انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة

ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-18-2011, 12:10 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

 

د - لا يقتل المسلم بالكافر
هذه عنوان ترجمة في صحيح البخاري ، ذكر فيها الإمام البخاري - رحمه الله - هذا الحديث :
حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا مطرف أن عامرا حدثهم ، عن جحيفة قال : قلت لعلي . ح حدثنا صدقة بن الفضل ، أخبرنا ابن عيينة ، حدثنا مطرف سمعت الشعبي يحدث قال : سمعت أبا جحيفة قال : سألت عليا رضي الله عنه هل عندكم شيء مما ليس في القراّن ؟ وقال ابن عيينة : مرة ماليس عند الناس ؟ فقال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القراّن ، إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة . قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر "
هذا الحديث مما يحتج به جمهور العلماء على أن المسلم لا يقتل إذا قتل كافرا ولو كان ذميا ، وهذا هو الفرق الرابع فإن المسلم إذا قتله مسلم أو ذمي يجب قتله إجماعا ، أما الذمي إذا قتله المسلم فلا يجوز قتله عند الجمهور ، وخالف الأحناف فقالوا يقتل المسلم إذا قتل الذمي ، وقال الشعبي والنخعي يقتل إذا قتل الذمي اليهودي أو النصراني دون المجوسي ، وقد بحث الحافظ ابن حجر - رحمه الله - هذه المسألة بحثا شافيا كافيا فأجاد وأفاد على عادته - رحمه الله - وأثبت رجحان مذهب الجمهور - رحمهم الله - مما لا يدع قولا لقائل .
* قال الحافظ - رحمه الله - : " وأما ترك قتل المسلم بالكافر فأخذ به الجمهور ، إلا أنه يلزم من قول مالك في قاطع الطريق ومن في معناه إذا قتل غيلة أن يقتل ولو كان المقتول ذميا استثناء هذه الصورة من منع قتل المسلم بالكافر ، وهي لا تستثنى في الحقيقة ؛ لأن فيه معنى اّخر وهو الفساد في الأرض ، وخالف الحنفية فقالوا : يقتل المسلم بالذمي إذا قتله بغير استحقاق و لا يقتل بالمستأمن ، وعن الشعبي والنخعي يقتل باليهودي والنصراني دون المجوسي ، واحتجوا بما وقع عند أبي داود من طريق الحسن عن قيس بن عباد عن علي بلفظ : " لا يقتل مؤمن بكافر و لا ذو عهد في عهده " وأخرجه أيضا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وأخرجه ابن ماجة من حديث ابن عباس والبيهقي عن عائشة ومعقل بن يسار ، وطرقه كلها ضعيفة إلا الطريق الأولى والثانية فإن سند كل منهما حسن ، وعلى تقدير قبوله فقالوا : وجه الاستدلال منه أن تقديره و لا يقتل ذو عهد في عهده بكافر ، قالوا : وهو من عطف الخاص على العام فيقتضي تخصيصه ، لأن الكافر الذي يقتل به ذو العهد هو الحربي دون المساوي له والأعلى ، فلا يبقى من يقتل بالمعاهد إلا الحربي فيجب أن يكون الكافر الذي لا يقتل به المسلم هو الحربي تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه ، قال الطحاوي : ولو كانت فيه دلالة على نفي قتل المسلم بالذمي لكان وجه الكلام أن يقول و لا ذي عهد في عهده و إلا لكان لحنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يلحن ، فلما لم يكن كذلك علمنا أن ذا العهد هو المعني بالقصاص فصار التقدير لا يقتل مؤمن و لا ذو عهد في عهده بكافر ، قال : ومثله في القراّن " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن " فإن التقدير واللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن ، وتعقب بأن الأصل عدم التقدير والكلام مستقيم بغيره إذا جعلنا الجملة مستأنفة ، ويؤيد اقتصار الحديث الصحيح على الجملة الأولى ، ولو سلم أنها للعطف فالمشاركة في أصل النفي لا من كل وجه ، وهو كقول القائل مررت بزيد منطلقا وعمرو فإنه لا يوجب أن يكون بعمرو منطلقا أيضا بل المشاركة في أصل المرور ، وقال الطحاوي أيضا : لا يصح حمله على الجملة المستأنفة ؛ لأ سياق الحديث فيما يتعلق بالدماء التي يسقط بعضها ببعض ؛ لأن في بعض طرقه " المسلمون تتكافأ دماؤهم " وتعقب بأن هذا الحصر مردود ، فإن في الحديث أحكاما كثيرة غير هذه ، وقد أبدى الشافعي له مناسبة فقال : يشبه أن يكون لما أعلمهم أن لا قود بينهم وبين