انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-09-2008, 05:04 PM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس الأول ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ
الدرس الأول
الدرس الصوتى
للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفسه. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماًعلى عباده الذين اصطفى اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه تسليماً كثيراً ثم أما بعد:

إخواني وأحبائي في الله سيكون حديثي مع حضراتكم شارحاً لرسالة الإمام أبي محمد بن أبي زيد القيرواني ولكني أحب قبل أن أدخل في الشرح أن أقدم مقدمة - وإن كانت طويلة شيئاً ما- بين يدي هذا الشرح، هذه المقدمة تتناول العناصر الآتية:
النقطة الأولى: معنى الاعتقاد، فلابد للإنسان قبل أن يدرس شيئاً أن يفهم العنوان العام الذي يندرج تحته ما يعلم أو ما يسمع.
النقطة الثانية: لماذا تدرس العقيدة؟ .
النقطة الثالثة: طرق التصنيف في العقيدة.
والنقطة الرابعة: ترجمة ميسرة للمصنف مع بيان سبب اختيار هذه الرسالة للدرس.
النقطة الخامسة: مقدمة الرسالة هذه المقدمة التي غفل عنها كثير من المعاصرين عندما تعرضوا لشرح هذه الرسالة.
النقطة السادسة: نتعرض لفقرة من فقرات رسالة الإمام القيرواني بشرح وأسأل الله تعالى التيسير والعون.

بداية الاعتقاد هذه كلمة دوارة نسمعها كثيراً ونقرؤها كثيراً في مصنفات أهل العلم ولابد للإنسان المسلم أن تكون له عقيدة يعتقدها، والاعتقاد من الفعل اعتقد يقال: اعتقد العسل إذا صلب واشتد، ومنه أيضاً: اعتقدت النواة إذا صلب حالها واشتد وبالتالي فإن الاعتقاد فيه معنى القوة والصلابة والشدة، وأيضاً الاعتقاد بمعنى الاتخاذ يقال: اعتقدت أخاً لي في الله أي اتخذته وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وهو حديث أبي قتادة عندما قتل رجلاً من المشركين فأخذ سلبه فاشترى به مخرفاً والمخرف هو البستان قال: وإنه لأول مال اعتقدته أي وإنه لأول مال اتخذته.
إذن الاعتقاد لابد فيه من أمرين:
الأمر الأول: جمل صالحة ينبغي أن تتخذ اعتقاداً فتحب .
والأمر الثاني: أن هذه الجمل الصالحة التي اتخذت وأحبت لابد للإنسان المسلم أن يجمع عليها قلبه فتشتد هذه المعاني في قلبه وتصلب وتقوى فلا تتزعزع ولا تتضعضع ولا تضعف بمر السنين ولا بمر الأيام.

إذن الاعتقاد: مجموعة من الجمل النافعة الثابتة من الكتاب وصحيح السنة وكذلك ما ثبت صحيحاً في هذا الباب عن الصحابة والتابعين هذه الجمل الصحيحة تحب ويتحمس لها وتجعل في القلب فتشتد في القلب وتنمو فيه فتصلب وتغلظ وتقوى، والاعتقاد يتناول المباحث التالية:
أولاً: الاعتقاد في الله - عز وجل -
ثانياً: الاعتقاد في الأنبياء ومنهم الاعتقاد في النبي -صلى الله عليه وسلم-
ثالثاً: الاعتقاد في الغيب.
رابعاً: الاعتقاد في الصحابة.
خامساً: الاعتقاد فيما ينبغي أن تكون عليه في مرتبة العبودية.
فإذا اتخذت جملاً علمية نافعة في كل باب من هذه الأبواب من مجموع هذه الجمل تكون قد اتخذت عقيدة تعتقدها، تجمع عليها قلبك، تحبها، تتحمس لها، تموت من أجلها، تعيش وتحيا من أجلها. إذن هذا معنى الاعتقاد.

النقطة الثانية: لماذا تدرس العقيدة ؟ هل تدرس العقيدة كنوع من الترف العلمي؟ كنوع من تربية العقول فتتسع بدراسة العقيدة على حساب القلوب؟
هل المقصود بالعقيدة ودراستها أن يكون الإنسان متكلماً لسناً في أمور العقيدة يستطيع أن يجادل هذا وأن يرد هذا وأن يثبت حضوراً ووجوداً أبداً ؟
بدايةً لا بد أن نعلم أننا ندرس العقيدة للتقرب بها لله - عز وجل - إذن تدرس العقيدة للتقرب بها إلى الله - عز وجل - فإن العلم بالعقيدة من العلم النافع الذي هو عبادة لله - عز وجل - قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- «العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة» وأفضل العلوم ما قربك إلى الله وما وصلك بالله، فالعقيدة دراستها عبادة لله - عز وجل - لأن الله تعالى يرضى بدراستهاعن العبد إذا أصلح بها النية.
إذن تدرس العقيدة للتقرب بها إلى الله - عز وجل - لأن في درسها عبادة وقربى وزلفى إلى الله.
الأمر الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما دعا الناس في مكة دعاهم ثلاث عشرة سنة بمكة يدعوهم فيها إلى " لا إله إلا الله " (قولوا: لا إله إلا الله تفلحو) فهي دعوة إلى التوحيد دعوة إلى تركيز معاني الاعتقاد فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم لا إله إلا الله في الموقف مع الموقف وفي الوقت مع الوقت.
الأمر الثالث: سريعاً حتى لا أطيل أنه لا عزة لهذه الأمة إلا بإعداد جيل عقائدي، جيل يقود هذه الأمة إلى الله - عز وجل - لا يتصور أبداً أن تقود الأمة نفسها إلى الله ولكن لا بد من جيل يقود هذه الأمة بعد طول المدة إلى الله - عز وجل - وأعظم ما يتصف به هذا الجيل أنه جيل مربى على العقيدة الصحيحة.
الأمر الرابع: تطلب العقيدة وتدرس العقيدة لتنقية مجتمعات المسلمين من صور الشرك والبدع والخرافات والخزعبلات وهذا قصد شريف لا بد من التنويه عليه.
الأمر الخامس: أن العقيدة الصحيحة سبب في وحدة المسلمين ولا يخفى علينا ما وصل الحال إليه في أفغانستان عندما تفرق المسلمون عن طلب العقيدة الصحيحة فقاتل الصوفي بجوار الطرقي بجوار السني بجوار السني بجوار الشيعي ولم يحرروا مسائل الاعتقاد ولم يرفعوا راية الاعتقاد الصحيحة ما الذي حدث بعد ذلك تفرقوا شذر مذر وكانت أسلحتهم في صدور بعضهم بعضاً وتركوا الغاية الكبيرة التي من أجلها كان الجهاد فلا بد للمسلمين أن يجتمعوا تحت راية الاعتقاد الصحيح لا يجتمعوا تحت راية غير واضحة من هنا أو هناك، ولكن لابد أن يكون الاعتقاد الصحيح هو النهج المسيطر على حركتهم وعلى تجمعهم.
إذن عرفنا معنى الاعتقاد، ثانياً: لماذا تطلب العقيدة وتدرس؟

