انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة

ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 12-01-2012, 01:53 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

أبو بكر الصديق يخرج على الشرعية الشعبية! نصرة للشريعة 27

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام في الحلقة الماضية بينا أن "سيادة الشعب" تعني ربوبية الشعب. اليوم سنناقش ستة آثار لمفهوم "سيادة الشعب" على عقائد المسلمين ومواقفهم لنرى أننا لم نبالغ حينما وصفناه بأنه دين جديد غير دين سيادة الله عز وجل
. 1) أول هذه الآثار الاعتراف بما يسمى "الشرعية الشعبية"، والتي تعني لدى الكثيرين إضفاء الشرعية على نظام الحكم أو الحاكم لمجرد أن الشعب اختاره بغض النظر عما يحكم به. وأركز هنا على عبارة "بغض النظر عما يحكم به" حتى لا يُشوَّش علينا بأنا لا نقر بسلطة الشعب، وقد وضحت في الحلقة الماضية أن الشعب المسلم له سلطة اختيار الإمام الذي يحكمه بالشريعة. كلامنا عمن يرى أن نظام الحكم أو الرئيس يصبح شرعيا بمجرد اختيار الشعب له دون نظر لالتزامه بالشريعة، ثم بعد ذلك يستخدم نصوص الشريعة الإسلامية في تطويع الناس لهذا الحاكم، فنقول له: حدد موقفك: ما مصدر الشرعية عندك؟ هل المصدر هو كتاب الله القائل: ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم))؟ إن كان كذلك فكتاب الله يقول أيضا: ((ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون)). فإن كان الاحتكام إلى الله ورسوله، فليكن احتكاما كليا صادقا وإلا أصابكم قوله تعالى: ((وإذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون (48) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) )) (النور). أم أن مصدر الشرعية عندك هو اختيار الشعب لهذا الرئيس بغض النظر عما يحكم به؟ إن كان كذلك عندك فمن لم يطع أمر الله بالحكم بشريعته فليس له أن يُطوِّع الناس لحكمه باسم الله. فشريعة الله عقد ملزم للحاكم كما هو ملزم للمحكوم. أصدر أزهري فتوى فيها تخاليط بين دين الله ودين سيادة الشعب. فهو يحذر في فتواه من "الخروج" على الرئيس الفلاني، معللا ذلك بأن الأمة اختارته بـ"بيعة" مباشرة متمثلة في الانتخابات الحرة. فاستنتج أن: الرئيس "الشرعي" الآن هو فلان. ثم قال: فهؤلاء –الخارجون عليه- يقومون بـ"الحرابة الكبرى"، وثورتهم هي "ثورة خوارج وردة على الديمقراطية والحرية". ثم استخدم هذا الأزهري نصوصا شرعية في كيفية التعامل معهم. تناقض وتخبط وتخليط عجيب و تردد بين جعل المرجعية للشريعة وجعلها للشعب! إما أن تكون الشرعية مستمدة من شريعة الله، وحينئذ فالرئيس ملزم بتطبيق الشريعة والشعب ملزم بطاعته بنص كلام الله وكلام رسوله. أو أن تكون الشرعية عندكم مستمدة من اختيار الشعب فحسب، وحيئنذ فلا تلجأوا إلى قال الله وقال رسوله، بل كونوا منسجمين مع أنفسكم وقولوا: دين الديمقراطية يقول وجان جاك روسو يقول. ثم إن كانت الشرعية مستمدة من اختيار الشعب للرئيس فحسب، فيلزم من ذلك أن الشعب إن اختار رئيسا علمانيا فهو رئيس شرعي، وبمنطق هذه الفتوى يحق له أن يطبق حد الحرابة على الخارجين عليه لأنهم ارتدوا عن الحرية والديمقراطية! فمثل هذه الفتاوى يلزم منها لوازم في غاية الفساد.


2) من الآثار المشؤومة لشيوع مفهوم سيادة الشعب أن من الناس من يحكم على فعل بالخطأ لمخالفته أمر الحاكم الذي يتمتع بـ"الشرعية الشعبية"، حتى وإن كان عمله هذا يتمتع بالشرعية الإلهية! فأصبحنا نسمع من يعارض قتال اليهود من خلال الحدود المصرية وتفجير خطوط الغاز لأن ذلك خروج عن سياسات الرئيس الذي يتمتع بالـ"شرعية الشعبية"! نعود فنقول: هل وجه انتقادكم أن هذا ولي أمر شرعي؟ وهل منعُه من قتال اليهود مستند إلى نصوص شرعية؟ فليظهر هذه النصوص لنا. ثم إن أظهرها فهل هو ملتزم بالشريعة التي يطوِّع الناس بها. أم أن الأدلة الشرعية ليست لغتكم؟ بل ترون أن من أعطاه الشعب الشرعية له الحق أن يعاقب من يقوم بأفعال أعطاها الله الشرعية؟! حددوا لنا تعريف هذا المفهوم المشوه الهجين "الشرعية الشعبية" الذي تحاكمون به الأفراد والأفعال؟ إذن فالشريعة لم تعد هي المعيار الأوحد في الحكم على الأفعال والأشخاص لدى هؤلاء. فإنك إن سألت أحدهم: (أنت عندما تعارض جهاد اليهود لأن النظام المنتخب "الشرعي" يمنع من ذلك، فهل تعني بذلك أن جهادهم محرم شرعا في هذه الحالة؟)، فلعله يتردد في أن يجيب بــ (نعم). لكن لو سألته: (هل تعني أن جهادهم خطأ) فلن يتردد وسيقول: نعم خطأ! إذن أصبح هناك معيار آخر لتصويب وتخطئة الأفعال غيرُ الشريعة!