الكفار أعلمهم أن دماء أهل الذمة والعهد محرمة عليهم بغير حق فقال : " لا يقتل مسلم بكافر و لا يقتل ذو عهد في عهده " ومعنى الحديث لا يقتل مسلم بكافر قصاصا و لا يقتل من له عهد ما دام عهد باقيا ، وقال ابن السمعاني : وأما حملهم الحديث على المستأمن فلا يصح ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ حتى يقوم دليل على التخصيص ، ومن حيث المعنى أن الحكم الذي يبنى في الشرع على الإسلام والكفر إنما هو لشرف الإسلام أو لنقص الكفر أو لهما جميعا فإن الإسلام ينبوع الكرامة والكفر ينبوع الهوان ، وأيضا إباحة دم الذمي شبهة قائمة لوجود الكفر المبيح للدم والذمة إنما هي عهد عارض منع القتل مع بقاء العلة فمن الوفاء بالعهد أن لا يقتل المسلم ذميا فإن اتفق القتل لم يتجه القول بالقود ؛ لأن الشبهة المبيحة لقتله موجودة ومع قيام الشبهة لا يتجه القود . قلت : وذكر أبو عبيد بسند صحيح عن زفر أنه رجع عن قول أصحابه فأسند عن عبد الواحد بن زياد قال قلت لزفر إنكم تقولون تدرأ الحدود بالشبهات فجئتم إلى أعظم الشبهات فأقدمتم عليها المسلم يقتل بالكافر ، قال : فاشهد علي أني رجعت عن هذا وذكر ابن العربي أن بعض الحنفية سأل الشاشي عن دليل ترك قتل المسلم بالكافر قال وأراد أن يستدل بالعموم فيقول أخصه بالحربي ، فعدل الشاشي عن ذلك فقال وجه دليلي السنة والتعميم ؛ لأن ذكر الصفة في الحكم يقتضي التعليل فمعنى لا يقتل المسلم بالكافر تفضيل المسلم بالإسلام . فأسكته . ومما احتج به الحنفية ما أخرجه الدارقطني من طريق عمار بن مطر عن إبراهيم بن أبي يحيى عن ربيعة عن ابن البيلماني عن ابن عمر قال : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما بكافر ، وقال : " أنا أولى من وفى بذمته " قال الدارقطني : إبراهيم ضعيف ولم يروه موصولا غيره ، والمشهور عن ابن البيلماني مرسلا ، وقال البيهقي : أخطأ راويه عمار بن مطر على إبراهيم في سنده ، إنما يرويه إبراهيم عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن البيلماني ، هذا هو الأصل في هذا الباب ، وهو منقطع وراويه غير ثقة ، كذلك أخرجه الشافعي وأبو عبيد جميعا عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى . قلت : لم ينفرد به إبراهيم كما يوهمه كلامه ، فقد أخرجه أبو داود في المراسيل والطحاوي من طريق سليمان بن بلال عن ربيعة عن ابن البيلماني ، وابن البيلماني ضعفه جماعة ووثق فلا يحتج بما ينفرد به إذا وصل ، فكيف إذا أرسل ، فكيف إذا خالف : قاله الدارقطني . وقد ذكر أبو عبيد بعد أن حدث به عن إبراهيم ، بلغني أن إبراهيم قال : أنا حدثت به ربيعة عن ابن المنكدر عن ابن البيلماني ، فرجع الحديث على هذا إلى إبراهيم ، وإبراهيم ضعيف أيضا ، قال أبو عبيد : وبمثل هذا السند لا تسفك دماء المسلمين . قلت : وتبين أن عمار بن مطر خبط في سنده ، وذكر الشافعي في " الأم " كلاما حاصله أن في حديث ابن البيلماني أن ذلك كان في قصة المستأمن الذي قتله عمرو ابن أمية ، قال فعلى هذا لو ثبت لكان منسوخا ؛ لأن حديث " لا يقتل مسلم بكافر " خطب به النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كما في رواية عمرو بن شعيب ، وقصة عمرو بن أمية متقدمة على ذلك بزمان . قلت : ومن هنا يتجه صحة التأويل الذي تقدم عن الشافعي ، فإن خطبة يوم الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة وكان له عهد ، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لو قتلت مؤمنا بكافر لقتلته به " وقال : " لا يقتل مؤمن بكافر و لا ذو عهد في عهد " فأشار بحكم الأول إلى ترك اقتصاصه من الخزاعي بالمعاهد الذي قتله وبالحكم الثاني إلى النهي عن الإقدام على ما فعله القاتل المذكور ، والله أعلم . ومن حججهم قطع المسلم بسرقة مال الذمي ، قالوا والنفس أعظم حرمة ، وأجاب ابن بطال بأنه قياس حسن لولا النص ، وأجاب غيره بأن القطع حق لله . ومن ثم لو أعيدت السرقة بعينها لم يسقط الحد ولو عفا ، والقتل بخلاف ذلك . وأيضا القصاص يشعر بالمساواة و لا مساواة للكافر والمسلم ، والقطع لا تشترط فيه المساواة " فتح الباري ج 12 ص 366 - 368

