انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-26-2009, 02:42 PM
عاشق ربه عاشق ربه غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




Ramadhan05 تفسير القرآن لابن كثير - تفسير مفصل وسهل الفهم ( موضوع متجدد ).

 

سورة البقرة
1-الم
مقدمة تفسير سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم-فضائل سورة البقرة- « ذكر ما ورد في فضلها » قال الإمام أحمد « 5/26 » حدثنا عارم حدثنا معتمر عن أبيه عن رجل عن أبيه عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا واستخرجت « الله لا إله إلا هو الحي القيوم » من تحت العرش فوصلت بها أو فوصلت بسورة البقرة ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له واقرؤوها على موتاكم انفرد به أحمد وقد رواه أحمد أيضا « 5/26 » عن عارم عن عبد الله بن المبارك عن سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤها على موتاكم يعني يس فقد بينا بهذا الإسناد معرفة المبهم في الرواية الأولى وقد أخرج هذا الحديث على هذه الصفة في الرواية الثانية أبو داود « 3121 » والنسائي « عمل 1074 » وابن ماجه « 1448 » وقد روى الترمذي « 2878 » من حديث حكيم بن جبير وفيه ضعف عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل شيء سنام وإن سنام القرآن البقرة وفيها آية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي وفي مسند أحمد « 284/2 » وصحيح مسلم « 780 » والترمذي « 2877 » والنسائي « قرآن 40 » من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان وقال الترمذي حسن صحيح وقال أبو عبيد القاسم بن سلام « فضائل 121 » حدثني ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه سنان بن سعد ويقال بالعكس وثقه ابن معين واستنكر حديثه أحمد بن حنبل وغيره وقال أبو عبيد « 121 » حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال إن الشيطان يفر من البيت يسمع فيه سورة البقرة ورواه النسائي في اليوم والليلة « 964 » وأخرجه الحاكم في مستدركه « 2/260 » من حديث شعبة ثم قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال ابن مردويه حدثنا أحمد بن كامل حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ألفين أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى ويدع سورة البقرة يقرؤها فإن الشيطان ينفر من البيت تقرأ فيه سورة البقرة وإن أصفر البيوت الجوف الصفر لمن كتاب الله وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة « 963 » عن محمد بن نصر عن أيوب بن سليمان به وروى الدارمي في مسنده عن ابن مسعود قال ما من بيت يقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضراط وقال إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة وإن لكل شيء لبابا وإن لباب القرآن المفصل وروى أيضا من طريق الشعبي قال قال عبد الله بن مسعود من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطانتلك الليلة أربع من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث آيات من آخرها وفى رواية لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق وعن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن البقرة وإن من قرأها فى بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ومن قرأها فى بيته نهارا لم يدخله شيطان ثلاثة أيام رواه أبو القاسم الطبراني « كبير 5864 » وأبو حاتم وابن حبان فى صحيحه « 780 » وابن مردويه من حديث الأزرق بن علي حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا خالد بن سعيد المدني عن أبي حازم عن سهل به وعند خالد بن حبان بن سعيد المديني وقد روى الترمذي « 2876 » والنسائي « كبرى 8749 » وابن ماجه « 217 » من حديث عبد الحميد بن جعفر عن سعيد المقبري عن عطاء مولى أبي أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذوو عدد فاستقرأهم فاستقرأ كل واحد منهم يعني ما معه من القرآن فأتى على رجل من أحدثهم سنا فقال ما معك يا فلان فقال معي كذا وكذا وسورة البقرة فقال أمعك سورة البقرة قال نعم قال اذهب فأنت أميرهم فقال رجل من أشرافهم والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا أني خشيت أن لا أقوم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا القرآن واقرؤه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأ وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسك هذا لفظ رواية الترمذي ثم قال هذا حديث حسن ثم رواه من حديث الليث عن سعيد عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلا فالله أعلم قال البخاري « 5018 » وقال الليث حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما أخذ رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ يابن حضير قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا فرفعت رأسي وانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها قال وتدري ما ذاك قال لا قال تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم وهكذا رواه الإمام العالم أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن عن عبد الله بن صالح ويحيى بن بكير عن الليث به وقد روي من وجه آخر « م 796 » عن أسيد بن حضير كما تقدم والله أعلم وقد وقع نحو من هذا لثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه وذلك فما رواه أبو عبيد « 122 » حدثنا عباد بن عباد عن جرير بن حازم عن جرير بن زيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له ألم تر ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح قال فلعله قرأ سورة البقرة قال فسألت ثابتا فقال قرأت سورة البقرة وهذا إسناد جيد إلا أن فيه إبهاما ثم هو مرسل والله أعلم-فضائل سورتي البقرة وآل عمران- « ذكر ما ورد في فضلها مع آل عمران » قال الإمام أحمد « 5/248 » حدثنا أبو نعيم حدثنا بشير بن مهاجر حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة قال ثم سكت ساعة ثم قال تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول له هل تعرفني فيقول ما أعرفك فيقول أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك وإن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتان لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان بما كسينا هذا فيقال بأخذ ولدكما القرآن ثم يقال اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا وروى ابن ماجه « 3781 » من حديث بشير بن المهاجر بعضه وهذا إسناد حسن على شرط مسلم فإن بشرا هذا أخرج له مسلم ووثقه ابن معين وقال النسائي ليس به بأس إلا أن الإمام أحمد قال فيه هو منكر الحديث قد اعتبرت أحاديثه فإذا هي تأتي بالعجب وقال البخاري يخالف في بعض حديثه وقال أبو حاتمالرازي يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي روى ما لا يتابع عليه وقال الدارقطني ليس بالقوي « قلت » ولكن لبعضه شواهد فمن ذلك حديث أبي أمامة الباهلي قال الإمام أحمد « 5/249 » حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرؤوا القرآن فإنه شافع لأهله يوم القيامة اقرؤوا الزهراوان البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان طير صواف يحاجان عن أهلهما يوم القيامة ثم قال اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة وقد رواه مسلم « 804 » في الصلاة من حديث معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور الحبشي عن أبي أمامة صدى بن عجلان الباهلي به الزهراوان المنيرتان والغياية ما أظلك من فوقك والفرق القطعة من الشيء والصواف المصطفة المتضامة والبطلة السحرة ومعنى لا تستطيعها أي لا يمكنهم حفظها وقيل لا تستطيع النفوذ في قارئها والله أعلم ومن ذلك حديث النواس بن سمعان قال الإمام أحمد « 4/183 » حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن مهاجر عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير قال سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما ورواه مسلم « 805 » عن إسحاق بن منصور عن يزيد بن عبد ربه به والترمذي « 2883 » من حديث الوليد بن عبد الرحمن الجرشي به وقال حسن غريب وقال أبو عبيد « ص 126 » حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير قال قال حماد أحسبه عن أبي منيب عن عمه أن رجلا قرأ البقرة وآل عمران فلما قضى صلاته قال له كعب أقرأت البقرة وآل عمران قال نعم قال فوالذي نفسي بيده إن فيهما اسم الله الذي إذا دعى به استجاب قال فأخبرني به قالك لا والله لا أخبرك به ولو أخبرتك به لأوشكت أن تدعوه بدعوة أهلك فيها أنا وأنت وحدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن سليم بن عامر أنه سمع أبا أمامة يقول إن أخا لكم رأى في المنام أن الناس يسلكون في صدع جبل وعر طويل وعلى رأس الجبل شجرتان خضراوان يهتفان هل فيكم قارئ يقرأ سورة البقرة وهل فيكم قارئ يقرأ سورة آل عمران قال فإذا قال الرجل نعم دنتا منه بأعذاقهما حتى يتعلق بهما فيخطران به الجبل وحدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن أبي عمران أنه سمع أم الدرداء تقول إن رجلا ممن قرأ القرآن أغار على جار له فقتله وإنه أقيد به فقتل فما زال القرآن ينسل منه سورة سورة حتى بقيت البقرة وآل عمران جمعة ثم إن آل عمران أنسلت منه وأقامت البقرة جمعة فقيل لها « ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد » قال فخرجت كأنها السحابة العظيمة قال أبو عبيد « ص 127 » أراه يعني أنهما كانتا معه في قبره يدفعان عنه ويؤنسانه فكانتا من آخر ما بقي معه من القرآن وقال أيضا حدثنا أبو مسهر الغساني عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أن يزيد بن الأسود الجرشي كان يحدث أنه من قرأ البقرة وآل عمران في يوم برئ من النفاق حتى يمسي ومن قرأهما في ليلة برئ من النفاق حتى يصبح قال فكان يقرؤهما كل يوم وليلة سوى جزئه وحدثنا يزيد عن وقاء بن إياس عن سعيد بن جبير قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قرأ البقرة وآل عمران في ليلة كان أو كتب من القانتين فيه انقطاع ولكن ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعة واحدة-فضائل السور السبع الطوال- « ذكر ما ورد في فضل السبع الطول » قال أبو عبيد « ص 119 » حدثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطيت السبع الطول مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل هذا حديث غريب وسعيد بن أبي بشير فيه لين وقد رواه أبو عبيد « ص 120 » عن عبد الله بن صالح عن الليث عن سعيد بن أبي هلال قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره واللهأعلم ثم قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب عن حبيب بن هند الأسلمي عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أخذ السبع فهو حبر وهذا أيضا غريب وحبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي روى عنه عمرو بن أبي عمرو وعبد الله بن أبي بكرة وذكره أبو حاتم الرازي ولم يذكر فيه جرحا فالله أعلم وقد رواه الإمام أحمد « 6/72 » عن سليمان بن داود وحسين كلاهما عن إسماعيل بن جعفر به ورواه « 6/82 » أيضا عن أبي سعيد عن سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن حبيب بن هند عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر قال أحمد « 6/73 » وحدثنا حسين حدثنا ابن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال عبد الله بن أحمد وهذا أرى فيه عن أبيه عن الأعرج ولكن كذا كان في الكتاب بلا أبي فلا أدري أغفله أبي أو كذا هو مرسل وروى الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا وهم ذوو عدد وقدم عليهم أحدثهم سنا لحفظه سورة البقرة وقال له اذهب فأنت أميرهم وصححه الترمذي ثم قال أبو عبيد « ص 120 » حدثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير في قوله تعالى « ولقد آتيناك سبعا من المثاني » قال هي السبع الطول البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس قال وقال مجاهد هي السبع الطول وهكذا قال مكحول وعطية بن قيس وأبو محمد القاري شداد بن أوس ويحيى بن الحارث الذماري في تفسير الآية بذلك وفي تعدادها وإن يونس هي السابعة- « فصل » والبقرة جميعها مدنية بلا خلاف وهي من أوائل ما نزل بها لكن قوله تعالى فيه « واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله » يقال إنها آخر ما نزل من القرآن ويحتمل أن تكون منها وكذلك آيات الربا من