كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الهمة العالية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين محمداً ألامين صلى الله عليه وسلم . فهذه من ما منّ الله به علينا أن أستخلصناه من كتاب (الهمة طريق إلى القمة ) لمؤلفة د/ محمد موسى الشريف أتينا به مختصراً وأسميناه ( قواعد ومحاذير للرقي بالهمة ) فأسأل الله تعالى أن يبارك في هذا العمل وأن يعم بنفعه الإسلام والمسلمين فإن كان صواباً فمن الله وأن كان هناك من خطأ أو إغفال جانب مهم أو حذف مخل فمن نفسي والشيطان والله المستعان وعليه التكلان . معنى الهمة : هي الباعث على الفعل وتوصف بعلو أو سفول فمنهم من تكون عالية ومنهم من تكون قاصرة إلى أسوأ الدرجات . قال بن القيم رحمه الله واصفاً الهمة العالية : علو الهمة ألا تقف ( أي النفس ) دون الله ولا تتعوض عنه بشيء سواه ولا ترضى بغيره بدلاً منه ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الخطوط الخسيسة الفانية . قيل في الهمة إذا هبت رياحك فأغتنمها *** فإن الخافـقـات لها سـكونُ وإن ولدت نياقك فاحتلبها *** فلا تدري الفصيلُ من يكونُ وقد ذم أعرابي رجلاً فقال : هو عبد البدن , حُرُّ الثياب , عظيم الرُّواق , صغير الأخلاق , الدهرُ يرفعه وهمته تضعه . مراتب الهمم : 1- فمن الناس يطلب المعالي بلسانه وليس له همةً في الوصول إليها . 2- ومن الناس من لا يطلب إلا سفاسف الأمور ودناياها . 3- ومن الناس من تسمو به مطالبه إلى ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . ومراتب الهمة متفاوتة فيما يلي: 1- همة لا تسعف صاحبها لقضاء حوائجه الأساسية . 2- همة ترقى بصاحبها إلى قضاء الحوائج والسعي في الأرض وأداء الفروض . 3- الجهل بكيفية استثمار الهمة . 4- ومن الناس من تتجاوز به همته واقع الناس وتتعداه وهذه نادرة في دنيا البشر . قال ابن القيم "ولله الهمم ما أعجب شأنها وأشد تفاوتها فهمة متعلقة بالعرش وهمة حائمة حول الأنتان والحُش(أي بيت الخلاء) . ولك أن تعرف تفاوت همم الناس عندما تنظر إلى همة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "سل" فقال "أسألك رفقتك في الجنة" قال أبو الطيب المتنبي رحمه الله تعالى : على قدر أهل العـزم تـأتي العزائم *** وتـأتي على قدر الكرام المكارم . وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم . أهمية علو الهمة في الإنسان هي عمود أمر الإنسان والأمر المهم في دنياه ولنا في ذلك الأمر النظر إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما حققه في ربع قرن ومن بعده من الخلفاء والسلف الصالح وما وصلوا إليه من المراتب العليا في العبادة والزهد والبعد عن سفاسف الأمور فأصحاب الهمم يعتمد عليهم وتناط بهم الأمور الصعبه ومن علت همته كان قدوةً للناس من حوله فأصحاب الهمم يغيرون طريقة حياة الأفراد والشعوب فينهضون بالضعيف إلى القوة وبالذليل إلى العزة وبالمضطهد إلى الحرية حيث يسمو بهم خلقهم إلى ذلك . وسائل ترقية الهمة : 1)المجاهدة قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ...[69]** [سورة العنكبوت] وقال الإمام عيسي بن موسى: 'مكثت ثلاثين سنة أشتهي أن أشارك العامة في أكل هريسة السوق فلا أقدر على ذلك، لأجل البكور إلى سماع الحديث'. 2) الدعاء الصادق والالتجاء إلى الله تعالى:فهو المسئول سبحانه أن يقوى إرادتنا، ويعلى همتنا، ويرفع درجاتنا. 3) اعتراف الشخص بقصور همته، وأنه لابد له أن يطورها، ويعلو بها : فهذان الأمران: أ / الاعتراف بقصور الهمّة. ب/ واعتقاد إمكانية تطويرها , عاملان مهمان لابد منهما في محاولة تطوير الهمّة. 4) قراءة سير سلف الأمة: وقال محمد بن على السلمي: 'قمت ليلة سحرًا لآخذ النوبة على ابن الأَخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئًا، ولم تدركني النوبة إلى العصر'. 