انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


أرشيف قسم التفريغ يُنقل في هذا القسم ما تم الإنتهاء من تفريغه من دروس ومحاضرات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 09-05-2009, 11:13 AM
أمّ مُصْعب الخير أمّ مُصْعب الخير غير متواجد حالياً
"لا تنسونا من صالح دعائكم"
 




افتراضي


من الدقيقة 75 إلى نهاية المحاضرة
،فكل فَرِحٍ راضٍ وليس كل راضٍ فرحاً،ولهذا كان الفرحُ ضد الحزن،والرضا ضد السخط،والحزن يؤلم صاحبه والسخط لا يؤلمه إلا ما كان مع العجز عن الإنتقام والله أعلم.
فمثلاً الإنسان الأن يُهاجمه عدو ويُحدث فيه بعض الالم وبعض الجُرح، فهو فقط تجد همه الذي يهمه هو أن يُحاول الكَر على عدوه،لكن هو لا يحزن أنه الأن مجروح ،ولكن همه الذي يعتليه هو أخذ السأر .
ثم بعد ذلك النقطة التي تليها:وهي العلم بحكمة الله تعالى
فالإيمان بالقضاء والقدر يجعلك فيما بعد تجد رحمات فتعلم إن الله-تبارك وتعالى- ابتلاك ليُعطيك.
ثم بعد ذلك تحرير العقول من الخرافات والأباطيل:
مما يعتقده بعض الفرق الضالة أن الإنسان مجبور أو أنه مثلاً يفعل ما يريد أو ما يشاء،فإيمانك بالقدر يجعلك تتحرر من كل هذه الخرافات ومن هذه الأباطيل ولا تَقُل كما قالوا:(سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما أشركنا) وهذه الكلمات في أي حال أنت تفعله يُصيب الإنسان وتصيبه بالحزن الدائم حتى وإن فتح عليه فيما بعد إنسان مثلاً كان سيحصل على مال معين ثم بعد ذلك تأخر وصول هذا المال وقيل له لن تحصل عليه فيبدأ بالحزن والألم والتألم وأنا فاتني ذلك لأنني لم أفعل كذا لأن فلان هذا فعل وأنا لم أفعل فهو حصل وأنا لم أحصل فيبدأ يتعب ولربما مرض ثم بعد ذلك إن اعطاه الله عز وجل فيما بعد لايشعر بلذة هذا الإعطاء ويبقى معه المرض والألم والحزن وهذه تسأل من جرد ذلك ثم بعد ذلك الثمرات فى الأخلاق وقد أشرنا إلى بعضها ومنها الصبر
الشئ الثاني وهو التواضع الأن إنسان دائماً يعلم أن الله -تبارك وتعالى- هو الذي بيده كل شئ وأن الله- تبارك وتعالى -يعلم كل شئ وأن الله- تبارك وتعالى-هو الذي يُعطي من يشاء ويمنع من يشاء إذن الأن لا كِبر لماذا أتكبر أنا ليس بيدي شئ بل من تواضعه وزيادة تواضعه أصلاً مع هذا الأمر أنه يعلم أنه إذا خفض جناحه للناس فإن الله- تبارك وتعالى- يجازيه الإحسان بالإحسان فإن الناس سيخفضون له الجناح ويتعاملون معه بالحسنى وكل هذا من الإيمان بالقضاء والقدر. كذلك الكرم هذه الصفة أيضاً يتحصل عليها الإنسان من القضاء والقدر ،الأن الإنسان إذا لا يؤمن بقضاء الله وقدره تجده بخيلاً لايُخرج من جيبه ولا مِليم واحد ،لماذا؟ لأنه لايؤمن بقضاء الله -عز وجل- وقدره فإذا كان مؤمناً بقضاء الله- تبارك وتعالى- إذن الذي يعطي هو الله والذي يرزق هو الله فا أنا الأن أعطي ليس معناه أن هذا المال قد ضاع لذلك النبي- صلَّ الله عليه وسلم- لما تصدقت أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- بالشاة وأبقت الكتف، فبين لها النبي- صلَّ الله عليه وسلم- أن الذي يعني مضى وذهب هو الكتف وأن الذي بقى هو بقية الشاة "ماعندكم ينفد وماعند الله باق"