آخر ما نزل وكان خالد بن معدان يسمي البقرة فسطاط القرآن قال بعض العلماء وهي مشتملة على ألف خبر وألف أمر وألف نهي وقال العادون آياتها مئتان وثمانون وسبع آيات وكلماتها ستة آلاف كلمة ومئة وإحدى وعشرون كلمة وحروفها خمسة وعشرون ألفا وخمس مئة حرف فالله أعلم قال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس نزلت بالمدينة سورة البقرة وقال خصيف عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير قال نزلت بالمدينة سورة البقرة وقال الواقدي حدثني الضحاك بن عثمان عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال نزلت البقرة بالمدينة وهكذا قال غير واحد من الأئمة والعلماء والمفسرين ولا خلاف فيه وقال ابن مردويه حدثنا محمد بن معمر حدثنا الحسن بن علي بن الوليد حدثنا خلف بن هشام وحدثنا عيسى بن ميمون عن موسى بن أنس بن مالك عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذا القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها البقرة والتي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله هذا حديث غريب لا يصح رفعه وعيسى بن ميمون هذا هو أبو سلمة الخواص وهو ضعيف الرواية لا يحتج به وقد ثبت في الصحيحين « خ 1748 م 1296 » عن ابن مسعود أنه رمى الجمرة من بطن الوادي فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ثم قال هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة أخرجاه وروى ابن مردويه من حديث شعبة عن عقيل بن طلحة عن عتبة بن مرثد قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه تأخرا فقال يا أصحاب سورة البقرة وأظن هذا كان يوم حنين يوم ولوا مدبرين أمر العباس فناداهم يا أصحاب الشجرة يعني أهل بيعة الرضوان وفي رواية يا أصحاب سورة البقرة لينشطهم بذلك فجعلوا يقبلون من كل وجه وكذلك يوم اليمامة مع أصحاب مسيلمة جعل الصحابة يفرون لكثافة جيش بني حنيفة فجعل المهاجرون والأنصار يتنادون يا أصحاب سورة البقرة حتى فتح الله عليهم رضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين**الحروف المقطعة في أوائل بعض السور-قد أختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمهاإلى الله ولم يفسروها حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقال عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم وأبو حاتم بن حبان ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقله عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين « خ 891 م 880 » عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم السجدة وهل أتى على الإنسان وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال الم وحم والمص وص فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم إسم من أسماء القرآن وهكذا قال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه إسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها إسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال الشعبي فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبد الله وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال « الم » إسم من أسماء الله الأعظم هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي إسم الله الأعظم وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمداني قال قال عبد الله فذكر نحوه وحكى مثله عن علي وابن عباس وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال الم قسم ورويا أيضا من حديث شريك بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس الم قال أنا الله أعلم وكذا قال سعيد بن جبير وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الم قال أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى الم قال هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم قال عيسى بن مريم عليه السلام وعجب فقال وأعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به فالألف مفتاح اسم الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله والألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة هذا لفظ ابن أبي حاتم ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من اسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه قال ولا مانع من دلالة الحرف منها على إسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معان كثيرة كلفظة الأمة فانها تطلق ويراد به الدين كقوله تعالى « إنا وجدنا آباءنا على أمة » وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى « إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين » وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى « وجد عليه أمة من الناس يسقون » وقوله تعالى « ولقد بعثنا في كل أمة رسولا » وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله تعالى « وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة » أي بعد حين على أصح القولين قال فكذلك هذا حاصل كلامه موجها ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية فإن أبا العالية زعم ان الحرف دل على هذا وعلىهذا وعلى هذا معا ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الإصطلاح إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام فأما حمله على مجموع محامله اذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ليس هذا موضع البحث فيها والله أعلم ثم ان لفظة الأمة تدل على كل من معانيها في سياق الكلام بدلالة الوضع فأما دلالة الحرف الواحد على إسم يمكن ان يدل على إسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الاضمار بوضع ولا بغيره فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف والمسألة مختلف فيها وليس فيها إجماع حتى يحكم به وما أنشدوه من الشواهد على صحة اطلاق الحرف الواحد على بقية الكلمة فإن في السياق ما يدل على ما حذف بخلاف هذا كما قال الشاعر-قلنا لها قفي فقالت قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف-تعني وقفت وقال الآخر-ما للظليم عال كيف لا ي نقد عنه جلده إذا ي-فقال ابن جرير كأنه أراد أن يقول إذا يفعل كذا وكذا