ما يجب على المسلم إذا قتل الذمي ؟
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في رجل يهودي قتله مسلم فهل يقتل به أو ماذا يجب عليه
فأجاب - رحمه الله - : " الحمد لله . لا قصاص عليه عند أئمة المسلمين و لا يجوز قتل الذمي بغير حق ، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يقتل مسلم بكافر ولكن يجب عليه الدية فقيل الدية الواجبة نصف دية المسلم وقيل ثلث ديته وقيل يفرق بين العمد والخطأ فيجب في العمد مثل دية المسلم ويروى ذلك عن عثمان بن عفان أن مسلما قتل ذميا فغلظ عليه وأوجب عليه كمال الدية وفي الخطأ نصف الدية ففي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل دية الذمي نصف دية المسلم وعلى كل حال تجب كفارة القتل أيضا وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج4 ص 187 طبعة دار القلم
* إذن لو قتل المسلم رجلا ذميا عمدا فإنه تجب له الدية كاملة وإن كانت المقتولة امرأة فلها نصف الدية ، أما إن قتل المسلم الرجل الذمي خطأ فله نصف الدية ، وللمرأة الذمية نصف دية الرجل الذمي .

قتل الذمي من كبائر الذنوب
ليس معنى عدم قتل المسلم بالذمي جواز قتل الذمي أو التخفيف من قتله ، بل إن قتله من كبائر الذنوب ، فقد روى ابن ماجة والحاكم - رحمهما الله - بسند صححه الألباني - رحمه الله - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما " وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم - رحمهم الله - بسند صححه الألباني - رحمه الله - من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل معاهدا في غير كنهه ، حرم الله عليه الجنة " .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-18-2011, 06:04 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

و- إظهار العبادات وبناء أماكن العبادة
الفرق الخامس ينقسم إلى أمرين :
1 - إظهار العبادات
2 - بناء أماكن العبادة

أولا : إظهار العبادات :
أما المسلمون فيشرع لهم إظهار عباداتهم لا سيما بعض العبادات التي حض الشارع الكريم على إظهارها لما فيها من إظهار لشعائر الله - عز وجل - : " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " ( الحج 32 ) ومن هذه العبادات التي يشرع إظهارها الأذان فإنه يعد من أهم العلامات المميزة بين دار الإسلام ودار الكفر كما روى البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة - رحمهم الله - من حديث أنس - رضي الله عنه - : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر ، فإن سمع أذانا كف ، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم "
ومن هذه العبادات التي يشرع إظهارها أيضا صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والكسوف والاستسقاء والأضحية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم وتحفيظ القراّن والتكبير في عشر ذي الحجة والعيدين وإطلاق اللحية والحجاب للمرأة المسلمة وغير ذلك من العبادات .
أما الكفار فإنهم يمنعون من إظهار عباداتهم ؛ لأنها كفر وضلال و، ولا يمكن أن يظهر الكفر داخل الدولة الإسلامية ، وأيضا لا يجوز لهم إظهار ما يعتقدون حله كأكل الخنزير وشرب الخمور ، ومن باب أولى لا يجوز لهم الدعوة إلى دينهم ، وإليكم بعض أقوال أهل العلم في المسألة :

1 - جاء في الشروط العمرية - وهي إن لم تخل أسانيدها من مقال إلا أن شهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها ، فإن الأئمة تلقوها بالقبول ، وذكروها في كتبهم ، واحتجوا بها . أحكام أهل الذمة لابن القيم - رحمه الله - ج2 ص454 طبعة دار الحديث - : " وأن لا نضرب ناقوسا إلا ضربا خفيفا في جوف كنائسنا ، و لا نظهر عليهم صليبا و لا نرفع أصواتنا في الصلاة ، و لا القراءة في الصلاة فيما يحضره المسلمون ، وأن لا نخرج صليبا و لا كتابا في سوق المسلمين ، وأن لا نخرج باعوثا ( الباعوث للنصارى كالاستسقاء للمسلمين ) ، و لا شعانينا ( عيد من أعياد النصارى ) ، و لا نرفع أصواتنا مع موتانا ، و لا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين ، ولا نجاورهم بالخنازير و لا بيع الخمور ، وأن لا نجاورهم بالجنائز ، و لا نظهر شركنا ، و لا نرغب في ديننا ، و لا ندعو إليه أحدا ....."

