السيد حقه من التكريم.



قارن هذا مع ما جاء به الإسلام عن الرقيق، حتى تعرف دينك: جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنّ الرسول قال: "مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهَ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يَعْتِقَهُ".

وسواءٌ كان هذا الأمر بالعتق على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب، فهذه هي نظرة الإسلام السامية لمعاملة الرقيق، وحتى في الحديث عنهم يراعي الإسلام مشاعرهم، جاء في صحيح مسلم أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: غُلامِي وَجَارِيَتِي، وَفَتَايَ وَفَتَاتِي".
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-11-2014, 01:30 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي




الحضارة المصرية قبل الإسلام

لقد كانت مصر محتلةً من الرومان منذ هزيمة (كليوباترا) على يد (أوكتافيوس) سنة 31 قبل الميلاد، وكان الاحتلال من قبل الدولة الرومانية الغربية في عهد (أوغسطس قيصر)، وعندما سقطت الدولة الرومانية الغربية سنة 476 ميلادية (أي قبل ميلاد الرسول بحوالي مائة عام) آلت أملاك الدولة الرومانية الغربية إلى الدولة الرومانية الشرقية.

فماذا كان الرومان من الغربيين ثمّ الشرقيين يفعلون في أهل مصر؟

- تحولت مصر إلى مخزن يُمد الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء.

- حدث تدهور شديد في مصر اقتصاديًّا وعلميًّا واجتماعيًّا.

- فقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، وإن كان الرومان قد حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز المصرية كصورة فقط، وذلك لتجنب ثورة الشعب.

- تمّ فرض الضرائب الباهظة جدًّا بمختلف أنواعها على الشعب المعدم فمنها:

* ضرائب عامة على الشعب.

* ضرائب على الصناعات.

* ضرائب على الأراضي.

* ضرائب على الماشية.

* ضرائب على المبيعات.

* ضرائب على أثاث المنازل.

* ضرائب على المارة من أجل عبور المصري من مكان إلى مكان.

* وتجاوزت الضرائب الأحياء - في سابقة تاريخية - إلى الأموات، فلم يكن يسمح بدفن الميت إلا بعد دفع ضريبة معينة (مثل ضريبة التركات، وكأنه لا يكفيهم مصيبة الموت).


- وفوق كل ذلك الضغط المادي كان التعذيب لأجل المخالفة في المعتقد الديني المذهبي، وإن كان الجميع -كما ذكرنا- تحت مظلة النصرانية الأرثوذكسية.الحضارة المصرية قبل الإسلام
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-11-2014 الساعة 01:33 AM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-11-2014, 02:00 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي


الحضارة الصينية قبل الإسلام

وجد في الصين ثلاث ديانات، هي:


1- ديانة لاتسو: وقد وضع (لاتسو) هذا ديانة سلبية وغير عملية، فهي تدعو إلى البعد الكامل عن النساء، والزهد الكامل في الدنيا، والانعزال الكامل عن المجتمع.


2- ديانة كونفوشيوس: ويعدونه من كبار الفلاسفة والحكماء الصينين، وديانته مادية بحتة، حيث تعني بقوانين وقواعد وتجارب، وتشير إلى أن الحياة بصفة عامة شيء بائس، أما من ناحية العبادة فلك أن تعبد ما تشاء: شجرًا، أو نهرًا، أو أيًّا ما كان.

3- ديانة بوذا: وبوذا معدود أيضًا من كبار الفلاسفة والحكماء، وشريعته الوضعية تدعو إلى تعاليم أخلاقية معينة، ولكنها –أيضًا- تدعو إلى الانعزال عن المجتمع، والزهد في الحياة، وقد تحول بوذا مع مرور الوقت من حكيم ومشرّع وضعيٍّ إلى معبود لبعض أهل الصين، وصنعت له التماثيل، وظل يعبد على مدار السنين حتى الآن.