فاكتفى بالياء من يفعل وقال الآخر-بالخير خيرات وإن شرا ف ولا أريد الشر إلا أن ت-يقول وان شرا فشر ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء من الكلمتين عن بقيتهما ولكن هذا ظاهر من سياق الكلام والله أعلم قال القرطبي وفي الحديث من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة الحديث قال سفيان هو أن يقول في اقتل أق وقال خصيف عن مجاهد إنه قال فواتح السور كلها « ق » و « ص » و « حم » و « طسم » و « الر » وغير ذلك هجاء موضوع وقال بعض أهل العربية هي حروف من حروف المعجم استغنى بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفا كما يقول القائل ابني يكتب في ا ب ت ث أي في حروف المعجم الثمانية والعشرين فيستغنى بذكر بعضها عن مجموعها حكاه ابن جرير قلت مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي ا ل م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن يجمعها قولك نص حكيم قاطع له سر وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف قال الزمخشري وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمهجورة ومن الرخوة والشديدة ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقة وقد سردها مفصلة ثم قال فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته وهذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله ومن ههنا لحظ بعضهم في هذا المقام كلاما فقال لا شكأن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ومن قال من الجهلة ان في القرآن ماهو تعبد لا معنى له بالكلية فقد أخطأ خطأ كبيرا فتعين أن لها معنى في نفس الأمر فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا « آمنا به كل من عند ربنا » ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين وإنما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتى يتبين هذا مقام المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي مع مقطع النظر عن معانيها في أنفسها فقال بعضهم إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور حكاه ابن جرير وهذا ضعيف لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة تلاوة وكتابة وقال آخرون بل ابتدئ بها لتفتح لإستماعها أسماع المشركين إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن حتى إذا استمعوا له تلا عليهم المؤلف منه حكاه ابن جرير أيضا وهو ضعيف أيضا لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها بل غالبها ليس كذلك ولو كان كذلك أيضا لا ينبغي الإبتداء بها في أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرةوآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه وقال آخرون بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا وقرره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية قال الزمخشري ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن قال وجاء منها على حرف واحد كقوله ص ن ق وحرفين مثل « حم » وثلاثة مثل « الم » وأربعة مثل « المر » و « المص » وخمسة مثل « كهعيص » و « حمعسق » لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ماهو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك « قلت » ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الإنتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالإستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ولهذا يقول تعالى « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه » « الم الله لاإله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه » « المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه » « الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم » « الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين » « حم تنزيل من الرحمن الرحيم » « حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم » وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ماليس له وطار في غير مطاره وقد ورد في ذلك حديث ضعيف وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته وهو ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رئاب قال مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه » فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه » فقال أنت سمعته قال نعم قال فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل الله عليك « الم ذلك الكتاب » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى فقالوا جاءك بهذا جبريل من عند الله فقال نعم قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك فقام حيي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره فقال نعم قال ماذاك قال المص قال هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وثلاثون ومئة سنة هل مع هذا يامحمد غيره قال نعم قال ماذاك قال الر قال هذا أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مئتان فهذه إحدى وثلاثون ومئتا سنة فهل مع هذا يامحمد غيره قال نعم قال ماذا قال المر قال هذا أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مئتان فهذه إحدى وسبعون ومئتان ثم قال لقد لبس علينا أمرك يامحمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قال قوموا عنه ثم قال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون واحدى وثلاثون ومئة وإحدى وثلاثون ومئتان وإحدى وسبعون ومئتان فذلك سبعمئة وأربع سنين فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون ان هؤلاء الآيات نزلت فيهم « هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات » فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ثمكان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأطم وأعظم والله أعلم
2-ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ

قال ابن جريج قال ابن عباس « ذلك الكتاب » أي هذا الكتاب وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم وابن جريج أن ذلك بمعنى هذا والعرب تعارض بين اسمي الإشارة فيستعملون كلا منهما مكان الآخر وهذا معروف في كلامهم وقد حكاه البخاري عن معمر بن المثنى عن أبي عبيدة وقال الزمخشري ذلك إشارة إلى « الم » كما قال تعالى « لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك » وقال تعالى « ذلكم حكم الله يحكم بينكم » وقال « ذلكم الله » وأمثال ذلك مما أشير به إلى ما تقدم ذكره والله أعلم وقد ذهب بعض المفسرين فيما حكاه القرطبي وغيره أن ذلك إشارة إلى القرآن الذي وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بإنزاله عليه أو التوراة أو الإنجيل أو نحو ذلك في أقوال عشرة وقد ضعف هذا المذهب كثيرون والله أعلم و « الكتاب » القرآن ومن قال إن المراد بذلك الكتاب الإشارة إلى التوراة والانجيل كما حكاه ابن جرير وغيره فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع وتكلف ما لا علم له به والريب الشك قال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا ريب فيه » لاشك فيه وقال أبو الدرداء وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك ونافع مولى ابن عمر وعطاء وأبو العالية والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان والسدي وقتادة وإسماعيل بن أبي خالد وقال ابن أبي حاتم لا أعلم في هذا خلافا وقد يستعمل الريب في التهمة قال جميل-بثينة قالت ياجميل أربتني فقلت كلانا يابثين مريب-واستعمل أيضا في الحاجة كما قال بعضهم-قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أجممنا السيوفا-ومعنى الكلام هنا أن هذا الكتاب هو القرآن لا شك فيه أنه نزل من عند الله كما قال تعالى في السجدة « الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين » وقال بعضهم هذا خبر ومعناه النهي أي لا ترتابوا فيه ومن القراء من يقف على قوله تعالى « لا ريب » ويبتدئ بقوله تعالى « فيه هدى للمتقين » والوقف على قوله تعالى « لا ريب فيه » أولى للآية التي ذكرناها ولأنه يصير قوله تعالى « هدى » صفة للقرآن وذلك أبلغ من كون فيه هدى وهدى يحتمل من حيث العربية أن يكون مرفوعا على النعت ومنصوبا على الحال وخصت الهداية للمتقين كما قال « قلهو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد » « وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا » إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اختصاص المؤمنين بالنفع بالقرآن لأنه هو في نفسه هدى ولكن لا يناله إلا الأبرار كما قال تعالى « يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين » وقد قال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم « هدى للمتقين » يعني نورا للمتقين وقال الشعبلي هدى من الضلالة وقال سعيد بن جبير تبيان للمتقين وكل ذلك صحيح وقد قال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم « هدى للمتقين » قال هم المؤمنون وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرن أو سعيد بن جبير عن ابن عباس « للمتقين » أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته في التصديق بما جاء به وقال أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس قال هدى للمتقين قال هم المؤمنون الذين يتقون الشرك بي ويعملون بطاعتي وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس « للمتقين » قال الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته في التصديق بما جاء به وقال سفيان الثوري عن رجل عن الحسن البصري قوله تعالى للمتقين قال اتقوا ماحرم الله عليهم وأدوا ما افترض عليهم وقال أبو بكر بن عياش سألني الأعمش عن المتقين قال فأجبته فقال لي سل عنها الكلبي فسألته فقال الذين يجتنبون كبائر الاثم قال فرجعت إلى الأعمش فقال يرى أنه كذلك ولم ينكره وقال قتادة للمتقين هم الذين نعتهم الله بقوله « الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة » الآية والتي بعدها واختار ابن جرير أن الآية تعم ذلك كله وهو كما قال وقد روى الترمذي « 2451 » وابن ماجه « 4215 » من رواية أبي عقيل عبد الله بن عقيل عن عبد الله بن يزيد عن ربيعة بن يزيد وعطية بن قيس عن عطية السعدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لابأس به حذرا مما به بأس ثم قال الترمذي حسن غريب وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن عمران حدثنا إسحاق بن سليمان يعني الرازي عن المغيرة بن مسلم عن ميمون أبي حمزة قال كنت جالسا عند أبي وائل فدخل علينا رجل يقال له أبو عفيف من أصحاب معاذ فقال له شقيق بن سلمة يا أبا عفيف ألا تحدثنا عن معاذ بن جبل قال بلى سمعته يقول يحبس الناس يوم القيامة في بقيع واحد فينادي مناد أين المتقون فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر قلت من المتقون قال قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان وأخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة ويطلق الهدى ويراد به ما يقر في القلب من الإيمان وهذا لا يقدر على خلقه في قلوب العباد إلا الله عز وجل قال الله تعالى « إنك لا تهدي من أحببت » وقال « ليس عليك هداهم » وقال « من يضلل الله فلا هادي له » وقال « من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا » إلى غير ذلك من الآيات ويطلق ويراد به بيان الحق وتوضيحه والدلالة عليه والارشاد إليه قال الله تعالى « وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم » وقال « إنما أنت منذر ولكل قوم هاد » وقال تعالى « وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى » وقال « وهديناه النجدين » على تفسير من قال المراد بهما الخير والشر وهو الأرجح والله أعلم وأصل التقوى التوقي مما يكره لأن أصلها وقوى من الوقاية قال النابغة-سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد-وقال الآخر-فألقت قناعا دونه الشمس واتقت بأحسن موصولين كف ومعصم-وقد قيل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبي بن كعب عن التقوى فقال له أما سلكت طريقا ذا شوك قال بلى قال فما عملت قال شمرت واجتهدت قال فذلك التقوى وقد أخذا هذا المعنى ابن المعتز فقال-خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى**واصنع كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى**لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى-وأنشد أبو الدرداء يوما-يريد المرء أن يؤتى مناه ويأبى الله إلا ما أرادا**يقول المرء فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما أستفادا-وفي سنن ابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استفاد المرء بعد تقوى الله خيرا من زوجة صالحة إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله
3-الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ

قال أبو جعفر الرازي عن العلاء بن المسيب بن رافع عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال الإيمان التصديق وقال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما يؤمنون يصدقون وقال معمر عن الزهري الإيمان العمل وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس يؤمنون يخشون قال ابن جرير والأولى أن يكونوا موصوفين بالإيمان بالغيب قولا واعتقادا وعملا وقد تدخل الخشية لله في معنى الإيمان الذي هو تصديق القول بالعمل والإيمان كلمة جامعة للإيمان بالله وكتبه ورسله وتصديق الإقرار بالفعل « قلت » أما الإيمان في اللغة فيطلق على التصديق المحض وقد يستعمل في القرآن والمراد به ذلك كما قال تعالى « يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين » وكما قال إخوة يوسف لأبيهم « وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين » وكذلك إذا استعمل مقرونا مع الأعمال كقوله تعالى « إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات » فأما إذا استعمل مطلقا فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة بل قد حكاه الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيدةوغير واحد إجماعا أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وقد ورد فيه آثار كثيرة وأحاديث أفردنا الكلام فيها في أول شرح البخاري ولله الحمد والمنة ومنهم من فسره بالخشية كقوله تعالى « إن الذين يخشون ربهم بالغيب » وقوله « من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب » والخشية خلاصة الإيمان والعلم كما قال تعالى « إنما يخشى الله من عباده العلماء » وقال بعضهم يؤمنون بالغيب كما يؤمنون بالشهادة وليسوا كما قال تعالى عن المنافقين « وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون » وقال « إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون » فعلى هذا يكون قوله بالغيب حالا أي في حال كونهم غيبا عن الناس وأما الغيب المراد ههنا فقد اختلفت عبارات السلف فيه وكلها صحيحة ترجع إلى أن الجميع مراد قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى « يؤمنون بالغيب » قال يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث فهذا غيب كله وكذا قال قتادة بن دعامة وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أما الغيب فما غاب عن العباد من أمر الجنة وأمر النار وما ذكر في القرآن وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بالغيب قال بما جاء منه يعني من الله تعالى وقال سفيان الثوري عن عاصم عن زر قال « الغيب » القرآن وقال عطاء بن أبي رباح من آمن بالله فقد آمن بالغيب وقال إسماعيل بن أبي خالد يؤمنون بالغيب قال بغيب الإسلام وقال زيد بن أسلم الذين يؤمنون بالغيب قال بالقدر فكل هذه متقاربة في معنى واحد لأن جميع هذه المذكورات من الغيب الذي يجب الإيمان به وقال سعيد بن منصور حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا فذكرنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وما سبقونا به فقال عبد الله إن أمر محمد صلى الله عليه وسلم كان بينا لمن رآه والذي لا إله غيره ما آمن أحد قط إيمانا أفضل من إيمان بغيب ثم قرأ « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب » إلى قوله « المفلحون » وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه « 2/260 » من طرق عن الأعمش به وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وفي معنى هذا الحديث الذي رواه أحمد « 4/106 » حدثنا أبو المغيرة أخبرنا الأوزاعي حدثني أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن ابن محيريز قال قلت لأبي جمعة حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم أحدثك حديث جيدا تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال يا رسول الله هل أحد خير منا أسلمنا معك وجاهدنا معك قال نعم قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني طريق أخرى قال أبو بكر بن مردويه في تفسيره حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا إسماعيل عن عبد الله بن مسعود حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا معاوية بن صالح عن صالح بن جبير قال قدم علينا أبو جمعة الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس يصلي فيه ومعنا يومئذ رجاء بن حيوة رضي الله عنه فلما انصرف خرجنا نشيعه فلما أراد الإنصراف قال إن لكم جائزة وحقا أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا هات رحمك الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة فقلنا يا رسول الله هل من قوم أعظم منا أجرا آمنا بالله واتبعناك قال ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء بل قوم بعدكم يأتيهم كتاب من بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا مرتين ثم رواه من حديث ضمرة بن ربيعة عن مرزوق بن نافع عن صالح بن جبير عن أبي جمعة بنحوه وهذا الحديث فيه دلالة على العمل بالوجادة التي اختلف فيها أهل الحديث كما قررته في أول شرح البخاري لأنه مدحهم على ذلك وذكر أنهم أعظم اجرا من هذه الحيثية لا مطلقا وكذا الحديث الآخر الذي رواه الحسن بن عرفة العبدي حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي عن المغيرة بن قيس التميمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الخلق أعجب إليكم إيمانا قالوا الملائكة قال وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم قالوا فالنبيون قال وما لهم لا يؤمنونوالوحي ينزل عليهم قالوا فنحن قال وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن أعجب الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها قال أبو حاتم الرازي المغيرة بن قيس البصري منكر