ثم بعد ذلك الشجاعة وعدم الجبن وهذه مهمه جداً قال علي -رضي الله تعالى عنه-: " أيُّ يوميَّ من الموت أفِر يوم لا يقدر أو يوم قدر، يوم ماقُدِّر ل أرهبه وإذا قُدِّر لا يُنجي الحذر"
الأن أنت دخلت عراكاً ومخاصمةً أو وقعت في بلاءٍ فالأن إذا كنت- أسأل الله العافيه -جباناً وتظن أن الشخص الأخر هذا سيهلكك ويقضي عليك، فأنت وإن كنت فى الحقيقه قوي فستهلك قبل أن يمسَّك بيده مثلاً ،لذلك مايحصل الأن تجد أن بعض أصحاب القوى الظاهره يعني يبُثُّون حرباً إعلامياً في رَوعك حتى إذا رأيت ذلك سقطت فتهزم هزيمة نفسية فإذا جائت المعركة تقول أنا لا أقوى عليهم أنا لا أستطيع أن أقوى على هؤلاء ،لكنه إذا وضع في قرارة نفسه" حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظنَّ أهْلُها أنهم قادرون عليها أتاها أمرُنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تَغن بالأمس"


وهذا لايعني أنك إذا رأيت أن عَتَادَكَ أقل وعتادُهُم أكثر أن تتنحى هذا لا إشكال فيه
--
ولا يُنافي ذلك. هذه من الفِطنة والحِكمة ،لكنك لا تخافهم ،فإن اضطررت وأنت على ضعفك تدخل،لكن إذا كانت الإماكنية تدخل أو لا تدخل؟يقول له أخِّر من باب الحِكمة حتى أُجمع قوتي ثم بعد ذلك أفعل..
وقال جرير:قُلْ للجبان إذا تأخر سُرجُهُ.هل أنت من شَرَكِ المنية ناجٍ
فهو الأن يحاول أن يبتعد ويقول هؤلاء أصحاب قوة وأنا لا أقوى عليهم،ولربما كان هو عدده كثير لكنه يخاف ،الفزَع والهلع ملأَ هذا الشخص ولهذا النبي-صلَّ الله عليه وسل- في حديث ثوبان الذي عند أحمد وغيره يقول:"بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غُثاء كغثاء السيل"
إذن المسألة ليست من قِلة ولكن من ضعف قلب ،وجرير يقول هذا البيت ،كان يمدح بالحجاج- هذه بالمناسبة-،وكان أوله يقول :هاج الهوى لفؤادك المحتاج
مدح فيها الحجاج وأنشدَ الحجاج،والحجاج كان فرحاً بهذه القصيدة إلى أن جاء إلى:قُلْ للجبان إذا تأخر سَرجُهُ.
فقال الحجاح:جَرُئت على الناس يا ابن الَّخْناء .قال: والله ما ألْقيت لها بالاً أيها الأمير إلا وقتي ،فهنا الأن أنت تُجرأ الناس -هذا معنى كلامه-يعني تجعل الناس لهم جرأة عليك
(قُلْ للجبان إذا تأخر سَرجُهُ.هل أنت من شَرَكِ المنية ناجٍ)
وطبعاً (ابن الَّخناء) مَسَبَّهْ يعني يقصد أنها لم تختتن
قال الله تعالى(قُلْ إن الموتَ الي تَفِرُونَ مِنْهُ فإنَّهُ مُلَاقِيكُم)ويروى أن علياً -رضي الله عنه -قال:إذا حلَّتْ المقادير حَلَّتْ التقادير.
فالأن الذي سيحسُن لأننا فرقنا ذلك في عبارات القدر والقضاء /قلنا القضاء هو سابق العلم ثم ما يُقدَّر على خلاف أهل العلم في ذلك ،فالمقادير هو العلم ،والتقدير هذا الذي حصل.