النقطة الثالثة: طرق التصنيف في العقيدة:
سريعاً بعض المناهج الموجودة في التصنيف تصنيف كتب الاعتقاد، نجد طريقة المحدثين الأوائل في كتبهم وهي دواوين الحديث الإمام البخاري مثلاً والإمام مسلم نجد الإمام البخاري - عليه رحمة الله- في كتابه الصحيح يجعل كتاباً للتوحيد ويجعل كتاباً للقدر ونجد الإمام مسلم -عليه رحمة الله- يجعل كتاباً للإيمان، إذن هذه محاولات للتصنيف في الاعتقاد ولكن لم يفردوا مصنفاً لدراسة الاعتقاد، إذن هذه طريقة موجودة أن دراسة الاعتقاد تكون في مجمل الأحاديث الموجودة في هذا الديوان، إذن هذا الديوان يشمل أحاديث الدين في الاعتقاد في الشريعة في السلوك في المغازي.
الطريقة الثانية: وهي الطرق الحديثية المتخصصة ومن ذلك كتاب الإيمان لابن أبي شيبة فالمصنف يسوق كل حديث في مسائل الإيمان أو التوحيد أو الصحابة أو القدر أو الغيب أو الجنة أو النار أو ما قبل ذلك، القبر أو علامات الساعة يسوق كل حديث بإسناده المتصل، إذن هذه طريقة ثانية في تصنيف كتب الاعتقاد الكتب المفردة لدارسة الاعتقاد ،
نأتي بعد ذلك إلى كتب الردود، أهل السنة - جزاهم الله خيراً- قاموا بجهد كبير في الدفاع عن حياض السنة والرد على المبتدعة كالجهمية والمعطلة والزنادقة والمعتزلة ومن هذه الكتب السلفية العظيمة التي جردت هذه المسألة وهي مسألة الردود: كتاب " الرد على المعتزلة " للإمام الدارني- عليه رحمة الله-
طريقة رابعة وهو الكتب المطولة التي تعنى بدارسة موضوع واحد ومن هذه الكتب كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب " الإيمان" سواء الإيمان الكبير أو الإيمان الأوسط لشيخ الإسلام ابن تيمية، فهو معني بدراسة قضية واحدة وهي قضية الإيمان. ومثل "توحيد الأسماء والصفات" لإمام الأئمة ابن خزيمة محمد ابن خزيمة فهذا كتاب مفرد لقضية معينة وهي قضية الأسماء والصفات.
الطريقة الخامسة: الكتب المختصرة وهي الكتب التي تشتمل على مجملات الاعتقاد سواء في مسألة الإلهيات أو النبوات أو الغيبيات أو مسألة القدر أو مسألة الصحابة أو مسألة العبودية، تشتمل على الجمل المختصرة النافعة البسيطة وهذه الجمل المختصرة النافعة دراستها مفيدة لطلبة العلم لا سيما إذا كانوا مبتدئين، من هذه الكتب المتقدمة " رسالة الإمام القيرواني" وهي التي سنقوم بشرحها - بإذن الله تعالىومعونته - ومن هذه المختصرة النافعة " قطف الثمر" لصديق حسن خان -عليه رحمة الله- قلت لكم: إن هذا المؤلَّف وهو رسالة الإمام أبي زيد القيراوان رسالة مختصرة بسيطة وهذه الرسالة لم يفردها الإمام القيرواني أبي زيد في مسائل الاعتقاد فقط ولكن شملت مسائل الاعتقاد كما شملت أيضاً مسائل الشريعة فتكلم فيها عن الصلاة وعن الزكاة وعن الحج وعن الجنائز وعن الرمي وعن التجارة وتكلم فيها أيضاً عن الحدود وعن الربا كما تكلم فيها أيضاً عن الآداب والسلوك كآداب التثاؤب ودخول الخلاء ونحو ذلك، وهذه الرسالة حوت نحواً من أربعة آلاف مسألة.