الحديث « قلت » ولكن قد روى أبو يعلى في مسنده « 160 » وابن مردويه في تفسيره والحاكم في مستدركه « 4/85 » من حديث محمد بن حميد وفيه ضعف عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله أو نحوه وقال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقد روى نحوه عن أنس بن مالك مرفوعا والله أعلم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن محمد المسندي حدثنا إسحاق بن إدريس أخبرني إبراهيم بن جعفر بن محمود بن سلمة الأنصاري أخبرني جعفر بن محمود عن جدته بديلة بنت أسلم قالت صليت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة فاستقبلنا مسجد ايلياء فصلينا سجدتين ثم جاءنا من يخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلون البيت الحرام قال إبراهيم فحدثني رجال من بني حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك قال أولئك قوم آمنوا بالغيب هذا حديث غريب من هذا الوجه قال ابن عباس ويقيمون الصلاة أي يقيمون الصلاة بفروضها وقال الضحاك عن ابن عباس إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها وقال قتادة إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها وقال مقاتل بن حيان إقامتها المحافظة على مواقيتها وإسباغ الطهور فيها وتمام ركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا إقامتها وقال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس « ومما رزقناهم ينفقون » قال زكاة أموالهم وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم « ومما رزقناهم ينفقون » قال هي نفقة الرجل على أهله وهذا قبل أن تنزل الزكاة وقال جوبير عن الضحاك كانت النفقات قربانا يتقربون بها إلى الله على قدر ميسرتهم وجهدهم حتى نزلت فرائض الصدقات سبع آيات في سورة براءة مما يذكر فيهن الصدقات هن الناسخات المثبتات وقال قتادة « ومما رزقناهم ينفقون » فأنفقوا مما أعطاكم الله هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم يوشك أن تفارقها واختار ابن جريرأن الآية عامة في الزكاة والنفقات فإنه قال وأولى التأويلات وأحقها بصفة القوم أن يكونوا لجميع اللازم لهم في أموالهم مؤدين زكاة كانت ذلك أو نفقة من لزمته نفقته من أهل أو عيال وغيرهم ممن يجب عليهم نفقته بالقرابة والملك وغير ذلك لأن الله تعالى عم وصفهم ومدحهم بذلك وكل من الإنفاق والزكاة ممدوح به محمود عليه « قلت » كثيرا ما يقرن الله تعالى بين الصلاة والإنفاق من الأموال فإن الصلاة حق الله وعبادته وهي مشتملة على توحيده والثناء عليه وتمجيده والإبتهال إليه ودعائه والتوكل عليه والإنفاق هو من الاحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم وأولى الناس بذلك القرابات والأهلون والمماليك ثم الأجانب فكل من النفقات الواجبة والزكاة المفروضة داخل في قوله تعالى « ومما رزقناهم ينفقون » ولهذا ثبت في الصحيحين « خ 8 م 16 » عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والأحاديث في هذا كثيرة وأصل الصلاة في كلام العرب الدعاء قال الأعشى-لها حارس لا يبرح الدهر بيتها وإن ذبحت صلى عليها وزمزما-وقال أيضا-وقابلها الريح في دنها وصلى على دنها وارتسم-أنشدهما ابن جرير مستشهدا على ذلك وقال الآخر وهو الأعشى أيضا-تقول بنتي وقد قربت مرتحلا يارب جنب أبي الأوصاب والوجعا**عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوما فإن لجنب المرء مضطجعا-يقول عليك من الدعاء مثل الذي دعيته لي وهذا ظاهر ثم استعملت الصلاة في الشرع في ذات الركوع والسجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة بشروطها المعروفة وصفاتها وأنواعها المشهورة قال ابن جرير وأرى أن الصلاة سميت صلاة لأن المصلي يتعرض لاستنتاج طلبته من ثواب الله بعمله مع ما يسأل ربه من حاجاته وقيل هي مشتقة من الصلوين إذا تحركا في الصلاة عند الركوع والسجود وهما عرقان يمتدان من الظهر حتى يكتنفان عجب الذنب ومنه سمي المصلي وهو التالي للسابق في حلبة الخيل وفيه نظر وقيل هي مشتقة من الصلى وهو الملازمة للشيء من قوله تعالى « لا يصلاها » أي لا يلزمها ويدوم فيها « إلا الأشقى » وقيل مشتقة من تصلية الخشبة في النار لتقوم كما أن المصلى يقوم عوجه بالصلاة « إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر » واشتقاقها من الدعاء أصح وأشهر والله أعلم وأما الزكاة فسيأتي الكلام عليها في موضعه إن شاء الله تعالى
4-والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ

قال ابن عباس والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك أي يصدقون بما جئت به من الله وما جاء به من قبلك من المرسلين لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ماجاءهم به من ربهم وبالآخرة هم يوقنون أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان وإنما سميت الآخرة لأنها بعد الدنيا وقد اختلف المفسرون في الموصوفين هنا هل هم الموصوفون بما قدم من قوله تعالى « الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون » ومن هم على ثلاثة أقوال حكاها ابن جرير « أحدها » أن الموصوفين أولا هم الموصوفون ثانيا وهم كل مؤمن مؤمنو العرب ومؤمنو أهل الكتاب وغيرهم قال مجاهد وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة « والثاني » هما واحد وهم مؤمنو أهل الكتاب وعلى هذين تكون الواو عاطفة صفات على صفات كما قال تعالى « سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى » وكما قال الشاعر-إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم-فعطف الصفات بعضها على بعض والموصوف واحد « والثالث » أن الموصوفين أولا مؤمنو العرب والموصوفون ثانيا بقوله « والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون » لمؤمني أهل الكتاب نقله السدي في تفسيره عن ابن عباس وابن مسعود وأناس من الصحابة واختاره ابن جرير رحمه الله ويستشهد لما قال بقوله تعالى « وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله » الآية وبقوله تعالى « الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون » وبما ثبت في الصحيحين « خ 97 م 154 » من حديث الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي ورجل مملوك أدى حق الله وحق