انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-14-2008, 12:41 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




Islam امتحان الإمام أحمد بن حنبل

 

امتحان الإمام أحمد بن حنبل
د . محمود عبد الرازق الرضواني


الحمد لله رب العالمين ، إله الأولين والآخرين ، هو الأول والآخر والباطن والظاهر ، وهو بكل شيء عليم ، الأول فليس قبله شيء ، الآخر فليس بعده شيء ، الظاهر فليس فوقه شيء ، الباطن فليس دونه شيء ، الأزلي الذي لم يزل موجودا بصفات الكمال ولا يزال ، دائما باقيا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال ، يعلم دبيب النملة السوداء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء ، يعلم عدد الرمال ، وهو العلى فوق عرشه الكبير المتعال ، الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ، ورفع السماوات بغير عمد وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ، بدأ خلق الإنسان من طين ، وجعل نسله من سلالة من ماء مهين ، وصوره وأبدعه في قرار مكين ، فجعله مضغة فعظاما فسميعا بصيرا ، جعله سميعا بصيرا بعد أن لم يكن شيئا مذكورا ، فسبحان الكريم العظيم الحليم ، كان من أعظم نعمه على بني الإنسان بعد أن خلقهم ورزقهم ويسر لهم السبيل ، أن أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ، مبينة حلاله وحرامه ، وأخباره وأحكامه ، فالسعيد من قابل الأخبار بالتصديق والتسليم ، والأوامر بالانقياد والنواهي بالتعظيم ، ففاز بالنعيم المقيم وزحزح عن العذاب الأليم .

أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، يملأ أرجاء السماوات والأرضين ، دائما أبد الآبدين إلي يوم الدين ، في كل ساعة وآن ووقت وحين ، كما ينبغي لجلاله العظيم ، وسلطانه القديم ، ووجهه الكريم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا ولد له ، ولا والد له ، ولا صاحبة له ولا نظير ، ولا ومثل ر له ولا مشير له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، المصطفي من خلاصة العرب العرباء ، خاتم الأنبياء وصاحب الحوض الرواء ، صاحب المقام المحمود وحامل اللواء ، صلي الله عليه وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين وسلم وشرف وكرم أزكي صلاة وأفضل تسليم ، وأعلى تشريف وأمجد تكريم ، ورضي الله عن جميع أصحابه الغر الكرام ، السادة النجباء الأعلام ، خلاصة العالم بعد الأنبياء ، ما اختلط الظلام بالضياء ، وأعلن الداعي بالنداء ، أما بعد .




أرسل المأمون بن هارون رسالته أو خطابه إلي نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم ، هذا الخطاب الذي حمل من الفتنة وأنواع الضلال ، ما يدل بحق على مقدار الفتنة التي ستحل بالأمة الإسلامية ، بسبب الآراء والبدع الاعتزالية ، وقد أمر الخليفة واليه إسحاق بن إبراهيم أن يجمع من بحضرته من القضاة ، وأن يقرأ هذا الخطاب عليهم مرارا حتى يفهموه ، وأن يبدأ في امتحانهم وأن يكشف عما يعتقدوه ، وبين له في هذا الكتاب أنه لا يستعين في إدارة شئون الدولة بمن لا يكون على مذهبه وعقيدته .

رد الفعل في بغداد ، أحضر إسحاق بن إبراهيم وإلي الخليفة على بغداد أ أحضر الفقهاء والمحدثين والقضاة ، وكان من أبرزهم بشر بن الوليد الكندي وأبو حسان الزيادي وعلى بن مقاتل وأحمد بن حنبل ومحمد بن نوح وإبراهيم بن المهدي وآخرون من أهل العلم ، قرأ عليهم خطاب المأمون مرتين حتى فهموه .

( ثم سأل بشر بن الوليد عن القرآن ؟ فقال بشر : قد عرفت مقالتي لأمير المؤمنين غير مرة القرآن كلام الله ، قال إسحاق بن إبراهيم : أمخلوق هو ؟ قال بشر : ( اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ ) (الرعد:16) ، قال إسحاق : أليس القرآن شيء ؟ ، قال بشر : هو شيء ، قال إسحاق : فمخلوق هو ؟ قال بشر : ليس بخالق ، قال إسحاق : ليس أسألك عن هذا ، قال بشر : لا أحسن غير ما قلت وقد استعهدت أمير المؤمنين ألا أتكلم فيه وليس عندي غير ما قلت ) .