وقال هانئ بن مسعود الشيباني :إن الحَذَر لا يُنجي من القَدَر وإن الصبر من أسباب الظَفَر.
والمثل المضروب:إن الجبان حتَكُهُ من فوقه ،وقالوا: السلامةُ في الإقدام والحِمَامُ في الإحْجام،السلامة تكون في إقدامك وشجاعتك .
وأنشد في الحماسة:لا تركنن أبداً إلى الإحجام يوم الوغى متخوفاً لحِمَامِ.الذي هو الموت يعني
هو يقول السلامة في الإقدام والموتُ في الإحجام ،ولربما جاء جبان وتأخر فمات ،ولربما جاء شجاع وتقدم فنجى فالمسألة بيد الله عزوجل .
ومن كلام الحكماء :إذا كان القَدَر حقاً فالحرص باطل،وإذا كان الموت بكل أحد نازل فالطمئنينة إلى الدنيا حُمق.
وكان معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-كثير ما يُنشد في حروبه :كأن الجبان يَرى أنه .يُدافعُ عنه الفِرارُ الأَجَلْ .فقد تُدرك الحادِثاتُ الجبان. ويسلمُ منها الشجاع البطل .
قال ابن القيم -طيَّب الله ثراه- الذي يُحسم مادة الخوف هو التسليم لله ،فمن سلَّمَ لله واستسلم له وعَلِمَ أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه وما أخطأه لم يكن ليُصيبه ،وعَلِمَ أنه لن يُصيبَهُ إلا ما كُتِبَ له لم يبقى لخوف المخلوقين في قلبه موضع ،فإن نفسه التي يخاف عليها قد سلَّمها إلى وليها ومولاها ،وعَلِمَ أنه لا يُصيبُها إلا ما كُتِب ،لكن ليس معنى ذلك أنه يُلقي بنفسه إلى المهلكة و التهلكة.
ويقول:وأن ما كُتِبَ لها أيضاً لابد أن يُصيبَها .
الأن أنت وجب عليك أن تبذل لنفسك ووقعتَ الأن في البلاء،ترجع ولَّا تُكمل؟ سواءكنت ضعيفاً أو قوياً ترجع ولَّأ تُكمل؟تفعل ما تستطيع. طبعاً يكون مع هذا الحَذَر أيضاً،لكن ليس معنى الحذر أنك تترك ،لذلك الله-عزوجل-يقول:(خُذُوا حِذْرَكُم فانفِروا)لم يَقُل:(خُذُوا حِذْرَكُم واجلسوا)خذوا الحِذر وهو الحكمة والفِطنة مع أنك لا تتوقف ،لكن إذا الأن عندك فرصة إنك تتأخر حتى تستعد فلا بأس ولا إشكال في ذلك .
قال-رحمه الله-:"وفي التسليم أيضاً فائدةٌ لطيفة وهي أنه إذا سلمها لله فقد أودعها عنده وأحرزها في حِرزه وجعلها تحت كَنَفِه،حيثُ لا تُنالها يدُ عدوٍ عادٍ ولا بغي باغٍ عاتٍ"رحمه الله
وأيضاً من الفائد التي نستفيدُها عُلُو الهمة ،فدائماً تجد المؤمن بقضاء الله وقدره عالي الهمة ،فلا يرضى أنه فقط يقتصر على الفرائض ،إنما يَطمَحُ في النوافل وزيادة كنفلٍ راتبٍ ونفلٍ مطلق فهو عالي الهمة ،وكذلك في طلبه للعلم وما إلى ذلك،لكنه إذا لم يكن مؤمناً بالقَدَر فستجده ذا همةٍ دنيَّة ،يقول:أنا أفعلُ هذا وأبقى عليه .
