انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 04-19-2009, 11:39 AM
صاحبة القلادة صاحبة القلادة غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

من هذا نرى أن شم النسيم بعد أن كان عيدًا فرعونيًا قوميًا يتصل بالزارعة جاءته مسحة دينية، وصار مرتبطًا بالصوم الكبير وبعيد الفصح أو القيامة، حيث حدد له وقت معين قائم على اعتبار التقويم الشمسي والتقويم القمري معًا، ذلك أن الاعتدال الربيعي مرتبط بالتقويم الشمسي، والبدر مرتبط بالتقويم القمري، وينهما اختلاف كما هو معروف، وكان هذا سببًا في اختلاف موعده من عام لآخر، وفي زيادة الاختلاف حين تغير حساب السنة الشمسية من التقويم اليولياني إلى التقويم الجريجوري.

وبيان ذلك: أن التقويم القمري كان شائعًا في الدولة الرومانية، فأبطله يوليوس قيصر، وأنشأ تقويمًا شمسيًا، قدر فيه السنة بـ 25 و365 يومًا، واستخدم طريقة السنة الكبيسة مرة كل أربع سنوات، وأمر يوليوس قيصر باستخدام هذا التقويم رسميًا في عام 708 من تأسيس روما، وكان سنة 46 قبل الميلاد، وسمي بالتقويم اليولياني، واستمر العمل به حتى سنة 1582م حيث لاحظ. الفلكيون في عهد بابا روما جريجورويوس الثالث عشر خطأ في الحساب الشمسي، وأن الفرق بين السنة المعمول بها والحساب الحقيقي هو 11 دقيقة، 14 ثانية، وهو يعادل يومًا في كل 128 عامًا، وصحح البابا الخطأ المتراكم فأصبح يوم 5 من أكتوبر سنة 1582 هو يوم 15 أكتوبر سنة 1582م وهو التقويم المعروف بالجريجوري السائد الآن.

وعندما وضع الأقباط تاريخهم وضعوه من يوم 29 من أغسطس سنة 284م الذي استشهد فيه كثيرون أيام "دقلديانوس" جعلوه قائمًا على الحساب اليولياني الشمسي، لكن ربطوه دينيًا بالتقويم القمري، وقد بني على قاعدة وضعها الفلكي "متيون" في القرن الخامس قبل الميلاد، وهو أن كل 19 سنة شمسية تعادل 235 شهرًا قمريًا، واستخدم الأقباط هذه القاعدة منذ القرن الثالث الميلادي. وقد وضع قواعد تقويمهم المعمول به إلى الآن البطريرك ديمتريوس الكرام، وساعده في ذلك الفلكي المصري بطليموس.
وبهذا يحدد عيد القيامة "الذي يعقبه شم النسيم" بأنه الأحد التالي للقمر الكامل "البدر" الذي يلي الاعتدال الربيعي مباشرة.

وقد أخذ الغربيون الحساب القائم على استخدام متوسط الشهر القمري لحساب ظهور القمر الجديد وأوجهه لمئات السنين "وهو المسمى بحساب الألقطي" وطبقوه على التقويم الروماني اليولياني، فاتفقت الأعياد المسيحية عند جميع المسيحيين كما كان يحددها التقويم القبطي، واستمر ذلك حتى سنة 1582م حين ضبط الغربيون تقويمهم بالتعديل الجريجوري.
ومن هنا اختلف موعد الاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم.
والله أعلم




وأجاب أيضا لما سُئل.. يحتفل المصريون بيوم شَمِّ النسيم، فما أصل هذا الاحتفال، وما رأي الدين فيه؟

النسيم هو الرِّيح الطيبة، وشمُّه يعنى استنشاقه، وهل استنشاق الرِّيح الطيِّبة له موْسم مُعيَّن حتى يتَّخذه الناس عيدًا يَخرجون فيه إلى الحدائق والمَزَارع، ويتمتَّعون بالهواء الطَّلْق والمناظر الطبيعيَّة البديعة، ويتناولون فيه أطايب الأطعمة أو أنواعًا خاصة منها لها صلة بتقليد قديم أو اعتقاد معيَّن؟ ذلك ما نحاول أن نجيب عليه فيما يأتي:

كان للفراعنة أعياد كثيرة، منها أعياد الزراعة التي تتصل بمواسمها، والتي ارتبط بها تقويمهم إلى حدٍّ كبير، فإنَّ لِسَنَتِهِمُ الشمسية التي حدَّدوها باثني عشر شهرًا ثلاثة فصول، كل منها أربعة أشهر، وهي فصل الفيضان ثم فصل البذر، ثم فصل الحصاد. ومن هذه الأعياد عيد النيروز الذي كان أول سنتهم الفلكية بشهورها المذكورة وأسمائها القبطية المعروفة الآن، وكذلك العيد الذي سُمي في العصر القِبْطي بشم النسيم، وكانوا يحتفلون به في الاعتدال الرَّبيعي عقب عواصف الشتاء وقبل هبوب الخماسين، وكانوا يعتقدون أن الخليقة خُلقت فيه، وبدأ احتفالهم به عام 2700ق.م.
وذلك في يوم 27 برمودة، الذي مات فيه الإله "ست" إله الشر وانتصر عليه إله الخير، وقيل منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد.
وكان من عادتهم في شم النسيم الاستيقاظ مبكِّرين، والذَّهاب إلى النِّيل للشرب منه وحمل مائة لغَسل أراضي بيوتهم التي يُزيِّنون جُدْرانها بالزّهور. وكانوا يذهبون إلى الحدائق للنزهة ويأكلون خضرًا: كالملوخية والملانة والخسِّ، ويتناولون الأسماك المُملَّحة التي كانت تُصاد من بحر يوسف وتُملَّح في مدينة " كانوس" وهي أبو قير الحالية كما يقول المؤرخ "سترابون"، وكانوا يَشَمُّون البصل، ويُعلقونه على منازلهم وحول أعناقهم للتبرك.
وإذا كان لهم مبرِّر للتَّمتُّع بالهواء والطبيعة وتقديس النيل الذي هو عماد حضارتهم فإن تناولهم لأطعمة خاصة بالذات واهتمامهم بالبصل لا مبرِّر له إلا خرافةً آمنوا بها وحَرِصُوا على تخليد ذكراها.

لقد قال الباحثون: إن أحد أبناء الفراعنة مَرِض وحارت الكهنة في علاجه، وذات يوم دخل على فرعون كاهن نوبي معه بصلة أمر بوضعها قرب أنف المريض، بعد تقديم القرابين لإله الموت "سكر" فشُفِيَ. وكان ذلك في بداية الربيع، ففَرِح الأهالي بذلك وطافوا بالبلد والبصل حول أعْناقِهم كالعُقود حول معابد الإله "سكر" وبمرور الزمن جدَّت أسطورة أخرى تقول: إن امرأة تخرج من النيل في ليلة شم النسيم يدعونها "نداهة" تأخذ الأطفال من البيوت وتُغرقهم، وقالوا: إنها لا تستطيع أن تدخل بيتًا يعلَّق عليه البصل" محمد صالح – الأهرام : 30/4/1962 " ثم حدث في التاريخ المصري حادثان: أولُهما يتصل باليهود، والثاني بالأقباط، أما اليهود فكانوا قبل خروجهم من مصر يحتفلون بعيد الرَّبيع كالمصريين، فلما خرجوا منها أهملوا الاحتفال به، كما أهملوا كثيرًا من عادات المصريين، شأن الكاره الذي يُريد أن يتملَّص من الماضي البغيض وآثاره، لكن العادات القديمة لا يُمكن التخلُّص منها نهائيًا وبسهولة، فأحَب اليهود أن يحتفلوا بالربيع لكن بعيدًا عن مصر وتقويمها، فاحتفلوا به كما يَحتفل البابليون، واتَّبعوا في ذلك تقويمَهم وشهورهم.
فالاحتفال بالربيع كان معروفًا عند الأمم القديمة من الفراعنة والبابليين والآشوريين، وكذلك عَرَفَه الرومان والجرمان، وإن كانت له أسماء مختلفة، فهو عند الفراعنة عيد شم النسيم، وعند البابليين والآشوريين عيد ذبح الخروف، وعند اليهود عيد الفِصْح، وعند الرومان عيد القمر، وعند الجرمان عيد"إستر" إلهة الربيع.

