انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-14-2007, 11:58 PM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

 

8- كيف أنجو ؟

ما العمل الآن سوف أعود للمنزل ! ؟ وسأجده هناك ينتظرني ! ويسألني عما إذا امتثلت لما أمرني به أم لا ؟
ولكني لم أستطع ذلك ... كيف له أن يفهم ؟ كيف أنجو منه ؟ ما العمل يا رب ما العمل ؟ اللهم إني أنتظر منك فرجا ومخرجا من بعد ما عانيت من الضيق والبلاء !!

عدنا إلى المنزل وفي الطريق أخذت والدته الكأس من يدي وهي تحافظ عليه كما تحافظ الأم على الوليد .. لم أعلق ولم أنطق .. كان تفكيري منصبا على هذا الزوج الذي ينتظرني في المنزل ! أوه .. تذكرت .. عضضت على فمي بقوة كدت منه أدميه .. يا ويلتي .. لقد نسيت المفتاح بالداخل .. لابد من الصدام !!
طرقت الباب بأنامل قد جمدها الخوف .. استجمعت قواي .. طرقت مرارا وأنا أشعر بالهلع العظيم !!!

أخيرا فتح الباب على مصراعيه .. رأيته أمامي .. تنحى عن الباب قليلا .. دخلنا .. نبضت خفقات قلبي بقوة أسمعت من في المشرق والمغرب !!
أغلق الباب خلفه بركلة من رجله ونظراته تحدق بي .. نقل نظراته إلى والدته التي تقف بجانبي وقال :

- أماه .. هل فعلت ما أمرتها به ؟؟

لم ترد أمه .. نظرت إلي بعيني جامدتين خائفتين ...

أضاف وهو يحرقني بنظراته موجها الحديث لأمه :
- تكلمي يا أماه .. هل فعلت أم لا ؟ بالطبع .. لا !؟ تكلموا .. لم تفعل أليس كذلك يا أمي !!؟

شعرت بثقل يكبل أجزائي وبقلبي يصارع في الخروج من مخبأه من وطأة الخوف !

قالت أمه بخوف أمام نظراته المثبتة علي :

- يا بني هدي من روعك .. إنها .. آه .. نعم نعم .. لقد فعلت !!

مشى بخطوات عريضة تجاهي .. نظر إلي بتحد عندما طال صمتي ..عرف أن والدته قد كذبت عليه ...فأمعن النظر في وجهي وكز على أسنانه بقوة جبارة ..

أما أنا فقد أدركت بأن شعوري بالأمان في هذه اللحظة قد ابتعد عني بعيدا جدا في الأفق

هزنّي بعنف وصفعني صفقة قاسية جدا أفقدتني الذاكرة لبضع دقائق .. فبدا لي وكأنه يقهقه ضاحكا من شدة القهر والغيظ .. والخيبة فيما يرجو !!

صرخ قائلا :
- لا فائدة ترجى منها في هذا المجال يا أمي .. ماذا عساي أن أصنع بها ؟ لقد أمّلت فيها خيرا كثيرا ولكن يبدو أنني كنت مخطئا ! أخبروني ماذا أفعل معها ؟ .. أقتلها ؟ .. سأصبح عما قريب إماما للأولياء والصوفية ! وزوجتي هي العدو الأول لي في مذهبي !! كيف سيصوت الجميع لي وهي بهذه الطريقة ؟ كيف ؟ كيف ؟

انفجرت باكية حينها :
- إذاَ أطلق سراحي .. والآن .. أنا لا أريدك .. لا مجال للعيش بيننا .. هيا افعل .. لا تعذبني .. لماذا تصر على بقائي معك ؟ أنا سأضرك أكثر من أن فعك كانت أنفاسه تتردد بصوت مسموع لكنه قال بهدوء : وهل تظنين بأني فاعل ؟ أرجو ألا يراودك الأمل في ذلك مطلقا ! لن أتركك أبدا مهما طال النزاع بيننا !! ثم انسحب بسرعة ودون أن يضيف شيئا آخر ...

ارتميت على الأريكة وامتلأت عيناي حسرة وحزنا على حالي ! يا إلهي أنت ملاذي وملجأي فساعدني .. ذهب الجميع .. بقيت لوحدي .. ولكن لن أقول سوى الحمد لله على كل حال !! أتت والدته بعد قليل وكانها تتشفى مما حدث .. اقتربت مني وأنا أرتجف كطائر جريح لم يجد له راعيا ومطمئنا .. وقفت قليلا ثم ابتعدت عنها وحاولت التظاهر بالتفتح والنسيان فقلت لهل :

- لا بأس كل شيء على ما يرام يا خالتي !! لا تقلقي سيعتدل الوضع قريبا .. سيعتدل

تركتها بخطوات زاحفة ... شعرت بأنها تريد أن تقول شيئا ما .. ولكني لم أفضل البقاء ! توجهت نحو غرفتي .. استلقيت على فراشي .. أخذت أفكر مليا بالوضع .. آه يا رأسي إنه يؤلمني من كثرة البكاء .. والأنين .. ما سر حقدهم المتناهي عليّ ؟ هل لأنني سنية ؟ ولكن لو كان طريقهم يؤدي إلى الجنة وإلى رضوان الله فأنا مستعدة لاتباعه .. ابتسمت متحسرة .. الحمد لله الذي نجاني مما هم فيه !!

سمعت صوتا ينادي ! لم أجب ! أشعر برغبة في الانفراد والانعزال ! نحن لا نتفق فما الذي يجبرني على البقاء ؟ يجب أن أذهب بأي طريقة ! ليس لي مكان في هذا المكان !!

سمعت الصوت مرة أخرى .. إنه صوته .. سكت ثم أجبت .. ماذا بعد ؟ ماذا يريدون بي ؟؟

نزلت إلى الطابق السفلي .. وآثار الصفعة الموجعة ما زالت تعلن عن إصرارها على البقاء على وجهي الحزين ...شعرت بوجوده دون أن أنظر إليه .. أجبته وأنا أنظر إلى أصابعي المرتعشة :

- نعم .. بم تأمرني ؟؟

نظر إلى ما تركه من أثر في وجهي .. اقترب قليلا ليتأكد منه .. ثم تنهد .. ومشى بخطواته الثقيلة إلى مكان وجود أكواب الماء وأخذ كوبا وقدمه إلي وهو ينظر بمكر دون أن يحاول إخفاء نبرة البرودة التي تشع من صوته .. ثم جاء بجالون ماء كبير وسكب في كأسي وقال آمرا :

- تفضلي بشرب هذا الماء ..

