انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟!

كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-03-2008, 04:30 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




 

--------------------------------------------------------------------------------


يا سامعا لكل شكوى


الحمد لله الذي يُطعم ولا يطعم، منّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا.

الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العري، وهدى من الضلالة، وبصّر من العمى، وفضل على كثير ممن خلق تفضيلا.

الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد أيها الأحبة في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا سامعا لكل شكوى.

يا خالق الأكوان أنت المرتجى...... وإليك وحدك ترتقي صلواتي

يا خالقي ماذا أقول وأنت تعلمـــني وتعلم حاجتي وشكاتــي

يا خالقي ماذا أقول وأنت........... مطلع على شكواي والأناتي

اللهم يا موضع كل شكوى، ويا سمع كل نجوى، ويا شاهد كل بلوى، يا عالم كل خفية، و يا كاشف كل بلية، يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين ندعوك دعاء من أشدت فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته دعاء الغرباء المضطرين الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه إلا أنت.

يا أرحم الراحمين أكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعف وفتور وذل وهوان.

يا سامعا لكل شكوى أعن المساكين والمستضعفين وأرحم النساء الثكالى والأطفال اليتامى وذي الشيبة الكبير، إنك على كل شيء قدير.

معاشر الأخوة والأخوات:

إن في تقلب الدهر عجائب، وفي تغير الأحوال مواعظ، توالت العقبات، وتكاثرت النكبات، وطغت الماديات على كثير من الخلق فتنكروا لربهم ووهنت صلتهم به.

اعتمدوا على الأسباب المادية البحتة، فسادة موجات القلق والاضطراب، والضعف والهوان، وعم الهلع والخوف من المستقبل، خافوا على المستقبل، تخلوا عن ربهم فتخلى الله عنهم:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).


جميعُ الخلق مفتقرون إلى الله، مفتقرون إلى الله في كل شؤونِهم وأحوالِهم، وفي كلِ كبيرةٍ وصغيره، وفي هذا العصرُ تعلقَ الناسُ بالناسِ، وشكا الناسُ إلى الناس، ولا بئسَ أن يُستعانُ بالناس في ما يقدرون عليه، لكن أن يكونَ المُعتمَدُ عليهم، والسؤال إليهم، والتعلقُ بهم فهذا هو الهلاكُ بعينه، فإن من تعلق بشيٍ وكلَ إليه.

نعتمدُ على أنفسِنا وذكائِنا بكل غرورٍ وعجب وصلف، أما أن نسأل اللهَ العونَ والتوفيق، ونلحَ عليه بالدعاء، ونحرِصِ على دوام الصلة باللهِ في كلِ الأشياء، وفي الشدةِ والرخاء، فهذا أخرُ ما يفكرُ به بعض الناس.

فقيراً جئتُ بابك يا إلهي.........ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ

غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي...........وأطمعُ منك في لفضلِ الكبيرِ

الهي ما سألتُ سواك عونا......فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ

الهي ما سألتُ سواك عفوا.....فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ

الهي ما سألتُ سواك هديا.....فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ

إذا لم أستعن بك يا الهي......فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ

إن الفرار إلى الله، واللجوء إليه في كلِ حالٍ وفي كل كربٍ وهم، هو السبيلُ للتخلصَ من ضعفنا وفتورنا وذلنا و هواننا.

إن في هذه الدنيا مصائبَ ورزايا، ومحناً وبلايا، آلامُ تضيقُ بها النفوس، ومزعجاتُ تورث الخوفَ والجزع، كم في الدنيا من عينٍ باكيةٍ ؟

وكم فيها من قلب حزين؟

وكم فيها من الضعفاءِ والمعدومين، قلوبُهم تشتعل، ودموعُهم تسيل ؟

هذا يشكُ علةً وسقما.

وذاك حاجةً وفقرا.

وآخر هماً وقلقا.

عزيزٌ قد ذل، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مرض، رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخرُ يشكُ ويئنُ من ظلمِ سيده.

وثالثٌ كسدة وبارت تجارته، شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكو كثرة الامتحانات والدروس.

هذا مسحور وذاك مدين ،وأخر ابتليَ بالإدمان والتدخين، ورابعُ أصابه الخوفُ ووسوسةُ الشياطين.

تلك هي الدنيا، تضحكُ وتبكي، وتجمعُ وتشتت، شدةُ ورخاءُ وسراءٌ وضراءُ.

وصدق الله العظيم: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

أيها الأخوة، السؤال الذي يجب أن يكون، هؤلاء إلى من يشكون، و أيديَهم إلى من يمدون؟

يجيبك واقعُ الحال على بشرٍ مثلُهم يترددون، وللعبيدِ يتملقون، يسألون ويلحون وفي المديح والثناء يتقلبون، وربما على السحرة والكهنة يتهافتون.
:astagfor:

نعم والله تألمنا شكاوي المستضعفين، وزفراتُ المساكين، وصرخاتُ المنكوبين، وتدمعُ أعُينَنا - يعلم الله- لأهات المتوجعين، وأناتُ المظلومين، وانكسارِ الملذوعين، لكن أليس إلى اللهِ وحدَه المشتكى ؟

أين الإيمان بالله ؟ أين التوكلُ على الله ؟ أين الثقةُ و اليقينُ بالله ؟

وإذا عرتك بليةًُ فأصبر لها.......صبرُ الكريمِ فإنه بك أرحمُ

وإذا شكوتَ إلى ابنِ أدم إنما.....تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحمُ

ألم نسمع عن أناس كانوا يشكون إلى الله حتى انقطاع سير نعلهم، نعم حتى سير النعل كانوا يسألونه الله، بل كانوا يسألون الله حتى الملح.

يا أصحابَ الحاجات.

أيها المرضى.

أيها المدينون.

أيها المكروب والمظلوم.

أيها المُعسرُ والمهموم.

أيها الفقيرُ والمحروم.

يا من يبحث عن السعادة الزوجية.

يا من يشكو العقم ويبحث عن الذرية.

يا من يريد التوفيق بالدراسة والوظيفة.

يا من يهتم لأمر المسلمين.

يا كلُ محتاج، يا من ضاقت عليه الأرضُ بما رحبت.

لماذا لا نشكوُ إلى اللهِ أمرنا وهو القائل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ).

لماذا لا نرفعُ أكفَ الضراعة إلى الله وهو القائل: ( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ).

لماذا ضُعفُ الصلةِ بالله، وقلةُ الاعتمادِ على الله، وهو القائل: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ). لولا دعاؤكم.

أيها المؤمنون، أيها المسلمون يا أصحابَ الحاجات، ألم نقرأ في القرآنِ قول الحق عز وجل: ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ) لماذا ؟ ( لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) .