ثم بعد ذلك الحزم والجِد في الأمور ،قال -صلَّ الله عليه وسلم-كما في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:"المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خير ،احرص على ما ينفعُك"
هذا هو مَحِلُّ الشاهد (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تَعجز)فهذا هو الأمر، الحرص والحزم والجِد في كل أمورك ،فتتهيأ لك المسألة التي تتقرب بها إلى الله ،تكون حازماً وجاداً في أن تتقرب إلى الله-عزوجل- ولا تترك هذه الفرصة تَخرُجُ من يديك.
(وإن أصابك شئٌ فلا تَقُل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ،ولكن قُل قَدَرُ اللهِ وما شاء فَعَل ،فإن لو تفتحُ عملَ الشيطان )
ثم النقطة التي تليها:وهي السلامةُ من الحسدِ والاعتراض
يعني أن تَسْلَم أنت من أن تَحسُدَ الناس ،فالذي يَحسُد الناس ما السبب أنه يَحسُد؟هو الأن عنده نعمه (الشخص الأخر)وأنا الشخص الأخر الثاني ليس عنده هذه النعمه ،فيتمنى أن تزول من هذا الشخص وكأنه يعترض على قضاء الله -عزوجل -وتأتي إليه فكأنه يقول:هذا قضاءٌ غير صحيح -نعوذ بالله من ذلك-فيحصل منه الحسد.
ثم بعد ذلك والأخيرة:وهي الثمرات النفسية
أولاً: محاربة اليأسِ
وهذا أشرنا إليه قبل ذلك ،فإذا مثلاً حاول أن يفعل شئ معين ولم يستطع مثلاً في شئ بسيط أن تقرأ كتاب ،كلما تُحاول أبسط شئ ظاهر عند كثير من الناس وخصوصاً الإخوة يبدأ يراجع القرءان ،يراجع سورة البقرة ثم يرجع فإذا كان مؤمناًبالقَدَر واصلَ حتى ختم القرءان وكذلك في الحفظ،أنا أضرب مثالاً ظاهر وإلا قِس على ذلك
فالذي يفعل الشئ ويقع فيه لابد أن يُحاول مرة أخرى، فالإنسان بقصوره وعجزه أنه سيسقط ،لكنه لا ييأس وأنه يُحاول حتى يموت.
الأمر الثاني:قوة الإحتمال
فتجد المؤمن بقضاء الله وقدره البلاء عليه شديد جداً،وتجده صابراً محتسباً وأكبر مثال أيوب -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-
الأمر الثالث:القناعة وعزة النَّفسِ
يقول الثعالبيُّ-له كتاب اسمه(أحسن ما سمعت)-يعني في القناعة يذكر أحسن ما سَمِع ،وفي الرضا يذكر أحسن ما سمع
يقول:وأحسنُ ما سمعت في القناعة قول ابن طابه طابَ العَلَوِي :"كن بما أوتيتَه مقتنعاً..تستدِم عيش القنوع المكتَفي"
هي في الكتاب ليست هكذا ،لكن التصحيح البيت هكذا ،يعني في الكتاب (أحسن ما سمعت )البيت ليس على هذه الصورة ،يعني على ما أذكر(تستدِم عُسراً)
لكن هي:"كن بما أوتيتَه مقتنعاً..تستدم عيش القنوع المكتَفي..إن في نيل المُنى وَشْكَ الردى ..وقياس القَصَدِ عند الثرى"
(إن في نيل المُنى):يعني قُرب الموت ،يعني لا يحصل إن الإنسان يُدرك كل ما يتمناهُ ،وأفضلُ شئٍ أنك تقنع بما يأتي إليك ،ويحصل للإنسان الهلاك عندما يُسرفُ في خلاف ذلك .
ثم النقطة التي تليها :الإعتدال في حال السرَّاء والضرَّاء .
يعني مثلاً الإنسان الأن بعض الناس مثلاً يمدحونه ،يقولون له مثلاً:أنت صوتك جميل جداً،يأتي واحد أخر يقول له:أنت صوتك سئ جداً.
فتجدُ بعض الناس يفرح لمن قال له ذلك ويبأس ويحزن ممن قال له مثلاً أنت صوتك ردئ أو سئ.