وقد اخترنا هذه الرسالة لعدة أسباب:
السبب الأول أن الإمام القيرواني من المتقدمين فهو من علماء القرن الرابع الهجري ولد سنة 310هـ وتوفي سنة 386هـ عليه رحمة الله.
الأمر الثاني: أن هذه الرسالة رسالة مختصرة نافعة تلقاها العلماء بالقبول، فما زال العلماء في بلاد المشرق وبلاد المغرب - ويقصد ببلاد المغرب بلاد الأندلس والمغرب الكبير- ما زال العلماء يتلقون هذه الرسالة بالقبول ويشرحونها ومنهم من نظمها ومنهم من شرح هذا النظم، وهناك أكثر من ثلاثة وخمسين شرحاً لهذه الرسالة.
الأمر الثاني: أن هذا الإمام القيرواني كان على طريقة السلف، يقول عنه الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى- " كان على طريقة السلف في الأصول" والمقصود بالأصول أي مسائل الاعتقاد لا يقصد بالأصول هنا أصول الفقه ولكن يقصد بالأصول هنا مسائل الاعتقاد.
الأمر الثالث: أن العصر الذي كان يعيش فيه إمامنا القيرواني كان شبيهاً بالعصر الذي نعيش فيه نحن هذه الأيام، كان القيرواني يعيش في الأندلس في عصر الخلافة الراشدة فإن الخلافة الراشدة كانت موجودة في بلاد الأندلس واستمرت هذه الخلافة الأموية نحواً من مائتي سنة ولم ينكسر ظل الإسلام في بلاد الأندلس إلا في سنة 1493هـ بسقوط طليطلة وغرناطة بأيدي الفرنجة ، الإمام القيرواني- كما قلت - كان عصره شبيهاً بهذا العصر الذي نعيش فيه كانت الفرنجة تتربص بديار الإسلام لا سيما بلاد الأندلس، فكان الجرمان يتربصون ببلاد الأندلس ويشنون الغارات على بلاد الأندلس.
الأمر الثاني: كانت الدعوة العبيدية الفاطمية وهكذا تسمى في كتب التاريخ وللأسف في التاريخ المعاصر تسمى بالدعوة الفاطمية نسبة إلى السيدة فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- وهذه تسمية غير صحيحة، والتسمية الصحيحة أنها الدولة العبيدية الإسماعيلية الباطنية دولة شيعية إسماعيلية باطنية خبيثة قامت في بلاد المغرب وهذه الدولة الخبيثة التي قامت في بلاد المغرب كانت تتطلع إلى بلدين كانت تتطلع إلى بلاد مصر كما كانت تتطلع إلى بلاد الأندلس، الشيعة الإسماعيلية الرافضة في المغرب عندما كونوا دولة لهم أرادوا أن يتوسعوا فطمحوا إلى بلاد الأندلس كما طمحوا إلى بلاد مصر، في ذلك الوقت كان للأندلس أمير أندلسي يسمى عبد الرحمن والملقب بالمستنصر الأموى وهو أول من لقب بلقب أمير المؤمنين هذا الأمير الأموي كان صاحب همة عالية وصاحب علم واجتهاد وجهاد فجعل من أولوياته أن يدفع عن ديار الأندلس خطر الشيعة الإسماعيلية الزنادقة وكانت هناك حروب كثيرة بين الدولة الأندلسية وبين الشيعة وانتهت هذه المنازلات بانتصار الدولة الأموية في الأندلس وتمكن أهل السنة من بلاد المغرب واندحار الشيعة لاسيما بعد دخولهم مصر وتمركزهم في مصر ونحن نعيش هذه الأيام تربص الكفرة بديار الإسلام كما نعيش في هذه الآنة تربص الشيعة بديار الإسلام فهذا الرجل عندما يتكلم عن الاعتقاد فإنما يتكلم بحثٍّ نحن في حاجة إليه لا يتكلم من برج عال ولا يتكلم بمعزل عن واقعه وإنما يتكلم عارضاً عقيدته رابطاً بينها وبين واقعه، وهذا من الأسباب التي جعلتنا نجتهد ونختار هذه العقيدة.
إذا طالعنا رسالة الإمام القيرواني سنجد أن هذه الرسالة تدل على ماهيته ودائماً يقولون بأن الاختصار أصعب من الشرح، فلو أن هناك صفحة من كتاب وأردت أن تختصرها لكان هذا الاختصار في جملة أصعب من شرح جملة يعني لو هناك صفحة اختصارها في جملة أصعب من شرح جملة في صفحة. هذه العقيدة تدل على ذهن سيَّال وتدل على علم عظيم ولذلك لن أطيل في ترجمة هذا الإمام ولكن أذكر إشارات سريعة لأن الوقت ضيق من هذه الإشارات ما قاله اليافعي في كتابه " مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان" واليافعي هذا من علماء القرن الثامن الهجري توفي سنة 768هـ يقول اليافعي: توفي في هذه السنة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة - وهذه رواية أخرى في سنة وفاته- تسع وثمانين وثلاثمائة توفي الإمام الكبير أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي شيخ المغرب- وعندما نقول: المغرب لا نقصد المملكة المغربية ولكن يقصد المغرب الشمال الأفريقي من أول تونس والجزائر والمغرب الذي يسمى بالمغرب الكبير وأحياناً يضاف إلى ذلك بلاد الأندلس فهو أندلسي ونشأ في القيروان- انتهت إليه رئاسة المذهب - أي المذهب المالكي- قال القاضي عياض وهو مالكي " حاز رياسة الدنيا والدين ورحل إليه من الأقطار وكثر الآخذون عنه وهو الذي لخص المذهب أي مذهب الإمام مالك وملأ البلاد من تواليفه أي من تآليفه وكان يسمى مالكاً الأصغر، ونرى أيضا ترجمة له في سير أعلام النبلاء في المجلد السابع عشر يمكن أن تراجعوها ونرى أيضاً بعض التراجم التي يمكن أن تنفعنا في تراجم تلاميذه في المجلدات السابع عشر في أكثر من موطن فعندما تقرأ تراجم تلاميذه كابن العجوز المالكي وكذلك أبي عمران الفاسي المالكي وابن غالب عندما تقرؤوا تراجم تلاميذه تعرفوا قدر هذا الشيخ، توفي الشيخ -عليه رحمة الله- في سنة 386 وقيل 389هـ عليه رحمة الله.

نأتي بعد ذلك إلى مقدمة الرسالة وعندما أقول: الرسالة.

الرسالة معناها الأكمل التي اشتملت على الاعتقاد واشتملت أيضاً على أبواب الشريعة واشتملت أيضاً على أبواب من أصول الفقه واشتملت أيضاً على أبواب من السلوك والآداب، هذه الرسالة قدم لها بمقدمة رائعة يجدر بي أن أذكرها لحضراتكم.



قال الشيخ -عليه رحمة الله- (الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان وصوره في الأرحام بحكمته)، والمرجو من إخواني الأحبة أن ينظروا إلى المعاني العقائدية الموجودة في هذه المقدمة وأنا ذكرت هذه المقدمة مع أن كثيراً من الشروح لم يتناول هذه المقدمة ولم يذكر هذه المقدمة لتعلقها بالعقيدة ونحن ندرس العقيدة ( الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان وصوره في الأرحام بحكمته وأبرزه إلى رفقه وما يسره له من رزقه ) والمقصود من رفقه أي أبرزه إلى رفق الله تعالى به فأنت تعيش وأنت تصاحب وتستصحب معاني رفق الله تعالى بك (وأبرزه إلى رفقه وما ويسره له من رزقه وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيماً ونبأه بآثار صنعته )﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ﴾ [الروم: 22]، فهذه كلها دالة على صنعة الله - عز وجل - وعلى قدرته - سبحانه وتعالى- (وأعذر إليه على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه فهدى من وفقه بفضله وأضل من خذله بعدله ويسر المؤمنين لليسرى وشرح صدورهم للذكرى فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين وبقلوبهم مخلصين وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين وتعلموا ما علمهم ووقفوا عندما حد لهم واستغنوا بما أحل الله عما حرم عليهم .... أما بعد:
فقد أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه ) وهذه الرسالة ألفه الإمام القيرواني نزولاً على رغبة صديق من أصدقائه كان يقوم بتعليم الصبيان والولدان، فكتب له هذه الرسالة ليقوم صديقه المعلم المؤدب لصبيان المسلمين بتعليمهم هذه الرسالة وتلقينهم إياها. يقول: (أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه وحفظ ما أودعنا من شرائعه فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانة مما تنطق به الألسنة وتعتقده القلوب وتعمله الجوارج ) أي: الاعتقاد بالجنان والنطق باللسان والعمل بالأركان أركان الإيمان (وما يتصل بالواجب من ذلك من السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها وشيء من الآداب وجمل من أصول الفقه وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تعالى- ) والإمام مالك توفي سنة 179هـ (مع ما سهل) أي كتبت هذه الرسالة أريد بها التيسير والتسهيل وبيان ما أشكل من ذلك(من تفسير الراسخين وبيان المتفقهة؛ لما رغبت فيه من تعليم ذلك للولدان كما تعلمهم حروف القرآن ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته فأجبتك إلى ذلك لما رجوته لنفسي ولك من ثواب من علم دين الله أو دعى إليه، واعلم أن خير القلوب أوعاها للخير وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه وأولى ما عني به الناصحون ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد المؤمنين ليرسخ فيها وتنبيههم على معالم الديانة وحدود الشريعة ليراضوا عليها ) أن يتعودوا عليها ( وماعليهم أن تعتقده من الدين قلوبهم وتعمل به جوارحهم فإنه روي (أن تعليم الصغار لكتاب الله يطفيء غضب الله) ) وهذا الأثر منكر ولا يصح وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وحاول السيوطي أن يجمع له طرقاً لعله يحسن هذا الأثر ولكن هيهات هيهات (وأن تعلم الشيء في الصغر كالنقش في الحجر) وهذا أيضاً خبر موضوع أخرجه الطبراني وغيره (وقد مثلت لك من ذلك ما ينتفعون - إن شاء الله- بحفظه ويشرفون بعلمه ويسعدون باعتقاده والعمل به وقد جاء أن يؤمروا بالصلاة لسبع سننين) طبعاً هذا الأثر أثر في بعض السنن وهو أثر صحيح ( أن يؤمروا بالصلاة لسبع سننين ويضربوا عليها لعشر ويفرق بينهم في المضاجع، فكذلك ينبغي أن يعلموا ما فرض الله على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم ) يعني يجب أن يعلم الصبيان في الصغر ما يجب عليهم قبل بلوغهم (ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم وسكنت إليه أنفسهم وأنست بما يعملون به من ذلك جوارحهم، )سكنت أي اطمئنمت (وقد فرق الله -سبحانه وتعالى- على القلب عملاً من الاعتقادات وعلى الجوارح الظهارة عملاً من الطاعات وسأفصل لك ما شرطت لك ذكره باباً باباً ليقرب من فهم متعلميه - إن شاء الله- وإياه سبحانه وتعالى نستخير وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه تسليماً كثيراً )ما رأيكم في هذه المقدمة؟ أريد واحداً من الإخوة يقول ما رأيه في هذه المقدمة، يعني هل هذه المقدمة لها تعلق بالعقيدة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، أرى أن هذه المقدمة أجادت بجيد جداً - بعد فضل الله سبحانه وتعالى- فقد شرح الشيخ فيها -عليه رحمة الله ونسأل الله أن يتغمده برحمته ويجمعنا وإياه في الجنة إن شاء الله- قد أجاد فيها الشيخ فقد تناول أولاً العقيدة وشرح فيها بعض الأصول منها شرح الإيمان بالقلب وأجاب بتوضيحه أنه سوف يشرح - بعد فضل الله سبحانه وتعالى- المسائل العقائدية ومسائل فقهية وبعض السلوك والدين قائم أصلاً على العقيدة والعبادة والسلوك