:ozkorallah:
فأين نحن من الشكوى لله، أين نحن من الإلحاح والتضرعِ الله؟

سبحان الله، ألسنا بحاجةٍ إلى ربنا؟

أنعتمدُ على قوتنا وحولِنا، والله ثم واللهِ لا حول لنا ولا قوةَ إلا بالله.

واللهِ لا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشفَ للبلوى إلا الله، لا توفيق ولا فلاح ولا سعادةَ ولا نجاح إلا من الله.

العجيبُ والغريب أيها الأخوةُ أن كلَ مسلمٍ يعلمُ ذلك، ويعترفُ بهذا بل ويقسمُ على هذا، فلماذا إذاً تتعلقُ القلوبُ بالضعفاءُ العاجزين ؟

ولماذا نشكو إلى الناسِ ونلجأَ للمخلوقين ؟

سل الله ربك ما عنده......... ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغي من سواه الغنى..... وكن عبده لا تكن عبدهم

فمن يا إذا بُليت سلاك أحبابك، وهجرك أصحابك.

يا من نزلت بها نازلة، أو حلت به كارثة.

يا من بليت بمصيبةٍ أو بلاءٍ، ارفع يديك إلى السماء وأكثر الدمعَ والبكاء، وألحَ على اللهِ بالدعاء وقل:

يا سامعاً لكلِ شكوى.

إذا استعنت فأستعن بالله، وإذا سألت فأسأل الله، وقل يا سامعاً لكل شكوى.

توكل على الله وحده، وأعلن بصدقٍ أنك عبده واسجد لله بخشوع، وردد بصوتٍ مسموع:

يا سامعاً لكلِ شكوى.

أنت الملاذُ إذا ما أزمةٌ شملت........وأنت ملجأُ من ضاقت بهِ الحيلُ

أنتَ المنادى به في كلِ حادثِةٍ.......أنت الإلهُ وأنت الذخرُ والأملُ

أنت الرجاءُ لمن سُدت مذاهبهُ......أنت الدليلُ لمن ضلت بهِ السبلُ

إنا قصدناك والآمال واقعةٌ.........عليكَ والكلُ ملهوفُ ومبتهلُ



إن الأنبياء والرسلَ، وهم خيرُ الخلق، وأحبُ الناسَ إلى الله، نزل بهم البلاء واشتدَ بهم الكرب، فماذا فعلوا وإلى من لجئوا.

أخي الحبيب، أختصرُ لك الإجابة، إنه التضرعُ والدعاء، والافتقارُ لربِ الأرضِ والسماء، إنها الشكايةُ لله وحُسنُ الصلةِ بالله.

هذا نوحٌ عليه السلام يشكو أمرَه إلى الله ويلجأُ لمولاه:

قال تعالى (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).

كانتِ المناداة، كانتِ المناجاة، فكانتِ الإجابةُ من الرحمن الرحيم.

وقال تعالى ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).

وقال عز من قائل (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ).
:anotherone:


هذا أيوبُ عليه السلام، ابتلاهُ اللهُ بالمرضِ ثمانيةَ عشر عاماً حتى أن الناسُ ملوا زيارته لطولِ المدة، فلم يبقى معه إلا رجلانِ من إخوانهِ يزورانه، لكنه لم ييئس عليه السلام، بل صبرَ واحتسب، وأثنى الله عليه : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، أواب أي رجاعٌ منيبٌ إلى ربه، ظل على صلتِه بربِه وثقتِه به، ورضِاهُ بما قُسم الله له، توجه إلى ربه بالشكوى ليرفع عنه الضراء والبلوى قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) . فماذا كانتَ النتيجة ؟

قال الحقُ عز وجل ، العليمُ البصيرُ بعباده، الرحمنُ الرحيم قالَ: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) .

هذا يونسُ عليه السلام، رفع الشكاية لله فلم ينادي ولم يناجي إلا الله قال تعالى:

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فماذا كانتَ النتيجة ؟

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).

وزكريا عليه السلام قال الحق عز وجل عنه: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ). ماذا كانت النتيجة ؟

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) . الذين يشكون العقم وقلة الولد.

إذا لماذا استجاب الله دعاه؟

لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، وكانوا لا يملون الدعاء، بل كان القلب متصل متعلق بالله، لذلك قال الله عنهم: (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) .

خاشعين متذللين، معترفين بالتقصير، فالشكاية تخرج من القلب قبل اللسان.

يعقوبُ عليه السلام قال: ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، انظروا لليقين، انظروا للمعرفة برب العالمين: (وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ، فاستجاب اللهُ دعائَه وشكواه وردَ عليه يوسفَ وأخاه.

وهذا يوسف عليه السلام ابتلاه الله بكيد النساء، فلجأ إلى الله، وشكى إليه ودعاه فقال:

( وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) ، إنه التضرع والدعاء، والافتقار لرب الأرض والسماء، إنها الشكاية لله، وحسن الصلة بالله.

(فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) .

وأخبر الله عن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه فقال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) . استغاثة لجاءة إلى الله، شكوى وصلة بالله سبحانه وتعالى.

وهكذا أيها الأحبةِ حينما نستعرضُ حياةَ الرسلِ جميعاً، كما قصها علينا القرآن الكريم، نرى أن الابتلاء والامتحان كان مادتُها وماُئها، وأن الصبرَ وحسنُ الصلةِ بالله ودوام الالتجاءِ وكثرةُ الدعاءِ وحلاوة الشكوى كان قوَمُهاa










أصدر المولى بيانه أين أنت يا فلانة؟
افتحوا ديوانها وانظروا في كل خانة
موقف صعب رهيب أسأل الله الإعانة
حين أدنو من إلهي دون ستر أو بطانة
يحاكيني جهارا كيف أديت الأمانة
من يجيب الله عني؟ من سيعطيني لسانه
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-05-2008, 02:40 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




لازم باب مولاك
يا من رواحله في طلب الدنيا لها اسراع، متى تحل عنها نطاق الأمل، فيكون الانقطاع؟ اذا طلبت الآخرة، تمشي رويدا، فمتى يكون الانتفاع؟ عجبا كيف تشدّ الرحال في طلب الفاني وفي طريقه قطاع! العمر أمانة أتلفت شبابه في الخيانة، وكهولته في البطالة، وفي الشيخوخة تبكي ونقول: عمري قد ضاع. متى أفلح الخائن فيما اشترى أو باع؟

أنت في طلب الدنيا صحيح الجسم، وفي طلب الآخرة بك أوجاع. كم تعرج عن سبل التقوى يا أعرج الهمة، يا من يبقى في القاع. يا من على عمره ليل الغفلة طلع الفجر المشيب بين الأضلاع. رافق رفاق التائبين قبل أن تنقطع مع المنقطعين { وما من غائبة في السماء والأرض الا في متاب مبين} النمل 75.