لكن المؤمن بقضاء الله -عزوجل-تجده قرير النَّفْس في هذه وتلك ،هو الذي يقول له مثلاً أنت صوتك جميل يعلم أنه من عن الله -عزوجل-فيقول حمداً لله أن أعطاني هذا،وإذا قال له :مثلاً أنت صوتك سئ ،فيقول الحمد لله على قضاء الله-عزوجل- وهذا ليس معناه أني قريب أو بعيد من الله-عزوجل-فأنا أحزن فقط إن وجدت نفسي بعيد عن الله -عزوجل-هذا الذي يحزنني ويجعلني شديد الحزن.
الأمر الذي يليله:وهو سكون القلب وطمأنينة النفس وراحة البال:
قال عمر بن عبد العزيز : أصبحتُ ومالي سرور إلا في مواضع القضاء و القَدَر .
يقول شيخ الإسلام بن تيمية-رحمه الله-:إن في الدنيا جَنَّة من لم يدخلها لم يدخل جنة الأخرة .
طبعاً يقصد هنا بالجنة هذه الإيمان والسعادة والفرح وراحة البال ،هذه هي المقصودة
لذلك هو يقول -رحمه الله- لما زُجَّ به في السجن قال:ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري أين رُحتُ فهي معي لا تفارقني ،أنا حبسي خَلْوَة،وقتلي شهادة .إذن الأن يستثمر الوقت ، أنا حبست إذن الأنهذا يُعينني على ..لكنه لا يتمنى هذا ،لكن إن حصل فجيد ليختلي بذكر الله-عزوجل-
قال:وقتلي شهادة-نسأل الله ذلك-،وإخراجي من بيتي سياحة .
ويقول أيضاً-رحمه الله-:"فأما الذي أُتيَهُ علماء أهل الحديث وخواصهم من اليقين والمعرفة فأمر يَجلُّ عن الوصف، ولكن عند عوامهم-عوام أهل الحديث- من اليقين والعلم النافع ما لم يحصل منه شئٌ لأئمة المتفلسفة المتكلمين وهذا ظاهر مشهود بكل أسف"ذكر هذا الكلام في نقض المنطق
لذلك على إثر هذه العبارة سأذكر هذه القصة ونختم بها إن شاء الله تعالى
في كتاب اسمه(دع القلق)هو يحكي عن رجل اسمه(بودلي)يقول (بودلي )هذا هو راح في الصحراء وعاش فترة من الزمن مع بعض الأعراب،طبعاً هو يتكلم كأنه يتكلم عن العرب ،ونحن المفترض نستمع إلى القصة ونقول هم مسلمون،هو يقول إن العرب من صفاتهم كذا ،بل نحن نصحح له العبارة ،أنا سأذكر عباراته أنه يقول العرب لكن أنت تحملها على الإسلام.
يقول:في عام 1918 ولَّيتُ ظهري العلم-طبعاً بعد ما يئِس وتعب-الذي عرفته طيلة حياتي ،ويممتُ شطر إفرقيا الشمالية الغربية حيثُ عشت مع بعض الأعراب في الصحراء ،وقضيتُ هناك سبعة أعوام-إذن يظهر أنها قريبة من مورتنيا مثلاً-أتقنتُ خلاالها لغة البدو-لا يعنينا-وكنتُ أرتدي زيَّهُم وءاكل من طعامِهِم وأتخذُ مظاهرهم في الحياة.
طبعاً هذا الرجل بلغ القمة في مثلاً كثرة الأموال والمراكز إلى أخره لكنه تعب من كل هذا ،وغالباً ضيق النفس يكون في الأغنية -نسأل الله العافية- لكن إذا كان غناً مع إيمان هذا أمر عالي.