جواب بشر بن الوليد أراد منه التورية والمواربة فهو يبطن اعتقاد السلف ، ولكنه أراد أن يتخلص من امتحان الوالي وبطش الخليفة بقوله ( اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ ) (الرعد:16) ليسكت عنه ، لأن العموم في الآية مخصوص بالمخلوقات فقط ، أما ذات الله وصفاته ، ومنها صفة الكلام ، وما تكلم الله به في القرآن ، فلا يندرج تحت الآية .




والدليل على أنه سبحانه وتعالي لا يعني كلامه مع الأشياء المخلوقة ، قوله تعالى عن الريح التي أرسلها على عاد : ( تُدَمِّرُ كُل شيء بِأَمْرِ رَبِّهَا ) (الأحقاف/25) وقد أتت تلك الريح على أشياء لم تدمرها ، كمنازلهم ومساكنهم والجبال التي كانت بحضرتهم ، فأتت عليها تلك الريح ولم تدمرها ، وبالرغم من ذلك قال : ( تُدَمِّرُ كُل شيء ) وأيضا قول الهدهد عن بلقيس ملكة اليمن ( إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُل شَيْءٍ وَلهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ) (النمل:23) وعرش سليمان وملكه كان موجودا ، ولم تستحوز عليه بلقيس ، فكذلك إذا قال : ( اللهُ خَالقُ كُل شيء ) ، لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة .

وقال الله لموسي : ( وَاصْطَنَعْتُكَ لنَفْسِي ) (طه/41) وقال : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَه) (آل عمران/28) وقال الله تعالي : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِه) (الأنعام/54) وقال : ( تَعْلمُ مَا في نَفْسِي وَلا أَعْلمُ مَا في نَفْسِكَ ) (المائدة/116) ثم قال : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ ) (آل عمران/185) ، فالعقلاء يعلمون أن الله لا يعني نفسه مع الأنفس التي تذوق الموت ، فكذلك إذا قال : ( اللهُ خَالقُ كُل شيء ) لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة .

فالقول الذي عليه السلف الصالح أن الله خالق كل شيء من المخلوقات ، أما القرآن الذي تكلم به الله وبدا من كلامه فليس بمخلوق ، وهو سبحانه شيء لا كسائر الأشياء ، ولا يطبق عليه ما يطبق على سائر الأشياء قال تعالى : ( ليْسَ كَمِثْلهِ شيء وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الشورى:11) ، وقال تعالى : ( فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأمْثَال إِنَّ اللهَ يَعْلمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلمُون ) (النحل/74) .



فلما قال بشر : لا أحسن غير ما قلت ، وقد استعهدت أمير المؤمنين ألا أتكلم فيه ، وليس عندي غيرُ ما قلت ، فأخذ إسحاق بن إبراهيم رقعة كانت بين يديه ، مكتوب فيها : أشهد أن الله واحد أحد ، فرد صمد ، لم يكن قبله شيء ، ولا بعده شيء ، ولا يشبهه شيء من خلقه ، في معني من المعاني ، ولا وجه من الوجوه ، فقرأها إسحاق بن إبراهيم على بشر بن الوليد الكندي وقال له : أتشهد على ما في هذه الرقعة ؟ ، قال بشر : نعم ، فقال إسحاق لكاتبه : أكتب ما قال .



لكن العبارة التي أشهده عليها عبارة مرنة ظاهرها حق ، وفي داخلها إقرار ضمني بمذهب المعتزلة ، لأن معني أن الله لا يشبهه شيء من خلقه في معني من المعاني ، ولا في وجه من الوجوه ، يلزم منها عندهم نفي الصفات عن الله مطلقا كالسمع والبصر والكلام وغير ذلك ، لأن المخلوق له صفات أيضا كالسمع والبصر والكلام وغير ذلك ، فالاجتماع في الألفاظ العامة المشتركة ، يوجب عند المعتزلة التشبيه والتماثل ، وهذا من فساد الفطرة وخراب العقل ، لأن التشبيه لا يكون إلا إذا قال : سمع الله مثل سمعي وبصره كبصري وكلامه ككلامي ، فهذا تشبيه .