هذا كلام جيد أنا أردت أن أعرف كنموذج هل هذه المقدمة عندما سمعتموها نقرت قلوبكم وعرفتم أن هناك علاقة بينها وبين العقيدة، يعني أنا كنت أحب أن يقوم الشارحون للجزء المتعلق بالعقيدة أن يقوموا بذكر هذه المقدمة لأن هذه المقدمة بينت خطورة العقيدة وأهمية تعليم العقيدة لناشئة المسلمين وعندما يقول الشيخ هنا للصغار فالمقصود بالصغار أي صغار المسلمين أي صغار الأطفال من المسلمين يعني ينبغي أن نجتهد في تعليم العقيدة لصغار الأطفال من المسلمين، الطفل الصغير هذا ننشئه على العقيدة الصحيحة حتى عندما يشب ويكبر يبلغ عليها وقد عرفها وفهمها فهما جيداً هذا ما قصده الشيخ.

وفقرة اليوم - بإذن الله تعالى- نتكلم فيها عن ما يجب على المكلف اعتقاده من الإيمان بالله ووحدانيته في ذاته وأسمائه وصفاته وفي خلقه وفعله وفي طلبه وعبادته وقصده، هذا مجمل وملخص ما سنقوم - بإذن الله تعالى- في شرحه اليوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى- (قال أبو محمد عبد الله ابن أبي زيد القيرواني -رضي الله عنه- باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات من ذلك: الإيمان بالقلب والنطق باللسان أن الله إله واحد لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له ولا ولد له ولا والد له ولا صاحبة له ولا شريك له)
المصنف -رحمه الله تعالى- يقول: (باب ما تنطق به الألسنة) الباب: ما يدخل منه إلى الشيء ومنه باب الدار، والمقصود هنا جملة المسائل التي بمعرفتها تكون قد دخلت أمورالعقيدة وفهمتها قوله (باب ما تنطق به الألسنة ) النطق والمنطق بمعنى اللفظ، وهل اللفظ هو الكلام وما العلاقة بين اللفظ والكلام؟ الكلام : القول الذي عليه جماهير أهل اللغة أن اللفظ أعم من الكلام الكلام هو اللفظ المفيد أما مطلق اللفظ فقد يكون مفيداً أو غير مفيد فعندما تقول: زيد. فزيد هذا كلمة مفيدة أو لفظ مفيد دل على معين وعندما تقولك ديز ما معنى ديز ليس له معنى إذن لفظ ولكنه غير مفيد، إذن هذا لفظ إذن اللفظ أعم من الكلام، قوله (ما تنطق به الألسنة ) والألسنة جمع لسان وهذا معلوم (باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة ) تعتقده ما معناها؟ يعني تتخذه وترتبط به وتحبه ويكون من أجلها الولاء والبراء وتعتقده الأفئدة.
إذن تتعلمه وتحبه وتتخذه ويجمع عليها القلب فتثبت في القلب وتشتد في القلب وتقوى في القلب، وهنا مسألة وهي: أنه بهذا المفهوم للاعتقاد يصح إيمان العالم لأن العالم ينظر ويتأمل ويتدبر ويتخذ فيصح إيمانه، فما الحكم في إيمان المقلد؟ إنسان عامي بسيط غير عالم لا يقرأ ولا يكتب ولكنه يظن خيراً في الشيخ الفلاني أو الإمام الفلاني وعنه أخذ عقيدته في الله وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع منه القرآن وعنه أحب الصحابة وعرف الله - عز وجل - وعرف اليوم الآخر هل يصح إيمان هذا الملقد، القول الحق في هذه المسألة أن إيمان المقلد يصح، وهذه المسألة قررها شيخ الإسلام ابن تيمية كما قررها أيضاً الإمام النووي في شرحه لمسلم لأن الإيمان إذا لم يصح إلا من خلال النظر لكان في ذلك عنت، وما زال المسلمون يفتحون ديار الناس شرقاً وغرباً، ديار الروم وديار الفرس وديار البربر وديار الفرس ولم يطلبوا منهم أن يكونوا ناظرين مُنظِّرين ولكن طلبوا منهم أن يقولوا: لا إله إلا الله، وهذا دليل قوي على أن إيمان المقلد يصح، إنه قد اتخذ عقيدة وقد أحبها وأخلص لها وأصبحت قوية في قلبه ولكن لا بد للمقلد أن يجتهد في تقليلد من يقلد، إذن واجب على المقلد أن يجتهد ولكن يجتهد في تقليد من يقلد.