وأنشدوا:

اذا أنا لم أصبر على من أحبه وان حال عن وصلي فما انا صانع

أأتركه والقلب من فرط حبه أسير بما تطوي عليه الأضالع

أأسمع فيه العذل والوجد حاكم فما يغنني بالعذل ما أنا سامع

أأسلوه والشوق يمنع سلوتي وأكتم ما قد أظهرته المدامع

ويعتبني قلبي اذا زاد وجده فأضرب صفحا دونه وأمانع

وان زاد بي أشتكيه فحسبه على كل حال عند شكواي شافع

فلا عشة تصفو ولا موعد يفي ولا نظر يسلي ولا الصبر نافع

أرى الدهر يمضي برهة بعد برهة ولم ألف ما مالت اليه المطامع

فان ضقت ذرعا بالذي قد لقيته فكل مضيق فهو في الحب واسع

:astagfor:

قال ذا النون المصري رضي الله عنه: رأيت امرأة متعبدة، فلما دنوت منها، ودنت مني، سلمت عليّ، فرددت عليها السلام، فقالت لي: من أين أقبلت؟ فقلت" من عند حكيم لا يوجد مثله، فصاحت صيحة شديدة، ثم قالت: ويحك كيف وجدت معه وحشة الغربة حتى فارقته، وهو أنيس الغرباء، ومعين الضعفاء، ومولى الموالي؟! أم كيف سمحت نفسك بمفارقته؟.

فأبكاني كلامها. فقالت لي: مم بكاؤك؟ فقلت لها: وقع الدواء على الجرح، فأسرع في نجاحه، فقالت لو كنت صادقا، فلم بكيت؟ فقلت لها: فالصادق لا يبكي؟ قالت: لا. قلت: ولم؟ قالت: لأن البكاء راحة للقلب. وهو نقص عند ذوي العقول.

قلت لها: علميني شيئا ينفعني الله به.

قالت: اخدم مولاك شوقا الى لقائه، فان له يوما يتجلى فيه الى أوليائه، لأنه سبحانه سقاهم في الدنيا من محبته كأسا لا يظمؤون بعدها أبدا.

ثم أقبلت تبكي وتقول: الهي وسيدي، الى كم تدعني في دار لا أجد لي فيها أنيسا يساعدني على بلائي، ثم جعلت تقول:

اذا كان داء العبد حب مليكه فمن دونه يرجى طبيبا مداويا

يا أخي، اذا طردك مولاك عن بابه؟ فالى باب من ترجع، والى أي طريق تذهب، والى أي جهة تقصد؟ لازم باب مولاك، فلعل وعسى يثمر عودك.

وأنشدوا:

حنين قلوب العارفين الى الذكر وتذكارهم عن المناجاة بالسر

وأجسامهم في الأرض سكرى بحبه وأرواحهم في ليل حجب العلى تسرى

عباد عليهم رحمة الله أنزلت فظلوا عكوفا في الفيافي وفي القفر

وراعوا نجوم الليل لا يرقدونه بادمان تثبيت اليقين مع الصبر

فهذا نعيم القوم ان كنت فاهما وتعقل عن مولاك آداب من يدري

فما عرسوا إلا بقرب حبيبهم ولا عرّجوا عن مسّ بؤس ولا ضرّ

أديرت كؤوس للمنايا عليهم فغفوا عن الدنيا كاغفاء ذي سكر

همومهم جالت لدى حجب العلى وهم أهل ودّ الله كالأنجم الزهر

فلا عيش الا مع أناس قلوبهم تحنّ الى التقوى وترتاح للذكر

:anotherone:
ويروى عن بعض العبّاد رضي الله عنه أنه قال: بينما أنا في الطريق أسير، وكنت صائما، فرأيت نهرا جاريا، فانغمست فيه، فاذا أنا بسفرجلة على وجه الماء، فأخذتها لأفطر عليها.

قال: فلما أفطرت عليها ندمت، وقلت: أفطرت على ما ليس لي، فلما أصبحت سرت، فضربت على باب البستان الذي كان النهر يخرج منه، فخرج اليّ شيخ كبير، فقلت له: يا شيخ، انه خرج من بستانكم هذا بالأمس سفرجلة، فأخذتها وأكلتها، وقد ندمت على ذلك، فعسى أن تجعلني في حل.

فقال لي: أما أنا في هذا البستان أجير، ولي فيه منذ أربعين سنة ما ذقت من فاكهته شيئا قط، وليس لي في البستان شيء. قلت: لمن هو: قال: لأخوين بالموضع الفلاني.

قال: فأتيت الموضع، فوجدت أحدهما، فقصيت عليه القصة، فقال: نصف البستان لي، وأنت حل من نصيبي في تلك السفرجلة. فقلت له: وأين أجد أخاك؟ قال: بموضع كذا وكذا.

فمضيت اليه، وقصيت عليه القصة، فقال لي: والله لا أجعلك في حل الا بشرط. فقلت: وما الشرط؟ قال: أزوّجك ابنتي وأعطيك مائة دينار. قال له العابد: ويحك أنا في شغل عن هذا. أما رأيت ما أصابني لأجل سفرجلتك؟ فاجعلني حل. فقال له: والله ما فعلت الا بالشرط المذكور.

فلما رأى العابد منه الجد، امتثل، وقال افعل، فأعطاه مائة دينار، ثم قال له: أعطني منها ما شئت مهر ابنتي، فرمى بها كلها اليه، فقال له: لا، الا البعض.

قال: فزوّجه ابنته، فلامه الناس على ذلك، وقالوا له: خطب ابنتك أرباب الدولة وكبراء الناس، ولم تعطها لهم، فكيف أعطيتها لفقير لا مال له؟ فقال لهم: يا قوم انما رغبت في الورع والدين، ولأن هذا الرجل من عباد الله الصالحين، رضي الله عنهم أجمعين.


ابن الجوزي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-07-2008, 03:54 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




I15

يا سامعا لكل شكوى


الحمد لله الذي يُطعم ولا يطعم، منّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا.

الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العري، وهدى من الضلالة، وبصّر من العمى، وفضل على كثير ممن خلق تفضيلا.

الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد أيها الأحبة في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا سامعا لكل شكوى.

يا خالق الأكوان أنت المرتجى...... وإليك وحدك ترتقي صلواتي

يا خالقي ماذا أقول وأنت تعلمـــني وتعلم حاجتي وشكاتــي

يا خالقي ماذا أقول وأنت........... مطلع على شكواي والأناتي

اللهم يا موضع كل شكوى، ويا سمع كل نجوى، ويا شاهد كل بلوى، يا عالم كل خفية، و يا كاشف كل بلية، يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين ندعوك دعاء من أشدت فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته دعاء الغرباء المضطرين الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه إلا أنت.