نظرت إلى الجالون في يده . عدت بذاكرتي إلى الوراء قليلا . أين شاهدته ؟
لقد رأيته في مكان ما بهذه الإشارة الحمراء .. نعم .. نعم .. تذكرت !! إنه الماء الذي تخاطفته النسوة في العزاء ! كيف أتى به إلى هنا ؟ ماذا يحدث ؟
شعرت بأنها محاولة من لامتحان ذكائي وقدرتي على الملاحظة .. لأنه وضع الجالون أمام عيني ..

حاولت التصرف برزانة .. فقلت وقد رفعت نظري إليه :

- عذرا .. لا رغبة لي في شرب الماء الآن ... لقد شربت للتو كأسين من الماء .. أعتذر عن شربه

قاطعني بحدة : ولكنك ستشربين .. أليس كذلك ؟!

دخلت أمه وإخوته في هذه اللحظة .. مسحت جبيني بالمنديل .. وهممت بالاحتجاج .. وهنا بادرني كمن قرأ أفكاري ..

- قلت ستشربين !! أم أنك ستعارضيني على ذلك أمام أهلي جميعا ؟؟

أشعر بأن هذا الماء يحوي شيئا ما لا أعرفه !! أردت الاعتذار ثانية .. وفعلت .. ولكن باعتذاري هذه المرة كان عن طريق عيني اللتين تضرعتا للجميع بأن يقنعوه بأن يتركني وشأني .. وعرفت أن لا فائدة ترجى منه أو منهم !!

شربته لم أبق فيه قطرة واحدة .. فلمعت عيناه بالانتصار العظيم وازداد انكسار قلبي وألمه .. فقال مبتهجا ضاحكا :

- صدقيني أتوقع أن تفوق النتيجة آمالنا !!

حدقت فيه ثم قلت بهدوء وأنا أمسح وجهي المعروق بظاهر يدي :

- كي تحصل على ما تريد فإنك تدوس على مشاعر الآخرين دون أن تهتم بقليل من اعتبارهم .. أليس كذلك ؟

قال بمرح دون أن ينظر إلي وهو يستدير ليعيد الماء إلى مكانه :
- نعم .. أصبت .. أصبت .. !
في اليوم التالي مباشرة علمت أن الماء الذي شربته كان لأحد أوليائهم ! لقد غسلوا فيه هذا الولي الذي حضرنا عزاءه ..! بعد موته !! أي أنه غسول ميت !! والغرض بالطبع منه أن تسري بركته في جسدي مجرى الدم فأتأثر وأصبح صوفية ...!!

سألته وقد عانيت ما عانيت من الشعور بالاستياء والظلم , وبكل لطف يخفي ما أنا فيه من لوعة ومرارة وحزن :

- ما نوع الماء الذي أسقيتنيه البارحة ؟؟

فقال شاردا , وقد أحسست من خلال شروده أنه فوجئ بمعرفتي لمصدر الماء :
- الماء ! إنه طبيعي ! أم أنك ستقولين بأنك تشكين بمصدره أيضا ؟

انهمرت أدمعي ...لماذا يكذب علي أيضا ؟ فقلت منهارة :

- ولكني علمت من مصدر موثوق طبيعة الماء ! حرام عليك .. حرام عليك ما تفعله بي ... لماذا تفعل كل ذلك بي لماذا ؟ قال جادا وبحماس :

- ماذا ؟ يجب أن تتباركي بهذا الماء .. فأنت قد شربت من غسول ولي صالح .. فمن يحصل ذلك !! عجيبا أمرك !!

دعوت الله أن يفرج همّي وأن يبقي على ما بقي من صبري وجلدي فيخرجني من بين هؤلاء القوم الظالمين ... ويعتقني من أسرهم .

يتبع ...
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-15-2007, 04:30 AM
أم معاذ أم معاذ غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

لاحول ولاقوة الا بالله

الله المستعان واليه المشتكى
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-15-2007, 11:24 AM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

14 ) مراسم المولد النبوي الشريف


طُرق البـاب .. استدرت نحوه بعينين أثقلهما النوم .. قلت بإعياء :

ـ من الطـارق ؟!

سمعت صوت أخت الزوج تستأذن بالدخول .. نظرتُ إلى الحائط .. الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً ..
ساعتان مضتا منذ أن عدنا من البحر .. حلّقت أفكاري حول ما حدث اليوم ..

طرق الباب مرة أخرى .. أووه تذكرت !! وثبتُ واقفة وأدرت مفتاح الباب وقلت لها بإرهاق :
ـ تفضلي .. عذراً .. كنت نائمة ..

قالت بصوت ينم عن بهجتها الخفية :
ـ هل .. هل ستذهبين معنا اليوم ؟!!

ترددت برهة ثم ابتسمت وأنا أسألها بفضول :
ـ إلى أين ؟ هل سنتنزه قليلاً مثلاً ؟ أشعر بالضجر !

قالت بمكـر :
ـ لا أعلم .. لا أعلم .. ألم .. ألم يخبرك زوجك عن ذهابنا اليوم ؟

أحسست بانقباض في صدري لا أعرف له سبباً :
ـ لا يا عزيزتي .. حتى الآن لم يخبرني أحد إلى أين سنذهب ! ألا تعلمين !!!!!

بعد تردد أجابـت :
ـ لا أعلم .. أقصد .. حسناً أراكِ فيما بعد .. سوف .. حسناً أعتقد أن والدتي تناديني .. بالإذن .. !!!!

ما بها ؟ .. لم هي مرتبكة ؟ .. لا يهم أشعر برغبة في الاستلقاء وأخذ قسط من الراحة بعد القراءة .. قرأت قليلاً .. ثم أعدت وضع كتبي في الدرج الخاص بي .. وفيما أنا أفعل .. دخل الزوج :

ـ ماذا تفعلين ؟! ألم تنامي بعد ؟!
ـ سأفعل .. فضلت قراءة بعض الكتب .. سآخذ قسطاً من الراحة الآن ..

ـ قراءة بعض الكتب ؟! .. أي كتب تقصدين ؟!!
نهض من مكانه وشعرت بأنه يفضل الإطلاع على الكتب بنفسه .. لم أمانع .. من حقه أن يراها !

