لـبيك اللـهم لبيـك ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ ) |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
فهرس رسائل "ذى القعده" استعدادا للعشر الاوائل من ذو الحجه
رسالة ذي القعدة الأولى : تأملوا حتى لا تستدرجوا بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أيها الأحبة في الله ... نبدأ إن شاء الله تعالى على مدى شهر ذي القعدة رسائل الشحن الإيماني قبل موسم العشر الأول من ذي الحجة ، وقبل مشروع ( أيام في الجنة ) الذي سيكون على الموقع طوال هذه الأيام إن شاء الله تعالى . (1) وأول ما ألفت نظركم له :هل منكم من لا يزال يدعو : اللهم تقبل منَّا رمضان ، أم بعد أن تغير الحال في شوال ضعفت العزائم وقل الرجاء . قال أهل العلم : علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند حدوث الزلل . هبوا أن الزلل حلَّ بنا في شوال ، هل يعني ذلك أن نتوقف فلا أرضًا نقطع ولا توبة نجدد . لا .. لن يخيب ظننا فيك ربنا وإن حلَّ الفتور أو الانتكاس بنا ، رجاؤنا أن تقيل عثرتنا وتغفر زلاتنا وتعفو عن كثير سيئاتنا ، فأنت بحق رجاؤنا . أوصي هنا بمشاهدة هذه الحلقة لتدعيم هذا المعنى في وجدان الجميع ، فنحن في أمس الحاجة لجرعات الأمل بعد حدوث الزلل . http://www.manhag.net/droos/details.php?file=379 الأمر الثاني : أننا لكي نستحث عزيمة التحدي من جديد، علينا أن نعرف عن الله مراده . فالله يقول : "فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" فالله العزيز يريد منك الذل والافتقار له ، والله الحكيم يريد أن تتعلم وتفهم سننه حتى لا تقع من جديد ولا تلدغ من نفس الجحر مرة أخرى . (أ) فنحتاج الآن إلى تضرع يزيل قساوة قلوبنا ويصرف عنَّا تزيين الشيطان : قال تعالى : "فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (ب) ثم قال تعالى :" فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ " فنحتاج إلى تذكر الموعظة ، وإلى إعادة سماع ما يرقق قلوبنا ، ومن هنا سنستعيد ذاكرة الاستعداد لرمضان من خلال إعادة دورة ( رقق قلبك ) فتابعوها . الأمر الثالث : نريد أن نحفر هذه الآية في قلوبنا ، لنتعلم درسًا في الأدب مع الله تعالى، ونفهم خطورة قضية ( الاستبدال ) حتى إذا ما أعطانا الله تعالى هبة ( الاستعمال ) فخرجنا عن الأدب معه جل وعلا ، وتطاولنا وشعرنا بالاستغناء ( أن رآه استغنى ) نفهم أن هذا سبب من أسباب رفع النعم ونزول النقم ، فتدبروا هذه الآية جيدا . قال تعالى " فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ " وضعوها في سياق مثيلاتها : قال جل وعلا : "هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" لماذا حرمنا خيرات رمضان بعد رمضان ؟ لماذا فقدنا دورنا المطلوب ؟ الإجابة وضحتها الآية ، لأننا لم نفتقر له ، ولم نتأدب ، واستغنى الله ، فحلَّ مكاننا من هو أحق بها ، فمن يفهم ؟؟ ومن يعلن من الآن بدء الاستعداد لموسم الطاعة الأهم في السنة (في أعظم أيام الدهر ) . البداية : تدبروا وافهموا عن الله ، ويتبعها خطوات عملية أكثر . تابعوا : حلقات ( قلوب من نور ) وطبقوا الواجب الأسبوعي لها . واجب الأسبوع : تدبر سورة الحديد وكيف هي علاج لقسوة قلوبنا ؟ زيارة قبر للإخوة بهدف تليين القلب . زيارة مستشفى للأخوات بهدف استنزال الرحمات . والله المستعان يصرف عنَّا القواطع والصادين عن سبيله . لفضيلة الشيخ هاني حلمي
|
#2
|
|||
|
|||
الرسالة الثانية : أزمة اليقين