يا أرحم الراحمين أكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعف وفتور وذل وهوان.

يا سامعا لكل شكوى أعن المساكين والمستضعفين وأرحم النساء الثكالى والأطفال اليتامى وذي الشيبة الكبير، إنك على كل شيء قدير.

معاشر الأخوة والأخوات:

إن في تقلب الدهر عجائب، وفي تغير الأحوال مواعظ، توالت العقبات، وتكاثرت النكبات، وطغت الماديات على كثير من الخلق فتنكروا لربهم ووهنت صلتهم به.

اعتمدوا على الأسباب المادية البحتة، فسادة موجات القلق والاضطراب، والضعف والهوان، وعم الهلع والخوف من المستقبل، خافوا على المستقبل، تخلوا عن ربهم فتخلى الله عنهم:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).


جميعُ الخلق مفتقرون إلى الله، مفتقرون إلى الله في كل شؤونِهم وأحوالِهم، وفي كلِ كبيرةٍ وصغيره، وفي هذا العصرُ تعلقَ الناسُ بالناسِ، وشكا الناسُ إلى الناس، ولا بئسَ أن يُستعانُ بالناس في ما يقدرون عليه، لكن أن يكونَ المُعتمَدُ عليهم، والسؤال إليهم، والتعلقُ بهم فهذا هو الهلاكُ بعينه، فإن من تعلق بشيٍ وكلَ إليه.

نعتمدُ على أنفسِنا وذكائِنا بكل غرورٍ وعجب وصلف، أما أن نسأل اللهَ العونَ والتوفيق، ونلحَ عليه بالدعاء، ونحرِصِ على دوام الصلة باللهِ في كلِ الأشياء، وفي الشدةِ والرخاء، فهذا أخرُ ما يفكرُ به بعض الناس.

فقيراً جئتُ بابك يا إلهي.........ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ

غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي...........وأطمعُ منك في لفضلِ الكبيرِ

الهي ما سألتُ سواك عونا......فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ

الهي ما سألتُ سواك عفوا.....فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ

الهي ما سألتُ سواك هديا.....فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ

إذا لم أستعن بك يا الهي......فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ

إن الفرار إلى الله، واللجوء إليه في كلِ حالٍ وفي كل كربٍ وهم، هو السبيلُ للتخلصَ من ضعفنا وفتورنا وذلنا و هواننا.

إن في هذه الدنيا مصائبَ ورزايا، ومحناً وبلايا، آلامُ تضيقُ بها النفوس، ومزعجاتُ تورث الخوفَ والجزع، كم في الدنيا من عينٍ باكيةٍ ؟

وكم فيها من قلب حزين؟

وكم فيها من الضعفاءِ والمعدومين، قلوبُهم تشتعل، ودموعُهم تسيل ؟

هذا يشكُ علةً وسقما.

وذاك حاجةً وفقرا.

وآخر هماً وقلقا.

عزيزٌ قد ذل، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مرض، رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخرُ يشكُ ويئنُ من ظلمِ سيده.

وثالثٌ كسدة وبارت تجارته، شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكو كثرة الامتحانات والدروس.

هذا مسحور وذاك مدين ،وأخر ابتليَ بالإدمان والتدخين، ورابعُ أصابه الخوفُ ووسوسةُ الشياطين.

تلك هي الدنيا، تضحكُ وتبكي، وتجمعُ وتشتت، شدةُ ورخاءُ وسراءٌ وضراءُ.

وصدق الله العظيم: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

أيها الأخوة، السؤال الذي يجب أن يكون، هؤلاء إلى من يشكون، و أيديَهم إلى من يمدون؟

يجيبك واقعُ الحال على بشرٍ مثلُهم يترددون، وللعبيدِ يتملقون، يسألون ويلحون وفي المديح والثناء يتقلبون، وربما على السحرة والكهنة يتهافتون.

نعم والله تألمنا شكاوي المستضعفين، وزفراتُ المساكين، وصرخاتُ المنكوبين، وتدمعُ أعُينَنا - يعلم الله- لأهات المتوجعين، وأناتُ المظلومين، وانكسارِ الملذوعين، لكن أليس إلى اللهِ وحدَه المشتكى ؟

أين الإيمان بالله ؟ أين التوكلُ على الله ؟ أين الثقةُ و اليقينُ بالله ؟

وإذا عرتك بليةًُ فأصبر لها.......صبرُ الكريمِ فإنه بك أرحمُ

وإذا شكوتَ إلى ابنِ أدم إنما.....تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحمُ

ألم نسمع عن أناس كانوا يشكون إلى الله حتى انقطاع سير نعلهم، نعم حتى سير النعل كانوا يسألونه الله، بل كانوا يسألون الله حتى الملح.
:ozkorallah:

يا أصحابَ الحاجات.

أيها المرضى.

أيها المدينون.

أيها المكروب والمظلوم.

أيها المُعسرُ والمهموم.

أيها الفقيرُ والمحروم.

يا من يبحث عن السعادة الزوجية.

يا من يشكو العقم ويبحث عن الذرية.

يا من يريد التوفيق بالدراسة والوظيفة.

يا من يهتم لأمر المسلمين.

يا كلُ محتاج، يا من ضاقت عليه الأرضُ بما رحبت.

لماذا لا نشكوُ إلى اللهِ أمرنا وهو القائل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ).

لماذا لا نرفعُ أكفَ الضراعة إلى الله وهو القائل: ( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ).

لماذا ضُعفُ الصلةِ بالله، وقلةُ الاعتمادِ على الله، وهو القائل: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ). لولا دعاؤكم.

أيها المؤمنون، أيها المسلمون يا أصحابَ الحاجات، ألم نقرأ في القرآنِ قول الحق عز وجل: ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ) لماذا ؟ ( لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) .

فأين نحن من الشكوى لله، أين نحن من الإلحاح والتضرعِ الله؟

سبحان الله، ألسنا بحاجةٍ إلى ربنا؟

أنعتمدُ على قوتنا وحولِنا، والله ثم واللهِ لا حول لنا ولا قوةَ إلا بالله.

واللهِ لا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشفَ للبلوى إلا الله، لا توفيق ولا فلاح ولا سعادةَ ولا نجاح إلا من الله.

العجيبُ والغريب أيها الأخوةُ أن كلَ مسلمٍ يعلمُ ذلك، ويعترفُ بهذا بل ويقسمُ على هذا، فلماذا إذاً تتعلقُ القلوبُ بالضعفاءُ العاجزين ؟

ولماذا نشكو إلى الناسِ ونلجأَ للمخلوقين ؟

سل الله ربك ما عنده......... ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغي من سواه الغنى..... وكن عبده لا تكن عبدهم

فمن يا إذا بُليت سلاك أحبابك، وهجرك أصحابك.

يا من نزلت بها نازلة، أو حلت به كارثة.