2 - قال عبد الرزاق : حدثنا معمر عن ميمون بن مهران قال : كتب عمر بن عبد العزيز أن يمنع النصارى في الشام أن يضربوا ناقوسا ، و لا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم . أحكام أهل الذمة لابن القيم - رحمه الله - ج2 ص490

3- قال الإمام أحمد - رحمه الله - في رواية أبي طالب : " و لا يرفعوا أصواتهم في دورهم " المصدر السابق

4 - قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : " واشترط عليهم ألا يسمعوا المسلمين شركهم ، و لا يسمعونهم ضرب ناقوس ، فإن فعلوا ذلك عزروا " المصدر السابق

5 - قال أبو عبيد - رحمه الله - : وقد قضى ابن عباس - رضي الله عنهما - : أيما مصر مصره المسلمون فلا يباع فيه خمر ". المصدر السابق .

6 - قال ابن القيم - رحمه الله - وهو يتحدث عن منعهم من الدعوة إلى دينهم : " هذا من أولى الأشياء أن ينتقض العهد به : فإنه حراب الله ورسوله باللسان ، وقد يكون أعظم من الحراب باليد ، كما أن الدعوة إلى الله ورسوله جهاد بالقلب واللسان ، وقد يكون أفضل من الجهاد باليد ، ولما كانت الدعوة إلى الباطل مستلزمة - و لا بد - للطعن في الحق كان دعاؤهم إلى دينهم وترغيبهم فيه طعنا في دين الإسلام ، وقد قال تعالى : " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر " (التوبة 12 )، و لا ريب أن الطعن في الدين أعظم من الطعن بالرمح والسيف، فأولى ما انتقض به العهد الطعن في الدين ولو لم يكن مشروطا عليهم ، فالشرط ما زاده إلا تأكيدا وقوة " أحكام أهل الذمة ج2 ص496 - 497 طبعة دار الحديث

7 - قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - : "فإن قيل : وهذه الإذاعات التي تنشر الاّن عبر المذياع : هل يمنعون منها ؟
الجواب : يجب علينا أن نحول بين الناس وبين سماعها بقدر الإمكان فإذا أمكن أن نشوش عليها بأجهزة التشويش المعروفة ، فيجب على المسلمين أن يشوشوا عليها .
فإن قيل : يخشى إذا شوشنا عليهم دعوتهم للنصرانية أن يشوشوا علينا دعوتنا للإسلام ، وهذا وارد ؟ فهل نتركهم ونحذر المسلمين من شرهم ؟ أم ماذا ؟ هذا محل بحث ونظر . الشرح الممتع ج 3 ص457 طبعة دار الإمام مالك - دار المستقبل
ومقصود الشيخ - رحمه الله - من قوله : " هذا محل بحث ونظر " أي أن الأمر متعلق بالمصالح والمفاسد ، فقد تكون المصلحة في التشويش والمنع بأن يكون للمسلمين قوة يتمكنون فيها من ذلك ، وقد تكون المصلحة في تركهم مع التحذير من شرهم إذا لم يتمكن المسلمون من ذلك أو لم يتمكنوا من منعهم من التشويش على الدعوة إلى الإسلام .


ثانيا :بناء أماكن العبادة
أما المسلمون فبناء المساجد من أعظم القربات إلى الله - عز وجل - ففي الصحيحين من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول : " من بنى مسجدا - قال بكير : حسبت أنه قال : يبتغي به وجه الله - بنى الله له مثله في الجنة "
وفي سنن ابن ماجة - رحمه الله - بسند صححه الألباني - رحمه الله - من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة "
القطاة : طائر يشبه الحمامة ، والمفحص : الموضع الذي تخيم فيه وتبيض فيه .