فتح الدرج .. أخرج الكتب .. امتقع وجهه وهو يقرأ العناوين بصوت خافت :
ـ الكلم الطيب لابن تيمية .. الأذكار للنووي .. جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم .. الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض .. فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية .. رسالة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حكم الاحتفال بالمولد ……

صاح بي قائلاً وصدره يتأجّج غضباً :
ـ من أين جاءت هذه الكتب ؟!!

ـ جئت بها من منزل عائلتي .. ما بك ؟!!!!

اعترض على وجودها معي بإصرار :
ـ كان يجدر بك استشارتي في قراءة هذه الكتب السخيفة !!

ألقى نظرة إلى الكتب مرة أخرى وأضاف حانقاً وهو يلقي بها أرضا :
ـ كان بإمكاني أن أختار لك الكتب التي يجب عليك قراءتها والتدبر فيها ….. !!

إنه يتضايق كثيراً عندما أبدي اهتماماً بالغاً بالكتب والمطالعة !!!!!!

كرر حديثه مرة أخرى وقال بإصرار :
ـ لا أريد أن أرى هذه الكتب في الحجرة ولا في البيت بأكمله ! .. أنا سآتي لك بالكتب التي أرغب في قراءتك لها !

ابتسمتُ لهذه الفكرة وأجبت :
ـ ولكن لا أظن بأننا نفضل نوعية الكتب نفسها .. أليس كذلك ؟!

لم يجد أي تعليق يضيفه على كلامي سوى :
ـ لن تقرأي هذه الكتب مرة أخرى .. هذا أمر .. لا أريد تكرار الكـلام .. تخلّصي منها بأسرع وقت .. فهذه الكتب هي التي تغسل أفكارك .. وتحجّـر معتقداتك !!!

آه .. لا مجال للمناقشة .. لا أريد الدخول في حلقة مفرغة جديدة .. لن أنازعه .. قلت باستسلام :
ـ حسناً .. لك ما تريد .. سأحرقها إن أردت !!!
رأيت ومضياً راقصاً في عينيه !!

استيقظتُ على صوت آذان العصر .. ما زالت الكتب في مكانها !! .. أخذتها بسرعة .. خبأتها تحت السرير .. في مكان لن يراها فيه !
أيقظته .. قام كالملدوغ وهو ينظر إلى الساعة !! .. ما باله ؟! .. هل خاف أن تفوته صلاة العصر في المسجد ؟! .. مستحيل !!!!!! .. لم أسأله …

قال لي وعيناه ما تزالان مغمضتين :
ـ هيا بسرعة .. استعدي سنذهب بعد نصف ساعة .. لا تعتذري عن الذهاب .. لا أريد اعتراضات ! .. بسرعة سأذهب إلى أمي لأستحثها على الاستعداد بسرعة .. أمامـك متسع من الوقت .. تزيني بأفضل الملابس !!!! .. ثم .. خرج ..
ماذا يقصـد ؟ .. لم يخبرني أحد بأن هناك وليمة أو حفلة زفاف !!!

عــــاد ..

ـ هل أنت جاهزة ؟
ـ تقريباً ! .. ولكن أريد أن أصلي العصر أولاً .. انتظر ..

قال وكأنه قد تذكر شيئاً مهماً …
ـ آه ….. نسيت أن أصلي !! هيا سأصلي أمامك .. تراجعي إلى الخلف ..
قلت في نفسي : ( أين الصلاة في المسجد ؟ لماذا لا تلبّي داعي الله إلى المسجد .. واحسرتاه !!!! ) .

التفت إلي قبل أن يكبّـر وقال :
ـ هيا .. اجهري بنية الصلاة .. وبصوت مسموع .. كي أسمعـك .. ردّدي خلفي .. نويت أن أصلي لله تعالى أربع ركعات لصلاة العصر إماماً ..

ثم سكت .. رفعت حاجبي استغراباً .. وذهلت ! التفت مرة أخرى إلي وقال :
ـ ما بالك ؟! .. ألم تستمعي إلى قولي ؟!

قلت مذهولة :
ـ بلى !! .. ولكن الجهر بالنية والتلفظ بها ………

قاطعني بغضب :
ـ سنــة !! وليس بدعة كما تعتقدين .. هيا ردّدي ما قلته .. ألا تسمعين ؟!

ـ ولكني نويتها في قلبي مثلما نويت الوضوء الذي قبلها وهذا يكفي ! ..

ضرب كفّيه ببعضهما في نفاذ صبر وقال :
ـ وماذا بعد ؟ .. قلت لك تلفظي والآن أمامي .. أريد أن أسمع .. تبـاً لكم من وهّـابـيـن .. كل مستقيم تجعلونه أعوجـاً !! .. هيا انطقي بها ..

نطقت بها مكرهة ! .. فتظاهرت بالصلاة معه .. وقد كنت أصلي بمفردي .. آه .. لقد شككت حتى في صلاتي .. وهي ما أشعر فيها بالراحة والسعادة !!!

أنهينا الصلاة .. وعند التسليم لاحظت كفيه يتحركـان يمنة ويسرة .. ما باله ؟ لماذا يحركها مع التسليمة ؟ .. أردت السؤال فامتنعتُ .. لا أريد المزيد من الجدل .. تظاهرت بالتسليم معه حتى لا يقيم غضبه الدنيا .. فأنا لم أعد أحتمل .. كفاني .. قلت :

ألن تخبرني إلى مكان ذهابنا ؟

ـ ستعرفين فيما بعد .. لا نريد التأخر .. بقيت لنا عشر دقائق فقط .. أين ملابسي ؟
ـ جاهـزة .. ولكن أرجوك أخبرني .. إلى أين ؟ لا أعرف لماذا أنا غير مطمئنة .. !

تمالك نفسه وأراد الخروج فأوقفته :
ـ انتظر أرجوك .. أخبرني أولاً .. إلى أين ؟! إلى أين ؟!