يا من بليت بمصيبةٍ أو بلاءٍ، ارفع يديك إلى السماء وأكثر الدمعَ والبكاء، وألحَ على اللهِ بالدعاء وقل:

يا سامعاً لكلِ شكوى.

إذا استعنت فأستعن بالله، وإذا سألت فأسأل الله، وقل يا سامعاً لكل شكوى.

توكل على الله وحده، وأعلن بصدقٍ أنك عبده واسجد لله بخشوع، وردد بصوتٍ مسموع:

يا سامعاً لكلِ شكوى.

أنت الملاذُ إذا ما أزمةٌ شملت........وأنت ملجأُ من ضاقت بهِ الحيلُ

أنتَ المنادى به في كلِ حادثِةٍ.......أنت الإلهُ وأنت الذخرُ والأملُ

أنت الرجاءُ لمن سُدت مذاهبهُ......أنت الدليلُ لمن ضلت بهِ السبلُ

إنا قصدناك والآمال واقعةٌ.........عليكَ والكلُ ملهوفُ ومبتهلُ
:anotherone:



إن الأنبياء والرسلَ، وهم خيرُ الخلق، وأحبُ الناسَ إلى الله، نزل بهم البلاء واشتدَ بهم الكرب، فماذا فعلوا وإلى من لجئوا.

أخي الحبيب، أختصرُ لك الإجابة، إنه التضرعُ والدعاء، والافتقارُ لربِ الأرضِ والسماء، إنها الشكايةُ لله وحُسنُ الصلةِ بالله.

هذا نوحٌ عليه السلام يشكو أمرَه إلى الله ويلجأُ لمولاه:

قال تعالى (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).

كانتِ المناداة، كانتِ المناجاة، فكانتِ الإجابةُ من الرحمن الرحيم.

وقال تعالى ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).

وقال عز من قائل (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ).


هذا أيوبُ عليه السلام، ابتلاهُ اللهُ بالمرضِ ثمانيةَ عشر عاماً حتى أن الناسُ ملوا زيارته لطولِ المدة، فلم يبقى معه إلا رجلانِ من إخوانهِ يزورانه، لكنه لم ييئس عليه السلام، بل صبرَ واحتسب، وأثنى الله عليه : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، أواب أي رجاعٌ منيبٌ إلى ربه، ظل على صلتِه بربِه وثقتِه به، ورضِاهُ بما قُسم الله له، توجه إلى ربه بالشكوى ليرفع عنه الضراء والبلوى قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) . فماذا كانتَ النتيجة ؟

قال الحقُ عز وجل ، العليمُ البصيرُ بعباده، الرحمنُ الرحيم قالَ: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) .

هذا يونسُ عليه السلام، رفع الشكاية لله فلم ينادي ولم يناجي إلا الله قال تعالى:

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فماذا كانتَ النتيجة ؟

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
:astagfor:

وزكريا عليه السلام قال الحق عز وجل عنه: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ). ماذا كانت النتيجة ؟

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) . الذين يشكون العقم وقلة الولد.

إذا لماذا استجاب الله دعاه؟

لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، وكانوا لا يملون الدعاء، بل كان القلب متصل متعلق بالله، لذلك قال الله عنهم: (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) .

خاشعين متذللين، معترفين بالتقصير، فالشكاية تخرج من القلب قبل اللسان.

يعقوبُ عليه السلام قال: ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، انظروا لليقين، انظروا للمعرفة برب العالمين: (وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ، فاستجاب اللهُ دعائَه وشكواه وردَ عليه يوسفَ وأخاه.

وهذا يوسف عليه السلام ابتلاه الله بكيد النساء، فلجأ إلى الله، وشكى إليه ودعاه فقال:

( وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) ، إنه التضرع والدعاء، والافتقار لرب الأرض والسماء، إنها الشكاية لله، وحسن الصلة بالله.

(فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) .

وأخبر الله عن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه فقال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) . استغاثة لجاءة إلى الله، شكوى وصلة بالله سبحانه وتعالى.

وهكذا أيها الأحبةِ حينما نستعرضُ حياةَ الرسلِ جميعاً، كما قصها علينا القرآن الكريم، نرى أن الابتلاء والامتحان كان مادتُها وماُئها، وأن الصبرَ وحسنُ الصلةِ بالله ودوام الالتجاءِ وكثرةُ الدعاءِ وحلاوة الشكوى كان قوَمُهاa










أصدر المولى بيانه أين أنت يا فلانة؟
افتحوا ديوانها وانظروا في كل خانة
موقف صعب رهيب أسأل الله الإعانة
حين أدنو من إلهي دون ستر أو بطانة
يحاكيني جهارا كيف أديت الأمانة
من يجيب الله عني؟ من سيعطيني لسانه
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-15-2008, 03:50 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الفتى الشاب لشيخه الجليل وهو يحاوره :

أعاني تذبذباً واضحاً في علاقتي مع الله جل جلاله ..
تارة أسمو .. وتارة أنخفض ..
تارة أشعر أني أتلألأ بالنور .. وتارة أحس أني أتلطخ بالوحل والأقذار ..
تارة أكون في انشراح عجيب مع الطاعات .. وتارة أجد انقباضاً منها ، وثقلاً فيها ..
تارة أرى كل شيء واضحاً أمامي لا يحتاج إلى شرح ..
وتارة أحس أن مفاهيمي غريبة في زمن غريب عجيب ..!
تارة … وتارة ..
-
ابتسم الشيخ الجليل ومسح على رأس الفتى ، وأخذ يتمتم له بالدعاء ثم قال :
يا بني .. أصغ إليّ جيدا .. اعلم أولاً : أن دوام الحال من المحال ..
وهذه سنة الله في خلقه : ليل ، ونهار .. صيف ، وشتاء .. ربيع ، وخريف ..الخ
فهذه الحالة التي تنتابك ، يجدها كل من سار في طريق الله عز وجل ..
غير أن الناس فيها يتفاوتون .. وعلى كل حال :
العلم الصحيح يحفظك من الزيغ .. ويثبت قدميك على الطريق .
العلم الصحيح يحفظك من المفاهيم الخاطئة ..
العلم الصحيح يكشف لك جوانب الطريق ومزالقه وجوانبه ومنعرجاته ..
فعليك ابتداءً :
بتحصيل العلم اللازم الذي يحفظك به الله تعالى ،،
ويكون سبباً في ثباتك أمام فتن الدنيا _ وما أكثر هذه الفتن _ ..
ثم هذا وحده لا يكفي ..
لابد لك من أجواء صحية صحيحة نقية ..
أعني بذلك : أنه لابد لك من بيئة طاهرة تعيش في أجوائها ..
بعبارة أدق : أنت تحتاج إلى صحبة صالحة متوضئة ..
تكون لك بمثابة الوقود الذي يعينك على مواصلة الرحلة حتى تصل إلى الفردوس إن شاء الله ومع هذا وذاك .. أنت تحتاج إلى شيء آخر :
قال الفتى الذي بدأ وجه يتلألأ مع كلمات الشيخ :
أيضا… !؟ فوق ما تقدم ؟!
ابتسم الشيح الجليل وفاضت روحانيته على ملامح وجهه وقال :
نعم يا بني ..
أنت تحتاج إلى جرعات مكثفة من عقاقير مختلفة ..
حملق الشاب في وجه شيخه وتمتم :