وقد علمنا بالضرورة أن الله موجود ، والمخلوق موجود ، ولا يلزم من اتفاقهما في مسمي الوجود ، أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ، بل وجود هذا يخصه ، ووجود هذا يخصه ، واتفاقهما في لفظ عام لا يقتضي تماثلهما في هذه الصفة عند الإضافة والتخصيص والتقييد ، فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود ، فإن العرش والبعوض متماثلان ، لاتفاقهما في لفظ الشيء والوجود ، ولهذا سمي الله نفسه بأسماء هي مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشاركه فيها غيره ، وسمي بعض مخلوقاته بأسماء هي مختصة بهم ، مضافةُ إليهم ، ولم يلزم من اتفاق الاسمين عند التجرد عن الإضافة تماثلهما واتفاقهما ، فقد سمي الله نفسه حيا فقال : ( اللهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) وسمي بعض عباده حيا فقال : ( إِنَّ اللهَ فَالقُ الحَبِّ وَالنَّوَي يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَمُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذَلكُمُ اللهُ فَأَنَّي تُؤْفَكُون َ) (الأنعام:95) .

وليس هذا الحي مثل هذا الحي ، لأن قوله الحي اسم لله مختص به ، وقوله يخرج الحي من الميت ، اسم للحي المخلوق مختص به ، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص ، ولكن ليس للمطق مسمي موجود في الحقيقة ، ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين ، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق ، والمخلوق عن الخالق ، ولا بد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته ، وكذلك سمي الله نفسه عليما حليما ، وسمي بعض عباده عليما فقال : ( قَالُوا لا تَوْجَل إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَليمٍ ) (الحجر:53) ( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَليم ٍ) (الذاريات:28) يعني اسحق ، وسمي آخر حليما فقال ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَليمٍ) (الصافات:101) يعني إسماعيل ، وليس العليم كالعليم ولا الحليم كالحليم ، وسمي نفسه سميعا بصيرا فقال : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلي أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْل إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) (النساء:58) وسمي بعض عباده سميعا بصيرا ، فقال : ( إِنَّا خَلقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَليهِ فَجَعَلنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ) (الإنسان:2) .

وليس السميع كالسميع ولا البصير كالبصير وسمي نفسه بالرؤوف الرحيم فقال : ( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ على الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لرَؤُوفٌ رَحِيم ٌ) (الحج:65) وسمي بعض عباده بالرؤوف الرحيم فقال : ( لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَليْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَليْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) (التوبة:128) وليس الرؤوف كالرؤوف ولا الرحيم كالرحيم ، وسمي نفسه بالملك فقال سبحانه : ( فَتعالي اللهُ المَلكُ الحَقُّ لا إِلهَ إِلا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ) (المؤمنون:116) وسمي بعض عباده بالملك : ( وَقَال المَلكُ إِنِّي أَرَي سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ للرُّؤْيا تَعْبُرُونَ) (يوسف:43) .