أجاب وهو يبتعد خارجاً من الغرفة :
ـ سنذهب إلى مكان يقام فيه مولد نبوي .. هل اطمأننتي ؟

أوقفته مرة أخرى .. نظرت إليه بتشكك ووجل :
ـ مولد نبوي ؟! .. ماذا تعني بذلك ؟!!!
ـ لن أخبرك سترين بنفسك .. ستسعدين بحضوره .. والآن هيا حتى أغلق الحجرة .. تقدمي ..
أغلق الحجرة .. هرول هابطاً قبلي إلى الدور السفلي .. فكرت في كلماته ملياً .. ماذا يقصد ؟
هبطت السلالم ببطء شديد ! .. هل لهذه المناسبة ارتباط بمعتقدات الصوفية ؟!! .. لماذا لا يريد إخباري ؟ .. هناك شيء ما أجهله !!
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-15-2007, 02:58 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

لاحول ولا قوة إلا بالله
اللهم إنا نسألك أن ترزق كل أخواتنا السنيات أزواجا تسير حياتهم وفق مقتضى أحكام كتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم ، ولا تفارقهما لغيرهما .

نسأل الله العافية .

جزاك الله خيرا أخى الحبيب ، القصة رائعة ومحزنة جدا ،
فى انتظار البقية إن شاء الله تعالى .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-16-2007, 02:02 AM
أم معاذ أم معاذ غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر الأثرى مشاهدة المشاركة
لاحول ولا قوة إلا بالله

اللهم إنا نسألك أن ترزق كل أخواتنا السنيات أزواجا تسير حياتهم وفق مقتضى أحكام كتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم ، ولا تفارقهما لغيرهما .

نسأل الله العافية .
اللهم آمين

الله المستعان
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-17-2007, 02:54 PM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم معاذ مشاهدة المشاركة
اللهم آمين

الله المستعان

الله المستعان


جزاكم الله خيرا







( 19 )
السفر المفاجئ لزيارة القبور !!
مرت ثلاث ساعات على نومي في الأرض .. تحركت قليلاً .. آلمتني أضلعي .. تنفّست الصعداء بعد أن صافح وجهي نسيم الليل المنعش النديّ .. وصافحتني معه الكثير من الأفكار .. نظرت إلى ساعة يدي بصعوبة .. بسبب الظلام .. إنها الثالثة ليلاً .. ولكن .. ما مصدر هذا الهواء المنعش ؟ ..
التفت إلى النافذة .. وإذا بالزوج قد فتحها على مصراعيها وأخرج رأسه ونصف جسده منها !! يتأمل .. يتنشق الهواء الندي .. اعتدلتُ جالسة .. شعرت بألم في وجهي وكتفي .. تذكرت ما حدث بسرعة .. لم ينتبه ليقظتي .. انتقلت نظراتي إلى حقيبة سفر كبيرة وضعت على الأريكة !! .. هل هذه الحقيبة لي ؟ .. أوه كم أتمنى ذلك .. لم أتحدث .. أغلق النافذة والتفت نحوي .. ثم ابتعد بنظره ولم يتحدث هو أيضاً .. شعرت به يأخذ نفساً عميقاً .. توقفت أنفاسي وأنا أسأله بصوت خافت خائف :
ـ هل أنت .. جائع ؟! هل .. هل أحضر لك طعاماً ؟
نظر إلي مطوّلاً .. وكأنما ينقّب في وجهي عن مكان لم تطله ضرباته .. فلم يجد !! ..
أخفض نظره إلى الحقيبة .. ولم بتحدث .. قام ووضعها على طرف السرير وفتحها .. إنها لا تزال جديدة .. أشعل الضوء ..
قلت بحذر ..
ـ أما .. أما زلت غاضباً ؟!
أيضاً لم يتحدث .. فتح خزانة الملابس ووقف أمامها طويلاً .. فقلت بهدوء :
ـ أنا آسفة .. ولكن الأمر كان لا يحتمل أن تضربني ضرباً مبرحاً .. لقد آلمتني كثيراً ..
كنت أرتعد عندما تراجع إلى الخلف ونظر إلى غمام وجهي الممتقع الجريح وقد سترته الظلال .. سكت .. لا فائدة ..
قال بدون أن ينظر إلي :
ـ هل آلمتك ؟ كان ضرباً عنيفاً .. ولكن أرجو ألا تثيري حفيظتي مرة أخرى حتى لا أكرره فيما بعد !!
تشنج وجهي استعداداً للبكاء .. ولكني لم أفعل .. قلت بكبرياء :
ـ شكراً لك .. وأتوقع منك المزيد .. هل أنت جائع ؟!
ـ لا أريد طعاماً .. أريد منك أن تجهّزي ملابسي وتضعيها في الحقيبة .. سأسافــر ..
ـ ماذا ؟! .. ستسافــر ؟! .. وأنا !! .. ماذا سأفعل ؟!
جلس على الأريكة ببطء وقال ببساطة :
ـ أنتِ ؟ ستبقين هنا لحين عودتي بالطبع ! .. لن أتأخر .. بضعة أيام فقط وأعود ..
قاطعته برجـاء ..
اصطحبني معك .. أريد رؤية أهلي .. أرجوك .. لا أريد البقاء هنا .. وحدي ..
قال وهو يضع ساقه على الأخرى ..
ـ هل جننتِ ؟! .. أنا أذهب بك إلى أهلك ؟! .. قلت لكِ مراراً لن ترحلي من بيتي أبداً .. ستبقين معي إلى الأبد .. ثم .. من قال أني ذاهب إلى أهلك ؟! أنا ذاهب إلى مكان آخر ..
ترددت برهة .. ثم قلت بمكر وأنا أشعر بألم في عضلات وجهي المكلوم :
ـ حسناً .. ما رأيك في أن أذهب لزيارة أهلي خلال الأيام التي ستسافر فيها .. ثم .. أعود .. ما رأيك ؟! أنا مشتاقة إليهم كثيراً .. هاه ما رأيك أرجوك وعندما …..
ابتسم لهذه الفكرة .. ثم قال :
ـ لا .. لا .. لا .. لا تفكّري في هذا الأمر مطلقاً .. لت تذهبي .. لأنك لن تعودي إلي .. أليس كذلك !!
إني أفهم ما ترمين إليه .. ولكن لن يحدث هذا أبداً أبداً أبداً ..
انعقد لساني .. لا فائدة .. إنه داهية .. أجبت بهدوء واتزان مصطنعين :
ـ حسناً .. لك ذلك .. لن أسافر .. سأبقى هنا .. في انتظارك !!!!!!! ولكن إلى أين ستسافر ؟
وقف …….. وذهب لينظر إلى نفسه في المرآة ثم قال :
ـ سأذهب لزيارة قبور الأولياء الصالحين وسأصطحب أمي معي .. لقد أخذت معي شاة حتى أذبحها بجوار القبر .. وسنقيم عنده يوماً أو بعض يوم .. وبعد ذلك سأنقل بعض اللحم إلى الأصدقاء والأقارب .. و .. إليك بالطبع .. هدية .. فهل تذهبين معنا ؟!!
صرختُ بسرعة : لا .. لا ..
ثم أطبقت شفتيّ !! .. إن شعر بأني لا أريد الذهاب فسيرغمني .. نظر إلي بتوجس .. فأسرعت باصطناع ابتسامة باهتة وحاولت تغيير الموضوع .. فقال :
ـ ولم لا ؟! .. لم لا تريدين الذهاب ؟!!!
وجدت صعوبة في الرد من شدة الارتباك الذي سيطر علي .. قلت وأنا أجلس وأبتسم :
ـ لا مانع لدي من السفر مطلقاً .. سأذهب .. ولكن .. الطريق شاقة .. وأنا لا أحتملها .. وبالذات عندما يكون السفر بالسيارة .. لأنه .. لأنه ..
قاطعني بهدوء : لالالا .. يجب أن تذهبي معنا .. يجب أن تتعلمي .. كيف غابت عني تلك الفكرة .. هذه الحقيبة تكفي لشخصين .. قلت بلفهة :
ـ حسناً حسناً .. لا بأس .. ولكن ستكون رحلتكم متعبة .. لأنني .. لأنني سأجعلكم تبطئون في السير .. فكما قلت لك .. لا أحتمل السفر براً .. ثم .. رفع يده وقال :
ـ أوه .. لالا .. إذاً لنترك سفرك معي لوقت آخر .. نحن عجلون هذه المرة .. فقط جهّزي ملابسي أنا ..
رفعت نظري إلى السماء .. تنفست الصعداء .. الحمد لله .. أبديت اهتماماً بالغاً بسفره دون أن أعارضه .. قلت باهتمام وأنا أرتب الحقيبة :
ـ وما القصد من هذه الرحلة ؟
أجاب بحماس بكبير :
ـ ليس لها قصد سوى التقرب إلى الله بزيارة قبور الصالحين والدعاء عندها والتبّرك بها والتوسل إلى الله بهم .. إن من عاداتنا الذهاب إلى هذه القبور إذا أصيب أحدنا بجنون أو مرض شديد .. أو ..
كتمت أنفاسي فجأة .. وغمرتني موجة ضيق مما أسمع ولكني صبرت .. أن أسمع أهون من أن أفعل .. سألته وأنا أغلق حقيبته بعد أن انتهيت منها :
ـ وهل يبرأ المريض من مرضه أو المجنون من جنونه بسبب هذه الزيارة ؟!!!!!
ـ أجل .. أجل .. يبرأون .. ويهتدون .. ويتماثلون للشفاء .. سوف أدعو لكِ معي .. وأرجو أن يهديك الله !!!!!
تسمّرتُ في مكاني .. اللهم لا تجب دعوته ..
قطعت حديثه فجأة وقلت باستغراب :
ـ وهل ستذهب أمك معك أيضاً ؟ .. أعني .. هل .. هل ستزور القبور ؟!!
لم يكن يتوقع مثل هذا السؤال .. فقال بصوت حاد :
ـ نعم ستذهب معي .. وستزور قبور الأولياء وتتبرّك بها .. فهل هناك ما تعارضينه ؟
أطرقت بعيني أرضاً .. وأخذت أعبث بالسجادة بأصابعي .. ثم قلت :
ـ لا .. ولكن .. لا يجوز للنساء زيارة القبور .. فقد نهى عنها النبي صلى ……………
قاطعني بصوت كالفحيح وقد تألقت عيناه بوهج مخيف :
ـ لا شأن لك مطلقاً .. يبدو أن تأديب اليوم لم يُجدِ معك .. فهل أحاول تطبيقه مرة أخرى ؟!!!!!
نهضت من مكاني مرتبكة .. ابتعدت عنه سريعاً ولم أعلم ما الذي أستطيع أن أفعله .. فضّلت تركه وشأنه ! .. طُرق الباب طرقاً خفيفاً .. توجهتُ لفتحه .. فإذا بوالدته قد استعدّت للذهاب ..
ـ تفضّلي يا خالتي ..
ـ أين زوجك ؟ .. آه ابني .. هيا أنا جاهزة .. فلنذهب الآن ..
نظر إلى ساعته .. وابتسم لوالدته .. حمل حقيبته واتجه نحو الباب .. خرجت أمه قبله .. عاد بعد ثوان وقال : لقد أنقذتك أمي من قبضتي فاحمدي الله ..
اقتربت من الباب .. وأغلقته بهدوء .. نظرت إلى المرآة بحزن .. كان الضوء يظهر الهالات السوداء والشاحبة التي أحاطت بعيني !!
يتبع