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. الأحبة في الله .. أسأل الله تعالى أن يجمعنا في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، وأن يجعلنا هداة مهتدين ، ويجعل لنا نورًا نمشي به في الناس على صراط مستقيم . أحبتي .. تفكرت كثيرا في مشاكلنا الإيمانية ، ويشغل بالي منذ زمان التنقيب عن أصول آفاتنا ، وكلما تأملت أحوالنا يبدو لي الكثير من مظاهر الانحراف عن الجادة ، فهذا يشكو قسوة قلبه ، وهذا يشكو تذبذب حاله ، وهذه تقول : آفتي في نفسي لا أعرفها ، وهذه تفوح رائحة الكبر في حديثها وكلامها ، ولكن بدا لي أنَّ من أخطر ما يعيشه المسلمون الآن " أزمة اليقين " أحبتي .. هل عندكم يقين بأن العشر الأول من ذي الحجة هي أعظم أيام الدهر ، وهي أفضل أيام العام ، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من العمل فيما سواها حتى موسم رمضان نفسه ، ستقولون : بالتأكيد وأقول : فرق بين المعرفة بالشيء ، والتصديق به ، واليقين به ، نحن نعرف هذا ، وقد نصدق خبر المعصوم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا نوقن ، لأنَّ اليقين يتبعه رد فعل ، يتبعه استعداد خاص ، واهتمام بالغ ، وحرص شديد ، وهمة عالية ، وتطبيق في أرض الواقع فمن منكم يدري أنَّ هذا الموسم لم يتبق عليه إلا قرابة أربع وعشرين يومًا فأين العدة التي كانت عند بعضنا قبل رمضان ؟ إنني أريد من خلال هذه الدورة أن أغرس غرس اليقين في قلب كل واحد منَّا ليخرج منها متخلصًا من أزمته ، من شكه ، من تذبذبه ، من التفاته ، من غفلته . أحبتي .. تاملوا هذا الحديث فهو ركن هذه الدورة وشعارها الساطع " على اليقين كنت " روى ابن ماجه وصححه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الميت يصير إلى القبر . فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف . ثم يقال له فيم كنت ؟ فيقول كنت في الإسلام . فيقال له ماهذا الرجل ؟ فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه . فيقال له هل رأيت الله ؟ فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله . فيفرج له فرجة قبل النار . فينظر إليها يحطم بعضها بعضا . فيقال له انظر إلى ما وقاك الله . ثم يفرج له قبل الجنة . فينظر إلى زهرتها وما فيها . فيقال له هذا مقعدك . ويقال له على اليقين كنت . وعليه مت . وعليه تبعث إن شاء الله . ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشعوفا . فيقال له فيم كنت ؟ فيقول لا أدري . فيقال له ماهذا الرجل ؟ فيقول سمعت الناس يقولون قولا فقلته . فيفرج له قبل الجنة . فينظر إلى زهرتها وما فيها . فيقال له انظر إلى ماصرف الله عنك . ثم يفرج له فرجة قبل النار . فينظر إليها . يحطم بعضها بعضا . فيقال له هذا مقعدك . على الشك كنت . وعليه مت . وعليه تبعث إن شاء الله تعالى " هذا سبب النجاة " على اليقين كنت " فتعالوا نأخذ أول درس عملي لغرس اليقين : (1) كان من دعائه صلى الله عليه وسلم أن يقول : " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا " [ رواه الترمذي بإسناد حسن ] فادع الله بذلك ، وتعالوا ندعو أن يبلغنا العشر الأول من ذي الحجة ، اللهم بلغناها وأنت راضٍ عنَّا ، وسلمها لنا ، سلمنا فيها ، وتسلمها منَّا متقبلة . (2) أرجو الاستماع لمحاضرة : أعظم أيام الدهر ، والاعتناء بتلخيص المقالات منها ، وبطباعة مطويتها ، ونشرها في الآفاق من الآن من باب الإعداد الدعوي لها . (3) وأرجو كذلك : التدريب على أعمال العشر من الآن ، ومن أهم ذلك عبودية الذكر " فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير " فسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . وتطهير القلب ليصلح فيه غرس اليقين ، بكثرة الاستغفار ، وتجديد التوبة . عسى أن يبعثنا ربنا مقامًا محمودا . حكمة رسالة اليوم : قال أهل التفسير : في قوله تعالى " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " كلما جددوا لهم خطيئة جددنا لهم نعمة فأنسيناهم الاستغفار ، فاحذروا من الاستدراج تكملة لرسالتنا الأولى . ملاحظة : أرجو أن تهتموا أكثر برسائل ذي القعدة ، لأني لا أرى الاهتمام الذي ينبغي ، في ظل غفلة ما بعد رمضان ، فوصيتي فقط " اهتموا بنشرها أكثر " والله يتولى عباده ويدبر لهم ، اللهم خذ بناصيتنا للبر والتقوى ومن العمل ما ترضى
|
#3
|
|||
|
|||
الرسالة الثالثة : وليكون من الموقنين
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ... الأحبة في الله تعالى .. أسأل الله تعالى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معاصيه ، ومن طاعته ما يبلغنا به جنته ، ومن اليقين ما يهون علينا به مصائب الدنيا ، متعنا ربنا بأسماعنا وابصارنا وقوتنا أبدًا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منَّا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل في قلوبنا حبًا إلا لك ، ولا تعلقًا إلا بك . أحبتي .. هل تذكرون شعار هذه الدورة ، نعم " على اليقين كنت " ، نعم نجتمع لنتداوى من الشبهات القاطعة بيننا وبين ربنا ، لنغرس غرس اليقين في قلوبنا ، لتطمئن قلوب ، ولتزكو أنفس ببلسم اليقين الشافي ، لندخل زمان العشر بعدة إيمانية جديدة ، أساسها ليس مجرد معرفة الفضل ، أو التصديق بصدق الوعد من قبل الله ورسوله بعظيم الأجر لمن يجتهد في هذه الأيام العشر ، ولكن بيقين يبعث على العمل ، وينفض الكسل ، ويحيي في القلب ما مات ، ويعيدنا للصراط المستقيم . تعالوا نتدارس أسباب اليقين : ومن أعظمها : عبودية التفكر . قال تعالى : " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ " [الأنعام : 75 ] والتفكر المنشود هنا ثلاث : (1) التفكر في أسماء الله وصفاته . (2) التفكر في النفس :" وفي أنفسكم أفلا تبصرون " (3) التفكر في الرسائل الربانية .وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا " [ الإسراء : 15 ] ونبدأ بالتفكر في الاسماء والصفات وكيف نغرس به غرس اليقين : تعالوا نتأمل اسمًا جميلاً كاسمه " اللطيف جل وعلا " ونتعبد ربنا به ، ونعرف ونصدق ثم نوقن بمعاني هذا الاسم في حياتنا . قال اهل العلم : إنَّ اللطف في اللغة يدور حول ثلاث معانٍ : الرقة والحنان والرفق . واللطف في حقه تعالى : هو الذي اجْتَمع له العِلْمُ بدَقَائق المصَالح وإيصَالها إلي مَن قدّرها له مِن خَلْقه ، والرّفْق في الفِعْل والتنفيذ ، يُقال لَطَف به وله ( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ) لطف بهم ، وقال : ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ) لطف لهم . والله لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم ، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان ، ويدعو المخالفين مهما بلغ بهم العصيان إلى التوبة والغفران ، فالله لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم لا يخفى عليه شيء مما في صدورهم ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ ) (الملك :14) قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (لقمان16) . وهو الذي يسر لهم أمورهم ويستجيب دعاءهم ، فهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون ، نعمته سابغة ظاهرة لا ينكرها إلا الجاحدون ، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (الحج63) ، ( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) (الشورى19) كما أنه يحاسب المؤمنين حسابا يسيرا بفضله ورحمته ، أو يحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته . ومن أجمل ما قرأت في معاني لطفه : ما ذكره السلمي : أنَّ اللطيف هو الذي ينسى العباد في الآخرة ذنوبهم لئلا يتحسروا . واللطيف هو الذي لطف بعباده حتى يعرفوه . استشعروا معي هذا اللطف ، وتحببوا إلى ربكم ، وذاكروا هذه المعاني ، واكتبوا في دفتر خاص ، مشهد واقعي من مشاهد لطف الرحمن بكم ، ودللوا على فهمكم بأن تتوبوا لربكم من ذنب تفعلوه لجهلكم به ، وقولوا لأنفسكم : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف ، فحقه أن لا أختار مع اختياره ، وأرضى بما يعاملني ، فنحن له عبيد يفعل بنا ما يريد . تعالوا ندعو ربنا بأن يلطف بنا ، فاللهم الطف بي في تيسير كل عسير ، فإن تيسير كل عسير عليك يسير ، وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة . تعبدوا الله باسمه اللطيف ، وترقبوا رسالتنا القادمة مع كلام ماتع لابن القيم في اللطف الرباني ليزداد الذين آمنوا إيمانًا . لا تنسوا : اللهم تقبل منا رمضان ، وسلم لنا أيام عشر ذي الحجة ، وسلمنا فيها ، وتسلمها منَّا متقبلة . اللهم إن كتبتنا في الحجيج هذا العام فمنَّا منك وفضلاً ، وإن حُرمنا فقد حبسنا العذر فلا تحرمنا ربنا الأجر . هل سمعتم : أعظم أيام الدهر ؟ ليتكم تفعلون وكتبه محبكم في ربكم هاني حلمي
|
#4
|
|||
|
|||
الرسالة الرابعة : اللطف الباطني
الرسالة الرابعة : اللطف الباطني بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد .. أحبتي في ربي ... أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب من يحبه ، ويرزقنا عملا صالحًا يقربنا إلى حبه ، اللهم الطف بنا في تيسير كل عسير ، فإنَّ تيسير كل عسير عليك يسير ، الهم الطف بنا وارحمنا واعفُ عنَّا واجعلنا من أحب عبادك لك بمنك وفضلك يا أكرم من سئل . كما تواعدنا على مذاكرة هذا المعنى النفيس في لطف الرحمن الرحيم ، لنغرس اليقين باسمه اللطيف فنزداد له حبًا ونزداد له قربًا ، ونتعبده بهذا الاسم واقعيًا بصورة جديدة . قد لا تتفهموا خطورة ما يقوله ابن القيم من أول وهلة ، ولكن والله كل من جرب وعرف الطريق إلى الله تعالى ، وعانى فيه ، سيدرك الخطر ، فالقصة قصة قلب ، ولطف من الله لتلك البواطن ، لو تفهمون ؟؟؟؟ قال ابن القيم في " الفوائد " : " العبد دائما متقلب بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل ، فهو محتاج بل مضطر إلى العون عند الأوامر ، وإلى اللطف عند النوازل ، وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل ، فإنْ كمل القيام بالأوامر ظاهرا وباطنا ناله اللطف ظاهرا وباطنا ، وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر وقلَّ نصيبه من اللطف في الباطن " أهـ فهذا معنى " تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " تعرف له بطاعتك له في الظاهر ، يلطف بك فيما خفي عليك من أمور ، تعرف له ليس بالصلاة والصيام والذكر الذي هو من أعمال الظاهر فقط ، بل تعرف له بخشوعك ومراقبتك له ، بتحسس قلبك ، ولكننا للأسف لما أهملنا قلوبنا واهتممنا بظاهر الأعمال ، غاب عنَّا اللطف الباطني ، ومن هنا نشتكي من قسوة القلب ، والفتور والانتكاس ، وقلة الاستقامة ، ودوام زيغ القلب ، فإذا سألت ما العلاج ، قيل لك : أن يلطف بك اللطف الباطني . قال ابن القيم : " فإن قلت : وما اللطف الباطن ؟ فهو ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والاضطراب والجزع فيستخذى بين يدي سيده ذليلا له مستكينا ، ناظرا إليه بقلبه ساكنا إليه بروحه وسره ، قد شغله مشاهدة لطفه به عن شدة ما هو فيه من الألم ، وقد غيبه عن شهود ذلك معرفته بحسن اختياره له ، وأنه عبد محض يجري عليه سيده أحكامه ، رضى أو سخط ، فإن رضى نال الرضا ، وإن سخط فحظه السخط ، فهذا اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة الباطنة يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها " يعني أن من يكون الحال مع الله تعالى ، ويعامل ربه بقلبه ، ويكون له صلة بالله تعالى صلة خفية تحصل له تلك الألطاف الإلهية ، فيرزقك سكون القلب واستقامته ، ويدفع عنك القساوة ، وتراك في حال غير الحال ، ومن هنا تعرف أن الأنبياء لم يكونوا يشعرون بشدة الابتلاء لسلامة بواطنهم ، وإن نالهم في الظاهر الأذى ، هل تفهمون ؟؟ هذه عدة إيمانية واجبة ، كيف نستنزل اللطف الباطني : أولاً : تحسس قلبك ، وراقب ما فيه ، وليكن أعظم ما تهتم به . ثانيًا : لا تفتر عن الدعاء ب ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ثالثًا : تدبر القرآن من باب تنزيله على القلب ، واستشعار المعاني دون الاهتمام البالغ بالألفاظ لمجرد التلاوة وأخذ الأجر ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) فواجب عملي الآن : تدبر سورة الفجر ، لأنها السورة التي نزل فيها فضل أيام عشر ذي الحجة ، صلوا بها يوميًا قيام الليل من الآن فصاعدًا ، عسى أن ينور الله قلوبنا بمعانيها وأسرارها ، فينزل اللطف من اللطيف الخبير . رابعًا : تعلموا المناجاة كيف تكون ؟ لأنها من موجبات المعاملة الباطنة ، مناجاة في خفاء تستنزل اللطف الخفي . استمعوا إلى حلقة ودرس : ( وقربناه نجيًا ) لتعلم كيفية ذلك . http://www.manhag.net/droos/details.php?file=353 http://www.manhag.net/droos/details.php?file=260 خامسًا :تذكروا من أعظم أسباب اللطف الذل والانكسار ، فتضاعف ما استطعت فإنَّ اللطف مع الضعف أكثر . تنبيه : تطالبونني بالأعمال ، وقد عودتكم على ذلك ، ولكن بالله كم منكم يستجيب في الحال ويطبق الواجب ، ولا يتكاسل ولا يتقاعس ، ومن منكم يبالي ولا تأخذه مشاغله ؟ ومن منكم لا يصده الكبر عن الإذعان لما يؤمر به ؟ اللهم الطف بنا طهروا القلوب من معاصيها لتستقيم لكم أعمالكم . محبكم في ربكم هاني حلمي
|
#5
|
|||
|
|||
الرسالة الخامسة : ألهاكم التكاثر
الرسالة الخامسة : ألهاكم التكاثر
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. أحبتي في الله ... أسأل الله تعالى أن يداوي قلوبنا بمحبته ، وأن يرزقنا نعيما لا ينفد في جنة الدنيا بالشوق إلى لقائه ، وأن يبلغنا نعيما مقيما في الفردوس الأعلى في رفقة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم . أحبتي ... قال بلال بن سعد -رحمه الله - : " عباد الرحمن اعلموا أنكم تعملون في أيام قصار، ولأيام طوال، في دار زوال لدار مقام، ودار حزن ونصب لدار نعيم وخلد، ومن لم يعمل على اليقين، فلا يغتر؛ لأنَّ المصير حتماً سيقع إمَّا إلى الجنة وإمَّا إلى النار " وكان يقول:'كأنّا قومُُ لا يعقلون، وكأنّا قوم لاُ يوقنون " تذكروا الشعار : " على اليقين كنت " وتعالوا نتعلم من أستاذنا ابن القيم - رحمه الله - ، ما سبب تخلفنا وتأخرنا عن الوصول إلى الهدف ، وما الذي يجعل هذه الدنيا عالقة بقلوبنا ، ولا نعرف كيف الخلاص ؟ يقول ابن القيم - رحمه الله - " ما تأخر من تأخر إلا بحبه للحياة والبقاء، وثناء الناس عليه، ونفرته من ذمهم، فإذا زهد في هذين الشيئين تأخرت عنه العوارض كلها "[ مدارج السالكين 2/302] وهذا هو المعنى المشار إليه في سورة اليقين كما أسميها ، " سورة التكاثر " والتي ورد فيها ذكر " علم اليقين " و " عين اليقين " ، لأنها بدئت بذكر " ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر " فلا يتكالب على حطامها إلا من كانت الغفلة غالبة على قلبه، وكان اليقين مُترحِّلاً عنه، ولهذا يقول الله عز وجل: " كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ "[سورة الأعراف] . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ".لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا "[رواه البخاري ومسلم ] فما وجد هذا التكاثر والإلهاء عما هو أولى بالخلق منه من العمل للآخرة، والسعي لتحصيل دار الكرامة إلا لاختلال اليقين في النفوس. فمن يريد اليقين فلا يتلهَ بالتكاثر ، والطريق العملي لذلك دلت عليه السورة : (1) الدنيا إلى انقضاء وهذا لا شك فيه . (2) الموت يأتي فجأة والقبر صندوق العمل . وهذان المعنيان مشار لهما في قوله " حتى زرتم المقابر " (3) عليك أن تعرض عن هذا التفكير الدنيوي وتتعلم كيف السبيل للأخرة . " كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون " (4) عش الآخرة في خيالك ، اقرأ عنها ، اسمع مواعظ تذكرك بها ، تخيل مشاهدها ، تصور الجنة وزخرفها ، والنار وشدة عذابها " لترون الجحيم " . (5) ابدأ مرحلة اليقين وادخل من باب الشاكرين لنعمة الحياة والإسلام والهداية ، وتقدم وانت مستحٍ من أفضاله عليك ، التي تجازيها بالإساءة والعصيان فاستحٍ واستغفر ، واحمد ولا تجحد ." ثمَّ لتسألنَّ يومئذٍ عن النعيم " مسك الختام : كان عطاء الخراساني رحمه الله لا يقوم من مجلسه حتى يقول: " اللهم هب لنا يقيناً بك حتى تهون علينا مُصيبات الدنيا، وحتى نعلم أنه لا يُصيبنا إلا ما كُتب علينا، ولا يأتينا من هذا الرزق إلا ما قسمت لنا به " همسة : هل تشعرون بأنكم أوفياء لكل من يُسدي لكم معروفًا ؟ هل أنتم مخلصون في طلب رضا ربكم ؟ هل أنتم على يقين بأن " الدال على الخير كفاعله " ؟؟ لا أدري ..!!!! وكتبه هاني حلمي17 ذي القعدة 1430 هـ
|
#6
|
|||
|
|||
الرسالة السادسة : تعالوا نتحاسب
الرسالة السادسة : تعالوا نتحاسب
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. أما بعد .... أحبتي في الله .. حان وقت الاستعدادات القصوى ، فالموعد يقترب ونحن في غفلة!! والنذر تأتينا ولكنننا معرضون ، وإذا فاتتك الغنائم في أعظم ايام العام فمتى تربح ؟ وإذا لم تنتبه الآن فمتى تفيق ؟ إخوتاه ... تعالوا نتحاسب سريعًا الآن ، فهل تذكرون يوم الحساب ؟ فالله يحاسب على النقير والقطمير ، والقليل والكثير ، وخير عدة بين يدي العشر أن نقيم أنفسنا لنجدد توبتنا بصورة واقعية عملية . وهذه الصورة العملية التي نريد هي التي ينشأ عنها ذم الإنسان منَّا نفسه ، ليعرف آفاتها فيذل لله وينكسر ، وهذا مفتاح الهداية فتعلموا من حديث القوم كيف تحققون هذا الأمر بصورة واقعية . قال الحسن البصري : أدركنا أقواما كنا في جنبهم لصوصا ولو رأوكم لقالوا إن هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب . وقد كان مالك بن دينار يقول : والله لو حلف إنسان بأن أعمالي أعمال من لا يؤمن بيوم الحساب لقلت له صدقت لا تكفر عن يمينك . فتأمل ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك فمن دلائل الإخلاص وعلامات المخلصين اتهامهم لأنفسهم بالتقصير في حق الله ، وعدم القيام بالعبودية لملك الملوك ، بل ومقتهم لأنفسهم ولا يرونها أهلاً لأي فضل ، قال تعالى { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون }. 