انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟!

كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-08-2010, 12:53 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




Tamayoz قبسات من حياه السلف الصالح فى قيام الليل

 

الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين، ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها، فلم يتخذوا سواها شغلاً، وسهل طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللاً، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين الذي قام من الليل حتى تفطرت قدماه.
قيام الليل
قال تعالى: }أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ{ [سورة الزمر: 9].
وقال جل وعلا: }إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [سورة الذاريات، الآيات: 15-18].
وعندما سئل رسول الله r، عن رجل نام الليل حتى أصبح قال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنه»([1]).
وقد وصف الله -سبحانه وتعالى- قيام الليل بقوله: }إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا{[سورة المزمل، الآية: 6]، وفسر ابن كثير قوله -تعالى-: }هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا{ بأنه أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار، لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش([2]).
وقيام الليل مرحلة صراع ومجاهدة مع النفس فلا شيء أعظم أثرًا في النفس البشرية من الاستمرار في الطاعة والعبادة خاصة وقت الراحة والدعة والسكون، ولذلك شهد الله –سبحانه وتعالى- لقوام

([1]) متفق عليه من حديث ابن مسعود.
([1]) تفسير ابن كثير 4/436.

الليل بالإيمان الصادق ووعدهم بالخير الجزيل فقال تعالى: }إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [السجدة، الآيات: 15-17].

أخي الحبيب:
إن قيام الليل عبادة تصل القلب بالله، وتجعله قادرًا على التغلب على مغريات الحياة وعلى مجاهدة النفس، في وقت هدأت فيه الأصوات ونامت العيون وتقلب النوام على الفرش ولكن قوام الليل يهبون من فرشهم الوثيرة وسررهم المريحة ويكابدون الليل لا ينامون إلا القليل، ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة وسمات النفوس الكبيرة وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله -تعالى-: }أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ{ [سورة الزمر الآية: 9].
وقيام الليل سنة مؤكدة: حث النبي r على أدائها بقوله: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ومقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم ومطردة للداء عن الجسد»([1]).
وقال r مبينًا فضل قيام الليل: « أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل»([2]).
وقد حافظ عليه، r ولم يتركه لا سفرًا ولا حضرًا وقام r وهو سيد ولد آدم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر –حتى تفطرت قدماه- فقيل له: أما قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟»([3]).
رغب r في قيام الليل لما فيه من الخير العظيم والإحسان الجزيل بقوله: «إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خيرًا إلا أعطاه إياه»([4]).
وهذا من منه وكرمه –جل وعلا-.
هذا عمر بن ذر يذكرنا بتلك الساعات والليالي فيقول: اعملوا لأنفسكم رحمكم الله في هذا الليل وسواده، فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار، والمحروم من حرم خيرهما، وإنما جعلا سبيلاً للمؤمنين إلى طاعة ربهم، ووبالاً على الآخرين للغفلة عن أنفسهم، فأحيوا لله أنفسكم بذكره فإنما تحيا القلوب بذكر الله، كم من نائم في هذا الليل قد ندم على طول نومه عندما يرى من كرامة الله –عز وجل- للعابدين غدًا، فاغتنموا عمر الساعات والليالي والأيام يرحمكم الله([5]).
فيا أخي:
اشتر نفسك اليوم، فإن السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة، وسيأتي على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيه إلى قليل ولا كثير: }ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ{، }يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ{([6]).
قال أبو الدرداء: صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور([7]).
وقد عجب أحمد بن حرب –رضي الله عنه- من نوم النائمين وغفلة الغافلين فقال: عجبت لمن يعلم أن الجنة تزين فوقه، والنار تضرم تحته، كيف ينام بينهما؟([8]).
ولذلك تجدهم يستعدون لليل ويفرحون بإقباله ويغتمون بإدباره، فكان عمر بن ذر إذا نظر إلى الليل قد أقبل قال: جاء الليل، ولليل مهابة، والله أحق أن يهاب([9]).
وما ذاك إلا من توقير الله ورغبة فيما عنده، وهم أقوام وصفهم الفضيل بن عياض بقوله: أدركت أقوامًا يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة إنما هو على الجنب فإذا تحرك قال: ليس هذا لك، قومي خذي حظك من الآخرة([10]).
وهو كما ذكر عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حين قال: كنا نغازي عطاء الخراساني وننزل متقاربين، فكان يحيي الليل ثم يخرج رأسه من خيمته فيقول: يا عبد الرحمن، يا هشام بن الغار، يا فلان، قيام الليل وصيام النهار أيسر من شرب الصديد، ولبس الحديد، وأكل الزقوم، فالنجاة النجاة...([11]).
أخي....
سفر الليل لا يطيقه إلا مضمر المجاعة، النجائب في الأول وحاملات الزاد في الأخير([12]).
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا





وقمت أشكو إلى مولاي ما أجد



وقلت يا عدتي في كل نائبة




ومن عليه لكشف الضر أعتمد


أشكو إليك أمورًا أنت تعلمها




ما لي على حملها صبر ولا جلد


وقد مددت يدي بالضر مبتهلاً




إليك يا خير من مدت إليه يد


فلا تردنها يا رب خائبة




فبحر جودك يروي كل من يرد([13])


قال الحسن -رحمه الله-: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة المال، فقيل له ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهًا؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورًا من نوره([14]).
وهذه المجاهدة والمكابدة في أول الأمر ثم تتبدل إلى محبة وشوق، فقد عرف عن ثابت البناني أنه يقوم الليل ويصوم النهار، وكان يقول: ما شيء أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل.
وقوام الليل يحبون -مثلنا- النوم والراحة والدعة ولكنهم نفضوا غبار الكسل واستحثوا الخطى وقووا العزائم انظر إلى عبد العزيز بن رواد إذا جن عليه الليل يأتي فراشه فيمر يده عليه ويقول: إنك للين، والله إن في الجنة لألين منك، ولا يزال يصلي الليل كله([15]).
ويسبق حلول الليل استعداد مبكر ونية صادقة لقيام الليل فهذا معاوية بن قرة يذكر نصيحة أبيه لهم إذا صلوا العشاء... يا بني ناموا لعل الله أن يرزقكم من الليل خيرًا.
ولا يكن نهار المسلم كما قال الشاعر:
نهارك يا مغرور سهو وغفلة




وليلك نوم الردى لك لازم


وتتعب فيما سوف تكره غبه




كذلك في الدنيا تعيش البهائم


فكن –يا أخي- من أبناء الآخرة ولا تكن من أبناء الدنيا، فإن الولد يتبع الأم([16]).
خرج سليمان التيمي إلى مكان يصلي الصبح بوضوء عشاء الآخرة وكان يأخذ بقول الحسن؛ إنه إذا غلب النوم على قلبه توضأ»([17]).
إن جهاد النفس جهاد طويل وطريق صعب يحتاج إلى صبر ومثابرة، فقد كان صفوان بن سليم في الصيف يصلي في البيت وإذا كان في الشتاء صلى في السطح لئلا ينام([18]).
وهذا الجهاد والحرص على القيام يكون بأجمل هيئة وأحسن زينة.. فكان الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- له قلنسوة خاطها بيده، فيها قطن فإذا قام الليل لبسها([19]).
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم




إلا كنومة حائر ولهان




([1]) أخرجه الترمذي، وأحمد وصححه الألباني.
([2]) أخرجه مسلم.

([3]) متفق عليه.

([4]) أخرجه مسلم.

([5]) حلية الأولياء 5/109.

([6]) الفوائد 64.

([7]) جامع العلوم والحكم 264.

([8]) الإحياء 4/435.

([9]) حلية الأولياء 5/111.

([10]) صفة الصفوة 2/241.

([11]) السير 6/143.

([12]) الفوائد 67.

([13]) طبقات الشافعية 4/225.

([14]) الإحياء 1/220.

([15]) الإحياء 1/420.

([16]) الفوائد 68.

([17]) حلية الأولياء 3/29.

([18]) حلية الأولياء 3/159.

([19]) السير 11/206.







يتبع ان شاء الله
منقول من كتاب اولئك الاخيار للشيخ عبد الملك القاسم
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الليل, السلف, الصالح, يداه, في, قبسات, قيام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:18 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.