وقال : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلكٌ يَأْخُذُ كُل سَفِينَةٍ غَصْباً) (الكهف:79) وليس الملك كالملك ، وسمي نفسه بالمؤمن وسمي بعض عباده بالمؤمن فقال : ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (السجدة:18) وليس المؤمن كالمؤمن ، وسمي نفسه بالعزيز فقال : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَليْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العزيز الحَكِيمُ ) (البقرة:129) ، وسمي بعض عباده بالعزيز فقال : ( وَقَال نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ امْرَأَتُ العَزيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (يوسف:30) ( قَالتِ امْرَأَتُ العزيزِ الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لمِنَ الصَّادِقِينَ) (يوسف:51) ( قَالُوا يَا أَيُّهَا العزيز إِنَّ لهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً ) (يوسف:78) ( فَلمَّا دَخَلُوا عَليْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا العزيز مَسَّنَا وَأَهْلنَا الضُّرُّ ) (يوسف:88) وليس العزيز كالعَزيزِ ، وسمي نفسه الجبار المتكبر فقال : ( هُوَ اللهُ الذِي لا إِلهَ إِلا هُوَ المَلكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العزيز الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (الحشر:23) وسمي بعض خلقه بالجبار المتكبر فقال : ( الذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الذِينَ آمَنُوا كَذَلكَ يَطْبَعُ اللهُ على كُل قَلبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (غافر:35) ونظائر هذا متعددة ، وكذلك صفاته سماها بأسماء وسمي صفات عباده بنظير ذلك ، فقال : ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ) (البقرة:255) ، وقال : ( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ) (الذريات:58) وقال : ( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الذِي خَلقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ) (فصلت:15) وسمي صفة المخلوق علما وقوة ، فقال : ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُل الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلمِ إِلا قَليلاً) (الاسراء:85) وقال : ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُل ذِي عِلمٍ عَليمٌ) (يوسف:76) ، وقال : ( فَلمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (غافر:83) ، وقال : ( اللهُ الذِي خَلقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَل مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَل مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَليمُ القَدِير ُ) (الروم:54) ، وقال : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِليْهِ يُرْسِل السَّمَاءَ عَليْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلي قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلوْا مُجْرِمِينَ ) (هود:52) ، وليس العلم كالعلم ولا القوة كالقوة ووصف نفسه بالمشيئة ووصف عبده بالمشيئة فقال : ( لمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ) (التكوير:29) وقال : ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إلي رَبِّهِ سَبِيلا ً وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَليماً حَكِيماً) (الإنسان:30) ، وكذلك وصف نفسه بالإرادة ووصف عبده بالإرادة فقال : ( مَا كَانَ لنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لهُ أَسْرَي حتى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:67) ووصف نفسه بالمحبة ووصف عبده بالمحبة فقال :

( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ) (المائدة:54) ( قُل إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) ووصف نفسه بالرضا ووصف عبده بالرضا فقال : ( جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلكَ لمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (البينة:8)، ومعلوم أن مشيئة الله ليست كمشيئة العبد ولا إرادته كإرادته ولا محبته كمحبته ولا رضاه كرضاه ، وكذلك وصف نفسه بأنه يمقت الكفار ووصفهم بالمقت فقال : ( إِنَّ الذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إلي الإيمان فَتَكْفُرُونَ) (غافر:10) وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد كما وصف عبده بذلك فقال : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذِينَ كَفَرُوا ليُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ ) (لأنفال:30) وقال : ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً ) (الطارق:15) .

ووصف نفسه بالعمل فقال : ( أَوَلمْ يَرَوْا أَنَّا خَلقْنَا لهُمْ مِمَّا عَمِلتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لهَا مَالكُونَ) (يّس:71) ووصف عبده بالعمل فقال : ( ثُمَّ تُرَدُّونَ إلي عَالمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:94) وليس العمل كالعمل ، ووصف نفسه بالمناداة والمناجاة فقال : ( وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً) (مريم:52) ووصف عباده بالمناداة والمناجاة فقال :

( إِنَّ الذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (الحجرات:4) ، وقال : ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُول فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلكَ خَيْرٌ لكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالأِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُول وَتَنَاجَوْا بِالبِرِّ وَالتقوى وَاتَّقُوا اللهَ الذِي إِليْهِ تُحْشَرُونَ) (المجادلة:9) ، وليست المناداة ولا المناجاة كالمناجاة والمناداة ، ووصف نفسه بالتكليم في قوله : ( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَليْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لمْ نَقْصُصْهُمْ عَليْكَ وَكَلمَ اللهُ مُوسَي تَكْليماً) (النساء:164) وقوله : ( تِلكَ الرُّسُلُ فَضَّلنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) (البقرة:253) ، ووصف عبده بالتكليم في قوله :