وأخذ احتفال اليهود به معنى دينيًّا هو شكر الله على نجاتهم من فرعون وقومه.
وأطلقوا عليه اسم " عيد بساح" الذي نُقل إلى العربية باسم "عيد الفِصْح" وهو الخروج، ولعلَّ ممَّا يُشير إلى هذا حديث رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: قَدِم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء، فقال لهم: « ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ » قالوا هذا يوم عظيم، نجَّى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ « نحن أحقُّ وأولي بموسى منكم » ، فصامه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمر بصيامه. وفِي رواية فنحن نصومه تعظيمًا له.
غير أن اليهود جعلوا مَوعدًا غير الذي كان عند الفراعنة، فحدَّدوا له يوم البدر الذي يَحل في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرةً.
ولما ظهرت المسيحية في الشام احتفل المسيح وقومُه بِعيد الفِصح كما كان يحتفل اليهود. ثم تآمر اليهود على صَلْب المسيح وكان ذلك يوم الجمعة 7 إبريل سنة 30 ميلادية، الذي يَعْقُب عيد الفِصح مباشرًة، فاعتقد المسيحيُّون أنه صلب في هذا اليوم، وأنه قام مِن بين الأموات بعد الصَّلْب في يوم الأحد التالي، فرأى بعض طوائفها أن يحتفلوا بذكرى الصلب في يوم الفِصْح، ورأت طوائف أخرى أن يحتفلوا باليوم الذي قام فيه المسيح من بين الأموات، وهو عيد القيامة يوم الأحد الذي يعقب عيد الفصح مباشرةً، وسارت كل طائفة على رأيها، وظل الحال على ذلك حتى رأي قسطنطين الأكبر إنهاء الخلاف في "نيقية" سنة 325 ميلادية، وقرَّر توحيد العيد، على أن يكون في أول أَحَد بعد أول بدر يقع في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرةً، وحسب الاعتدال الرَّبيعي وقتذاك فكان بناءً على حسابهم في يوم 21 من مارس "25 من برمهات"، فأصبح عيد القيامة في أول أحد بعد أول بدر، وبعد هذا التاريخ أُطلِق عليه اسم عيد الفصح المسيحي تمييزًا له عن عيد الفِصْح اليهودي.