الأفئدة، (وتعتقده الأفئدة) قال المصنف هنا الأفئدة، ما العلاقة بين الفؤاد والقلب؟ هل الفؤاد هو القلب؟ هذا قول وقيل: إن الفؤاد ما بداخل القلب، فمعنى ذلك أن العقيدة لابد أن تكون مغروزة في داخل القلب، تعتقده الأفئدة أي ما يكون مغروزاً في داخل القلب.
يقول المصنف: ( وتعتقده الأفئدة، من واجب أمور الديانات) المقصود بالأمور أي شؤون وأمور الديانات مقصود بها ما يجب على المكلف أن يعرفه في أمر دينه، (بأن الله إله واحد لا إله غيره) أول واجب ينبغي على المكلف أن يعرفه أن يعرف الله - عز وجل -
فأول واجب على العبيد *** معرفة الرحمن بالتوحيد
ولفظ الجلالة الله قيل: هو اسم مركب من الألف واللام بالإضافة إلى الإله وإله على وزن فعال بمعنى مألوه فعال بمعنى مفعول ككتاب بمعنى مكتوب إذن إله بمعنى مألوه، وهذا يسمى في اللغة بتبادل الصيغ أن تأتي صيغة بمعنى صيغة أخرى إذن إله تأتي بمعنى مألوه، ومامعنى الإله؟ قيل: إن الإله مشتق من الفعل أله، يأله إلهة وألوهية بمعنى العبادة فالإله بمعنى المعبود والألوهية بمعنى العبادة، ومنه قول الله - عز وجل - ﴿ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ﴾ [الأعراف: 127]، في القراءة الأخرى ويذرك وإلاهتك قالوا ويذكر وإلاهتك أي ويذرك وعبادتك وأخرج الطبري وغيره بإسناد فيه كلام من حديث عبد الله بن عباس أن فرعون كان يُعبد ولا يَعبد،ومنه قول رئبة بن العجاج:
لله در الغانيات المدة سبحن واسترجعن من تألهي
لله در الغانيات: أي النساء اللاتي استغنت بجمالها عن التجمل أو استغنت بزوجها عن النظر إلى غيره، المدة: مدهه كمدحه، أي المادحات لله در الغانيات المادحات، سبحن: أي قلن سبحان الله واسترجعن: أي قلن إنا لله وإنا إليه راجعون، من تألهي: أي بسبب عبادتي لله،
من: هنا فيها معنى السبب أي سبحن واسترجعن بسبب عبادتي لله - عز وجل -
إذن الله هو الإله المألوه المعبود بحق، الذي تعبده القلوب وتتوجه إليه الأفئدة، الإله الذي تتوجه إليه القلوب محبة ورغبة وإنابة واستعانة واستغاثة فلا إله غيره، (بأن الله إله واحد) كلمة واحد: صفة لإله فالله - تبارك وتعالى- واحد لا شريك له والمعلوم بأن الصفة قيد (بأن الله إله واحد) والصفة قيد، (لا إله غيره )هذه الجملة (لا إله غيره) تأكيد للجملة السابقة و"لا": هنا هي النافية للجنس، و(لا إله غيره) هنا نفي عام وإثبات خاص، النفي العام لا إله نفي لجميع الآلهة نفي لجميع المعبودات، ثم إثبات خاص إثبات للإلهية والعبادة للإله الواحد الحق، وقوله: لا إله غيره - كما قلت- تأكيد لمعنى التأكيد السابق، فعندما تقول: محمد صديقي ففيها إثبات للصداقة لمحمد، لكن عندما تقول: لا صديق لي غيره فمعناها في إثبات الصداقة أعلى من مجرد محمد صديقي، فكذلك قوله: بأن الله إله واحد لا إله غيره، وفي هذا المعنى أتت النصوص لقد تعجب المشركون من دعوة النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- إلى التوحيد فقالوا: ﴿ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴿5 ﴾ [ص: 5]، سبحان الله أجعل الآلهة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أكل هذه الآلهة التي نعبدها يكفر بها محمد ويجعل إلهاً واحداً تصرف إليه أعمالنا وتتوجه إليه قلوبنا، إن هذا لشيء عجاب وقال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ﴾[البقرة: 255] وقال الله تعالى﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ﴾[الحشر: 22].
إذن هذه الآيات تضمنت معنى الوحدانية هذا المعنى الذي أشار إليه المصنف - عليه رحمة الله- قال: (ولا شبيه له ) الشبيه المماثل قال تعالى : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴿11 ﴾ [الشورى: 11] وقال تعالى: ﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 4]، والتقدير ولم يكن أحد كفواً له فأحد نكرة في سياق النفي للدلالة على العموم أي ليس أحد أبداً كفواً لله -عز وجل- مثيلا لله - عز وجل - شبيهاً لله -عز وجل- لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته - جل ربنا وتقدس- سبحانه لا شبيه له ولا نظير له، النظير بمعنى المساوي أي لا مساويَ لله - عز وجل - في حقيقته وذاته ولا في أسمائه وصفاته ولا في فعله وخلقه لا شبيه له (ولا ولد له ولا والد له) لقوله سبحانه وتعالى: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) ﴾ [الإخلاص: 3] وقوله تعالى: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾[المؤمنون: 91]، فلا يمكن أبداً أن يكون له والد كما لا يمكن أبداً أن يكون له ولد - تعالى ربنا سبحانه- (ولا صاحبة له) كقوله تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَخَّذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً (3) ﴾ [الجن: 3] فهو -سبحانه وتعالى- لا شبيه له ولا نظير له ولا ولد له ولا والد له ولا صاحبة له ولا شريك له ، له سبحانه وتعالى الأمر، وقبل ذلك قال الإمام (ومن ذلك) من ذلك الاعتقاد المجمل (الإيمان بالقلب والنطق باللسان) ما المقصود بالإيمان بالقلب؟ يقصد بالإٍيمان بالقلب: الاعتراف، والإذعان المستلزم للانقياد و المحبة والرضا هذا معنى الإيمان وهذا المعنى هو معنى الإقرار الذي أصله وشرحه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القيم الإيمان الأوسط، وفارق بين الإقرار وبين التصديق وبيَّنَ شيخ الإسلام من وجوه كثيرة أن المعنى الصحيح للإيمان ليس التصديق ولكنه الإقرار، ولذلك أردت أن أشرح معنى الإقرار فقلت: الإيمان بالله أي الاعتراف والإذعان والتسليم المستلزم الانقياد والمحبة والرضا وهذا هو الإيمان المزكى الممدوح،ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ذلك الإيمان، وأن يجعل ألسنتنا لاهجة بلا إله إلا الله وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وبإذن الله تعالى للحديث بقية ولكن نجعلها في حلقة قادمة.

يقول: سؤالي كما يلي: هل هناك فرق بين كتب العبادة والتوحيد؟ وإذا كان الجواب بنعم، فلماذا؟ لأننا نحن نعلم أن التوحيد هو العقيدة الصحيحة؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، جرت عادة المصنفين أن يفرقوا بين مسائل الاعتقاد عند التصنيف وبين مسائل الشريعة التي يسمونها بمسائل الفروع أو الفقهيات وهذا الكلام موجود بكثرة، لكني رأيت هذا الإمام أبو زيد القيرواني صنع هذا الصنيع ليدلل على أن الفقه كي تلج إليه لا بد أن تطلب الفقه الأكبر وهو الاعتقاد، الفقه الأكبر أن تفقه الطريق الموصلة إلى الله - عز وجل - بمعرفته ومعرفة رسله ومعرفة الغيب والقدر ومعرفة الصحابة، هذا هو الفقه الأكبر فلن تسلك إلى الفقه الأصغر إلا بمعرفة هذا الفقه الأكبر ولذلك جرت عادة بعض المصنفين أن يقدم بين يدي مسائل التشريع والفقه بمسائل الاعتقاد هذا فعله مصنفنا القيرواني كما فعله أيضاً ابن حزم في كتابه القيم "المحلى" هذه طريقة تصنيفية ليس لها أي بعد إلا مسألة التصنيف.