جرعات ..!! عقاقير ..!! ما هذا ؟
قال الشيخ وعلى وجهه تتلألأ ابتسامته المشرقة :
نعم جرعات مكثفة من :
ذكر الله الكثير .. والدعاء والمناجاة .. والتضرع ..
جرعات من تلاوة القرآن .. والصدقة . والصلاة بالليل والناس نيام ..
جرعات من الاستغفار بالأسحار .. والدعوة إلى الله قدر طاقتك بالحكمة والموعظة الحسنة ..
بل قد تحتاج مع هذا كله : إلى اعتكاف بين الحين والحين لتنقطع إلى الله وحده..
فإن الله تعالى سيضاعف لك كرمه ، إذا انقطعت له يوما أو بعض يوم ..
وتحتاج إلى جرعة قوية من الثقة بالله سبحانه وأنه لن يخذلك إذا أحسنت الإقبال عليه ،،
-
بعد ذلك ..إذا انتابتك مثل هذه الحالة التي وصفت .. فلا عليك ..
فقط أوصيك يا بني هاهنا :
أن تبادر لتفتش نفسك ، لعل هذه الحالة التي تمر بها سببها :

مخالفة وقعت فيها ، أو زلة ترديت فيها ، أو ذنب في حق أحد وقعت فيه ..

أو سماع ما لا ينبغي ..ونحو هذا كثير
فإذا عرفت السبب :

فيبقى أن تجاهد نفسك هاهنا حتى تخرج من ذلك السبب ،
لتعود إلى ما كنت فيه من إشراق وبهاء وسمو ..
فإذا فتشت نفسك جيدا ولم تعثر على سبب ما ،

فاكثر من الاستغفار ، واصبر وصابر وثق بالفرج القريب .
قال الفتى المتلألئ :
ونفعني الله بكلمات الشيخ هذه كما لم أنتفع بشيء آخر من قبل ..
كانت كلماته ترسم لي خريطة حياة ، وبرنامج عمل .. ولما سرت على ضوئها تكشف لي الطريق كله .. وتذكرت قول الله تعالى :
( والذين جاهدوا فينا .. لنهدينهم سبلنا ) فلله الحمد والمنة ..

ومن منا يخلو من هذه الحالة ؟؟
المشكلة ليست في الحالة نفسها ، فهي لازمة من لوازم قصيدة الحياة ..!!
المشكلة الحقيقية :

كيف نواجه هذه الحالة حتى لا تعرقل سيرنا إلى الله ؟
كيف نعرف طرق الخلاص منها حتى ننجو ؟؟
وقد تكفل شيخنا بعمل اللازم .. ووضع ( روشتة ) العلاج ...!!
ولكن الدواء أحيانا يكون شديد المرارة
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-15-2008, 03:52 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعَجَزْتَ أن تفرّح قلبَ المكلوم ؟!



أعَجَزْتَ أن تفرّح قلبَ المكلوم ؟!


إني رأيتُ و في الأيامِ تجربةٌ للصبرِ عاقبـةُ محمـودةُ الأثـرِ




كنتُ أقرأ في سورة يوسف ، و عجائب هذه السورة لا تنتهي و دروسها لا تنقضي ، فوقفتُ كثيراً متأملة قوله تعالى : { وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) } .

تأملتُ هذا الموقف العصيب الذي نراه كثيراً كثيراً .. و متكرراً في حياتنا ! الأب المفجوع .. و الوالد المكلوم .. فقدَ ابنه الحبيب الذي كانت له خاصية و مكانة بقلب والده تُميِّزه عن إخوته .. ثم يَفقِد هذا الأب ابناً آخر ثم ثالث ..

لا يعلمُ أين الأول ، و لا ماذا سيُصنع بالثاني ، و لا كيف يعود الثالث .. بلاءٌ و مِحنةٌ و كُربة عظيمة اجتمعتْ على يعقوب - عليه السلام - .. فلمّا فقد ابنيه تجدد في قلبه حُزنه الأول فأعاد ذِكرَ يوسف – ابنه الحبيب – و خرجتْ شكواه و أنــّـاتُ صدره .. فتحركت شفتاه و نطقَ لسانـُـه فقال : { يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } .

و فقط .. لا ! بل { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } .. عليه و على أبويه وعلى نبينا السلام .. يعيش و همّه في صدره .. يأكل و يشرب ، و يمشي و يقعد ، و ينام و يقوم ، و هَمّه في صدره .. لم ينسَ ابنه حبيبه .. و لا يزال أمله بالله

و يتذكّر أمرَ الرؤيا و يعلم موعود الله بالإجابة .. يأملُ ذلك اليوم الذي يلقى فيه ابنه فيَسْجدُ له تحيةً و ليس عبادة وكان ذلك جائزا في شَرْعِهم .. معَ أن يعقوب - عليه السلام - نبيٌ و يعلمُ أمور قد لا يعلمها بني البشر مما يوحي اللهُ له بها ..

إلا أنه خــَـلْقٌ من البــَـشَر ، و يعتريه ما يعتري البَشر .. يحزن و يضيق و يهتم و يغتم .. و يشكو همه و حُزنه و يرفع إلى الله تضرعاته و أنين قلبه و تفطــُّرَ كبده و اختلاف أضلاعه .

يا خالقَ الأكوانِ أنتَ المرتجى وإليكَ وحدك ترتقي صلواتـي
يا خالقي ماذا أقولُ وأنتَ تعـ ـلَمُني و تعلمُ حاجتي و شكاتي
يا خالقي ماذا أقولُ وأنتَ مُـطّـ ـلعٌ على شكـواي والأنّـاتِ


فلمّا اشتدَّ عليه الأمرُ خرجتْ كلماتٌ كانت بين أضلاعِ صدره الذي يواري قلباً هزّه الشوقُ إلى لقاء ابنه .. قلبٌ طالما تحرّق و التاع كمداً على فراق ابنه .. فنطقَ و قال : { يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ } .


و كان أبناؤه شهوداً على ذلك الموقف .. وهُم الذين كانوا سبباً فيما حلَّ بأبيهم و أخيهم ! وهُم الذين استجلبوا الحُزن لقلبِ والدهم يوم أن غيَّبوا أخاهم عن عيني أبيهم ؛ ليعيش سنين من الألم ينتظرُ فيها رؤية ابنه .