أما الكفار فإن بناء أماكن العبادة لهم من الكفر ؛ لأن هذه الأماكن يعبد فيها الشيطان والطواغيت ويكفر فيها بالله - عز وجل - فما حكم بناء الكنائس والبيع داخل الدولة الإسلامية ؟
تنقسم البلاد الإسلامية - كما قال ابن القيم - إلى ثلاثة أقسام :
أولا- بلاد أنشأها المسلمون في الإسلام مثل البصرة والكوفة وغيرهما : فهذه البلاد لا يجوز فيها بناء كنيسة بالاتفاق كما قال ابن القيم - رحمه الله - ، وأما الكنائس التي بنيت في هذه البلاد فإنه يجب هدمها بالاتفاق كما ذكر ابن القيم أيضا ، وهذه بعض النصوص في هذه المسألة :
1 - قال الإمام أحمد : حدثنا حماد بن خالد الخياط ، أخبرنا الليث بن سعد عن توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا خصاء في الإسلام و لا كنيسة " ولكن الحديث سنده ضعيف كما ذكر الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية ، وقد روي بإسناد اّخر أصح من هذا الإسناد ولكن موقوفا على عمر - رضي الله عنه - ، قال علي بن عبد العزيز : حدثنا أبو القاسم ، حدثني أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لا كنيسة في الإسلام و لا خصاء "
2 - وقال الإمام أحمد حدثنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن حنش عن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا ، فقال : أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه ، و لا يضربوا فيه ناقوسا ، و لا يشربوا فيه خمرا ، و لا يتخذوا فيه خنزيرا .
وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله عز وجل على العرب فنزلوا فيه فإن للعجم ما في عهدهم ، وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم ، و لا يكلفوهم فوق طاقتهم . أحكام أهل الذمة لابن القيم ج2 ص459 طبعة دار الحديث
3 - وقيل لأبي عبد الله ( أي الإمام أحمد ) ( إيش ) الحجة في أن يمنع أهل الذمة أن يبنوا بيعة أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم ، وهم يؤدون الجزية ، وقد منعنا من ظلمهم وأذاهم ، قال : حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : أيما مصر مصرته العرب . المصدر السابق
4 - و قال في حاشية ابن عابدين(ج6 ص248 طبعة إحياء التراث) :
( مطلب في بيان أن الأمصار ثلاثة وبيان إحداث الكنائس فيها تنبيه في "الفتح" قيل الأمصار ثلاثة ما مصره المسلمون كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط ولا يجوز فيه إحداث ذلك إجماعاً......... "

5 - فتوى للجنة الدائمة بالسعودية :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد.. فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم -86 - وتاريخ 5/1/1421هـ، ورقم -136- 1327- 1328- وتاريخ 2/3/1421هـ، بشأن حكم بناء المعابد الكفرية في جزيرة العرب مثل بناء الكنائس للنصارى، والمعابد لليهود، وغيرهم من الكفرة، أو أن يخصص صاحب شركة أو مؤسسة مكاناً للعمالة الكافرة لديه يؤدون فيه عباداتهم الكفرية.. إلخ.
وبعد دراسة اللجنة لهذه الاستفتاءات أجابت بما يلي:
من ضروريات الدين تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرها؛ لأن تلك المعابد، سواء كانت كنيسة أم غيرها تعد معابد كفرية؛ لأن العبادات التي تؤدي فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: -وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثور- ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء معابد الكفرة مثل الكنائس في بلاد المسلمين؛ وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أحدثت في أرض الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها، بل تجب طاعته، وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى - على أن بناء المعابد الكفرية ومنها الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" -رواه الإمام مالك وغيره وأصله في الصحيحين-.

فجزيرة العرب حرم الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها ولا التجنس بجنسيتها، ولا التملك بها، فضلاً عن إقامة كنيسة فيها لعباد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان ولا يكون فيها إلا دين واحد هو دين الإسلام، الذي بعث الله به نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق، والحمد لله الذي وفق ولاة أمر هذه البلاد إلى صد هذه المعابد الكفرية عن هذه الأرض الإسلامية الطاهرة.

وبهذا يعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من الإعانة على الكفر وإظهار شعائره والله عز شأنه يقول: -وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان-.
- عبدالعزيز بن عبدالله بن عمر آل الشيخ. - عبدالله بن عبدالرحمن الغديان- بكر بن عبدالله أبوزيد
- صالح بن فوزان الفوزان فتوى رقم 21413 تاريخ 1-4-1421هـ

ثانيا : بلاد أنشئت قبل الإسلام فافتتحها المسلمون عنوة ( أي بالسيف ) وملكوا أرضها وساكنيها : فهذه البلاد لا يجوز إحداث كنائس فيها ، ويجب هدم ما استحدث منها بعد الفتح ، كما نقل ابن القيم عن الإمام أحمد - رحمه الله - أحكام أهل الذمة ج2 ص469 ، أما الكنائس التي كانت موجودة قبل الفتح فلأهل العلم فيه قولان :
1 - تجب إزالتها ويحرم إبقاؤها وهذا وجه عند الشافعية والحنابلة - رحمهم الله - .
2 - يجوز الإبقاء وتجوز الإزالة ، فيفعل الإمام ما يراه الأصلح للمسلمين وهذا القول هو الراجح - إن شاء الله - ، يقول ابن القيم - رحمه الله - ، وهذا ما رجحه شيخا الإسلام ابن تيمية و ابن القيم - رحمه الله - راجع أحكام أهل الذمة ج2 ص469
والأدلة على صحة هذا القول :
* إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر على معابدهم وقد فتحت بلدهم عنوة .
* فتح الصحابة للكثير من البلاد عنوة ، فلم يهدموا شيئا من الكنائس التي بها ، والدليل على ذلك بقاء هذه الكنائس داخل البلاد .
* ما كتبه عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - إلى عماله أن لا تهدموا كنيسة و لا بيعة و لا بيتا .
أما أدلة جواز هدم هذه الكنائس :
* لأن هذه الكنائس صارت ملكا للمسلمين بعد أن فتحوا هذه البلاد عنوة .
* إجلاء عمر - رضي الله عنه - والصحابة أهل خيبر من دورهم ومعابدهم بعد أن أقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ، ولو كان ذلك الإقرار تمليكا لم يجز إخراجهم عن ملكهم إلا برضى أو معاوضة .
- وقد أفتى الإمام أحمد - رحمه الله - الخليفة المتوكل - رحمه الله - بهدم كنائس السواد ، وهي أرض العنوة .
راجع أحكام أهل الذمة