يقول: ما الفرق بين العقيدة والتوحيد؟
عندما نقول العقيدة أو الاعتقاد فهذا وصف من الفعل عقد أو الفعل اعتقد فباب الاعتقاد أو العقيدة أوسع من باب التوحيد، عندمانقول: التوحيد فنعني به توحيد الله - عز وجل - في ذاته وأسمائه وصفاته وهو المعروف بتوحيد الأسماء والذات والصفات وتوحيد الله - عز وجل - في خلقه وفعله هو توحيد الربوبية، والتوحيد الثالث: هو توحيد الله تعالى بأفعال عباده وهو توحيد القصد والطلب والمسمى بتوحيد العبادة أوتوحيد الألوهية.
إذن هذا هو التوحيد، عندما نقول: العقيدة أو الاعتقاد فإنها تشمل التوحيد وزيادة تشمل ما يتعلق بالله - عز وجل - وما يتعلق بالأنبياء وما يتعلق بالغيب وما يتعلق بالصحابة وما يتعلق بالقدر وما يتعلق بمقام العبودية، فبات واضحاً أمامكم أن مباحث العقيدة والاعتقاد أوسع من مباحث التوحيد.

السلام عليكم ورحمة الله: ذكرتم- فضيلة الشيخ- أنه لا عز لهذه الأمة إلا إذا تعلمت العقيدة الصحيحة واجتمعت الأمة تحت الاعتقاد الصحيح، فما العمل إذا كانت أغلب الكتب الاعتقاد التي تدرس في الوطن العربي والإسلامي في المدارس والجامعات في المعاهد الدينية فضلاً عن العلمية تخالف عقائد أهل السنة والجماعة والسلف الصالح -إلا من رحم الله-؟ وما دور طالب العلم تجاه هذا الأمر إذا اضطر لدراسة مثل هذه العقائد ليس لتعلمها فقط بل لاعتقادها كعقيدة للمسلم؟
السلام عليكم ورحمة الله: قلتم يا شيخنا: إن هناك أكثر من خمسين شرحاً لهذه الرسالة فنسأل عن شرح يكون جيداً ومطبوعاً ومتداولاً.
كان يعلق على قولكم لا عز لنا إلا بالعقيدة السليمة وماهو العمل إذا كانت كتب الاعتقاد التي تدرس تخالف الاعتقاد السليم؟ وما دور طلاب العلم إذا اضطروا إلى دراسة هذه المناهج الفاسدة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ينبغي على طالب العلم أن يكون مستبصراً طريق الخير وطريق الحق وأعظم ما ينبغي أن يستبصره أن يستبصر عقيدة أهل السنة والجماعة، عقيدة أهل الأثر، عقيدة أهل الحديث وهذه العقيدة هي العقيدة الثابتة عن الصحابة وعن التابعين وعن تابعيهم وعن الأئمة الأعلام كالإمام مالك والأوزاعي والشافعي والثوري، فإذا أراد أن يطلب هذه العقيدة فعليه بأمرين: الأمر الأول: أن يطالع كلام الأئمة الكبار في مسائل الاعتقاد وأن يطالع كتبهم ومن ذلك مثلا من المتقدمين كتب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- فله كتاب في الرد على الزنادقة والجهمية وكذلك الإمام البخاري له كتاب خلق أفعال العباد، وكذلك يطالع كتب التوحيد والاعتقاد في كتب الحديث في صحيح مسلم وصحيح البخاري وعليه - بعد ذلك- أن يطالع الكتب الحديثية الأثرية التي تكلمت عن الاعتقاد مثل شرح أصول السنة للكائي والإبانة لابن بطة وكذلك أيضاً الشريعة للآزرِّي وكذلك كتاب الإيمان لابن أبي شيبة وغير ذلك من الكتب المصنفة الحديثية التي اهتمت بشرح الاعتقاد وأن يطالع من كتب المتأخرين كتب شيخ الإسلام ابن تيمية فهي كتب عظيمة النفع جداً ولا يمكن أن يتصور طالب علم يريد أن يسلك طريق النجاة لا يطالع كتب هذا الإمام المبارك وأن يطالع كتب تلاميذه من بعده ككتب ابن القيم وابن رجب وابن كثير ومن أفضل ما تراجعه لشيخ الإسلام ابن تيمية من كتب: كتابه الإيمان الكبير أو الإيمان الأوسط والمجلد السابع من مجموع الفتاوى اسمه الإيمان، فلو قرأت هذا المجلد وكذلك قرأت له في مجموعة الفتاوى مجمل اعتقاد السلف وكذلك مفصل اعتقاد السلف وقرأت له أيضاً مجلد السلوك وقرأت له مجلد القرآن كلام الله هذه المجلدات لو قرأتها لشيخ الإسلام ابن تيمية لوجدت الأمر أمامك متضحاً وكذلك تقرأ لتلميذه ابن القيم بعض الكتب ولا سيما كتابه القيم الذي شرح فيه إياك نعبد وإياك نستعين "مدارج السالكين" وكذلك تقرأ لبعض المتأخرين الذين تأخروا عن هذا الجيل: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتابه الجيد الجليل "كتاب التوحيد" مع شروحه لأولاده وأحفاده وتلاميذه إذا قرأت ذلك وحضرت مجالس العلم لمشايخ أهل السنة المشهود لهم والمعروف عنهم الخير دون أن تكون مرتدياً ثياب السبابة أو الطاعنين على أهل العلم أبشرك بالخير وأبشرك بما تحب أن تسمعه بإذن الله تعالى.
السؤال الثاني: وهو المتعلق بالشروح الكبيرة لهذه الرسالة أقول: هناك أكثر من ثلاثة وخمسين شرحاً وهي الأسماء التي وقفت عليها، وإلا فهناك شروح أكثر من ذلك لقد ذكر بعض المترجمين أن في كل سنة من السنين كان هناك شرح أو نظم لرسالة القيرواني فإذا قلنا: إنه توفي في سنة 386هـ وانظر نحن الآن في أي سنة وانظر لعدد السنين لوجدت أن هناك مئات الشروح ربما لهذه الرسالة كثير من هذه الشروح مخطوط وبعض هذه الشروح مفقود لم يصل إلينا وهناك بعض هذه الشروح مطبوعة ولكنها قليلة غير متداولة في الأسواق، وبإذن الله تعالى يمكن أن نخبركم ببعض التفصيلات في هذا الباب.