فما كان منهم إلا أن قالوا له : { تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } .. ليأتي ذلك الجواب القوي الذي حطَّم كل قوى اليأس و هدَمَ كلَّ معالمِ القنوطِ .

فيقول لهم يعقوب – عليه السلام - { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } . نعم .. لا يشكو إليهم و لا يطلب منهم و لا من أي مخلوق أي شفقة أو إحساناً .. لا يشكو إليهم و لا يطلب منهم أذنٌ تسمعه و لا قلبٌ يعي قولــَـه ، و لا لسانٌ حلوٌ يخفف عنه .. لا .. لا

هو لم يُرِدْ منهم أي معروف .. هو يطلب من رب الأرض و السموات و يشكو إليه ما يـَجـِدُ و يرفع إليه تضرعاتِ قلبه و ابتهالاته ؛ تسابقه الدمعات قبل الدعوات ..

يعقوب – عليه السلام – لم يلتفت لكلام أبنائه و لا ليأسهم و إنما قال : { أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }

و إذا عرتكَ بليةٌ فاصبرْ لهـا صبْرَ الكريمِ فإنّـه بـكَ أعلـمُ
و إذا شكوتَ إلى ابنِ آدمَ إنما تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحمُ

و يعقوب – عليه السلام – يعلمُ من الله ما لا يعلمُ أبناؤه .. يعلمُ أولاً أمرَ الرؤيا التي كان يرجو أن تُحقق .. ويعلمُ رحمةَ الله و لُطفه به و بابنه .. و يعلمُ عظيم فضل الله عليه .. و يعلمُ يعقوب – عليه السلام – أن الله قديرٌ و لا يعجزه شيء و أن خزائن السمواتِ و الأرضِ مُلكَ يديه .. و أن أمره إذا أراده قال له كُن فيكون .

يعلمُ يعقوب – عليه السلام – من الله ما لا يعلمون .. مِن أنَّ الله سيرد إليه أبناءه الثلاثة و سيجتمع بهم .. و يقفُ العقلٌ حائراً حين نكملُ الآيات .. حين نجد يعقوب – عليه السلام – يبعث الأمل في نفوس أبنائه و يقول : { يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } .


موقفٌ كان فيه يعقوب مكلومٌ و كظيمٌ و حزين .. و عيناه ابيضّت من حُزنه و ألمه و هَمّه الذي عايشه سنين .. فكان هو من يبعث الأمل في نفوس أبنائه و يذكّرهم بالله و بحُسن الظن به .

يعقوب في موقفٍ عصيب و نفسه متلهِّفةٌ على ابنه و خاطره مكسور و قلبه محروق و كبده حـَرّى و مع ذلك كله يقول لأبنائه : { يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ } .

تحسّسوا من يوسف .. يوسف الذي فقده من سنواتٍ طويلة .. يوسف الذي غاب و هو غلام و لا يرجو أحدٌ رجوعه إلا والده المؤمن .. يوسف الذي ما سمعَ عنه أحد و لا بحثَ عنه أحد .. يوسف الذي قيل أن الذئب أكله و مات ..

هل سيجدون يوسف ؟ هل سيلتقون به بعد هذه السنوات الطويلة ؟ أي فألٍ هذا ؟ أي حُسن ظنٍ بالله هذا ؟ بل أي عِلمٍ بالله و بعظيم قــُدرته ؟

يأمرهم – عليه السلام – أن يتحسسوا من يوسف .. بل و يذكّرهم بالله و بعظيم رحمته { وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ } .. ثم يخوفهم و يحذرهم { إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } .


و النتيجة .. أنْ جمعَ الله شمل الأسرة و الْتَقَى الوالد بولده .. و خرَّ له ساجداً تحيةً له .. كما أوّل الرؤيا ..


فلننظر في مجتمعنا .. هل نجدُ نماذج ليعقوب - عليه السلام - ؟ فأْلٌ و تفاؤل و حُسن ظنٍ بالله ؟ لماذا نفتقد مثل يعقوب و نجد الكثير الكثير من أمثال حالِ إخوة يوسف ؟! أقول للمخذّلين و للمثبِّطين و للذين يبعثون روح اليأس في نفوس أصحاب الحُزن و الْهـَمّ .. أقول لهم : إن لم تقولوا خيراً فاصمتوا !!


لا خَيْل عندك تُهْدِيها ولا مَـالُ فَلْيُسْعِد النُّطْق إن لَم تُسْعِد الْحَالُ


إن لم يكن لديكم قــُدرة على بث روح الأمل و بعث الرجاء في نفوس المكلومين فلا تقضوا على معالِمِ الأملِ في نفوسهم ! ذكِّروهم بالله و بعظيم فضله .. قولوا لكل محزون : أنتَ لا تعلمُ أين الخير ، فلعلَّ الله يجعلُ عاقبةَ هذا الأمرِ خيراً .. أعجزتَ أيها العالِم بشكوى صاحبك أن تقولَ له :

إذا يسّـر اللهُ الأمـورَ تيسـرتْ و لانتْ قوَاها و استقادَ عسيرُها
فكمْ طامعٍ فـي حاجـةٍ لا ينالُهـا و كمْ آيسٍ منها أتـاهُ بشيرُهـا

و كم خائفٍ صارَ المُخيفُ و مقترٍ تَموّلَ ، و الأحداثُ يحلو مريرُها
و كم قدْ رأينا من تكـدّرِ عِيشـةٍ و أخرى صفا بعد انكدارٍ غديرُها


قُل له ما قاله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأبي موسى الأشعري : ( فإن الخيرَ كله في الرضا ، فإن استطعتَ أن ترضى و إلا فاصبرْ ) .. أعجبُ والله من صبرِ المُبتلى و أمله بالله و حُسن ظنه به و صِدق توكله عليه .. ثم يأتي من الناس من يقول له : لا أمل و لا رجاء ! و يقول له مقالة إخوةِ يوسفَ لأبيهم { حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } .

يا أخي إن لم تكن متفائلاً باعثاً للأمل في نفسِ الْمَحْزُون المكلوم الكظيم .. فلا تزيدَ عليه هَمّه و تُقنِّطه من فَرَجِ الله له .. مهما اشتدتْ الأزمة .. و مهما بدا الأمرُ عسيراً
و مهما ضاقتْ الفُرجة .. فعند الله لها حلٌ و مخرج .