ثالثا : بلاد أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحا ، وهي نوعان :
1 - أن يصالحهم على أن الأرض لهم ، ولنا الخراج عليها ، أو يصالحهم على مال يبذلونه وهي الهدنة . فلا يمنعون من إحداث ما يختارونه فيها ، لأن الدار لهم كما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران ولم يشترط عليهم ألا يحدثوا كنيسة أو ديرا . أحكام أهل الذمة ج2 ص470 طبعة دار الحديث
2 - أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين ، ويؤدون الجزية إلينا ، فحكم هذه البلاد هو ما اتفق عليه في الصلح ، ولكن عند القدرة يجب أن يكون الحكم هو أن لا تهدم كنائسهم التي بنوها قبل الصلح ، و يمنعون من إحداث كنائس بعد ذلك ، كما جاء في الشروط العمرية : " وأن لا نحدث في مدينتنا كنيسة ، و لا فيما حولها ديرا ، و لا قلاية ، و لا صومعة راهب ..... "

مسائل :
1 - ما حكم بناء ما انهدم من الكنائس أو ترميمها ؟
اختلف العلماء على ثلاثة أقوال :
* المنع من بناء ما انهدم ، وترميم ما تلف وهي رواية عن أحمد ، وبعض الشافعية وبعض المالكية ، ودليلهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تبنى كنيسة في الإسلام و لا يجدد ما خرب منها " ولكن الحديث ضعيف فقد ضعفه ابن حجر - رحمه الله - في الدراية ، وضعفه ابن القيم - رحمه الله - أيضا ، ومن أدلتهم ما جاء في الشروط العمرية : " و لا يجدد ما خرب من كنائسنا " .
* المنع من بناء ما انهدم ، وجواز ترميم ما تلف ، وهي رواية عن أحمد .
* إباحة الأمرين وهي رواية عن أحمد وهو رأي الأحناف وجمهور الشافعية وكثير من المالكية ، ودليلهم أن إقرارنا لهم عليها تضمن إقرار جواز ترميمها وإصلاحها وإلا ستنقض يوما من الأيام لأن البناء لا يبقى أبدا.
2 - إذا قلنا بالمنع من جواز بناء ما انهدم أو ترميم ما أتلف ، فهذا إن سقطت بسبب عوامل الزمن أو غير ذلك من الأسباب ، أما إن سقطت ظلما أي اعتدى عليها أحد من المسلمين ، فإنه يعاد بناؤها على الراجح
قال العلامة ابن العثيمين - رحمه الله - : " فالصواب : أنه إذا هدمت ظلما فإنها تعاد ؛ وذلك لأنها لم تنهدم بنفسها فإن هدموها هم وأرادوا تجديدها فإنهم يمنعون منه " الشرح الممتع ج 3 ص455 طبعة دار الإمام مالك - دار المستقبل
3 - ما حكم نقل الكنيسة من مكان إلى اّخر ؟
أما من يقولون بعدم جواز بناء ما انهدم منها فمن باب أولى سيمنعون نقلها إلى مكان اّخر ، أما المجيزون فإنهم يجوزون نقلها من مكان لاّخر بشرط أن يكون في ذلك النقل مصلحة للمسلمين لا للكفار .
4 - قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - : " ومن سفه بعض الناس أنه يقول : لماذا لم نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم ؟
الجواب : نقول هذا من السفه ، ليست المسألة من باب المكافأة ، إذ ليست مسائل دنيوية ، فهي مسائل دينية ، فالكنائس بيوت الكفر والشرك ، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق ، والأرض لله ، فنحن إذا بنينا مسجدا في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم . الشرح الممتع ج 3 ص455
5 - القول بجواز إبقاء الكنائس لا يعني جواز تعلية الصلبان كما هو موجود الاّن في مصر وغيرها من البلاد ، ولا يجوز إظهار صوت الناقوس وصوت الكفر ، بل يقيمون شعائرهم سرا ، كما جاء في الشروط العمرية : " وأن لا نضرب ناقوسا إلا ضربا خفيفا في جوف كنائسنا ، و لا نظهر عليهم صليبا ".
6 - أفتت دار الإفتاء المصرية برئاسة فضيلة الشيخ حسن مأمون - رحمه الله - بجواز تحويل الكنيسة إلى مسجد إذا كانت معطلة و لا ينتفع بها فيما أنشئت من أجله بسبب عدم وجود مصلين بها . س83 -م32 - 2صفر 1376- ايونية 1957 م
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-18-2011, 06:09 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