السلام عليكم ورحمة الله بالنسبة للعقيدة هل الأفضل أن نحفظ نظماً معيناً كما ذكرت فضيلتكم: أن هناك نظماً للرسالة ممكن أن نحفظه أم كيف دراسة الأمر؟
مسألة الاعتقاد أفضل طريقة لتعلمها أن تسأل الله - عز وجل - أن يهديك وأن يشرح صدرك وأن يسددك إلى اليسرى ثانياً إذا كان هناك من شيخ فاضل أريب نجيب له جهد في هذا الباب حاول أن تجالسه وأن تتعلم منه فإن هناك من مسائل الاعتقاد ما يتعلم بالممارسة وبالمحاككة وبالتأدب أكثر من تعلمه من الكتب، فالإمام مالك -رحمه الله تعالى- عندما جاءه المبتدع ليسأله عن الاستواء موقف الإمام مالك يعتبر درساً عقائدياً لمن؟ لجلسائه وأصحابه الذين جلسوا معه فعندما تلازم عالماً بالعقيدة أو تلازم رجلاً فاضلاً عنده اعتقاد صحيح فإنه يعلمك العقيدة عملياً من خلال المواقف من خلال الآداب من خلال السلوك كما أنه يعلمك السلوك كما أنه أيضا يعلمك الاعتقاد من خلال ما يختاره لك وأفضل ما يختار لطالب العلم المبتدئ هذه النتف اليسيرة وهذه الجمل الصالحة النافعة العقائدية من أمثلة ذلك هذا النظم كنظم القيرواني وكما قلت لكم كنظم الصديق حسن خان وهو "قطف الثمر" إذن يبتدئ بالجمل الصغيرة البسيطة اليسيرة النافعة فإذا وعاها وفهمها ورأى أستاذه أنه قد قدر على فهمها واستيعابها رقاه بعد ذلك إلى مرحلة أعلى وهي الكتب المطولة أو الكتب المصنفة على المواضيع- كما قلت لكم من قبل- فإذا رآه قد ارتقى بعد ذلك فلا بأس أن يناقشه وأن يقدمه وأن يدربه وأن يطلب منه أن يعد أبحاثاً وأن يعد بعض التقارير في بعض المسائل ويرقي شأنه إلى أن يصل إلى مستوى فاضل نرجوه لإخواننا جميعاً.

يقول: إذا عرف الناس صحيح عقيدتهم ثم تكاسلوا عن العمل وأداء العبادات فماذا نقول لهم؟.
تطلب العقيدة للعمل فالعقيدة لا تطلب كعلم ولكن تطلب للعمل وقديماً كانوا يقولون: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وكانوا يقولون: علم بلا عمل كشجرة بلا ثمر، فكيف تثمر شجرة العقيدة وصاحبها لا يعمل بها، رجل عرف في العقيدة الانكسار لله - عز وجل - وعرف في العقيدة أن هناك أعمالاً للقلب من هذه الأعمال محبة الله - عز وجل - والخوف من الله والإخبات والرغبة والرهبة والإنابة والاستعانة يعلم ذلك ثم بعد ذلك لا يطبق، هذا أمر عجيب من علم أمور العقيدة ولم يطبقها فقد نادى على نفسه بالخسارة.

يقول: كيف السبيل إلى تصحيح العقيدة الإسلامية وسط هذه البدع التي ابتلي بها المسلمون.؟
أسأل الله تعالى لأخي في بلاد المغرب أن يثبته وأن يسدده وأن يسدد إخواننا أهل السنة في المغرب لأن هذه البلدة حالها كحال قرى كثيرة في مصرنا تعج بالبدع وبالتصوف وبمخالفة التوحيد الصحيح فأرجو وأدعو الله - عز وجل - أن يوفق إخواننا بالمغرب وأن يجتهدوا في طلب العلم النافع وأن يكونوا مترفقين بالناس وأن يكون الجهد كل الجهد ليس في النقر والتفحير والبحث عن دقاق المسائل وفروعها وليكن جهدهم في المغرب وغيرها الاجتهاد في دعوة الناس إلى الله - عز وجل - وفي تعريفهم دين الله - عز وجل - وفي تحفيزهم بهذا الدين وأسأل الله تعالى أن يوفقهم.

يقول: ما رأي الشيخ في شرح حاشية العدوي على الرسالة؟
أنا لم أطلع على هذا الشرح.

ما هي الأسباب التي تعين على تربية الأولاد على العقيدة الصحيحة؟
من أعظم الأسباب أن يرى الولد والده على اعتقاد صحيح أقول: إن أول شيء يتأثر به الأولاد في مسائل الاعتقاد السلوك والعمل. تصور مثلا أن هناك أباً كان يسير في شارع مثلاً ومعه ولده ثم سقط شيء على رأسه فشج رأسه فصاح هذا الأب وأخذ يسب ويلعن، لو تكلم مع ولده بعد ذلك في الإيمان بالقدر هل هذا الولد سيستجيب لوالده؟ أبداً إذن هناك الاعتقاد بالممارسة النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة مكث ثلاث عشرة سنة يعلم الناس الاعتقاد يعلمهم بالعمل فلابد للأب أن يعلم ولده الاعتقاد عملياً سلوكياً ثم بعد ذلك يطلعه على نظم بسيط في الاعتقاد يقرره إياه، وكان الناس قديماً يعلمون أبناءهم المتون الخفيفة اليسيرة في الاعتقاد كان العلماء والأمراء والوجهاء والناس عموماً كانوا يحبون هذا الأمر ويعلمون هذا لأبنائهم فأنا أرى أنه لابد من تعليم العقيدة سلوكاً للأولاد.
الأمر الثاني: لابد من تعليم العقيدة نظماً يسيراً بسيطاً بعد هذه المرحلة أو أثناء هذه المرحلة للأولاد والله سبحانه وتعالى هو الهادي للسبيل.

تقول: ما حكم تقليد العامي لشيخ من الرافضة هل يصح إيمانه؟
هذا العامي عندما يقلد شيخاً من شيوخ الرافضة هل يجوز له هذا التقليد؟ أبداً لا يجوز له هذا التقليد لأني قلت لحضراتكم: إن العامي يجب عليه أن يجتهد في تقليد من يقلد فإذا علم العامي أن هناك من يطعن في شيوخ الرفض ويتهمهم بالزندقة علم ذلك فكيف يقلد هذا الشيخ؟ لا بد أن يجتهد في تقليد من يقلد إذا كنت مريض وأردت أن تذهب إلى طبيب أنت لست بطبيب ولا تعرف تقييم الأطباء ولكن إذا عرفت أن هذا الطبيب أفضل من هذا الطبيب فأنت تذهب للأفضل فكذلك ينبغي للعامي أن يجتهد في تقليلد من يقلد فلا عذر للمقلد الذي يقلد شيوخ الرافضة، لا عذر له ولكن لا نخرجه من دائرة الإسلام.

يقول: هل صحيح أن عقيدة الشيخ أبو زيد القيرواني أشعرية؛ لأن من المعلوم أن عقيدة المغاربة أشعرية؟ أفيدونا جزاكم الله خير
أبداً هناك بعض الطعون طعن بها أبو زيد القيرواني وبإذن الله تعالى سأبين لكم أن هذه الطعون ليست في محلها وأن الرجل على العقيدة الصافية الصحيحة، على عقيدة أهل السنة وأن هناك بعض الألفاظ قد يفهم منها ذلك ولكن ليس هذا على حقيقته وإن شاء الله سيظهر لنا ذلك أثناء الشرح.