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-17-2007, 02:56 PM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

( 20 )

رنين الهاتف !


بعد ساعتين هبطتً إلى الأسفل .. نظرت إلى النافذة .. كان المطر يسقط بغزارة .. صنعت كوباً من الشاي الساخن .. جلست بقرب النافذة المغلقة في الطابق السفلي .. وحدي .. أنظر إلى المطر بذهن شارد وأمامي كوب الشاي .. وفي حجري صحن صغير به قطعة من كعكة جوز الهند .. لقد اقترب موعد الآذان .. آذان الفجر ..


رنَّ جرس الهاتف في الحجرة الثانية فما كان مني إلا أن انتفضت في مكاني .. تواصل رنينه .. نظرت إلى الساعة .. إنها الرابعة والربع فجراً ..
قمت بارتجاف وأضأت النور بأصابع مرتعشة .. أين أخت زوجي ؟ لا بد أنها نائمة .. امتنعت عن الإجابة على الهاتف .. أصرّ على الرنين .. فأهملته ..


بقي نصف ساعة على الآذان ..
صعدت السلم حتى وصلت إلى منتصفه .. وفجأة .. طُرق الباب الخارجي للمنزل !!! أخذ قلبي ينبض بسرعة .. وأنفاسي تتسارع .. استدرت على عقبيّ .. ظهرت علامات الخوف على وجهي .. عدت أدراجي بهدوء أتلمس من الطارق !! .. وفي هذا الوقت !! .. اقتربت من عين الباب الصغيرة .. وإذا به أحد أقاربه !!!!