مواليه ورجل أدب جاريته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها وأما ابن جرير فما استشهد على صحة ما قال إلا بمناسبة وهي أن الله وصف في أول هذه السورة المؤمنين والكافرين فكما انه صنف الكافرين إلى صنفين كافر ومنافق فكذلك المؤمنون صنفهم إلى صنفين عربي وكتابي « قلت » والظاهر قول مجاهد فيما رواه الثوري عن رجل عن مجاهد ورواه غير واحد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال أربع كلمات من أول سورة البقرة في نعت المؤمنين وآيتان في نعت الكافرين وثلاثة عشر في المنافقين فهذه الآيات الأربع عامات في كل مؤمن اتصف بها من عربي وعجمي وكتابي من إنسي وجني وليس تصح واحدة من هذه الصفات بدون الأخرىبل كل واحدة مستلزمة للأخرى وشرط معها فلا يصح الإيمان بالغيب وإقام الصلاة والزكاة إلا مع الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من قبله من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والإيقان بالآخرة كما أن هذا لا يصح إلا بهذا وقد أمر الله المؤمنين بذلك كما قال « يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل » الآية وقال تعالى « ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد » الآية وقال تعالى « يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم » وقال تعالى « قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم » وأخبر تعالى عن المؤمنين كلهم بذلك فقال تعالى « آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله » وقال تعالى « والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم » إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أمر جميع المؤمنين بالإيمان بالله ورسله وكتبه لكن لمؤمني أهل الكتاب خصوصية وذلك أنهم يؤمنون بما بأيديهم مفصلا فإذا دخلوا في الإسلام وآمنوا به مفصلا كان لهم على ذلك الأجر مرتين وأما غيرهم فإنما يحصل له الإيمان بما تقدم مجملا كما جاء في الصحيح « خ 7542 » إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تكذبوهم ولا تصدقوهم ولكن قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ولكن قد يكون إيمان كثير من العرب بالإسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم أتم وأكمل وأعم وأشمل من إيمان من دخل منهم في الإسلام فهم وإن حصل لهم أجران من تلك الحيثية فغيرهم يحصل له من التصديق ما ينيف ثوابه على الأجرين اللذين حصلا لهم والله أعلم
5-أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

يقول الله تعالى « أولئك » أي المتصفون بما تقدم من الإيمان بالغيب وإقام الصلاة والإنفاق من الذي رزقهم الله والإيمان بما أنزل إلى الرسول ومن قبله من الرسل والإيقان بالدار الآخرة وهو مستلزم الإستعداد لها من الأعمال الصالحة وترك المحرمات « على هدى » أي على نور وبيان وبصيرة من الله تعالى « وأولئك هم المفلحون » أي في الدنيا والآخرة وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس « أولئك على هدى من ربهم » أي على نور من ربهم واستقامة على ما جاءهم به « وأولئك هم المفلحون » أي الذين أدركوا ماطلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا وقال ابن جرير وأما معنى قوله تعالى « أولئك على هدى من ربهم » فإن معنى ذلك أنهم على نور من ربهم وبرهان واستقامة وسداد بتسديده إياهم وتوفيقه لهم وتأويل قوله تعالى « وأولئك هم المفلحون » أي المنجحون المدركون ماطلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله من الفوز بالثواب والخلود في الجنات والنجاة مما أعد الله لأعدائه من العقاب وقد حكى ابن جرير قولا عن بعضهم أنه أعاد إسم الإشارة في قوله تعالى « أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون » إلى مؤمني أهل الكتاب الموصوفين بقوله تعالى « والذين يؤمنون بما أنزل إليك » الآية على ما تقدم من الخلاف وعلى هذا فيجوز أن يكون قوله تعالى « والذين يؤمنون بما أنزل اليك » منقطعا مما قبله وأن يكون مرفوعا على الإبتداء وخبره « أولئك هم المفلحون » واختار انه عائد إلى جميع من تقدم ذكره من مؤمني العرب وأهل الكتاب لما رواه السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني وعن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أما الذين يؤمنون بالغيب فهم المؤمنون من العرب والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك هم المؤمنون من أهل الكتاب ثم جمع الفريقين فقال « أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون » وقد تقدم من الترجيح ان ذلك صفة للمؤمنين عامة والإشارة عائدة عليهم والله أعلم وقد نقل عن مجاهد وأبي العالية والربيع بن أنس وقتادة رحمهم الله وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري حدثنا أبي حدثنا ابن لهيعة حدثني عبيد الله بن المغيرة عن أبي الهيثم واسمه سليمان بن عمرو عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل له يا رسول الله إنا نقرأ من القرآن فنرجو ونقرأ من القرآن فنكاد أن نيأسأو كما قال قال أفلا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار قالوا بلى يا رسول الله قال « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين » إلى قوله تعالى « المفلحون » هؤلاء أهل الجنة قالوا إنا نرجو أن نكون هؤلاء ثم قال « إن الذين كفروا سواء عليهم » إلى قوله « عظيم » هؤلاء أهل النار قالوا لسنا هم يا رسول الله قال أجل
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-26-2009, 08:01 PM
عاشق ربه عاشق ربه غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

بصوا أنا لقيت طريقة أحسن أنا هاحط التفسير فى ملف وورد وأرفعه على الموقع فى ملف مضغوط وإنتوا إبقوا نزلزه علشان الوقت بس
هاتلاقوا سورة الفاتحة والجزء الأول من سورة البقرة فى المرفقات
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-27-2009, 03:34 PM
عاشق ربه عاشق ربه غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

سورة البقرة الجزء الثانى فى المرفقات وانتظروا سورة آل عمران
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 09:08 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.