- هؤلاء الثلاثة وضعهم مؤلف كتاب (الخالدون مائة وأعظمهم محمد ) من القائمة، فجعل كونفوشيوس السادس، وبوذا الخامس، بل إنه لم يتردد أن يقول في وقاحة شديدة: إنّ بوذا يستحق أن يتصدر قائمة الخالدين، ويسبق محمدًا ، وعيسى لولا أن أتباع (بوذا) الآن أقل من أتباع رسول الله ، وعيسى . وهذا منطق معوج لا يستقيم مع الفكر السليم،

ولا مع منهج الكاتب الذي اختطه لنفسه في كتابه، وهو أن يصنف الخالدين بحسب تأثيرهم في حركة التاريخ وفي مجتمعاتهم، وليس الإيمان بشريعة تدعو إلى الانعزال عن المجتمع مما يغير في حركة الحياة على عكس ما فعله رسول الله من تقويم لحركة التاريخ، وتصحيح لمسار أمم بأكملها، ورغم ذلك ما زال منا من يعتقد أنّ هذا الكتاب منصف في حق رسول الإسلام .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-11-2014, 02:18 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي



حضارة الهند قبل الإسلام

حضارة الهند قبل الإسلام

تميزت الهند بعدة ظواهر، منها:

1- كثرة المعبودات والآلهة، فكل شيء من الممكن أن يعبد في الهند، فهناك تماثيل لكل شيء، قد يعبدون الأشخاص، والجبال، والأنهار كنهر الكنج الذي يقدسونه، ويعبدون المعادن، ومن أشهر المعادن التي عبدوه: الذهب والفضة، ويعبدون آلات الحرب كالسيف والدّرع، ومنهم من يعبد آلات الكتابة كالقلم والأوراق، وكذلك الأجرام الفلكية، والحيوانات وأكثر حيوان عُبد وعظم في الهند هو البقرة وما زالت إلى الآن، ومن المؤسف أن تجد من الهنود علماء في الكمبيوتر والذرة يعبدون بقرة.

وقد عبد الهنود حيوانات كثيرة، حتى إنّ بلادهم أصيبت ذات مرة بمجاعة شديدة نتيجة التهام الفئران التي يعبدونها للمزروعات والمحاصيل.

2- الشهوة الجنسية الجامحة: فهم يدَّعون تزاوج الآلهة، كما عبدوا أعضاء التناسل، وتوَّجوا ذلك بارتكاب الكهنة لأبشع الفواحش في معابدهم، وكانوا يعتبرون هذه الفواحش من الدين، أي أنهم كانوا يتقربون لآلهتهم بارتكاب هذه الفواحش.

3- الطبقيّة البشعة: قسّم الهنود المجتمع أربع طبقات هي:

* طبقة البراهمة: وهم الكهنة والحكام.

* طبقة شترى: وهم رجال الحرب.

* طبقة ويش: وهم التجار والزرّاع.

* طبقة شودر: وهم المنبوذون: وهم بحسب التقسيم أحط من البهائم، وأذل من الكلاب، ويصرح القانون بأنه من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة دون أجر.

قارن هذا بما رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله قال: "أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ".

كما أن ليس لطبقة شودر أن يقتنوا مالا، فإن ذلك يؤذي البراهمة، وإذا همّ شودري أن يضرب برهمي قطعت يده، وإذا همّ بالجلوس إليه كُوِي استه بالنار، ونُفي خارج البلاد، وإذا سبّه اقْتُلع لسانه، وإذا ادعى أنه يعلمه شيئًا سُقي زيتًا مغليًّا، وكفّارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والبومة مثل كفارة قتل الشودر سواء بسواء.

والأنكى من ذلك أنّ من كان في طبقة من الطبقات لا يستطيع أن يرتقي للطبقة الأعلى مهما اكتسب من علم أو مال أو جاه.

- المرأة في المجتمع الهندي

كانت المرأة -أحيانًا- يكون لها أكثر من زوج، وهي في منزلة الأمة حتى لو كانت زوجة لشريف.

وكان الرجل إذا قامر فخسر ماله، يقامر على امرأته وقد يخسرها فيأخذها الفائز، ويجب أن تقارن هذا بكلام رسول الله :

"اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".

"النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ".

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ".