ي - بعض الجوانب الاجتماعية
من الفروق بين المسلمين وغيرهم داخل الدولة الإسلامية بعض الفروق الاجتماعية ، وسنقتصر على بعضها ، ومنها :

أولا - عدم ابتداء الكافر بالسلام
للحديث الذي أخرجه مسلم رحمه الله من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ،وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " *قال النووي - رحمه الله - : "‏واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به , فمذهبنا تحريم ابتدائهم به , ووجوب رده عليهم بأن يقول : وعليكم , أو عليكم فقط , ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) وفي الرد قوله صلى الله عليه وسلم ( فقولوا : وعليكم ) وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف , وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام , روي ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن أبي محيريز , وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي , لكنه قال : يقول : السلام عليك , ولا يقول : عليكم بالجمع . واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث , وبإفشاء السلام , وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) وقال بعض أصحابنا : يكره ابتداؤهم بالسلام , ولا يحرم , وهذا ضعيف أيضا , لأن النهي . للتحريم . فالصواب تحريم ابتدائهم . وحكى القاضي عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة أو سبب , وهو قول علقمة والنخعي . وعن الأوزاعي أنه قال : إن سلمت فقد سلم الصالحون , وإن تركت فقد ترك الصالحون . وقالت طائفة من العلماء : لا يرد عليهم السلام , ورواه ابن وهب وأشهب عن مالك , وقال بعض أصحابنا : يجوز أن يقول في الرد عليهم : وعليكم السلام , ولكن لا يقول : ورحمة الله . حكاه الماوردي , وهو ضعيف مخالف للأحاديث والله أعلم ."شرح االنووي على صحيح مسلم - كتاب السلام - باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم .

ملاحظات :
1 - أفتى بعض العلماء بجواز ابتداء الكافر بالتحية عموما كقول صباح الخير أو كيف حالك ؟ وغير ذلك ، أما الذي يحرم فهو الابتداء بالسلام ، ومنع بعض العلماء الابتداء بالسلام أو التحية مطلقا .
2 - إذا سلم الكتابي وجب الرد عليه ، وأما كيفية الرد ، فإن هناك ثلاث حلات :
* حالة تتيقن منها أنه نطق باللام أي قال " السلام عليكم " فهنا يجوز لك أن تقول له " وعليكم السلام "
* حالة تتيقن منها أنه لم ينطق باللام ، بل قال : " السام عليكم " فهنا يجب عليك أن تقول له : " وعليكم " أو عليكم فقط .
* حالة تشك فيها وهذه الحالة كسابقتها فتقول له وعليكم أو عليكم .
3 - يجوز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار ، ويقصد بسلامه المسلمين.
4 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : " وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " أي لا تفسحوا له ، بمعنى إذا كان هناك طريق لا يتسع إلا لرجل واحد ، وكان هناك مسلم وكافر ، فإنه يقدم المسلم ، وليس معنى الحديث أنه يضيق على الكافرمن الأصل أو غير هذا من الفهم الخطأ للحديث .

ثانيا : تشميت العاطس الكافر بقول يهديكم الله ويصلح بالكم
للحديث الذي رواه الترمذي وقال حسن صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : " كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله . فيقول : يهديكم الله ويصلح بالكم "
أما إذا عطس المسلم فكما هو معلوم يقال له : يرحمكم الله .

ثالثا : عدم جواز تهنئة الكفار على أعيادهم الكفرية
وهذه من الفروق أيضا بين المسلمين والكفار ، فتشرع تهنئة المسلمين بعيديهم ، فعن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد ، قال بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك .
أما تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية فمحرمة بالإجماع :
قال ابن القيم - رحمه الله - :
" وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثما عند الله ، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه " ( أحكام أهل الذمة لابن القيم ج1 ص154 طبعة دار الحديث )
ملاحظات :
1 - إذا كانت مجرد التهنئة بالأعياد الكفرية محرمة بل كبيرة من الكبائر فكيف بحضورالأعياد ؟
2 - لا يجوز قبول الهدايا من الكفار يوم عيدهم ، إذا كان سبب الهدية هذا العيد ، أما إن وافق العيد مناسبة أخرى ، ولم تكن الهدية سببا للعيد ، جاز قبولها والله أعلم .
3 - هذا الحكم بالنسبة لتهنئتهم بأعيادهم الكفرية ، أما التهنئة بغير ذلك من الأمور المباحة كالزواج والنجاح ...إلخ فجائز .