ولَرُبّ نازِلَة يَضِيق بها الفتى ذَرْعًا وعند الله مِنها الْمَخْرَجُ
ضاقت فلما اسْتَحْكَمَتْ حَلَقَاتُها فُرِجَتْ وكنتُ أظنها لا تُفْرَجُ


أليس الله عز و جل هو الذي دبــّر الأمرَ و قضاه ؟ إذاً فالحل بيده سبحانه و لن يرفع البلوى و الضُر إلا هو سبحانه برحمته .. و أقول للمكلوم : إن وجدتَ ( إخوة يوسف ) فكن أنتَ ( يعقوب ) فبُثَّ شكواك إلى الله و ارفع حُزنك إليه و تفاءل كما تفاءل يعقوب – عليه السلام – و لا تلتفتْ لكلام من حولك .. فحسّن ظنك بربك و تفاءل و لا تيأس .


تذكّر معاناة يعقوب – عليه السلام – ثم تذكّر حُسن ظنه بربه .. و أخيراً تفكّر في عاقبة أمره و كيف جمع الله شمله بابنه الفقيد .. وعسى الله أن يثبتك حتى تقول لأولئك الذين يئسوا و قنِطوا و قنَّطوا { أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } .

ليس ما تَعْلَم من الله وحياً .. و إنما تعلم مِن الله رحمته .. تعلمُ مِن الله قدرته .. تعلمُ مِن الله سعة فضله و عظيم إحسانه .. تعلمُ ذلك كله من الله يوم أن قلَّبت كتاب ربك و فتشّت في سنة نبيك ..

فعلمتَ أن المعطي هو الله .. و أن الرازق هو الله .. و أنَّ البَشَر لا يملكون لك شيئاً .. و الأمرُ كله لله .. أيها المكلوم إذا رأيتَ و سمعتَ من يريد زحزحة رواسخ الأمل في نفسك ..

فقل للعيونِ الرُمْدِ للشمسِ أعينٌ تراها بحقِ في مغيبٍ و مَطلـعِ
و سامِحْ عيوناً أطفأَ اللهُ نورَها بأبصارِها لا تستفيقُ و لا تعي


و أقول لكل مُبتلى : { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا }

ثم :

سلَّ اللهَ ربكَ ما عندَه وَلا تسألِ الناسَ ما عندهـمُ
و لا تبتغِ مِن سواه الغنى و كُنْ عبدَه لا تكنْ عبدهمُ




أسأل الله الإخلاصَ فيما كتبتُ و أن ينفع بكلماتي .. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


كتبته / خبيرة


المصدر :: من اطلاعاتي
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-24-2008, 12:05 AM
سيد سيد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-04-2008, 05:39 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

احبائي في ربي

لفت نظري ان المتخصصين في علم النفس

انهم يستخدمون اسلوب متقارب في علاج الاشخاص و بالذات المدمنين
او من يعانون الاكتئاب

و نجد ان المتخصصين في التنمية البشرية يستخدمون نفس التقنية تقريبا
في شحذ الهمم و آليات التغيير

ايه هيا بقى الية التغيير السحرية ؟؟
هيا بكل بساطة اسمها



" عيش حلمك "
انهم يجعلوا الانسان يتخيل انه حقق حلمه بالفعل ووصل الى ما يتمنى ويتخيل حياته بكل تفاصيلها
ووجدوا ان من يفعل ذلك تصبح له رغبة عارمة ليحقق حلمه و هدفه

عشان كدة فكرت و قلت
طيب اغلبني يعاني الان من ادمان بس من نوع تاني
" ادمان الدنيا و الشهوات "

طيب ايه الحل..؟؟؟؟؟
يمكن الحل يكون في الترهيب من اهوال يوم القيامة
اكيد ده فيه جزء من الحل لتشحذ الهمم


لكن انا مش هنتكلم عن يوم القيامة .... و لا عذاب القبر ...........ز و لا اي حاجة من دي
مش هعيش حلم الخوف
لا

تعالوا نعيش حلم غير ده
تعالوا نعيش احلى حلم بنتمناه

اننا دخلنا الجنة فعلا !!!!!!!!

ايوة دخلناها
تفتكروا هتكون ازاي
بتتمنوا ايه يكون موجود فيها
عيشوا الحلم بكل تفاصيله

باختصار

نفسكوا في ايه لما تدخلوا الجنة ؟؟؟؟؟

كل واحد يكتب نفسه في ايه في الجنة ...... يكتب حلمة و يشاركنا بيه ...... يمكن يساعد الباقيين انهم يعيشوا الحلم هما كمان
و دي مجموعة دروس لشيخنا بارك الله فيه
عن الجنة
يا ريت تسمعوها



ساعة في الجنة
Downloadللتحميل
من أجمل ما سمعت

20 سبب لدخول الجنة
Downloadللتحميل

من أجمل ما سمعت

عاشق الفردوس
Downloadللتحميل

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-08-2008, 04:30 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحرير قلب

اتركيني يانفس.....
ارهقتني ذنوبك

افقدتني صوابي
اهلكتني عيوبك
زادت من عذابي
ضاقت علي الارض
واختنقت...اختنقت

من طول غيابي
يانفس.....
كم طمحت الي الخير
وهممت باجابة داعي الله

وكدت اضع قدمي في قطار الصالحين
وامضي معهم في طريق النور
فحرمتني
وحلت بيني وبين النجاة
اما آن لك ان ترحميني
وتدعيني انجو
فكيني من اسارك

اطلقيني من قيدك المرير
ان رضيت الهجر فانا لااطيق منه لحظة
ان أبيت الا الهلاك فانا لاأتحمل غمسة في جهنم

ان رغبت عن جنات عدن
فانا المتيم في هواها منذ زمن
ويحك.........
انا منك وانت مني لكن....
ماذنبي وقد سددت علي كل منافذ النجاة؟؟..

ماذا أفعل وقد قتلت في اي بذرة خير؟؟
ماحيلتي وانتي تريدين قتلي ؟؟
أما أنتم يااعوان نفسي:

ايتها الغفلة الجاثمة
ايتها الشهوة العارمة
ايتها القسوة الغالبة
ايها الضالعون عمدا في المؤامرة
ياكل من شارك في الجريمة
ارحلوا عني الي الابد
غادروني الي غير رجعة
لم يعد لكم عندي موضع قدم
موتوا بغيظكم

قد رد الله الي روحي..

وعافاني في ديني
وأذن لي بذكره

.................................................


منقول من كتاب باي قلب نلقاه في سلسلة رد الي روحي للدكتور خالد ابو شادي

وانصح اخوتي في الله ان يقتنوا هذا الكتاب الرائع

اسال الله ان يطهر قلوبنا لذكره وبذكره آمييييين
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-08-2008, 04:42 AM
تحب ربها تحب ربها غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاكى الله خيرا اختى وهداكى وهدانى الى ما يحب ويرضاه
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-12-2008, 08:53 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تحب ربها مشاهدة المشاركة
جزاكى الله خيرا اختى وهداكى وهدانى الى ما يحب ويرضاه
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:15 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.