قال:وغدوت مثلهم أمتلكُ أغناماً،وأنام كما ينامون في الخيام ،وقد تعمقتُ في دراسة الإسلام حتى إنني ألَّفتُ كتاباً عن محمد وعنوانه(الرسول)عليه الصلاة والسلام ،وكانت تلك الأعوام السبعة التي قضيتها مع هؤلاء البدو الرُّحَّل من أمتع سني حياتي وأحفلها بالسلام والإطمئنان والرضا بالحياة ،وقد تعلمت من عرب الصحراء كيف أتغلب على القلق،فهم بوصفهم مسلمين يؤمنون بالقضاء والقدر وقد ساعدهم هذا العيش على العيش في أمان .
هذه نقطة هو استفادها .
وأَخْذ الحياة مأخذاً سهلاً هيناً فهم لا يتعجلون أمراً،ولا يُلقون بأنفسهم بين براسن الهمِّ قلقلاً على أمرٍ ،إنهم يؤمنون بأن ما قُدِّر يكون ،وأن الفرد منهم لن يُصيبه إلا ما كتبَ الله له ،وليس معنى هذا أنهم يتواكلون -يعني كلام..لكنه فَقُه فِقه حياه ولم يُسلم هو معجب لكنه تدبر بعقله وهكذا كل واحد لو تدبر بعقله لأخرج واستخرج كثير من الحِكَم -
قال:وليس معنى هذا أنهم يتواكلون أو يقفون في وجه الكارثة مكتوف الأيدي ،كلا .ثم أردف قائلاً :ودعني اضربُ لك مثلاً لما أعنيه :هبت ذات يوم عاصفة عاتية حملت رمال الصحراء وعبرت بها البحر الأبيض المتوسط ورمت بها وادي الرُّون في فرنسا وكانت العاصفة حارة شديدة الحرارة -هو يحكي قبل ما يأتي إلى الأعراب-حتى أحسستُ كأن شعر رأسي يتزعزع من منابته لفرط وطأة الحر،وأحسستُ من فرطِ القيظ(الحرارة الشديدة)كأنني مدفوعٌ إلى الحنون -هذه حاله قبل أن يَصِل إليهم-ولكن العرب لم يشكو إطلاقاً،الصورة حصلت عندهم مثلها فقد هزوا أكتافهم وقالوا كلمتهم المأثورة:قضاءٌ مكتوب .لكنهم ما إن مرت العاصفة حتى اندفعوا إلى العمل بنشاط كبير ،فذبحوا صغار الخِراف قبل أن يودي القيظ بحياتها .
قال:ثم ساقوا الماشية إلى الجنوب نحو الماء ،فعلوا هذا كُلَّه في صمتٍ وهدوء دون أن تبدوا من أحدهم شكوى ،قال رئيس القبيله(الشيخ):لم نفقد الشئ الكبير فقد كنا خَلِقِين بأن نفقد كل شئ ولكن حمداً لله وشكر .
فإن لدينا نحو 40% من ماشيتنا ،في استطاعتنا أن نبدأ عملنا من جديد.
ثم قال(بودلي):وثمَّة حادثة أخرى فقد كنا نقطع الصحراء بالسيارة يوماً فانفجر أحد الإطارات وكان السائق قد نسي استحضار إطار احتياط. حال بعض الناس يسب ويلعن أنت الأن مهمل أنت كذا أنت كذا
قال: وتولاَّني الغضب وانتابني القلق والهم ،وسألتُ صحبي من الأعراب ماذا عسى أن نفعل ؟فذكروني إلى أن الإندفاع إلى الغضب لن يُجدي شيئاً بل هو خلوقٌ أن يدفع الإنسان إلى الطيش والحمق،ومن ثَمَّ درجت بنا السيارة وهي تجري على ثلاث إطارات ليس إلا ،ولكنها ما لبثت أن كفت عن السير وعلمتُ أن البنزين قد نَفَذَ وهنالك أيضاً لم تَثُر ثائرة أحدٍ من رفاق الأعراب ولا رافقهم هدوئهم بل مضوا يزرعون الطريق سيراً على الأقدام.وبعد أن استعرض (بودلي)تجربته مع عرب الصحراء علَّق قائلاً:قد أقنعتني الأعوام السبعة التي قضيتها في الصحراء بين الأعراب الرُّحل أن الملتاثين عقلياً ومرضى النفوس والسِّكِرين الذي تحفل بهم أمريكا وأوربا ما هم إلا ضحايا المدَنِية التي تتخذ السرعة أساساً لها ،إنني لم أعاني شئ من القلق قط وأنا أعيشُ في الصحراء بل هناك في جنة الله وجدت السكينة والقناعة والرضا .ثم ختم كلامه بقوله: وخلاصة القول أنني بعد انقضاء سبعة عشر عاماً على مغادرة الصحراء ما زلت اتخذ موقف العرب حيال قضاء الله فأقبلُ الحوادث التي لا حيلة لي فيها بالهدوء والامتثال والسكينة ،ولقد أفلحت هذه الطباع التي اكتسبتها من العرب في تهدئة أعصابي أكثر مما تُفلح ألاف المسكنات والعقاقير الطبية .هذا موجز لكلامه وفيه تجربة عملية .