رابعا : عدم جواز بيع العبد المسلم للكافر لقوله تعالى : " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ( النساء 141)
* قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاّية الكريمة: " وقد استدل كثير من العلماء بهذه الاّية الكريمة على أصح قولي العلماء وهو المنع من بيع ( العبد المسلم ) للكافرين لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال ، ومن قال منهم بالصحة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال ، لقوله تعالى : " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " انتهى كلامه
أما بيع العبد الكافر للمسلم فجائز بالإجماع .
ملاحظة : ألحق بعض العلماء بذلك المهن الحقيرة وحقارة المهنة راجعة إلى العرف ، فكل ما كان في عرف الناس يعد امتهانا ، فلا يجوز للمسلم أن يعمله للكافر .

خامسا : لا يتزوج الكافر من مسلمة
لقوله تعالى : : " و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ( البقرة 221 )
* قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاّية الكريمة : "أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات كما قال تعالى : " لا هن حل لهم و لا هم يحلون لهن " انتهى كلامه
أما المسلم فيجوز له أن يتزوج من النصرانية واليهودية فقط ؛ لقوله تعالى : " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " ( المائدة 5 ) ولكن يجوز ذلك بشرطين :
1 - أن تكون عفيفة ؛ لتنصيص الاّية على ذلك ، وذلك في قوله : " والمحصنات " وهن العفيفات .
2 - أن لا تكون حربية ، لأن هذا رأي ابن عباس رضي الله عنهما .
سادسا : الصداقة والحب لا تكون إلا للمؤمن
فلا يجوز للمسلم أن يصاحب كافرا أو يحبه ، وهذا لا دخل له بالمعاملة الحسنة ، فهي مطلوبة ، أما الحب فهو أمر قلبي ، فعلى المسلم أن يبغض الكافر و لا يحبه وكيف يحبه وقد كفر بربه عز وجل وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم ؟؟
والأدلة على لك كثيرة منها :
* " يا أيها الذين اّمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض " ( المائدة 51 )
* " يا أيها الذين اّمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق " ( الممتحنة 1 )
* ما رواه أبو داود بسند حسن من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصاحب إلا مؤمنا و لايأكل طعامك إلا تقي "
قال صاحب عون المعبود : " لا تصاحب إلا مؤمنا ) ‏
: أي كاملا , أو المراد النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين لأن مصاحبتهم مضرة في الدين , فالمراد بالمؤمن جنس المؤمنين ‏
( ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ‏
: أي متورع . والأكل وإن نسب إلى التقي ففي الحقيقة مسند إلى صاحب الطعام , فالمعنى لا تطعم طعامك إلا تقيا . ‏
قال الخطابي : إنما جاء هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة , وذلك أن الله سبحانه قال { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } ومعلوم أن أسراءهم كانوا كفارا غير مؤمنين ولا أتقياء , وإنما حذر عليه السلام من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته , فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب . ‏" عون المعبود شرح سنن أبي داود - كتاب الأدب - باب من يؤمر أن يجالس
.

*أما قوله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم " ( الممتحنة 8 )
فلا يفهم من هذه الاّية جواز مصاحبة أوحب الكافر المسالم ، إنما المقصود جواز الإحسان إليهم بحسن المعاملة والعدل معهم ، وكما قلنا فالحب أمر قلبي لا دخل له بالمعاملة .
أما المحبة الفطرية كمحبة الإنسان لزوجته الكتابية ، أو لابنه أو أبيه الكافر ، فهذه لا دخل للمرء بها ، ولكن لا بد أن يجتمع معها البغض على الدين .

سادسا : عدم جواز مناداة الكافر بألقاب فيها تعظيم له
للحديث الذي أخرجه أبو داود بسند صحيح من حديث بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقولوا للمنافق سيدا ، فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل "
فلا يجوز أن يقال للكافر السيد فلان ، و لا Mr فلان و لا صاحب الفخامة أو السمو .....إلخ
لكن يجوز أن ينادى الكافر بمهنته كأن يقال الأستاذ فلان إذا كان يعلم الناس شيئا ، أو الدكتور فلان ، أو المهندس فلان ، أو الرئيس فلان .....إلخ ؛ لأن هذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم فكان في رسائله يقول إلى هرقل عظيم الروم وغير ذلك.

وبعد أيها الأحباب فهذا اّخر ما تيسر لي أن أسطره ، أسأل الله الكريم المنان أن يجعل ما كتبناه في موازين حسناتنا يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أم, المواطنـة, الإسـلام, ؟!


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:10 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.