هذا ما كان عند اليهود وتأثُّر المسيحيين به في عيد الفصح. أما الأقباط ـ وهم المصريون الذين اعتنقوا المسيحية ـ فكانوا قبل مسيحيتهم يحتفلون بعيد شم النسيم كالعادة القديمة، أما بعد اعتناقهم للدين الجديد فقد وجدوا أن للاحتفال بعيد شم النسيم مظاهِرَ وثنيَّةً لا يُقرُّها الدِّين، وهم لا يستطيعون التخلُّص من التقاليد القديمة، فحاولوا تعديلها أو صبْغها بصبغة تتَّفق مع الدين الجديد، فاعتبروا هذا اليوم يومًا مباركًا بدأت فيه الخَليقة، وبَشَّر فيه جبريل مريم العذراء بحَمْلها للمسيح، وهو اليوم الذي تقوم فيه القيامة ويُحشر الخلق، ويذكرنا هذا بحديث رواه مسلم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ" خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه دَخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" صحيح مسلم بشرح النووي"ج6 ص 142".
فاحتفل أقباط مصر بشم النسيم قوميًّا باعتباره عيد الربيع، ودينيًّا باعتباره عيد البشارة، ومزَجوا فيه بين التقاليد الفِرْعَوْنية والتقاليد الدينية. وكان الأقباط يصومون أربعين يومًا لذكرى الأربعين التي صامها المسيح عليه السلام، وكان هذا الصوم يبدأ عقب عيد الغطاس مباشرة، فنقله البطريرك الإسكندري ديمتريوس الكرام، وهو البطريك الثامن عشر " 188-234م" إلى ما قبل عيد القيامة مباشرةً، وأدْمج في هذا الصوم صوم أسبوع الآلام، فبلغت عِدَّته خمسةً وخمسين يومًا، وهو الصوم الكبير، وعمَّ ذلك في أيام مجمع نيقيه" 325م" وبهذا أصبح عيد الربيع يقع في أيام الصوم إن لم يكن في أسبوع الآلام، فحُرِّم على المسيحيين أن يحتفلوا بهذا العيد كعادتهم القديمة في تناول ما لذَّ وطاب من الطعام والشراب، ولما عزَّ عليهم ترْك ما درجوا عليه زمنًا طويلًا تخلَّصوا من هذا المَأْزِق فجعلوا هذا العيد عيدين: أحدهما: عيد البشارة يُحتفل به دينيًّا في موضعه، والثاني: عيد الربيع ونقلوه إلى ما بعد عيد القيامة؛ لتكون لهم الحرية في تناول ما يشاءون، فجعلوه يوم الاثنين التالي لعيد القيامة مباشرةً، ويُسمَّى كَنَسِيًّا: " اثنين الفِصح"، كما نقل الجِرْمانيُّون عيد الربيع ليَحلَّ في أول شهر مايو.
من هذا نرى أن شم النسيم بعد أن كان عيدًا فِرْعَوْنيًّا قوميًّا يتَّصل بالزِّراعة جاءته مِسْحة دينيَّة، وصار مرتبطًا بالصوم الكبير وبعيد الفصح أو القيامة، حيث حُدِّد له وقتٌ معيَّن قائم على اعتبار التقويم الشَّمسي والتقويم القَمَري معًا، ذلك أن الاعتدال الربيعي مرتبط بالتقويم الشمسي، والبدر مرتبط بالتقويم القمري، وبينهما اختلاف كما هو معروف، وكان هذا سببًا في اختلاف موعده من عام لآخر، وفي زيادة الاختلاف حين تَغيَّر حساب السنة الشمسية من التقويم اليولياني إلى التقويم الجريجوري. بيان ذلك: أن التقويم القمري كان شائعًا في الدولة الرومانية، فأبْطله يوليوس قيصر، وأنشأ تقويمًا شمسيًا، قدَّر فيه السنة بـ25، 365 يومًا، واستخدم طريقة السنة الكبيسة مرة كل أربع سنوات، وأمر يوليوس قيصر باستخدام هذا التقويم رسميًّا في عام 708م من تأسيس روما، وكان سنة 46 قبل الميلاد، وسُمِّي بالتقويم اليولياني، واستمرَّ العمل به حتى سنة 1582م حيث لاحظ الفلكيون في عهد بابا روما جريجوريوس الثالث عشر خطأ في الحساب الشمسي، وأن الفرق بين السنة المعمول بها والحساب الحقيقي هو 11 دقيقة ، 14 ثانية، وهو يعادل يومًا في كل 128 عامًا، وصحح البابا الخطأ المتراكم فأصبح يوم 5 من أكتوبر سنة 1582 هو يوم 15 أكتوبر سنة 1582 م، وهو التقويم المعروف بالجريجوري السائد الآن، وعندما وضع الأقباط تاريخهم وضعوه من يوم 29 من أغسطس سنة 284م الذي استشهد فيه كثيرون أيام " دقلديانوس" جعلوه قائمًا على الحساب اليولياني الشمسي، لكن ربطوه دينيًّا بالتقويم القمري، وقد بني على قاعدة وضعها الفلكي" متيون" في القرن الخامس قبل الميلاد، وهو أن كل 19 سنة شمسية تعادل 235 شهرًا قمريًّا، واستخدم الأقباط هذه القاعدة منذ القرن الثالث الميلادي، وقد وضع قواعد تقويمهم المعمول به إلى الآن البطريرك ديمترويوس الكرام، وساعده في ذلك الفلكي المصري بطليموس.
وبهذا يُحدَّد عيد القيامة" الذي يَعقبه شم النسيم" بأنه الأحد التالي للقمر الكامل "البدر" الذي يَلِي الاعتدال الربيعي مباشرةً. وقد أخذ الغربيون الحساب القائم على استخدام متوسط الشهر القمري لحساب ظهور القمر الجديد وأوجهه لمئات السنين "وهو الحساب المُسمَّى بحساب الألقطى"، وطبَّقوه على التقويم الروماني اليولياني، فاتَّفقت الأعياد المسيحية عند جميع المسيحيين كما يُحدِّدها التقويم القِبطي، واستمر ذلك حتى سنة 1582م حين ضبط الغربيون تقويمهم بالتعديل الجريجوري، ومن هنا اختلف موعد الاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم.