يقول: هل من بالإمكان التكرم بذكر طرق التصنيف في علم العقيدة ولو باختصار ؟
باختصار شديد: هناك طريقة أصحاب الدواوين كالبخاري ومسلم أنهم لا يفردون الاعتقاد بمصنف ولكن يذكرون الاعتقاد كباب أو ككتاب من جملة كتب دواوينهم: في البخاري مثلاً نجد كتاب التوحيد وفي مسلم نجد كتاب الإيمان هذه طريقة. طريقة ثانية الكتب التي أفردت بالتصنيف لمسائل الاعتقاد وهي كتب أثرية حديثية وذلك ككتاب الإيمان لابن أبي شيبة وكتاب الأسماء والصفات لابن خزيمة فهذه كتب سلفية أثرية حديثية تعنى بموضوع واحد.
هناك كتب بعد ذلك أكثر إيعاباً أي تشمل موضوعات متعددة وذلك ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية . وهناك كتب الردود كالرد على الزنادقة والجهمية وكالرد على الذين قالوا بخلق القرآن. وهناك بعد ذلك الكتب المختصرة المفيدة الجامعة وذلك كرسالة أبي زيد القيرواني.

السلام عليكم ورحمة الله : كنت أريد أن أسأل: كيف يجمع الإنسان بين العقيدة أن يؤمن ويعتقد بأن كل شيء رزق من عند الله تعالى فقد قرأت للإمام الغزالي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: إنه حتى العقل هبة من عند الله -سبحانه وتعالى- وعلى قدر العقل الإنسان يكون منزلته عند الله -سبحانه وتعالى- كيف أجمع بين هذا وبين العمل فإذا اعتقدت أنه حتى العقل هبة من الله تعالى ولا دخل لي فيه فكيف أعمل ما يقربني من الله وعقلي على قدر هذا؟
لا بد للمكلف أن يعلم أنه عبد لله - عز وجل - محتاج إلى الله - عز وجل - في أمور الدنيا وأمور الدين، في أمور المعاش وفي أمور المعاد، إذن لا بد أن يعلم أنه عبد مفتقر إلى الله - عز وجل - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ﴾[فاطر15]، ثانياً لابد أن يعلم أن الله تعالى غني عنه وعن عبادته، والله -سبحانه وتعالى- عنده خزائن كل شيء ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (21) ﴾[الحجر: 21] فخزائن العلم وخزائن التوفيق والرشاد والسداد والنجاح والبر والتقوى والعقل والأولاد والزواج وكل ما على وجه الدنيا من خير وصلاح إنما خزائنه عند الله - عز وجل - فالعقل ليس فقط رزق من الله بل إن النجاح والفهم والسداد والرشاد والتوفيق وكل هذه الأشياء إنما هي من عند الله - عز وجل - من رزق الله - عز وجل - هذه الأمور أنت لا تحصلها إلا ببركة الدعاء قال الله تعالى ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾[غافر: 60] فإذا أراد العبد رزقاً من الله: فهماً أو علماً أو سداداً أو رشاداً أو زوجةً أو ولداً أو نجاحاً فعليه أن يجتهد في دعاء الله - عز وجل - فإذا كنت تريد أن تتقرب إلى الله تعالى بالاعتقاد إذن لابد أولاً: أن تعرف ربك وثانياً: لا بد أن تعرف نفسك فإذا عرفت أن ربك بأنه الرب الغني القوي القادر وأنك أنت العبد الذليل الفقير المحتاج إذا عرفت ذلك، هذه المعرفة لابد أن تكسر قلبك وأن ترزقك الخشية وأن ترزقك العمل أما إذا لم تنكسر ولم تخشع لهذه المعرفة فاعلم أنها معرفة ناقصة. إذن إذا كانت معرفتي بالعقيدة ستقربني من إلى الله وتدفعني إلى الله وتزيدني عملاً على طريق الله إذن هذا علم نافع استبصرت به وإلا فلابد أن أراجع طريق العلم الذي سلكت فيه.

هل هناك شروط لازمة يجب أن تتوافر فيمن تأخذ عنهم العقيدة؟
هذا سؤال جيد باختصار شديد هذا الشرط أو الشروط التي ينبغي أن تكون معلومة أن يكون حسن الاعتقاد شهد له علماؤه وأترابه بالخير في هذا الباب، كما قلت لكم عندما قال الذهبي عن أبي زيد القيرواني ماذا قال الذهبي على القيرواني؟ وكان على طريقة السلف في الأصول فلما يقول الذهبي وهو رجل متمكن في هذا الباب وإن كان متأخراً يقول هذا عن القيرواني فهذا مفيد في تلقي هذه العقيدة بالقبول، لما ينقل الإمام ابن القيم عن القيرواني أكثر من عدة نُقُولٍ فهذه دلالة على أن هذا الرجل عقيدته مقبولة عند ابن القيم وابن القيم هذا رجل اعتقاده معلوم لأنه تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية فتأخذ العقيدة عمن شهد له بالخيرية في هذا الباب.

يقول: مامعنى قولهم التخلية قبل التحلية في معنى التوحيد؟
هذا المصطلح - وإن كان في أصله من مصطلحات أهل السلوك وأهل التصوف- لكنه مصطلح صحيح فالإنسان لن يتحلى بالإيمان إلا إذا تخلى عن الكفر والشرك فهذا أمر مقرر فلا يجتمع الاثنان معاً بكفاءة واحدة أو بتمام واحد قال الله تعالى﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ ﴾ [البقرة: 256]، إذن قبل أن يؤمن بالله لابد أن يكفر بالطاغوت ﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى ﴾ أي فقد استمسك بلا إله إلا الله فكلما عظم تخليك عن صور الكفر والشرك كلما عظم تحليك بصور الإيمان والبر.

هل يمكن القول: إن أمور العقيدة واحدة ولكن تختلف شروحات الكتب فقط وأنا أرى في مضمون الرسالة تشابها مع "لمعة الاعتقاد" فما رأي فضيلتكم؟ هذا كلام جميل "لمعة الاعتقاد" لابن قدامة هو من الكتب المختصرة يعني: إذا أردنا أن ندرج "لمعة الاعتقاد" ضمن أنواع الكتب المصنفة في الاعتقاد فندرجه رقم كم؟ رقم خمسة، الرقم الأخير وبالتالي ستجد التشابه قائماً.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-12-2008, 07:37 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

ماشاء الله ياحبيب
مجهود رائع وممتاز ياغالي
أسأل الله العظيم أن يجعله في موازين حسناتك
حفظ الله الشيخ النقيب وجميع مشايخ وعلماء المسلمين .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-10-2008, 02:31 AM
أمّ يُوسُف أمّ يُوسُف غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

شرح ماتع
جَزَاكُم الله خَير الجزاء
بارك الله فيكم و بارك في القائمين على قناة المجد العلمية و الأكاديمية الإسلامية ( مادة العقيدة - المستوى الثاني)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-06-2008, 11:57 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


يُرفع
بارك الله فيك .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:34 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.