دققت النظر فرأيته يسترق النظر إلى المنازل الأخرى المجاورة لئلا يراه أحدهم وهو يريد الدخول إلي !!!
قلت له بحزم من خلف الباب الموصد : ـ نعم !! .. ماذا تريد ؟! .. ومن تريد ؟!! قال بلهفة وبصوت يختلف عن الصوت الذي عهدته له : ـ افتحي الباب .. بسرعة .. هيا افتحي الباب !!! تراجعت خطوة إلى الوراء ! .. واشتدّت نبرة صوتي : ـ ماذا تريد ؟ .. زوجي غير موجود الآن !! ..


عد في وقت لاحق حين يعود !!
حاول أن يحافظ على هدوئه قائلاً : ـ أعرف ذلك .. لذا أنا موجود الآن ! .. أعلم أنه قد رحل منذ ساعتين ولكن لِم لَم تجيبي على الهاتف !! .. هيا افتحي الباب لم يعد هناك متّسع من الوقت !!!!!!!!! صدمت ! .. صعقت !!! .. خفت أن أسيء الظن ولكن .. لا .. لسان حاله ينطق عنه ذاك الوغد الخائن !!!! شعرت بالكراهية العميقة نحوه ..


ونحو زوجي الذي جعلني عرضة لكل ما يصيبني !! .. أوقعت كوب الشاي فتحطّـم ! .. صرخت بأعلى صوتي وأنا أشعر بالغثيان :
ـ قلت لك زوجي غير موجـود .. أغرب عن هذا المكان .. اذهب الآن وفوراً .. لن أفتح لك الباب .. هيا اذهب .. اذهب .. سمعته يوجّه الشتائم من فرط الخيبة !!! .. ويحدّق بالباب ويحرّك مقبضه بكل قوته وكأنما سيكسره !! .. صرختً وأخذت أجري وأنا أقطع الممر الطويل ! .. كالمصابة بالجنون ! ..


توجهت نحو السلالم لا ألتفت خلفي خشية أن يكسر الباب فيدخل .. طرقت حجرة أخت الزوج بعنف استيقظت مفجوعة مأخوذة !! .. رأتني أغلق بابها بالمفتاح مرتين .. أضع كل ما استطعت حمله خلف الباب !! .. ارتميت بين ذراعيها أنتحب .. نهضت فتلقتني وأجلستني على السرير بجانبها وهي تقول مذعورة :
ـ ما بك ؟! .. ماذا حدث ؟! .. هل أنتِ بخير ؟ .. هل أنتِ على ما يرام ؟! رفعتُ وجهي المبلل بالدموع وتمتمت قائلة : ـ لا شيء .. لا شيء .. لا شيء !! لن يصدقوني !! .. سيعبثون بعواطفي !!


فاضت عيناي بالمزيد من الدمع .. والمزيد من الحرقة .. فدعوت عليهم في ثنايا الليل .. بألا يسامح هذا الزوج على ما أرداني إليه من شرور .. وألا يسامح من يساعده في إيذائي ..


فكم ألمحتُ له ما أعاني من مضايقات أقاربه كلما التقيت بهم .. فاتهمني بسوء النيّة !! .. وأنني أنا التي أغريهم بي عندما أتخفّى عنهم .. يا إلهي ما أشد ظلمه لي !! .. هذه هي النتيجة !! .. لم أعد آمن على نفسي منهم .. لم أعد أثق به أو بهم !
يا رب أنت ولييّ وناصري ـ فانصرني عليهم بما ظلموني وبالغوا في إيلامي !! .. ثم رفعت من سجودي .. وسلّمت ..


واحتضنت يدي أحاول تهدئة نفسي .. بنفسي !!! .. فكل عصب في جسدي كان يدعوني لترك المكان !!!
مر النهار الجديد بسرعة .. تلته الأيام الباقية .. وكلما جن ليل أو طرق الباب شعرت بدنوّ أجلي .. وخوفي على نفسي .. وعاد الخوف من الزوج يرافقني .. سيعود .. سيعود .. وستعود معه كل الآلام وسيحطّم كل الآمال !!



يتبع

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11-17-2007, 02:58 PM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

-21





العودة من الروحانية !




اقتربت عودته .. هذا اليوم الثامن لغيابه .. اشتقت لأهلي كثيراً .. أريد محادثتهم .. ولكن !!
لقد منعني من ذلك .. وأمرني بعدم محاولة مهاتفتهم .. ليكن ! لن أحادثهم .. لقد وعدته !! ..
مع أنه لا يستحق الوفاء ! .. ولكن لن أغضب الله من أجله .. لن أفعل .. مع أن الشوق يحرقني إليهم ..

صليت المغرب .. خرجت من حجرتي وأغلقت الباب بهدوء .. ما هذا السأم ؟! .. أشعر به عميقاً في حناياي !!

سمعت أصواتاً في الطابق السفلي .. ارتعشت ! .. من هذا أيضاً ؟! .. هل هو أحد أقاربه ؟! .. أين أختبئ ؟! .. نظرت بحذر وخوف من أعلى السلّم لأتعرف على القادم ! .. أوه لا !!!! .. إنها والدة زوجي !! .. إذاً فقد عاد !! ..

ارتجفت .. تجمدت أطرافي .. وتشوّش ذهني .. هل أعود إلى حجرتي ؟! .. لم أتمكن من ذلك فقد لمحتني والدته عند السلم وكذا أخته ! .. تصنعتُ المـرح .. هبطت مسرعة ! .. عانقت والدته وحمدت الله على عودتها سالمة .. تحركت نظراتي تبحث عنه !! .. أين هو ؟

قالت أمه وهي تجلس :
ـ زوجك قادم .. إنه في الخارج ! سيأتي بالأمتعة من السيارة ..

نظرت إلى ساعتي وابتسمت في محاولة لإخفاء خوفي واضطرابي .. وفجـأة .. سمعت صوتاً خلفي استدرتُ بوجل .. ورأيته يغلق الباب بعنف !! .. شعرت وكأن صوت إغلاق الباب يصم أذني .. ويتردد صداه في عقلي .. ليعيدني إلى الحاضر ويسدل ستائره على الراحة والحرية .. في الأيام الماضية !!

انتبهتً إلى صوت أخته تقول :
ـ ما بالك ؟ .. هل أنت معنا ؟!!

ـ آسفة .. كنت .. كنت أفكر في .. هل قلتِ شيئاً ؟!

تداركت الأمر سريعاً وقلت له :
ـ حمداً لله على سلامتكم .. كيف كانت الرحلة .. ؟!