نختم بكلام شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-يقول:وإذا ترك العبدُ ما أُمِرَ به مُتكلاً على الكتاب كان ذلك من المكتوب المقدَّر الذي يصير به شقياً،وكان قوله ذلك بمنزلة من يقول:أنا لا أكل ولا أشرب فإن كان الله قضى بالشبع والري حَصَل دون أن يأكل ودون أن يَشرب وإلا لم يحصُل،أو يقول :لا أُجامع امرأتي فإن كان الله قضى لي بولد فإنه يكون ،وكذلك من غلط فترك الدعاء أوترك الإستعانة والتوكل ظاناً أن هذا من المقامات الخاصة ،ناظراً إلى القَدَر ،فكل هؤلاء جاهلون ضالون ،ويشهدُ لهذا ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي-صلَّ الله عليه وسلم-أنه قال:"احرص على ما ينفعُك ،واستعن بالله ولا تعجز،وإن أصابك شئٌ فلا تَقُل لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا،ولكن قُل قَدَرُ اللهِ وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان"
فأمره بالحرص على ما ينفعه والاستعانة بالله ،ونهاه عن العجز الذي هو الإتكال على القدر ،ثم أمره إذا أصابه شئٌ ألا ييأس على ما فاته ،بل ينظر إلى القدر ،ويُسلم الأمر لله فإنه هنا لا يقدر على غير ذلك ،كما قال بعض العُقلاء: الأمور أمران: أمرٌ فيه حيلة ،وأمرٌ لا حيلة فيه .فما فيه حِيلة فلا يعجز عنه ، وما لا حيلة فيه لا يجزع منه .هذه كانت نهاية هذا الدرس ،الدرس القادم بإذن الله تعالى على محورين :إشكالات حول القدر ،والفِرق التي ضلت في باب القدر
وقبل ما أختم مثال قرأ علي وأنا أصعد قلت أخره إلى أخر المحاضرة وهي يعني استحضرتُ فعل النبي-صلَّ الله عليه وسلم-كما جاء في الصحيح ،حيث أشار النبي-صلَّ الله عليه وسلم- إلى موضع القتلى من المشركين قبل بدأ المعركة،هذا النبي-صلَّ الله عليه وسلم- عَلِمَهُ قبل أن يَحْصُل،ثم يعد ذلك وُوجِدوا في المكان الذي أشار إليه النبي-صلَّ الله عليه وسلم-هل النبي-صلَّ الله عليه وسلم-هو الذي أجبرهم على الموت؟هو عَلِم فقط من علم الله -عزوجل-ولله المثل الأعلى ،فالله -عزوجل-لما عَلِمَ منك كذا وكتب هذا العلم ،هل هذا إجبارٌ لك؟هذه من الأمثلة التي يتضح بها هذه النقطة .
هناك أسئلة واردة من الطلبة والشيخ-حفظه الله- أجاب عنها في أخر دقائق من المحاضرة .والحمد لله.





 

الكلمات الدلالية (Tags)
3و4, 6, للفرقة, العقيدة, تفريغ


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 09:55 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.