1- هذا الصديق – رضي الله عنه – يمسك لسانه ويقول (( هذا الذي أوردني المهالك )). 2- وهذا عمر – رضي الله عنه – يقول لحذيفة : (( هل أنا منهم ؟ – يعني من المنافقين – أَوَ سمّاني لكَ رسول الله ؟ )) 3- وقال حذيفة : (( لو جاءني رجل فقال لي : والله الذي لا إله إلا هو يا حذيفة ما عَملُكَ عَمَلُ من يؤمن بيوم الحساب ، لقلت له : يا هذا لا تكفِّر عن يمينك فإنك لا تحنث )) . 4- كان عبد الرحمن بن هرمز الأعرج كثيراً ما يعاتب نفسه ويوبخها ويقول لها : (( إن المنادي ينادي يوم القيامة : يا أهل خطيئة كذا قوموا ، فتقوم يا أعرج معهم ، ثم ينادي : يا أهل خطيئة كذا قوموا ، فتقوم يا أعرج معهم ، ثم ينادي يا أهل خطيئة كذا قوموا ، فتقوم يا أعرج معهم ، فأراك يا أعرج تقوم مع كل طائفة )) 5- وعن يونس بن عبيد قال : (( إني لأعد مائة خصلة من خصال البر ، ما فيَّ منها خصلةُ واحدة )) . 6- وكان أبو مسلم الخولاني يعلق السوط في مسجده ويقول : (( أنا أولى بالسياط من الدواب )) 7- عن سهل بن أسلم قال : كان بكر بن عبد الله المزني إذا رأى شيخاً قال : (( هذا خيرٌ مني ،عَبَدَ الله قبلي ، وإذا رأى شاباً قال : هذا خيرٌ مني ارتكبتُ من الذنوب أكثر مما ارتكب َ )) 8- قال الفضيل بن عياض عن نفسه : (( كيف ترى حال من كثرت ذنوبه ، وضعف عمله ، وفنى عمره ، ولم يتزود لمعاده ، ولم يتأهب للموت ، ولم يتزين للموت ، وتزيّن للدنيا ، هيه ، وقعد يحدث – يعني نفسه – واجتمعوا حولك يكتبون عنك ، بخ فقد تفرغّت للحديث . ثم قال : هاه – وتنفس طويلاً – ويحك أنت تحسن تحدّث؟؟ أو أنت أهلٌ أن يحمل عنك ؟؟ استحي يا أحمق بين الحمقان !! لولا قلة حيائك وصفاقة وجهك ما جلست تحدث وأنت أنت ، أما تعرف نفسك ؟ أما تذكر ما كنت ؟؟ وكيف كنت ؟؟ أما لو عرفوك ما جلسوا إليك ولا كتبوا عنك ، ولا سمعوا منك شيئاً أبدا )) . 9- وكان الحسن البصري – رحمه الله تعالى – كثيراً ما يعاتب نفسه ويوبخها بقوله : (( تتكلمين بكلام الصالحين القانتين العابدين ،وتفعلين فعل الفاسقين المرائين ، والله ما هذه صفات المخلصين )) 10- وعن حماد بن زيد قال : (( رجعنا من جنازة فدخلنا على عطاء السليمي ، فلما رآنا كأنه خاف أن يدخله شيء من العجب – أي لكثرتنا – فقال : (( اللهم لا تمقتنا – أو اللهم لا تمقتني )) 11- وقال عبد الله بن مسعود : (( لو علمتم ما أُغلِقَ عليه بابي ما تبعني منكم رجلان )). فتأملوا تلك الكلمات ، ولا تأخذوها أخذ القائل : هؤلاء هم السلف فمن نحن ؟ او يقول بكلامهم دون أن تخرج تلك الكلمات من قلبه . يا أحبتي ... لو تحاسبتم مع أنفسكم هكذا ، فعلامة الصدق أن تصفحوا عن غيركم وتعفو عسى الله أن يعفو عنكم ، وأن تذلوا لأهل الإيمان وأهل الصلاح " أذلة على المؤمنين " وأن تنكسروا بين يدي الجليل ، وتستشعروا نعمه عليكم التي لا يستحقها أحدنا لولا منه وكرمه .. تخيروا إحدى تلك العبارات وخاطبوا بها نفوسكم عسى أن تزكو .................................وانتظروا مهام العشر في الرسالة القادمة وكتبه محبكم في الله هاني حلمي
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
"ذى, للعشر, من, الاوائل, الحجه, القعده", استعدادا, ذو, رسائل, فهرس |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|