5) مصاحبة صاحب الهمّة العالية: إذ كل قرين بالمقارن يقتدي والصاحب ساحب . 6) مراجعة جدول الأعمال اليومي، ومراعاة الأولويات، والأهم فالمهم : وهذا أمر مفيد في باب تطوير الهمّة. 7) التنافس والتنازع بين الشخص وهمته: أن يضع بينه وبين همته تحدياً بأن يضيف أعباءّ لنفسه وأن يحسن اختيارها . 8) الدأب في تحصيل الكمالات والتشوق إلى المعرفة: قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز: 'إن نفسي تواقة، وإنها لم تعط من الدنيا شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل منه – يعنى الجنة'. 9) الابتعاد عن كل ما من شأنه الهبوط بالهمّة وتضييعها: كثير من الصالحين تضيع طاقاتهم في أمور لا تعود عليهم بالنفع بل قد يكون فيها كثير من الضرر، فمن صورها : أ / كثرة الزيارة للأقارب بدون هدف شرعي صحيح . ب/ كثرة الزيارة للأصحاب . ت / الانهماك في تحصيل المال . ث / تكليف النفس بأمور لا ضرور لها . ج / كثرة التمتع بالمباح، والترف الزائد، والترفل في النعيم، وكل هذه الأمور من العوامل الفتاكة القاضية على الهمّة مهما قيل في تبريرها وتعليلها وقد يكون سبب في الانتكاس . ح/ الاستجابة للصوارف الأسرية . خ / التسويف: وهو داء عضال ومرض قتال، إذ أن 'سوف' جند من جنود إبليس. د/ الكسل والفتور: 'لا بد للمرء من البعد عن الكسل لأنه قاتل للهمّة مذهب لها . ذ/ ملاحظة الخلق والاغترار بهم. العلامات الدالة على علو همة الشخص: 1)تحرّقه على ما مضى من أيامه. 2) كثرة همومه، وتألمه لحال المسلمين . 3 ) وتقديم الحلول والاقتراحات . 4 ) طلبه للمعالي دائمًا . 5) كثرة شكواه من ضيق الوقت . 6 ) قوة عزمه وثبات رأيه وقلة تردده . كيفية استثمار همة الناس: المسلمون ثلاثة أقسام أليك كل قسم وكيفية إستثمارة أن وجد ذلك : النوع الأول : صالح ملتزم بدينة وهو المعتمد عليه لرقي بهذه الامة من خلال الجمعيات والهيئات واللجان والتوعوية . النوع الثاني : مستقيم محافظ على الفرائض والواجبات فهؤلاء يوجهون إلى عدة مجالات فأن كانوا أهل ثروةٍ يوجهون إلى المشاركة في أعمال الخير كبناء المساجد وغيرها وإلا وجهوا إلى الدروس وخطب الجمعة وحمسوا للجهاد ووجهوا إلى استثمار الوقت في ما يفيد القراءة النافعة وغيرها . النوع الثالث : وهذا يترك لحين إفاقته وهو النوع المفرط المضيع . محاذير موجهة لأهل الهمّة العالية: أ ) أن لا يكلف نفسه بعدة أعمال في وقت واحد . ب ) صاحب الهمة العالية معرض لنصائح تثنيه عن همته فعليه ألا يلتفت إليها . ج) أن يعلم أنه معرض لسهام العين والحسد فعليه بالأذكار المشروعة د) أن لا ينظر ولا يغتاب بتدني همم الناس . هـ ) أن يحذر من التفريط بحقوق الأهل والأقارب و ) عدم الاندفاع والحماس الزائد لأن ذلك يسبب كثرة الاخطاء . ز) عدم الالتفات إلى المؤثرات والمثبطات . ح) لابد لصاحب الهمة العالية من المداومة على الأعمال . ختاماً أسال الله تعالى أن يجعلني والقارئين من أهل الهمة العالية . وصاحب الهمة العالية هو ربيعة الأسلمي رضي الله عنه . كانت مظاهر خدمة ربيعة رضي الله عنه متنوعة متعددة ولنتصور تلك المظاهر فلنستمع لربيعة رضي الله عنه يحكي ذلك : ( كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته .. ) [ مسلم 1 / 353 ] . ( كنت اخدم رسول الله وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله العشاء الآخرة فأجلس ببابه حتى إذا دخل بيته أقول لعلها تحدث لرسول الله حاجة ... حتى أمل فارجع أو تغلبني عيني فارقد .. ) [ أحمد 4 / 57 ] . هكذا كان يوم ربيعة رضي الله عنه وليلته وقفاً لله تعالى وخدمة لرسوله وسعياً في قضاء حوائجه ، حتى أنه رضي الله عنه يتلمس حاجات النبي يقضي حوائجه في النهار و يبيت الليالي عند باب بيت النبي . لقد استفاد ربيعة رضي الله عنه من هذه الملازمة للنبي