( وَقَال المَلكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلصْهُ لنَفْسِي فَلمَّا كَلمَهُ قَال إِنَّكَ اليَوْمَ لدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) (يوسف:54) وليس التكليم كالتكليم ، ونظائر هذا كثيرة ، فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه ، ونفي مماثلته بخلقه ، فمن قال ليس لله علم ولا قوة ولا رحمة ولا كلام ولا يحب ولا يرضي ولا نادي ولا ناجي ولا استوي كان معطلا جاحدا يمثل الله بالأصنام والجمادات وأخس المخلوقات ، ومن قال له علم كعلمي أو قوة كقوتي أو حب كحبي أو رضاء كرضائي أو يد كيدي أو استواء كاستوائي ، كان مشبها ممثلا لله بالحيوانات ، فلا بد من إثبات بلا تمثيل ، وتنزيه بلا تعطيل .


فالألفاظ المجردة المقطوعة عن الإضافة في أي لغة من اللغات صالحة للاستخدام في حق الخالق والمخلوقات ، فإذا أضيفت إلي الخالق كان لها معني يختلف عن المعني الذي تضاف فيه إلي المخلوق ، فإذا قلنا : على متكلم ، علمنا معني الكلام وأدركنا كيفية التكلم لأننا نراه أو نري له مثيلا ، أما إذا قال الله : ( وَكَلمَ اللهُ مُوسَي تَكْليماً ) ، علمنا معني الكلام ولم ندرك كيفيته لأننا ما رأيناه وما رأينا له مثيلا ، ومن ثم فقد أخطأ بشر بن الوليد حين أقر بالعبارة على إطلاقها وسوف نري موقف الإمام أحمد من هذه العبارة .



ثم توجه إلي إسحاق بن إبراهيم إلي أحد العلماء وهو على بن مقاتل فسأله عن قوله وعقيدته في القرآن ، فقال على : هو كلام الله ، وإن أمرنا أمير المؤمنين بشيء سمعنا وأطعنا ، ثم قال على بن مقاتل : قد يكون قوله كاختلاف أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم في الفرائض والمواريث ولم يحملوا الناس عليها ، فأشهده على الرقعة التي فيها أشهد أن الله واحد أحد فرد صمد لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء ولا يشبهه شيء من خلقه في معني من المعاني ولا وجه من الوجوه ، وقال له : أتشهد على ما في هذه الرقعة قال : نعم ، فقال إسحاق لكاتبه : أكتب ما قال .

ثم توجه إلي أبي حسان الزيادي وسأله عن القرآن ، فقال أبو حسان : القرآن كلام الله ، والله خالق كل شيء وما دون الله مخلوق ، وأمير المؤمنين قلده الله أمرنا يقيم حجنا وصلاتنا ، ونؤدي إليه زكاة أموالنا وإن أمرنا ائتمرنا وإن نهانا انتهينا ، قال إسحاق بلا لف ولا دوران : القرآن مخلوق ؟ فأعاد أبو حسان ما قاله ، قال إسحاق : إن هذه مقالة أمير المؤمنين ، قال أبو حسان : قد تكون مقالة أمير المؤمنين ولا يأمر بها الناس ولا يدعوهم إليها ، إن أخبرتني أن أمير المؤمنين أمرك أن أقول بخلق القرآن قلت به ، قال إسحاق : ما أمرني أن أبلغك شيئا إنما أمرني أن أمتحنك ، فأشهده على الرقعة فشهد وكتب جوابه .

ثم جاء دور الإمام أحمد في محنته ، وهو قوي بسيف الحق في حجته ، صريح في دليله ومقولته ، لا يلمح ولا يلوح ، ظاهره ينبئ عن باطنه ، لا يستخدم الحيدة أو التأويل ، فهو بحول الله على الحق قائم ، لا يخشي في الله لومة لائم ، فقال له إسحاق : ما تقول في القرآن ؟ قال أحمد : هو كلام الله ، قال إسحاق : أمخلوق هو ؟ قال أحمد : هو كلام الله ولا أمثل د على ذلك .
قال إسحاق بن إبراهيم أتوافق على الرقعة التي فيها أشهد أن الله واحد أحد فرد صمد لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء ولا يشبهه شيء من خلقه في معني من المعاني ولا وجه من الوجوه ؟ قال الإمام أحمد : أقول : ( ليْسَ كَمِثْلهِ شيء وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الشوري:11) ورفض ما في الرقعة لاشتمالها على حق وباطل .