أستميحك عفوًا أيها القارئ الكريم إذا أتعبتك بذكر تطورات التقويم وتغير مواعيد الأعياد، إذ قد لخصتها من عدة مواضع من كتاب "تاريخ الحضارة المصرية، ومن بحث للدكتور عبد الحميد لطفي في مجلة الثقافة " عدد 121" لسنتها الثالثة في 22/4/1941م ومن منشورات بالصحف: الجمهورية 15/4/1985، والأهرام 20/4/1987، 11/4/1988 فإني قصدت بذلك أن تعرف أن عيد الربيع الحقيقي ثابت في موعده كل عام، لارتباطه بالتقويم الشمسي، أما عيد شم النسيم فإنَّه موعد يتغير كل عام لاعتماده مع التقويم الشمسي على الدَّوْرة القمرية، وهو مرتبط بالأعياد الدينية غير الإسلامية، ولهذه الصفة الدينية زادت فيه طقوس ومظاهر على ما كان معهودًا أيَّام الفراعنة وغيرهم، فحرص الناس فيه على أكل البيض والأسماك المُملَّحة، وذلك ناشئ من تحريمها عليهم في الصوم الذي يُمسكون فيه عن كل ما فيه روح أو ناشئ منه، وحرصوا على تلوين البيض بالأحمر؛ ولعل ذلك لأنه رمز دم المسيح على ما يعتقدون وقد تفنن الناس في البيض وتلوينه حتى كان لبعضه شهرة في التاريخ.
فقد قالوا: إن أشهر أنواع البيض بيضة هنري الثاني التي بعث بها إلى" ديانادي بواتييه" فكانت عُلبةَ صَدَفٍ على شكل بيضة بها عقد من اللؤلؤ الثمين، كما بعث لويس الرابع عشر للآنسة " دى لا فاليير" علبة بشكل بيضة ضمَّنها قطعة خشب من الصَّليب الذي صُلب عليه المسيح، ولويس الخامس عشر أهدى خطيبته " مدام دى باري" بيضة حقيقة من بيض الدجاج مَكسوَّة بطبقة رقيقة من الذهب، وهي التي قال فيها الماركيز "بولفر" لو أنها أُكِلت لوجَبَ حفظ قِشْرتها" مهندس / محمد حسن سعد – الأهرام 25 من أبريل 1938.
وقيصر روسيا " الإسكندر الثالث " كلف الصائغ " كارل فابرج" بصناعة بيضة لزوجته 1884م، استمر في صنعها ستة أشهر كانت مُحلَّاة بالعقيق والياقوت، وبَيَاضُها من الفضة وصَفَارُها من الذهب، وفي كل عام يهديها مثلها حتى أبطلتْها الثورة الشيوعية 1917م.
وبعد، فهذا هو عيد شم النسيم الذي كان قوميًّا ثم صار دينيًّا، فما حُكم احتفال المسلمين به؟ لا شك أن التَّمتُّع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتَنَزُّه أمْر مباح ما دام في الإطار المشروع، الذي لا تُرتكب فيه معصية ولا تُنتهك حرمة ولا يَنبَعِث من عقيدة فاسدة، قال تعالى: { يَا أَيُّها الذينَ آمَنوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [سورة المائدة: 87] ، وقال: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } [سورة الأعراف: 32] لكن هل للتزين والتمتُّع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره، وهل يتحقق ذلك إلا بنَوْع من المأْكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة؟
هذا ما نُحب أن نَلْفِتَ الأنظار إليه. إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرُّفه على وعْي صحيح وبُعْد نَظَر، لا يندفع مع التيار فيسير حيث يسير ويميل حيث يميل، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا يبغي أن يكون كما قال الحديث" إمَّعة" يقول: إن أحسَنَ الناس أحسنتُ، وإن أساءوا أسأتُ، ولكن يجب أن يُوطِّن نفسه على أن يُحسن إن أحسنوا، وألا يُسيء إن أساءوا، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مُبالٍ بما يوجَّه إليه من نقد أو استهزاء، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهانا عن التقليد الذي من هذا النوع فقال « لتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه » رواه البخاري ومسلم.
فلماذا نحْرص على شَمِّ النَّسيم في هذا اليوم بِعَينه والنسيم موجود في كل يوم؟ إنَّه لا يعدو أن يكون يومًا عاديًّا من أيام الله حكمه كحُكْم سائرها، بل إنَّ فيه شَائبةً تُحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهي ارتباطُه بعقائد لا يُقرُّها الدِّين، حيث كان الزَّعم أنَّ المسيح قام من قبره وشَمَّ نسيم الحياة بعد الموت.
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أنَّ الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمنًا.
إن هذا الحرص يُبرِّر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلُق والكرامة ممنوعة لا يُقرِّها دين ولا عقل سليم والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " مَن التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس، ومَن التمس رضا الناس بِسَخَطِ الله وَكَلَهُ الله إلى الناس" رواه الترمذي ورواه بمعناه ابن حِبَّان في صحيحه .
الشيخ عطية صقر
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-20-2009, 04:04 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

ماشاء الله يا حبيبة
جزاكِ الله خيراً
ونفع الله بكِ
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04-20-2009, 07:07 PM
احمد تيفا احمد تيفا غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

جزاك الله خيرا


مجهود رائع


ربنا يجعله فى ميزان حسناتك اللهم امين
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 04-23-2009, 12:11 AM
صاحبة القلادة صاحبة القلادة غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

وجزيتم مثله
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:08 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.