فوائد جمة نجملها فيما يلي / أولها وأعظمها مكافأة النبي له ، فلما رأى رسول الله خدمة ربيعة رضي الله وعنه وخفته في ذلك ، قال ربيعة رضي الله عنه (فقال لي - يعني النبي - يوماً لما يرى من خفتي له وخدمتي إياه سلني يا ربيعة أعطك ) ، يالله إمام الأئمة ورسول البشرية وقائدها محمد بن عبدالله يحتفي بخادمه ويكافئه ويقدر له عمله وخدمته وتفانيه وهكذا فليكن القائد والمدير والأب وولي الأمر ورب الأسرة وصاحب الفضل ، وهكذا فلنكن مع أصحاب المعروف ، لم يكن ربيعة رضي الله عنه ينتظر المكافأة بل مكافأته هي التشرف بخدمة النبي . ( سلني يا ربيعة أعطك ) السائل محمد بن عبد الله رسول الله قائد الأمة صاحب الدعوة المستجابة ، والمسؤول ربيعة بن كعب رضي الله عنه رجل فقير عديم .. لا مال .. لا سكن ..لا زوجة .. لا دابة يركبها ، إنها أمنيات لكل أحد مال وفير وزوجة حسناء وسكن واسع ومركوب فاره ، وإن تعجبوا فاعجبوا من إجابة ربيعة رضي الله عنه ( فقلت أنظر في آمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك ) ترو وتأن وتعقل ، وهكذا ينبغي أن يكون ديدن المسلم فالتأني من الله العجلة من الشيطان كما ثبت ذلك عن رسول الله ، النظر في الأمر والتمعن فيه وخصوصاً عند الأمور المهمة مطلب يقود بإذن الله تعالى إلى نتائج مرضية ، ونعود إلى قصتنا .. ما سبب طلب ربيعة رضي الله عنه هذه المهلة ، اسمعوا قال ربيعة رضي الله عنه : ( ففكرت في نفسي فعرفت إن الدنيا منقطعة زائلة وان لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني قال فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ) أعلمتم السبب .. فكر .. ودارت في ذهنه هموم الدنيا كلها ومطالبها لكنه عرف قيمتها ومنزلتها ( إن الدنيا منقطعة زائلة ) هذه حقيقتها منزلتها عند ربها لا تساوي عند الله جناح بعوضة هي مزرعة والحصاد هناك في الآخرة .. نعم في الآخرة .. لهذا قال ربيعة رضي الله عنه (فقلت أسأل رسول الله لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ) وصدق فرسول الله أعلى الخلق وأرفعهم مكانة وأشرفهم منزلة عند ربه . ( قال فجئت فقال ما فعلت يا ربيعة قال فقلت نعم يا رسول الله أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار قال فقال من أمرك بهذا يا ربيعة قال فقلت لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في آمري وعرفت إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسأل رسول الله لآخرتي قال فصمت رسول الله طويلا ثم قال لي إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود ) هذه رواية الإمام أحمد رحمه الله ، أما رواية الإمام مسلم رحمه الله فقد جاءت على النحو التالي ( قال كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة قال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعنى على نفسك بكثرة السجود ).. الله أكبر .. إن الهمم لتصغر أمام هذه الهمة الرفيعة لم يرد ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه الجنة فحسب بل أراد أعلى منزلة فيها لقد أراد رضي الله عنه مرافقة النبي ، لقد أراد رضي الله عنه شفاعة النبي ، لقد أراد رضي الله عنه العتق من النار . همة تناطح الجبال وعزيمة تريد أن تصل إلى المنال ، تفكير في محله رؤية ثاقبة وأمان عظيمة ، وثبات أيما ثبات يسأله النبي وربيعة يجيب - من أمرك بهذا يا ربيعة – هل أحد أملى عليك هذه الأماني ، هل أحد ذكرك بهذه الهمة ، ويعلنها ربيعة رضي الله عنه :- لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في آمري وعرفت إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسأل رسول الله لآخرتي م ن ق و ل
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
العالية, الهمة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|