ونلاحظ هنا أن التزام الإمام أحمد بن حنبل بهذه الآية جعله في حصن منيع ، من لوازم قولهم الباطل بنفي صفة الكلام ، فقد نفي المماثلة والمشابهة بين الله وخلقه ، ووحد الله وأفرده عن سائر الخلق بقوله تعالى : ( ليْسَ كَمِثْلهِ شيء) ، ثم أثبت الصفات لله كما أثبثها الله لنفسه دون تعطيل لقوله تعالى : ( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) ، فمذهب السلف وسط بين التمثيل والتعطيل ، وقد قال شيخ الإسلام : ( ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق فمن نفي القدر المشترك فقد عطل ، ومن نفي القدر الفارق فقد مثل ) وقد التزم إمام أهل السنة بمنهج أهل السنة ، فأثبت القدر الفارق ولم يمثل وأثبت القدر المشترك ولم يعطل ، وأمسك عن عبارة : ولا يشبهه أحد من خلقه في معني من المعاني ولا وجه من الوجوه .

قال أحد الحاضرين من المعتزلة ينبئ عن جهله بصفات الله عز وجل يقال له ابن البكاء الصغير ، قال لإسحاق : يا أمير إنه يقول سميع بأذن بصير بعين ، قال إسحاق لأحمد : ماذا أردت بقولك وهو السميع البصير ؟ قال أحمد مفحما لهما : أردت منها ما أراده الله ورسوله ، ثم اختبرهم رجلا رجلا وكتب ما كان منهم ، وبعث جوابهم إلي المأمون بن هارون .

فمكث القوم تسعة أيام ثم دعا بهم إسحاق بن إبراهيم وإلي الخليفة على بغداد وقد ورد كتاب المأمون الثاني جاء فيه : ( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغ أميرَ المؤمنين كتابُك ، جوابَ كتابه إليك ، فيما ذهب إليه متصنعة أهل القبلة وملتمسو الرئاسة ، فيما ليسوا له بأهل من أهل الملة ، وما كان من قولهم في القرآن ، لما أمرك أمير المؤمنين بامتحانهم وتكشيف أحوالهم ، فأما ما قاله المغرور بشر بن الوليد في نفي التشبيه ، وما أمسك عنه من أن القرآن مخلوق ، وادعاء تركه الكلام في ذلك ، واستعهاده أمير المؤمنين ، يعني قول بشر لإسحاق : ( لا أحسن غير ما قلت وقد استعهدت أمير المؤمنين ألا أتكلم فيه وليس عندي غير ما قلت) يقول المأمون فقد كذب بشر في ذلك وكفر ، وقال الزور والمنكر ، ولم يكن جري بين أمير المؤمنين وبينه في ذلك ولا في غيره عهد ولا نظر ، أكثر من إخباره أمير المؤمنين من اعتقاده كلمة الإخلاص ، والقول بأن القرآن مخلوق ، فادعه إليك وأعلمه ما أعلمك به أمير المؤمنين من ذلك ، وأنصصه عن قوله في القرآن ، واستتبه منه ، فإن أمير المؤمنين يري أن تستتيب من قال بمقالته ، إذ كانت تلك المقالة الكفر الصريح والشرك المحض عند أمير المؤمنين ، فإن تاب منها فأشهر أمره وأمسك عنه ، وإن أصر على شركه ، ورفض أن يكون القرآن مخلوقا بكفره وإلحاده ، فاضرب عنقه وابعث إلي أمير المؤمنين برأسه إن شاء الله ، وكذلك إبراهيم بن المهدي فامتحنه بمثل ما تمتحن به بشرا فإنه كان يقول بقوله ، فإن قال إن القرآن مخلوق فأشهر أمره وأكشفه وإلا فاضرب عنقه وابعث إلي أمير المؤمنين برأسه إن شاء الله ، وأما أحمد بن حنبل وما تكتب عنه فأعلمه أن أمير المؤمنين قد عرف فحوي تلك المقالة وسبيله فيها واستدل على جهله وآفته ، وسمي المأمون في خطابه رجلا رجلا ثم قال :