3) من آثار مفهوم سيادة الشعب ترويج العلمانية بعباءة "إسلامية"! فما هي العلمانية؟ أن تعبد الله في أحوالك الشخصية كما تشاء لكن تحتكم في السياسات العامة إلى القوانين التي صيغت بالأغلبية الشعبية، ولا تتحدثَ بعد ذلك عن فرض سلطان الإسلام وتطويع الناس لربهم. جَهِد خفافيش العلمانية في ترويج هذا المبدأ عقودا طويلة كانوا فيها منبوذين تعرفهم في لحن قولهم ونشاز أشكالهم...أذيالا لأنظمة يمقتها الناس ويمقتون من لف لفيفها. ثم إذا بهذه المبادئ العلمانية تندس إلى بيوت المسلمين بعباءة "إسلامية" وتضفى عليها مسحة إسلامية بمصطلحات هجينة تخلط بين النصوص الشرعية وسيادة الشعب.

4) من آثار مفهوم سيادة الشعب طمس عقيدة الولاء والبراء والتسويةُ بين المسلم والكافر على أساس المواطنة حتى فيما فرق الشرع فيه، بل والتسوية بينهما تسوية قيمية ذاتية. فالمسلم العالم التقي والنصراني والشيوعي الملحد والشاذ جنسيا، هؤلاء كلهم أفراد من الشعب، ولكل منهم نصيب من السيادة الموزعة حسب الكثرة العددية، أي أن لكل منهم نصيبا من الربوبية! فقد بينا في الحلقة الماضية أن السيادة التي يتكلمون عنها من خصائص الربوبية. فما عاد مقبولا ذوقا أن يقال عن هذا "الـرب الصغير" كافر، أو ضال، أو فاسق. فقد يُحَصل هو وزمرته يوما الأغلبية، وبالتالي الشرعية الشعبية، فيصبح كفرُه وضلاله قانونا يكافأ الملتزم به ويعاقب مخالفه! والمسألة رقمية نسبية، فلا حقَّ مطلقَ ولا ضلالَ مطلق!


5) من آثاره أنك ترى من ينتسب إلى الإسلام ومع ذلك يدافع عن قوانين تُطبق في دول غربية، كتلك التي تمنع الحجاب في المدارس والجامعات، على اعتبار أن هذه القوانين صيغت بالأغلبية وحصلت على الشرعية الشعبية! فمن ينادي بسيادة الشعب فليس له أن يحصر هذه السيادة في الشعوب المسلمة، إذ لو كان المبرر لسيادتها إسلامُها فهذا يعيدنا إلى تسييد الإسلام ذاته، وإن كان المبرر الكثرةَ فكثرة أي بلد هي التي تضفي الشرعية على أي حكم مهما كان!

6) من آثار سيادة الشعب إبطال شرائع الإسلام كجهاد الطلب. فلا أدري ما المبرر للفتوحات الإسلامية وجهاد الطلب إن كان فيه خروج على إرادة وسيادة الشعوب الرافضة للإسلام وأداء الجزية؟! وكيف يمكن التوفيق بين ((ويكون الدين كله لله)) واحترام سيادة هذه الشعوب وإرادتها وديمقراطيتها؟! ثم إنه بعد وفاة النبي وردة أناس وامتناع آخرين عن الزكاة لم يكن أبو بكر الصديق رضي الله عنه يملك الشرعية الشعبية. فلو أجريت انتخابات ديمقراطية "نزيهة" لفاز مسيلمة الكذاب الذي كان يحظى بتأييد مئة ألف من بني حنيفة! فمحاربة أبي بكر لمانعي الزكاة والمرتدين كانت –في دين سيادة الشعب- انقلابا على الشرعية الشعبية وردة عن الحرية والديمقراطية وديكتاتورية دينية وفرضا لـ"مفهومه الخاص للإسلام"! وكان الأولى به –حسب دين سيادة الشعب- أن ينشر "مفهومه للإسلام" بطريقة سلمية ويحتكم هو وشرائح المجتمع كافة إلى صناديق الاقتراع ويقبلوا بالنتيجة مهما كانت! أما في دين الله، فتطبيق الشريعة هو العقد الملزم للطرفين. فإن خرج الحاكم عن الشريعة خلعه الشعب، وإن خرج جزء من الشعب عن الشريعة حاربهم الحاكم حتى يعودوا. هذه بعض لوازم سيادة الشعب. لكن أود ختاما أن ألفت النظر إلى أن مشكلتنا الحقيقية ليست مع الشعوب الإسلامية، ولا أريد أن يظهر من كلامنا وكأن الشعب ادعى السيادة فحاولنا انتزاعها منه. بل مشكلتنا في هذا الموضوع مع من مارسوا العمل السياسي باسم الإسلام وأدخلوا إليه بممارساتهم الخطيرة مفاهيم غريبة شوشت ما كان من المسلمات الفطرية لدى الشعوب. ثم هم بعد ذلك لم يحترموا ولا حتى سيادة الشعب التي نادوا بها، بل قاموا بعد وصولهم الحكم بما يحرمه الله ويرفضه الشعب! فلا شريعة أقاموا، ولا شعبا سودوا، ولا تركوا عقائد الناس على نقائها الفطري، بل نفذوا ما يريده النصارى والفساق والعلمانيون والدول الغربية. هذا ما سنبينه في الحلقة القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:35 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.