رمى بنفسه على الكرسي قائلاً بفرح غامر :
ـ موفقة جداً جداً جداً .. أشعر بروحانية عالية وإيمان متزايد منذ أن ذهبت إلى ذلك المكان !! ..
بلعتُ ريقي بصعوبة وقلت : الحمد لله ..

ثم جلست معهم .. نتبادل أطراف الحديث .. وأجبرت نفسي على سماع تلك الرحلة الإيمانية !!!!!

نظرت أخته إليه وكانت تقاسيم وجهها تعبر عن السرور قائلة :
ـ أخي .. أين وضعتم أماناتكم وحاجياتكم أثناء الرحلة ؟

أغمض عينيه بسرور بالغ .. وابتسم ابتسامة لم أرها من قبل :
ـ لقد وضعناها على قبور الصالحين .. لأنهم يقومون بحراستها فلا تسرق ولا تؤخذ .. وكذلك من أجل الحفاظ عليها وإنزال البركة بها ..

تمالكت نفسي وشعرت بالذهول من قوله .. يا إلهي !! .. هل يعتقدون أن الموتى يقومون بحراسة ما يوضع على قبورهم ؟ .. أنه كفر بواح .. ماذا يقول ذلك المتطاول ؟

أجابته أخته وما زالت تحت تأثير سحر كلماته :
ـ هنيئاً لكم .. هنيئاً لكم .. يا ليتني كنت معكم !
ـ آه يا ابنتي …. إنها أيام جميلة لا تنسى .. لقد طفنا حول القبر ثلاث مرات بالسيارة حتى لا يلحق بنا أذى أو ضرر خلال رحلتنا ..
والحمد لله كان لنا ما أردنا ..

فتحت عيني تعجباً ! .. توقفت عن التنفس فقاطعتها بدون شعور :
ـ تطوفون حول القبر ؟ .. حول القبر يا خالتي ؟ .. وهل هناك كعبة أخرى في تلك البلاد للطواف ؟ ..
إذا كان الطواف حول قبر نبي من الأنبياء لا يجوز شرعاً فما بالكِ بقبر أحد العامة ؟!!!!!

خيّـم صمت قاتل .. تنملت أطرافي وأنا أنتظر جواباً لما يدور بداخلي .. كانت نظرات الزوج المرعبة هي الإجابة الشافية ! .. أزاح بنظره عني .. وتظاهر باهتمامه بإكمال الحديث .. تغيرت ملامحه وهو يقول :
ـ لقد شهدنا وفاة أحد الصالحين هناك .. كان منظراً مؤثراً لا يزال عالقاً بذهني حتى الآن ..

تكدّر وجه والدته وهي تضيف :
ـ نعم .. عندما حملت جنازته للدفن وبعد أن قرئت عليها قصيدة البردة ـ للبوصيري ـ وتلي عليها القرآن ورددت الأناشيد .. جاء الإمام ودعا على الحجر الذي يجعل وسادة للميت ..

قلت بتهذيب مغلف في محاولة مني للفهم :
ـ وهل ……. وهل هذا جائز ؟

لم يجب أحد منهم سؤالي للمرة الثانية !! .. فأيقنت بأنها إحدى البدع التي استحدثوها .. ماذا يفعل هؤلاء ؟ .. ثم تذكرت قول الرسول عليه الصلاة والسلام " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .

ابتسم أخوه الأصغر في محاولة لتهدئة وتخفيف التوتر وأضاف :
ـ أخي …. بم يدعو الإمام على ذلك الحجر قبل وضع رأس الميت عليه ؟

ردّ عليه بكلمات تحمل الكثير من الحنوّ والعاطفة :
ـ يقرأ في دعائه أنك يا فلان تأتيك هذه الأسئلة ويذكرها …… ويقول إذا سُئلت فأجب عنها بهذه الإجابات ولا تعجز فتكن من الهالكين .. وإذا أجبت ضمنت لك الجنة ووفّقت إلى الصواب ..

دققتُ سريعـاً في وجهه .. إنه جـاد !! .. ما هذا الهراء ؟ .. سألته بهدوء مصطنع :
ـ وهل ينفع الدعاء ذلك الميت ؟ .. أعني .. هل يجيب حقاً عن تلك الأسئلة كما أمره بذلك الإمام ؟!!!!!

اعتدل في جلسته وكأنه قد قرأ أفكاري ثم أجاب بثقة مفرطة :
ـ بالطبع تنفعه !! .. وإلا فكيف يضمن له الإمام الدخول إلى الجنة إذاً ؟!
إنه عالم يصعب عليكِ فهمه .. لأن تفكيركِ جـامد !!!

أمسكتُ بالكأس بأصبع مرتعشة …. وهتفت :
ـ لكن الغيب لا يعلمه غير الله ـ سبحانه وتعالى ـ ……… ولا يمكن لأحد أن يضمن مصير أحد كائناً من كان …. حتى وإن كان عابداً أو زاهداً !! .. أليس كذلك ؟!!!!!

حــدّق بي .. ثم بدأ بتوجيه الشتائم :
ـ إنكِ تحملين عقلية متحجرة محدودة ! .. فكيف لكِ أن تفهمي تلك الأمور ؟! .. من الأفضل لك أن تتوقفي عن الجدال .. وإلا فالعلاج الناجح سيبدأ الآن !!!!

كانت الكأس قد شارفت على نهايتها .. فاجترعتُ ما تبقى منه ثم وضعتها بصمت .. بينما قال لوالدته واخوته باختصار :
ـ لقد تبرعتُ بالمال الذي جمعته منكم لصالح إقامة مسجد على قبر أحد أولياء الله الصالحين هناك .. فأرجو أن يتقبل الله منا جميعاً ..

اجتاحتني رعدة مفاجئة فنطقت بعد أن ابتلعت ريقي بصعوبة :
ـ إقامة مسجد على ضريح ؟ .. أنت تبرعت بالمال من أجل ذلك ؟ .. كيف فعلت ؟ .. ولماذا ؟ ..

قال بنفاد صبر وحيرة :
ـ وماذا في الأمر ؟ .. لماذا تعارضين كل شي ؟! .. ألا تعجبكِ أمور الخير أيضاً ؟! .. كفّي عن ذلك !! .. هذا يكفي .. هل تسمعين ؟!!