( ومن لم يرجع عن شركه ممن سميت لأمير المؤمنين في كتابك وذكره أمير المؤمنين لك أو أمسك عن ذكره في كتابه هذا ولم يقل إن القرآن مخلوق بعد بشر بن الوليد وإبراهيم بن المهدي فاحملهم أجمعين موثقين إلي عسكر أمير المؤمنين مع من يقوم بحفظهم وحراستهم في طريقهم حتى يؤديهم إلي عسكر أمير المؤمنين ويسلمهم إلي من يؤمن بتسليمهم إليه لينصحهم أمير المؤمنين فإن لم يرجعوا ويتوبوا حملهم جميعا على السيف إن شاء الله ولا قوة إلا بالله ، وقد أنفذ أمير المؤمنين كتابه هذا في خريطة بندارية ، ولم ينتظر اجتماع الكتب الخرائطية ، يعني الرسائل العادية ، معجلا به تقربا إلي الله عز وجل بما أصدر من الحكم ، ورجاء ما اعتمد ، وإدراك ما أمل ، من جمثل ل ثواب الله عليه ، فأنفذ لما أتاك من أمر المؤمنين وعجل إجابة أمير المؤمنين بما يكون منك خريطة بندارية مفردة عن سائر الخرائط لتعريف أمير المؤمنين ما يعلم شاء الله ) .

عند ذلك أدرك المحدثون أن الخليفة قد أجمع أمره ، وأنه فوض نائبه في بغداد إسحاق بن إبراهيم بقطع الرقاب وأن الأمر شديد فأجابوا مكرهين متأولين قول الله تعالى : ( إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمانِ ) (النحل/106) أجاب القوم كلهم إلي أن القرآن مخلوق حين دعاهم إسحاق وأعاد امتحانهم ، ولم يمتنع إلا أربعة نفر منهم الإمام أحمد بن حنبل والحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الحَضْرَمِيُّ المكني بسجادة ، وعبيد الله بن عمر القواريري ، ومحمد بن نوح .

فأمر إسحاق بن إبراهيم باعتقالهم وشدهم في الحديد ووضعهم في السجن ، في اليوم الثاني دعاهم جميعا ، فأتي بهم يساقون في الحديد فأعاد عليهم المحنة فأجابه سجادة الحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الحَضْرَمِيُّ إلي أن القرآن مخلوق فأمر بإطلاق قيده وخلي سبيله وأصر الآخرون على قولهم ، فلما كان من بعد الغد عاودهم أيضا فأعاد عليهم القول فأجاب عبيد الله بن عمر القواريري إلي أن القرآن مخلوق ، فأمر بإطلاق قيده وخلي سبيله ، وأصر أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهما ولم يرجعا فشدهما جميعا في الحديد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . فيا رب عاملنا بما أنت أهله ، من الجود والرحمي وإن لم نكن أهلا ، وصل على مسك الختام محمد أتم صلاة تملأ الحزن والسهلا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-14-2008, 02:55 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-14-2008, 03:13 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


وخيراً جزاكم اللهُ وفيكم باركَ يارحمكم الله .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-14-2008, 09:12 AM
د. حازم د. حازم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-14-2008, 01:27 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


وخيراً جزاكَ ربي وأحسنَ إليكَ ياغالي .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-19-2008, 01:14 AM
أم عبد الرحمن السلفية أم عبد الرحمن السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


ما شاء الله .. تبارك الله .
جُزيتم الفردوس الأعلى وبارك الله فيكم .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-19-2008, 01:30 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


اللهم آمين
وإياكم أختنا ، نفعَ اللهُ بكم .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-19-2008, 02:32 AM
مطوان مطوان غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي


من كان مع الله كان الله معه
بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-19-2008, 02:38 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


وفيكَ باركَ اللهُ أخي الحبيب وأحسنَ إليكَ في الدارَيْن .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-21-2008, 09:58 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

بارك الله فيك
واجزل لك المثوبة
وجعلك للمتقين اماما

اللهم ثبتنا علي دينك
واجعلنا من الذين ينصرونه
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 04:27 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.