- وكان من عادة الهنود أن يحرقوا الزوجة مع زوجها عندما يموت ويدفنوها معه، وإذا لم تفعل المرأة ذلك تبقى أمَةً في بيت زوجها الميت، وتصبح عُرضَةً للإهانات والتجريح كل يوم إلى أن تموت.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-11-2014, 02:35 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي



اليهود قبل الإسلام

تاريخ اليهود قبل الإسلام
عاش اليهود قبل الإسلام مضطهدين في آسيا وأوربا وكل مكان وقد تركزوا بالشام قبل البعثة النبوية، ولم يكن لأحدٍ من الناس بمعاشرتهم طاقة.

فاليهود في لحظات الضعف يبدون الخنوع والنفاق والدّس والوقيعة والكيد والكذب، وفي لحظات القوة يبدون التجبر والتكبر والظلم والوحشية والرِّبا.

ففي سنة (610) ميلادية، انتصر الفرس على الروم {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الرُّوم: 2]، فانقلب اليهود على نصارى الشام، وقد ضعفت جيوش الروم هناك، فخرَّبوا الكنائس، وقتلوا الرهبان، وظهرت لهم شوكة وتكبر لعدة سنوات.

ثم انتصر الروم على الفرس {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الرُّوم: 3]، فذهب اليهود إلى هرقل، وتذلّلوا له، وأظهروا الانصياع الكامل له، والتبعية لحكومته، فقبل منهم،وأعطاهم العهد بالأمان، ولكن أتى رهبان الشام، فذكروا لهرقل ما فعله اليهود وقت هزيمة الروم، فغضب هرقل وأراد معاقبة اليهود، ولكن منعه العهد الذي أعطاه إياهم، فجاء رهبان النصارى وقالوا لهرقل: لا عليك من العهد، اقتلهم وسنصوم عنك جمعة كل سنةٍ أبد الدّهر.

وهؤلاء هم رفقاء السوء، وبطانة السوء، فقبل هرقل وعذب اليهود عذابًا شديدًا حتى لم يفلت إلا الذي هرب من الشام.

فقد كان العداء واضحًا وشديدًا بين اليهود والنصارى منذ ادعى النصارى أنَّ اليهود صلبوا السيد المسيح عليه السلام وقتلوه {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]، حتى إن النصارى في عهدهم مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عند فتح القدس سنة 16هـ اشترطوا ألاّ يعيش في القدس يهودي، لا يبقى فيها يومًا وليلة، وقد أعطاهم الفاروق عمر العهد بذلك.

ولكن اتفق الآن اليهود مع الأمريكان والإنجليز والفرنسيين وغيرهم، لماذا؟

لأن معركتهم واحدة، وهي المعركة ضد الإسلام.


تمركز اليهود في زمان رسول الله في شمال المدينة المنورة، وكانوا - كعادتهم - قومًا غلاظ الطباع، قساة القلوب، منحرفي الأخلاق، يعيشون على الرِّبا، وإشعال الفتن، والتكسب من بيع السلاح، وعلى إيقاع السادة في الفضائح الأخلاقية وتهديدهم بها، وعلى السيطرة على الجهال بكتبهم المحرفة وأفكارهم الضالة.



الحبشة (أثيوبيا) قبل الإسلام

كان أهل الحبشة على النصرانية المحرفة، وكانوا يتبعون الكرسيّ البابويّ الإسكندريّ في الدين (المنوفيسية)، فيعتقدون أنّ المسيح هو الله أو هو ابن الله وليس له طبيعة بشرية. وكانت حياتهم بدائية إلى حد كبير، وإن كان لديهم قوة وجيش وسلاح. وفي زمان رسول الله وبعد البعثة كان يحكمهم رجل لا يظلم عنده أحد وهو النجاشي أصحمة، والنجاشي لقب وليس اسمًا كما يلقب ملك الفرس بكسرى وملك الروم بقيصر وملك مصر بفرعون.



الأمريكتان قبل الإسلام

كانت الأمريكتان تعيشان في ذلك الوقت مرحلة طفولة حضارية في حياة بدائية تمامًا، وقد شاهدت آثار السكان الأصليين لأمريكا الذين يطلق عليهم الهنود الحمر وهي آثار بدائية للغاية، وظلت كذلك حتى جاء الأوربيون من المجرمين والأفاكين وأبادوا الملايين من السكان الأصليين، وأقاموا على أشلاء جثثهم الحضارة الأمريكية المعاصرة.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:35 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.