تركزت أنظارهم علي ! .. كيف لهم أن يفهموا ؟ .. كيف أقنعهم ؟

التفتُّ إليهم بتركيز .. ثم قلت بوجل :
ـ صدقـوني …. الصلاة لا تجوز في هذه المساجد .. ولا يجوز بناؤها فكيف بالصلاة فيها ؟ .. إنها من عادات اليهود والنصارى ! .. افهموني أرجوكم ـ زمجـرت أمه وقالت ساخطـة :
ـ يبدو أننا ترفقنا بك كثيراً ! .. ولكن أن تسخري منا فلا .. أنت ذات عقلية معقدة .. ولن أسمح لك بالمزيد ..

أردفتُ بسرعة :
ـ آسفة .. آسفة .. لم أقصد ذلك ! ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .. بل يجب نبش قبور من دفن فيها ونقلها إلى مقبرة عامة !! …. و …….

رفـع حاجبيه استغراباً وقاطعني :
ـ ألا تعلمين أننا قبّلنا القبور والحجارة الموضوعة عليها تعظيماً وتكريماً للأموات ؟ .. وطلبنا المدد والعون منهم ؟ .. وتوسلنا بهم وبجاههم لتتركي ما أنتِ فيه من ضلال ؟ .. ولكن يبدو أنكِ هالكة لا محالة !!

عبثاً حاولتً أن أثنيه عن آرائه ! .. ولكني وقفت أجمع الكؤوس وأقول ببساطة حتى لا أثير غضبهم :

ـ لا أعتقد أن طلب العون والمدد من غير الله يجدي ! .. ولا أن تقبيل القبور والحجارة سوى خضوع وذل لغير الله تعالى ! .. ولا أن تعظيم الجمادات والأموات مشروعاً فيقبله عاقل لبيب !!!

استرقتُ النظر إليهم .. إنهم واجمون .. وكأن على رؤوسهم الطير ..
توجهت نحو باب الحجرة ففتحته …….. وخرجت وأنا أردد في قرارة نفسي قوله تعالى
( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )

أعددت طعام العشاء .. ما زالوا ثائرين على معارضاتي أن كيف أتطاول على معتقداتهم الشريفة !! ..
ابتسمت للجميع وكأن شيئاً لم يكن .. ثم دعوتهم لتناول العشاء .. أمرني بالجلوس فجلست ..
فتح حقيبته وأخرج منها بعضاً من الحجارة والتراب وناولني إياها .. رفعت نظري إليه ببطء وقلت بتعجب :
ـ وما هــذا ؟

ركز نظره علي ثم قال بتحد وعناد :
ـ هذا نصيبك مما حملته معي من تلك القبور للتبرك بها .. فحافظي عليها واعتني بها .. وسأتابع ذلك بنفسي ..

بادرت بالاحتجاج .. فرفع يده ليلزمني الصمت بعد أن نظر إلي بتلك النظرات المتوهجة التي قاربت على إحراقي .. فامتنعت عن الحديث وتنهّدت بألم وأطرقت برأسي إلى الأرض قسراً ..

قالت أخته ببهجة وهي تحتضن يدي والدتها :
ـ أمـي .. ما رأيك في الذهاب مرة أخرى ؟! .. ولكن لن تذهبوا من دوني .. آه .. كم أشتاق لذلك ..
بادلتها الأم بابتسامة أعمق وهي تضمها وتقول باهتمام :
ـ أوه بالطبع يا ابنتي سنذهب في أقرب فرصة .. وسترافقنا زوجة أخيك بلا شك !! وإلاّ فـلا !!! ..
شعرتُ بجسدي كله يرتجف فقلت منتبهة :
ـ ماذا ؟ .. نعم نعم ….. سنرى إن شاء الله .. لكل حادث حديث ..

قالت أخته تخاطبه بفـرح :
ـ إلى أين ستكون رحلتنا القادمة يا أخي ؟ .. هيا أخبرني .. إلى أين ..

هـزّ كتفيه وقال بحرارة :
ـ المرة المقبلة سنترافق بنية السفر بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ..
ثم حدّق ناحيتي .. لم أتفوّه بأي تعليق .. وعلت جبيني تقطيبة خفيفة .. فواصل كلامه :
ـ للتبرك به وسؤاله قضاء حاجاتنا وتفريج كرباتنا .. و .. هداية ضالّنا !!

فلمعت عيناه فجأة وكأنه يهدد ! .. تراجعت .. خفضت عيني لأحملق في يدي .. حاولت جاهدة أن أبتسم وأستعيد ثباتي .. فقلت بصعوبة بالغة :
ـ أنت تقصد أن نذهب إلى هناك بنية الصلاة فيه فقط ! .. أليس كذلك ؟! .. لأن ……..

قاطعني بعنف :
ـ لا يا عزيزتي .. بل بنية شد الرحال وزيارة القبر !!! .. هل لديك اعتراض أيضاً ؟!!!

بدأ عقلي وكأنه سينفجر فقلت بصعوبة وكأني أنتزع الكلمات من بئر سحيق :
ـ ولكن .. ولكن .. لا تجوز زيارة القبور بشد الرحال إليها .. بل هي ..

تبادل الجميع النظرات الحاقدة .. واشتدت نبرة صوته وهو يقف ويزيح كرسيه إلى الوراء قائلاً :
ـ أتمنى ألا نخطئ في اختيار الكلمات الآن .. وإلا فإنك تعلمين ما الذي سيحدث !! .. لا أريد نقاشاً !

أجبته وعيناي تشعّان ألماً :
ـ حسناً سأفعل …. اهدأ أرجوك ..

أدركت بأنه لن يغيّر رأيه ولا نيته كذلك !! ..

فهو يعني ما قاله بأنه ليس هناك من موضوع ليناقش !!!
__________________
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-17-2007, 04:03 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

الحمد لله
رغم أنها خطوة تأخرت كثيرا .

جزاك الله خيرا أخى الحبيب المفضال
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11-17-2007, 10:51 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




افتراضي الله المستعان

اقتباس:
اللهم إنا نسألك أن ترزق كل أخواتنا السنيات أزواجا تسير حياتهم وفق مقتضى أحكام كتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم ، ولا تفارقهما لغيرهما .
اقتباس:



نسأل الله العافية .



اللهم أمين


لاحول ولاقوة إلا بالله

اللهم إنا نسألك المعافاة فى الدنيا والأخرة

اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك ياأرحم الراحمين


...

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 02:49 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.