فى أعقــاب الموقعــــة

[أم كريم]

 

فى أعقــــاب الموقعـــــــة

بدأت موقعة بدر فى صباح اليوم السابع عشر من رمضان من الثانية للهجرة ( 13/3/624 م )
وانتهت فى عصر ذلك اليوم
فلما انتهت الموقعة أمر رسول الله أن يدفن الشهداء من المؤمنين وأن يوارى القتلى من المشركين فى قليب ( البئر التى لاماء فيها ) هناك مهجور
فلما وضعوا فى القليب وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
( يا أهل قليب ، هل وجدتم ماوعد ربكم حقا ؟ فإنى وجدت ماوعدنى ربى حقا )
قالت عائشة رضى الله عنها : فقال له أصحابه :
يارسول الله أتكلم قوما موتى ؟
فقال لهم :
( لقد علموا أن ماوعدهم ربهم حق )
وبعث رسول الله بشيرين إلى المدينة يبشران بما فتح الله على رسوله وعلى المؤمنين
موقف عتــاب
وكانت الغنائم التى غنمها المسلمون كثيرة وكان فيها إبل ومتاع وأنطاع وسلاح وثياب وأ دَمَ كثير حملوه للتجارة فادعى من قاتل العدو وصده أنهم أحق بها وادعى من جمعها أنهم أحق بها وادعى من كان يحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن غيرهم ليس أحق بها منهم
فاختصموا إلى رسول الله فأمر الناس أن يردوا كل مافى أيديهم من الغنائم حتى يرى فيها رأيه أو يقضى الله فيها بقضائه 0
فدعا الله لهم فقال :
( اللهم إنهم حفاة فاحملهم وعراة فاكسهم وجياع فأشبعهم وعالة فأغنهم من فضلك )
ومهما يكن من شىء فقد كان موقفا عاتبهم الله فيه ودرسا تعلموا منه ماينبغى أن يكون عليه المؤمنون الصادقون من العزوف عن أعراض الدنيا ومن التطلع إلى ماهو أسمى وأجل من متاعها الفانى
( إنما المؤمنون الذين إذا ذُ كر الله وَجِلت قلوبهم 00000 )

تقسيم الغنائم
وبات الرسول صلى الله عليه وسلم ليلته تلك بوادى بدر ثم أصبح مرتحلا بأصحابه إلى المدينة ومعه الأسارى من المشركين والنفل الذى أصابه المسلمون منهم حتى إذا كان ببعض الطريق نزل فقسم النفل على أصحابه بالسواء وجعل للورثة حصة من استشهد من المسلمين وكذلك كان فريق من المؤمنين لم يحضروا الموقعة لأن رسول الله كلفهم أعملا غير أعمال القتال وفريق أخر حجزه عذر قاهر كان رسول الله يعلمه فكانوا كمن حضر القتال
ومن اللطائف التى رويت أن المسلمين لما أقبلوا على رسول الله يهنئونه قال لهم سلمة بن سلامة :
مالذى تهنئوننا به ؟ فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعلقة فنحرناها
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال :
( أى ابن أخى أولئك الملأ )
أى هم الأشراف والسادة الذين لايستهان ببلائهم فى القتال ولابمكانهم فى القوم
النبى يقتل اثنين من الأسرى
أمر رسول الله بقتل ( النضير بن الحارث وعقبة بن أبى معيط ) وكان كلاهما شيطانا من شياطين قريشومن أشدالمشركين إيذاء للنبى وصاحبه وأفظعهم تقولا على كتاب الله وعلى رسول الله
ثم أستشار رسول الله كبار أصحابه فى الأسارى
فأشار بعضهم بأن يقتلوا أو يحرقوا لأنهم رءوس الكفر وأئمة الضلالة
وأشار البعض بأن تقبل منهم فدية ليكون مايؤخذ منهم قوة للمسلمون
فآثر رسول الله الفداء لما كان عليه أصحابه من رقة الحال وشدة الفقر حينذاك
ولقد عاتب الله رسوله على أن قبل الفداء وآثره على الإثخان فى قتل العدو فقال سبحانه وتعالى :
( ماكان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض 00)
فبكى رسول الله وبكى معه أبو بكر حين نزلت هذه الآية وتمنى لو أنه أخذ برأى عمر فى قتل الأسارى
على أنه الله قد تجاوز لرسوله عن هذه الهفوة واحل له وللمسلمين ماأخذوا من الغنيمة فقال سبحانه وتعالى :
( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم )
أطلق النبى فقراء الأسرى بغير فداء وجعل فداء بعضهم ممن يعرفون الكتابة أن يعلم عشرة من صبيان المسلمين الكتابة
أما أغنيائهم فقد أبقاهم حتى يفتديهم أهلوهم
فداء زوج أبنة الرسول
وكان فى الأسارى أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثت زينب بنت رسول الله فى فداء أبى العاص بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت السيدة خديجة رضى الله عنها أدخلتها بها على أبى العاص حين تزوج بها
فلما رآها رسول الله رق لها قلبه وقال :
( إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا )
فقالوا : نعم يارسول الله
فأطلقوه وردوا عليها الذى لها وأخذ النبى على أبى العاص أن يخلى سبيل زينب فوعده ذلك
فداء العباس عم رسول الله
وكان فى الأسارى العباس عم الرسول فطمع أن يمن عليه رسول الله فيطلقه بلا فداء فأبى رسول الله إلا أن يدفع فديته وفدية نفر من أهله ومن حلفائه كانوا معه 0